حماوة تواكب وساطة فابيوس مع طهران/سلام يحسم خياره في ضوء جلسة غد النفايات/ كل الشكر للمجنون ميشال عون وهل يقررالنزول إلى المجلس ترجمة لقوله:يحكم التاريخ علينا بحسب أفعالنا”

286

هل يقرّر عون النزول إلى المجلس ترجمة لقوله: “سيحكم التاريخ علينا بحسب أفعالنا”؟
اميل خوري/النهار/27 تموز 2015
بات واضحاً لجميع من في الداخل والخارج ان لا خروج من الازمات التي يتخبط بها لبنان إلا بانتخاب رئيس للجمهورية لأن جسماً بلا رأس يصيب كل اعضائه بالشلل، فهل صار مقاطعو جلسات الانتخاب مقتنعين بذلك؟ إن لـ”حزب الله” عذره اذا ظل يربط قراره بايران، لكن لا عذر للعماد ميشال عون في ان يستمر في ممارسة لعبة التعطيل التي تذهب بلبنان الى الفراغ الشامل ومنه الى الفوضى العارمة والمجهول، خصوصاً عندما يؤكد ان قراره مستقل وحر وغير مرتبط بأي خارج وهو يملك حرية اتخاذه. وهذا يحمّله مسؤولية اكبر حيال الوطن والمواطن، ويجعله مسؤولاً قبل غيره عن استمرار تعطيل انتخاب رئيس ودفع لبنان نحو المجهول لانه يصبح كمن يمسك الكرة بين يديه ولا يرميها في الملعب لتبدأ اللعبة. واذا كانت لايران مصلحة في دفع لبنان نحو الفراغ الشامل الذي لا خروج منه عندئذ إلا بتعديل دستور الطائف او بتغييره، فأي مصلحة للعماد عون في ان يفعل مثلها؟ وهل هو واثق من استعادة حقوق المسيحيين في اتفاق جديد يكون بديلاً من اتفاق الطائف؟
لقد كان على العماد عون ان يترشح كمنافس للدكتور سمير جعجع ضمن المهلة الدستورية للانتخابات الرئاسية لا ان يلقي مؤيدوه بأوراق بيض في صندوق الاقتراع لتظل جلسات الانتخاب معطلة، وقد مضت على هذا التعطيل سنة واربعة اشهر. وكان عليه في ضوء نتائج التصويت ان يقرر إما الاستمرار في الترشح محاولاً كسب اصوات تمكنه من الفوز بالرئاسة في دورة اقتراع ثانية، وإما الاتفاق مع حلفائه على مرشح آخر منافس لجعجع اذا لم ينسحب هو الآخر لمرشح توافقي. هذه هي اللعبة الديموقراطية الصحيحة والسليمة التي كان يمارسها زعماء احزاب ونواب وسياسيون من قبل ولم يفكروا يوماً في تعطيل نصاب الجلسات لئلا يذهبوا بالبلاد الى الفراغ. حتى ان الخارج الذي كان يتدخل في الانتخابات الرئاسية لم يكن يتدخل لتعطيل الانتخابات كما يفعل الخارج اليوم، وتحديداً ايران، انما كان يتدخل لترجيح كفة مرشح على مرشح آخر. والسؤال المطروح هو: ما الذي سيفعله العماد عون بعدما تأكد أن لا هو ولا سواه من الاقطاب الموارنة لهم حظوظ بالفوز بالرئاسة؟ هل لا يزال يأمل في ان يفرضه الخارج رئيساً للجمهورية، وهذا الخارج هو ايران اذا كانت تريد المضي في سياسة التوسع في المنطقة للتأكيد ان الاتفاق النووي لم يكن ضد هذا التوسع، ام ان العماد عون سيأخذ باقتراح البطريرك الكاردينال الراعي فترشح قوى 8 آذار من يستطيع الفوز بالاكثرية النيابية المطلوبة، وترشح قوى 14 آذار من ينافسه على منصب الرئاسة الاولى، فلا يظل صوت البطريرك الراعي كمن يصرخ في برية، ولا صوت الرئيس نبيه بريه كذلك؟
