خليل فليحان: التسوية الدولية والإقليمية مدخل لانتخاب الرئيس/روزانا بومنصف: التلويح بالتصعيد يمرّر التمديد للمواقع العسكرية/اميل خوري: لو تقتدي الطبقة السياسية بالجيش فتضحّي مثله

450

لو تقتدي الطبقة السياسية بالجيش فتضحّي مثله من أجل لبنان ولا تضحي به!
اميل خوري/النهار/3 آب 2015
معطلو الانتخابات الرئاسية منذ سنة وأربعة أشهر حرموا اللبنانيين اقامة احتفالات بالاعياد الرسمية الوطنية. فعيد الاستقلال لم يتم الاحتفال به لأن لا رئيس للبنان وهم ينتظرون بفارغ الصبر انتخابه ليكون يوم عيدهم الكبير ويقرعون فيه الاجراس، وقد طال انتظارهم ولا أحد يعرف الى متى! وعيد تحرير اراض لبنانية من الاحتلال الاسرائيلي لا يزال منقوصاً لأن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر لا تزال محتلة. ولم يتمكن اللبنانيون من الاحتفال بعيد الجيش للمرة الثانية لأن لبنان بلا رئيس للجمهورية كي يسلم الضباط الجدد سيوف الشرف والتضحية والوفاء ذوداً عن حياض الوطن، ويكون الاحتفال بهذا العيد بداية الاحتفال بكل الاعياد الوطنية. لقد مرت سبعون عاما من عمر الجيش اللبناني وهو قصير بالنسبة الى عمر الجيوش. لكن رسالة الجيوش ودورها وانجازاتها لا تقاس بأعمارها. فالجيش اللبناني حقق خلال مسيرته المليئة بالتضحية والوفاء ما لم تحققه جيوش خلال مسيرتها الطويلة، وقد تأكدت وحدته وتماسكه في الأزمات والملمات فكان الجامع المشترك بين اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم، وكان، على عدد المذاهب والمناطق فيه، له مذهب واحد هو لبنان، وحزبه واحد هو لبنان، وتنشئته الوطنية الصحيحة والسليمة جعلت منه مواطناً صالحاً ووطنياً مخلصاً في مواجهة الأزمات الداخلية والخارجية بحيث لم تتأثر وحدته بالانقسامات السياسية والتوترات المذهبية، خلافاً لما اصابه في الماضي عندما انعكس كل ذلك على وحدة الجيش فأصبح جيوشاً، والحكومة حكومات. اما اليوم فقد بقي الجيش واحداً موحداً وقيادته واحدة، في حين اصبح لبنان محكوماً في غياب رأس الدولة برؤوس وبحكومة كل وزير فيها رئيس، وبعضهم مسؤول بمواقفه غير المسؤولة عن هذا الوضع.
ان لبنان يعيش اليوم في ظل دولة بلا رأس وحكومة تفرض الضرورة بقاءها واستمرارها، وفي ظل مجلس نواب فرضت الضرورة التمديد له مرتين، والله يستر من تمديد ثالث ورابع اذا ظل الحكم يقوم على النكايات وعلى تبادل الاتهامات، وفي ظل عدم الشعور بالمسؤولية الوطنية وبمصير الوطن، وبتقديم مصلحة الخارج على مصالح وطن معرض للانهيار ودولة فاشلة. لكن لبنان يعيش اليوم في ظل جيش يحافظ على الاستقرار الامني وفي ظل مصرف مركزي يحافظ على الاستقرار النقدي، ولكن الى متى يستطيعان ذلك في ظل دولة لا رأس لها الى أجل غير معروف، وفي ظل حكومة هي شبه حكومة، وفي ظل مجلس نواب هو شبه مجلس، وسط عاصفة هوجاء تضرب عدداً من دول المنطقة، وقد لا يبقى لبنان في منأى منها اذا ظل الزعماء فيه على تناحرهم وكيديتهم بحيث جعلوه يغرق في النفايات عوض ان يغرق بالسياح، لأن بعضهم غرق في سياسة الحقد والانانية والاستقواء بخارج على شريكه في الداخل. لذلك يعيّد اللبنانيون عيد الجيش على وحدته