أما اذا كان العماد عون لا “يهضم” ترشيح من يسمى “حيادياً” للرئاسة الاولى لأن الحيادي في نظره هو أشبه بالفراغ… فلينزل الى مجلس النواب ويخوض معركة من يرشحه والعمل على توفير الاكثرية النيابية المطلوبة لفوزه. أما ان يستمر في الترشح ليستمر تعطيل النصاب وتبقى البلاد بلا رئيس الى اجل غير معروف وتحكمها حكومات داخل حكومة واحدة، ووزراء كل واحد منهم يعتبر نفسه رئيساً، فهو موقف غير مسؤول يحمّل كل من يتخذه تبعة التعطيل وتحويل لبنان دولة فاشلة لا يمكن حكمه إلا بوصاية عليه وكأنه لم يبلغ بعد سن الرشد. وعلى العماد عون ان يتذكر ما جاء في مقال له في صحيفة “الوول ستريت جورنال” وكان في باريس: “سيحكم التاريخ علينا جميعاً بحسب افعالنا”، فكيف سيحكم عليه التاريخ عندما يعطل انتخاب رئيس للجمهورية، وباصراره على الترشح للرئاسة ما دام حياً، ولا يفسح لمرشح آخر يكون أوفر حظاً منه بالرئاسة؟ إن لبنان اليوم هو اشبه بطائرة مخطوفة لا يعرف من فيها اين ستهبط بهم، أو بطائرة توقف محركها ويعمل الجهلة و”الداعشيون” على توقيف محركها الآخر لتسقط بمن فيها… إن قرار انقاذ لبنان بانتخاب رئيس للجمهورية هو في يد العماد عون ما دام يقول إن قراره حر وغير مرتبط بأي خارج، وانه اذا كان حقاً مع استعادة حقوق المسيحيين فاستعادتها تبدأ بانتخاب رئيس هو المسيحي الوحيد في المنطقة، وبعد انتخابه تصبح الابواب مفتوحة للبحث في كل الامور.

 

كل الشكر… لميشال عون
خيرالله خيرالله /العرب/27 تموز/15
يقبل ميشال عون، في ضوء ما يقوله، أن يكون رئيسا على الدويلة اللبنانية في دولة ‘حزب الله’ التي تكاد أن تكون مجرد مستعمرة إيرانية لولا مقاومة اللبنانيين الشرفاء. ثمة فائدة وحيدة من الحديث التلفزيوني الأخير للنائب المسيحي ميشال عون. في هذا الحديث الذي أجراه مع عون الزميل مرسيل غانم، تحدّث زعيم “تيّار التغيير والإصلاح” بثقة عن مستقبل النظام السوري بقيادة بشّار الأسد. توقع عون بقاء هذا النظام مسيطرا على سوريا في ضوء الاتفاق الذي توصلّت إليه مجموعة الخمسة زائد واحد مع إيران في شأن ملفّها النووي.
من يستمع إلى ميشال عون في الحوار الطويل مع مرسيل غانم، يتأكّد من أن النظام السوري ساقط لا محالة. أكثر من ذلك، هذا النظام سقط وصار في مزبلة التاريخ. لكنّ من يرى في نفسه زعيم المسيحيين في لبنان يرفض أخذ العلم بذلك، كونه لم ينضج سياسيا بعد، على الرغم من تجاوزه الثمانين. هذا من جهة. لكنّ الأهمّ من ذلك، أن الرجل لا يريد، من جهة أخرى، أن يتعلّم شيئا من تجارب الماضي، بما في ذلك تجاربه الشخصية. تتلخّص هذه التجارب بعبارة واحدة. كلّ ما يقوله ميشال عون لا علاقة له بالواقع، لا من قريب ولا من بعيد. عكس ما يقوله هو الصحيح، وهو الواقع. هناك شخص يعتبر نفسه سياسيا لبنانيا يمتلك “حق” أن يكون رئيسا للجمهورية. هكذا بكلّ بساطة. يرى ميشال عون أن هذا حقّ له، ربّما كان حقّا موروثا عن والده، لا علم لأي لبناني بوجوده. لم يأخذ اللبنانيون علما بهذا الحقّ. الحاجز الوحيد الذي يقف في وجه ميشال عون وطموحاته هو أهل السنّة في لبنان، فضلا عن موقف المملكة العربية السعودية. بالنسبة إليه، تدير السعودية أهل السنّة في لبنان وتسيرّهم وفق أهوائها. ذهب النائب المسيحي إلى حدّ اتهام الأمير سعود الفيصل، رحمه الله، بأنّه وضع “فيتو” على توليه رئاسة الجمهورية. هذا يشير إلى أن الأمير سعود الذي بقي وزيرا للخارجية طوال أربعين عاما، كان بالفعل دبلوماسيا استثنائيا يمتلك ثقافة واسعة وخبرة طويلة ويعرف الناس، ويفرّق بين السياسي الجدّي والسياسي المهرّج الذي على استعداد للعب دور الأداة لدى الأداة الإيرانية المعروفة في لبنان. الأرقام لا تكذب. هناك أرقام متعلّقة بعدد المسيحيين الذين تسبب ميشال عون في تهجيرهم من لبنان عندما كان على رأس حكومة مؤقتة، رفض المسلمون المشاركة فيها، لا تتجاوز مهمتها توفير الظروف المناسبة لانتخاب رئيس للجمهورية خلفا للرئيس أمين الجميّل. غادر الجميّل القصر الرئاسي في بعبدا في سبتمبر 1988، لدى انتهاء ولايته الرئاسية. سارع ميشال عون، وقتذاك، إلى الإقامة في القصر وبقي فيه حتى الثالث عشر من أكتوبر 1990. غادر القصر هاربا بعدما ترك فيه زوجته وبناته الثلاث، وذلك عندما اشتد القصف السوري. لجأ إلى السفارة الفرنسية حيث بقي فترة لجأ بعدها إلى فرنسا. ما يُطمئن في كلام ميشال عون عن مستقبل النظام السوري أن كلّ توقعاته السياسية كانت مجرّد أحلام ليلة صيف. فخلال وجود “الجنرال” في قصر بعبدا، دخل في مواجهة مع النظام السوري وتعهّد بتحطيم رأس حافظ الأسد. اتكل على حليفين معروفين هما صدّام حسين وياسر عرفات كانا على خلاف مع حافظ الأسد. أين المشكلة في استخدام ميشال عون في توجيه كلام كبير، من النوع البذيء إلى الأسد الأب، خصوصا أنّ نتائج كلامه سيتحمّلها لبنان واللبنانيون؟
ماذا كانت نتيجة تطاول ميشال عون على حافظ الأسد؟ النتيجة أكثر من معروفة. انتهى ميشال عون لاجئا في فرنسا، ووضع حافظ الأسد يده على لبنان، كلّ لبنان، بعدما كانت هناك منطقة لبنانية تشمل قصر بعبدا ووزارة الدفاع خارج السيطرة السورية.
مثلما أخطأ ميشال عون في توقعات الأعوام 1988 و1989 و1990، لا يوجد أدنى سبب كي تصحّ توقعات 2015، هو الذي قال في بداية الثورة السورية إن النظام سيسيطر، تماما، على الوضع بعد أيّام. من يتذكّر تصريحه المشهور عن “يوم الثلاثاء”. قصد، وقتذاك، في العام 2011 أنّ المسألة مسألة أيّام وينتهي كلّ شيء لمصلحة النظام! هناك سياسيون، من بينهم ميشال عون، لا يفهمون بالسياسة. لدى هذا النوع من السياسيين فائدة وحيدة. يكفي للمرء الرهان على عكس ما يتوقعونه حتى يكسب رهانه!
لا يستطيع ميشال عون استيعاب أنّ لا مستقبل له حتّى لو أمضى كلّ يوم من أيام ما تبقى من حياته في مهاجمة أهل السنّة. كيف يمكن للبنانيين أن يأتوا به رئيسا للجمهورية وهو استخدم المدافع والدبابات التي زوده بها صدّام حسين من أجل قتل المسلمين في ما أسماه “حرب التحرير”، ثم الانقضاض على “القوات اللبنانية” في ما سمّي “حرب الإلغاء”. حرّر لبنان من اللبنانيين وألغى المسيحيين من المعادلة السياسية، إلى حدّ كبير. تلك كانت نتيجة السنوات التي أمضاها ميشال عون في قصر بعبدا. هل من عاقل يمكن أن يعيده إلى القصر، على الرغم من وجود بعض التأييد له في بعض الأوساط المسيحية، خصوصا أنّه يعزف على وتر حسّاس جدا لدى الطبقة المسيحية ما دون المتوسّطة؟ إنّه وتر إثارة الغرائز المذهبية والطائفية الذي يختزله بـ”استعادة حقوق المسيحيين”. هل من إساءة أكبر من هذه الإساءة إلى مسيحيي لبنان الذين آمنوا، دائما، بالدولة المدنية والنظام الديمقراطي وحقوق المواطن اللبناني بعيدا عن السلاح غير الشرعي الذي انتفضوا في وجهه في الماضي؟
لعلّ أخطر ما في حوار ميشال عون مع مرسيل غانم تجاهله التام للدولة التي أقامها “حزب الله”، الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، على حساب الدولة اللبنانية. يقبل ميشال عون، في ضوء ما يقوله، أن يكون رئيسا على الدويلة اللبنانية في دولة “حزب الله” التي تكاد أن تكون مجرّد مستعمرة إيرانية لولا مقاومة اللبنانيين الشرفاء. يقاوم لبنانيون من كلّ الطوائف هذا التوجّه الإيراني. هل هذا ما يفسّر نقمة ميشال عون على أهل السنّة وعلى المسيحيين الذين يعترضون على توجهاته؟