الوطنية وتضحياته ووفائه للوطن علّ بعض السياسيين يتعلمون منه ويقتدون به. ولكي يبقى الجيش جيش كل اللبنانيين ويبقى كل اللبنانيين للجيش، ينبغي أن يكون وحده مسؤولاً عن الأمن والاستقرار في البلاد، ووحده مسؤولاً عن الدفاع عن الوطن في وجه أي معتدٍ ولا شريك له في ذلك إلا بالدعم المعنوي والمادي، وأن لا يبقى سلاح غير سلاحه ولا إمرة إلاّ له تنفيذاً للقرار السياسي، ويكون أمر اليوم الذي يصدر عن القائد أمر كل يوم.لقد نجح الجيش في حماية حدود لبنان مع اسرائيل بالتعاون والتنسيق مع “القوات الدولية”، ونجح في حماية حدود لبنان مع سوريا من الارهابيين و”الداعشيين” لأن الشعب كله وقف معه ولم يكن في أي بيئة فيه من يحتضن سواه، بل كان معه العين الساهرة لمراقبة نشاط كل متآمر عليه وعلى لبنان. لذلك يمكن القول مع ما قاله القائد العماد جان قهوجي: “إن تاريخاً سطّره رجال الجيش بالدماء والتضحيات لهو أقوى من أن تعبث به رياح التغيير، وان جيشاً مدركاً لمسؤولياته وواجباته الوطنية ويستمر في اداء رسالته بايمان وارادة صلبة، لهو جدير بحفظ ارث الاجيال وصون امانة الشهداء”، ومع ما قاله في “أمر اليوم” لمناسبة العيد السبعين للجيش: “ان قوة مؤسستكم تكمن في وحدتها وتماسكها وفي بقائها على مسافة واحدة من الجميع بعيداً من أي سجالات داخلية ومصالح ضيقة، كما في التفاف الشعب حولها”.

التسوية الدولية والإقليمية مدخل لانتخاب الرئيس
خليل فليحان/النهار/3 آب 2015
لم يفاجأ سفير دولة وازنة معتمد لدى لبنان بأن ترفض ايران طلب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي يدعو الى ان تساعد طهران عبر “اصدقائها”في لبنان تسهيل انتخاب رئيس جديد، وهو ما نقله الاسبوع الماضي وزير الخارجية لوران فابيوس الى المسؤولين الإيرانيين في طهران.
وعزا السبب الى ان أي تسوية بين الولايات المتحدة وروسيا حول القضايا المطروحة في لبنان وسوريا والعراق واليمن لم تحصل بعد للتفاهم على دور ايران فيها. كما ان هذه التسوية ما زالت غير واردة، وليس هناك اي توقع زمني لها نظرا الى الاقتتال المستمر وعدم نجاح اي فريق على آخر كما هي الحال في سوريا. فأميركا تجاهر بأنها تسلّح جماعات جنّدتها لقتال النظام ومقاتلي التنظيمات التكفيرية، من “داعش” الى “جبهة النصرة” الى سواها، والنتائج حتى الآن عجز الجماعة التي تسلحها اميركا عن التصدي لأكثر من عدو لها في ميادين الاقتتال في سوريا. والوضع عينه ينطبق على ما يجري في العراق وفي اليمن، وقوات التحالف الجوي التي تضم دولا غربية وعربية من بينها الولايات المتحدة تقصف في العراق وأحيانا في سوريا تجمعات لـ”داعش” و”النصرة”. وفي اليمن، يقصف التحالف الجوي العربي مواقع الحوثيين. وكان المرشد الاعلى علي خامنئي وهو ضد تلك الجبهات، ابلغ هولاند ان لا بحث بأي ملف سياسي في سوريا والعراق واليمن ولبنان لبلاده علاقة به، ما دام ان لا تسوية بين الولايات المتحدة وروسيا، وان السعودية تقود تحالفا عربيا لقصف جوي في اليمن. واكد ان هولاند يعلم ذلك قبل التفاهمات على برنامج النووي الايراني، وهو مدرك ايضا انه قبل توقيع تلك التفاهمات واقرارها في المجلس ‘تبقي ايران