في النهاية، لا يمكن إلّا توجيه شكر من الأعماق إلى “الجنرال” على طمأنته أهل بلده على مستقبل النظام السوري. الرجل لا يعرف سوى ارتكاب الأخطاء التي تبلغ في معظم الأحيان مستوى الجرائم. ففي أواخر الثمانينات نفّذ كلّ ما كان مطلوبا منه سوريا، خصوصا عندما دمّر المناطق المسيحية على أهلها. وفي أيّامنا هذه ينفّذ كل المطلوب إيرانيا عندما يعطّل انتخابات رئاسة الجمهورية. سيتبيّن قريبا هل ستتغيّر إيران في لبنان في ضوء التفاهم مع الإدارة الأميركية في شأن ملفّها النووي وفي شأن ما قد يكون أبعد من ذلك.
في كلّ الأحوال، يكون عون لعب الدور المحدّد له، وذلك على حساب لبنان واللبنانيين، خصوصا المسيحيين منهم. هل من لعبة أخرى، غير لعبة الأداة، برع فيها “الجنرال” منذ بدأ يحلم برئاسة الجمهورية؟

 

سلام يحسم خياره في ضوء جلسة غد النفايات مرآة انحلال الدولة وغياب المسؤولية السياسية
سابين عويس/النهار/27 تموز 2015
إذا كانت البلاد الغارقة في نفاياتها قد انشغلت في متابعة آليات معالجة هذه الأزمة وسط مناخ سياسي محموم مهدد بالانفجار على خلفية تلويح رئيس الحكومة بالاستقالة، فإن أزمة النفايات المستفحلة أبرزت واقعاً مأسوياً يعكس حجم الانحلال والانهيار الذي بلغته الدولة مؤسسة وقيادة وسلطات وشعب. صحيح ان أزمة النفايات دخلت في بازار الخلافات السياسية، مستدعية معالجة سياسية في الدرجة الأولى لتغطية القرارات والإجراءات التقنية المطلوب إتخاذها لاحتوائها، لكنها عكست الواقع الميؤوس منه الذي بلغته البنى التحتية المستهلكة فوق طاقتها وفي غياب أي إستثمارات جديدة لصيانتها وتحسينها وتطويرها. فوسط كل المعمعة التي أثارتها أزمة النفايات، بدا كل الاهتمام السياسي منصبّا على كيفية لمّها وجمعها والبحث عن مكان لطمرها، وسط مناخ من المزايدات السياسية من عدد من القوى الرافضة إستقبال نفايات العاصمة. وبلغت الأزمة حدودا تهدد بإستقالة رئيس الحكومة العاجز عن تطبيق أي قرار من دون موافقة القوى السياسية مجتمعة، اذ لم تعد المسألة متوقفة على النفايات بل أصبحت أزمة صلاحيات وأزمة ثقة، بما ان أي فريق لا يثق بالآخر لتقبل نفاياته في منطقته. والصورة المأسوية المعبرة عن هذا الواقع هي تحول ٨٦١ منطقة من لبنان الى مكبات عشوائية لا تراعي الشروط والمعايير الصحية. تعزو مصادر سياسية بارزة المشكلة إلى تقصير الدولة في تحمل مسؤولياتها وتلهي المسؤولين فيها بالتقاذف السياسي بدلا من التخطيط ووضع الاستراتيجيات الكفيلة بتسيير الدولة وشؤون المواطنين، حتى تحولت البلاد الى ” الدولة المدينة” او ما يعرف ب” city state”، على غرار ما كانت عليه أوروبا سابقا، علما ان الوضع في لبنان بلغ حدود الدولة الحي او الشارع لا المدينة! ورأت المصادر ان غياب التخطيط لملف النفايات أدى الى تفاقم هذه المشكلة وبلوغها هذا المستوى، مشيرة الى ان المشكلة برزت في القرار الرسمي الذي اشترط تلزيم المطامر للقطاع الخاص من ضمن المناقصة، علما ان مسؤولية تحديد مواقع المطامر يجب ان تكون على الدولة خصوصا بالنسبة الى العاصمة، وهذا ما منع أي شركة من التقدم لمناقصة بيروت. وينتظر ان ينسحب هذا التقصير الذي تزامن مع مناخ سياسي مشحون على جلسة مجلس الوزراء غداً الثلثاء، المخصصة للبحث في هذا الملف. ومعلوم ان هذه الجلسة لن تخلو من المناخ التصعيدي المتشنج خصوصا أنها تنعقد على خلفية إستكمال البحث في مسألة آلية العمل الحكومي، كما تنعقد بعد موجة التصعيد الي قابل فيها “حزب الله” تلويح الرئيس تمام سلام بالاستقالة. إذ جاء في كلام للأمين العام للحزب ان استقالة الحكومة لن تقدم ولن تؤخر، داعيا سلام وتيار “المستقبل” الى الحوار مع “التيار الوطني الحر”. وفي هذا الكلام، اكد الحزب ان موقفه الداعم لرئيس التيار العماد عون لن يتوقف على الدعم السياسي، بل يصل الى حد تعطيل الحكومة، ولكن بفارق ان التعطيل لا يتحمل مسؤوليته الحزب او عون بل رئيس الحكومة. وفي حين تجنب سلام الرد على نصر الله أمام زواره الذين سألوه عن الموضوع، اكد ان كل الخيارات لا تزال مفتوحة أمامه وان تلويحه بالاستقالة ليس ناجما عن رغبة في المناورة او الضغط بل هو نتيجة انزعاج حقيقي لديه من الأوضاع التي آلت اليها الحكومة في ظل التعطيل الذي تتعرض له ويمنعها من الإنتاج. وينقل الزوار عنه تساؤله عن الفائدة المرجوة من الحكومة إذا كانت ستظل في مناخ التعطيل المقنٓع الذي تمارسه بعض مكوناتها. ولمس هؤلاء ان سلام لا يزال يتريث حتى الثلثاء ليرى الأجواء التي ستسود الجلسة. فإذا ظهرت نية حقيقية للتجاوب والعمل من اجل تفعيل الحكومة، فهذا أمر جيد، وإذا كانت الأمور مستمرة في إتجاه التعطيل، فإن رئيس الحكومة سيدرس جيدا خياراتها ويتخذ ما يحافظ على كرامته وعلى موقع رئاسة الحكومة، إنطلاقا من رفضه ان تكون مكسر عصا او يكون هو نفسه أسير الصراعات السياسية.

الانهيار المؤسساتي نذير للدول المعنية بلبنان حماوة تواكب وساطة فابيوس مع طهران
روزانا بومنصف/النهار/27 تموز 2015
لا تنفصل التطورات المتسارعة في الايام العشرة الاخيرة في لبنان عن تداعيات تطورات خارجية مرتقبة، وفق ما تتفق على ذلك مصادر سياسية من جانبي الاصطفاف السياسي، على رغم ان جذورالازمة الحالية سابقة لما حصل من توقيع الاتفاق النووي بين ايران والدول الست الكبرى. بل انه مع الاعلان عن الزيارة الاولى التي يعتزم القيام بها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لايران، مدشناً عهد انفتاح مع الجمهورية الايرانية بعد قطيعة سنوات عدة، وعلى جدول اعماله وفق ما ذكرت معلومات فرنسية فتح ملف الرئاسة اللبنانية وحض طهران على الافراج عن الانتخابات، تعاملت مصادر في 8 آذار مع التصعيد الداخلي وسريان معلومات عن احتمال اعلان رئيس الحكومة تمّام سلام استقالته كأنه بمثابة لي لذراع ايران ابان الزيارة الديبلوماسية الفرنسية. فمشهد الانهيار المؤسساتي في بيروت يشكل نذيرا خطيرا تقلق منه كل الدول المعنية بالوضع اللبناني ولا تريده ايران لاعتبارات تتعلق بحساباتها الخاصة وحماية “حزب الله” في عز انخراطه في الحرب السورية. ومن جهة اخرى يشكل الانهيار المؤسساتي الدستوري عاملا مؤثرا يمكن ان تضغط به بقوة الدول الغربية، وفي مقدمها فرنسا بالاصالة عن نفسها وبوكالتها عن الدول الاقليمية والغربية الاخرى على ايران التي يزورها فابيوس الاربعاء في 29 الحالي، أي على وقع تهديدات باستقالة الحكومة قد تكون حصلت أو على وشك الحصول بما يفرض حكما الموضوع اللبناني بتداعياته الخطيرة على جدول اعمال المباحثات وربما يخفض قيمة الاوراق التفاوضية في يد طهران