على حذرها وهي التي فصلت المحادثات عن الملفات السياسية الاخرى في المنطقة. وأشار الى ان ذلك يعني ان انتخاب رئيس للجمهورية دخل دائرة التدويل، وليس فقط مرتبطاً بالقوتين الإقليميتين ونفوذها في لبنان وهما السعودية وايران. وأعرب عن أسفه لأن التقارب بين “التيار الوطني الحر” من جهة، وحزب “القوات اللبنانية” من جهة اخرى، لم يؤد الى التفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية، بل أوقف الانتقادات والهجمات الاعلامية بين الطرفين، وان زعيمي التيار والحزب كلاهما مرشح للرئاسة وان سمير جعجع رفض طلب عون الانسحاب له، لكنه يقبل بالافساح في المجال امام مرشح تسوية شرط ان يتطابق مع مواصفات يراها هو ضرورية. ولفت السفير الى ان الاكتفاء فقط باستعمال ما سماه “النيات الحسنة” بين “التيار” من جهة و”القوات” من جهة اخرى لم يخدم الاستحقاق الرئاسي، بل أبقى على حالة التعطيل وعدم الافساح في المجال امام مرشح تسوية بالتفاهم معهما. ورأى ان الهجوم الذي شنه عون من جبيل في مناسبة لتياره على “تيار المستقبل”من دون ان يسميه، تدل على ان المستهدف هو الذي حنث بالوعود التي كان قطعها للجنرال حول ملف التعيينات الامنية وقضايا اخرى والمقصود الرئيس سعد الحريري، وان عون استعمل في هجومه كلمات لا تبشر باحتمال استئناف الحوار، وهو ما فسّره السفير بأنه حقد دفين من عون على السياسة الحريرية

التلويح بالتصعيد في الشارع هذا الأسبوع يمرّر التمديد للمواقع العسكرية دفعة واحدة
روزانا بومنصف/النهار/3 آب 2015
تخشى مصادر سياسية ان تكون مسألة التعيينات العسكرية ولا سيما منها المتصلة بتعيين قائد جديد للجيش قد دخلت نفقاً لا أفق له في المرحلة الراهنة. اذ اكسب التصعيد المنهجي الذي اسبغه رئيس التيار العوني العماد ميشال عون على المطالبة بتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش بعداً يتخطى المطالبة العائلية والشخصية الى ادراجه في البعد المحوري الداخلي والاقليمي بحيث غدا صعباً جداً تعيين روكز قائداً للجيش حتى لو كان ثمة توافق على اجراء تعيينات جديدة، وهو الأمر غير المتوافر حتى الآن. فكما ان ترشح عون للرئاسة وصعوبة انتخابه بات مقترناً بواقع ان انتخابه سيعتبر انتصاراً او فوزاً لمحور اقليمي على محور آخر، فإن تعيين روكز غدا على المستوى نفسه بحيث بات تعيينه في حال رضي الافرقاء الآخرون بمنح العماد عون هذه الخطوة انتصاراً لفريق او محور ما من شأنه ان يبعده مرحلياً ان لم يكن كليا عن موقع قيادة الجيش. هذه المعطيات تتردد على السنة سياسيين من مختلف الاتجاهات بحيث غدت مطالبة التيار العوني بتعيين روكز قائداً للجيش في مأزق في ضوء معرفته مسبقاً بهذه النتيجة التي كانت ابلغت الى العماد عون على السنة ديبلوماسيين وسياسيين على حد سواء. والدفع بالوضع الداخلي الى الاحتجاجات في الشارع قد لا يكون مأموناً خصوصاً ان التعبير في الشارع الذي رافق المطالبات الشعبية حول النفايات قاربت حداً خطراً جداً مع بوادر تسعير طائفي ومذهبي كانت ذهبت اليه تظاهرة التيار العوني يوم الخميس الشهير قبل بضعة اسابيع من دون ان يعني ذلك قدرة هذا التيار على التراجع.