باعتبار ان الوضع في ظل استقرار هش غيره على شفير انهيار وفوضى. وهو الامر الذي قد يحشر طهران اكثر في حال عدم وجود حكومة بغض النظر عن استعداداتها أو جهوزيتها للمساومة حول ملف الرئاسة اللبنانية، علما ان تكرار الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله للمرة الثانية الدفع في اتجاه ان يفتح “تيار المستقبل” حواراً مع العماد ميشال عون حول آلية عمل الحكومة والتعيينات الامنية يؤشر الى ان موضوع الرئاسة لا يزال خارج رادار اهتمامات ايران اقله في المرحلة الحالية. اذ ان المنطق يقول بضرورة الحوار في اصل المشكلة أي انتخابات الرئاسة التي تفرع عنها خلاف حول آلية وضع جدول الاعمال واتخاذ القرارات في مجلس الوزراء في ظل استمرار الشغور الرئاسي. وكان الامين العام للحزب رمى بكرة الازمة في ملعب “تيار المستقبل” في 10 تموز أي قبل توقيع الاتفاق النووي بين ايران والدول الغربية وعاد فكرر المنطق نفسه قبل يومين في 25 تموز أي بعد توقيع الاتفاق وذلك في معرض رده على معلومات تحدثت عن تهديد الرئيس سلام بالاستقالة، الامر الذي يوجه رسالة عبر لبنان أيضاً بأن ايران غير جاهزة أو غير راغبة بتحريك الوضع اللبناني ابعد من الحدود التي يدور فيها الان، في الوقت الذي يسري في بعض الاوساط ان اندفاع الامور تحت وطأة الخلاف السياسي، بغض النظر عن المتسبب الحقيقي به في ظل تقاذف التهم والمسؤولية من بينها اتهام نصرالله لتيار المستقبل بدفع الامور الى الفراغ كما قال، سيفرض حكماً فتح ملف لبنان بسرعة تحت وطأة عدم امكان انتظار الامور فيه اكثر مما حصل حتى الآن.
ثمة عامل ضاغط آخر الى جانب عامل الدفع في اتجاه الفراغ المؤسساتي والدستوري وهو ما بات عليه مضمون المواقف الاخيرة التي يعلنها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والذي توّجها قبل ايام قليلة في مناسبة مؤتمر حول المسيحيين في الشرق بحضه “كل فريق سياسي وكتلة نيابية عندنا من اجل ان يعيّن مرشحه النهائي المقبول من الجميع لانتخابات الرئاسة…”، معتبرا انه بانتخاب رئيس تعود الحياة الطبيعية الى المؤسسات الدستورية. ويعد هذا الموقف تطوراً بالنسبة الى موقف الكنيسة من حيث خروجها الى ما يمكن اعتباره الخطة ب بعد اتهامها بمساهمتها في تكريس حصرية المرشحين الاساسيين الاربعة بعد تثبتها من ان سنة وثلاثة اشهر من المراوحة في المعطيات نفسها لن توصل الى ملء الشغور في موقع الرئاسة الاولى.
وبحسب المصادر نفسها فانه لا يمكن عزل مواقف البطريرك عن محاولته رفد الوساطة الديبلوماسية الفرنسية بورقة قوية تعبر عنها الكنيسة المارونية، بحيث تكون الوساطة الفرنسية مدعّمة بموقف المرجعية المسيحية الابرز من خارج الاصطفافات السياسية والانقسامات في شأن المرشحين على رغم ما ينسب من ضعف أو تراجع تأثير الكنيسة المارونية في الاستحقاق الرئاسي الابرز في لبنان، اذ لا يخفى ان موقع بكركي بالنسبة الى الخارج يظل مهماً في ظل الاعتبارات المعروفة عن انقسام المسيحيين في وقت تعول الكنيسة على وساطة غربية عموما وفرنسية أو فاتيكانية خصوصا من اجل التحدث مع ايران في ملف الرئاسة. ولذلك عدت الدعوة الى مرشح “يقبل به الجميع”، بما تعنيه في كلام البطريرك من ان المرشحين المطروحة اسماؤهم علناً غير مقبولين من الجميع، ومن غير الجدوى الاستمرار في المراوحة، بمثابة تزويد الوسطاء ما يحتاجونه لمهمتهم.