وثمة خشية اخرى ترافق التهديدات او التلويح بالشارع تزامناً مع انعقاد مجلس الوزراء يوم الاربعاء المقبل باعتبارها الجلسة الأخيرة المحتملة التي قد يطرح فيها وزير الدفاع اسماء لرئاسة الاركان في الجيش نظرا لانتهاء ولاية رئيس الاركان الحالي في 7 آب الجاري. فاذا كانت الامور ستذهب الى الشارع تصعيداً على غرار ما حصل قبل اسابيع فمن غير المستبعد وفق ما تفيد بعض المعطيات ان تطرح كل التعيينات العسكرية دفعة واحدة بما فيها طبعاً اقتراح اسماء من اجل تعيين قائد جديد للجيش انطلاقاً من انه اذا كان عون سيفتح مشكلة في الشارع منذ الآن مهدداً مجلس الوزراء اسبوعا بعد اسبوع من اجل ممارسة مزيد من الضغط على الحكومة علما ان لا شيء سيتغير منذ الان وحتى ايلول في موضوع التعيينات العسكرية ما دامت المعطيات السياسية هي نفسها، فانه قد يدفع في اتجاه عرض موضوع تعيين قائد جديد للجيش الآن وليس في ايلول المقبل. وبما انه من المستبعد ان يحصل اتفاق على تعيين روكز فإن الاتجاه هو نحو حسم التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي مرة ثانية ولسنتين في الجلسة التي سيمدد فيها لرئيس الاركان ايضاً. وثمة سبب آخر قد يدفع ايضاً الى اقتراح التمديد للمراكز العسكرية دفعة واحدة وهو ان اقتراح وزير الدفاع اسماء من اجل تعيين رئيس جديد للاركان يمكن ان يحرج افرقاء في الحكومة وفي مقدمهم النائب وليد جنبلاط خصوصا لدى طائفته نظراً الى ان لا سبب لديه يحول دون تعيين رئيس جديد للاركان ورفض الاسماء المقترحة في الوقت الذي من شأنه ان يعطي العماد عون ورقة في موضوع تعيين قائد جديد للجيش في الوقت الذي لم يعد في الامكان تلبية مطلبه تعيين روكز قائدا للجيش بعدما دخل ذلك خصوصا من ضمن صفقة متكاملة تتصل برئاسة الجمهورية سبق هو ان رفضها. في حين ان اقتراح سلة تعيينات امنية ستفرض حتماً الذهاب الى التمديد عملاً بمبدأ ان ذلك يسري على الجميع في انتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية. الافق السياسي القريب الذي يرتسم تبعاً لذلك هو ان البلد سيكون في مأزق اضافي يثقل على المأزق الذي هو فيه علماً ان الافرقاء السياسيين جميعهم في مأزق ليس تبعاً للتصعيد في موضوع التعيينات الامنية فحسب بل لما برز ايضاً من خلافات وصفقات في موضوع النفايات. فتيار المستقبل مع اخرين ناله الكثير من ملف النفايات سياسيا وشعبيا فيما ينال مطلب عون تعيين صهره قائداً للجيش منه ايضا على المستويين السياسي والشعبي. لكن مع سير الموضوعين معاً في مجلس الوزراء اي مأزق النفايات ومأزق التعيينات الامنية، فإن الاخير قد يزيد وطأة ما حصل حتى الآن في ظل عدم وجود مخرج محتمل له في مقابل سعي فريق 8 آذار الى توظيف ما حصل في ملف النفايات لمصلحته وضد خصومه. وما لم تحصل اتصالات جدية بحيث يعمل الجميع بمبدأ تبادل التنازلات او تنفيس الاحتقانات الحاصلة من خلال تعويض في ملفات اخرى غير تلك التي باتت مقفلة على سلة متكاملة من المسائل تتصل بالتفاهم الاقليمي وفق ما بات يدرك الجميع، فان ضمان بقاء الحكومة واستمرارها من جهة وفق ما حذر الجميع من استقالة رئيسها في هذه المرحلة وضمان بقاء الاستقرار في حده الادنى من جهة اخرى، قد لا يكفيان من اجل الابقاء على الستاتيكو الحالي من دون خضات كبيرة مع اهتراء سياسي يخشى كثر من السياسيين ان يكون بات مطلوباً من اجل الذهاب بالبلد الى طلب اعادة النظر في النظام السياسي ككل وفق ما تدفع جهات بالوضع قسرا في هذا الاتجاه.