ثريا شاهين: الغرب لن يقف مكتوف اليدين إذا لجأت إيران إلى التصعيد/سلام حرب: الجيل الجديد لحزب الله : طليعة ميليشيات الشرق الأوسط/علي نون: حرب بديلة

332

الغرب لن يقف مكتوف اليدين.. إذا لجأت إيران إلى التصعيد
ثريا شاهين/المستقبل/26 تموز/15
ما هي الأبعاد الحقيقية لكلام مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي حول استمرار دعم إيران لحلفائها في المنطقة بعد توقيع الاتفاق مع الغرب حول البرنامج النووي، وما أبعاد معارضته للقرار الصادر عن مجلس الأمن حول الاتفاق؟ تقول مصادر ديبلوماسية مطلعة ان التفاوض الذي تم كان في الأساس على النووي، ولم تكن هناك صلاحية للتفاوض على المنطقة، وهذا الملف وُضع الآن جانباً. وإيران ستستخدم الاتفاق والقوة التي يعطيها لها، لتعزيز دورها في المنطقة. الغرب يعتبر أنّه عندما تندمج إيران بالمجتمع الدولي، ونظراً إلى حاجتها للاستثمارات الأجنبية، لا يمكن لها أن تكمل في «دعم الإرهاب»، إنّما ينبغي عليها أن تدخل في حلول في المنطقة. لكن من الصعب تحقيق هذا التوقع على المدى المنظور، إذ من المؤكد أنّ إيران ستقوى، ومن الصعب أن تتراجع عن تصلّبها مثلاً في موضوع الرئاسة اللبنانية، أو انخراط «حزب الله» في القتال في سوريا. كما أنّها لن تتساهل في مسألة إزالة رئيس النظام السوري بشار الأسد، فطهران طلبت قبل إنجاز الاتفاق النووي من روسيا تمويل الأسد التي فعلت ذلك. الموضوع الاساس هو أنّ رفع الحظر المالي وبدء إزالة العقوبات سيباشران بعد نحو ستة أشهر، والأموال التي ستسترجعها إيران والدور الذي ستؤدّيه هذه الأموال، معطوفاً على علاقاتها الدولية الجديدة، قد يزيد من نفوذها.
لكن الغرب في المقابل، وفقاً للمصادر، لن يتساهل في إبقاء الرئيس الأسد في منصبه في سوريا، كما لن يتساهل في إزالة «حزب الله» عن لائحة الإرهاب، لمجرد توقيع الاتفاق. أي أنّه لن يتساهل في المواقف التي يدعمها، ومن ضمن الاتفاق ستزال كل العقوبات عن إيران باستثناء ما يتصل بالتهديد الإرهابي وبالأزمة السورية. إذ ستبقى العقوبات سارية. وإذا أرادت إيران استقطاب الاستثمارات الخارجية فيأمل الغرب أن يكون معلوماً لديها أنّه من الصعب عليها أن تستثمر في دعم أعمال يعتبرها هو إرهابية.
وإذا أصبحت إيران أقوى بعد الاتفاق فسيزيد ذلك الصراع في المنطقة في المرحلة المقبلة، وستقدم بالتالي، التمويل الإضافي للميليشيات الحليفة لها في لبنان واليمن والعراق وللنظام السوري. كذلك ستعمد بالتوازي إلى تحسين وضعها الداخلي اقتصادياً. إلاّ إذا وضع الحرس الثوري يده على الأموال ومنع الرئيس حسن روحاني من القرار في ذلك، وعمل على إضعافه، وهذا الأمر يحسمه تطوّر الوضع الداخلي الإيراني. إيران في خضم زيادة نفوذها، لكن هذا لا يعني أنّ الغرب سيقف مكتوف اليدين ازاء ذلك. وهو سيعمل لمنعها من السيطرة على المنطقة. لكن في خضم ذلك يتوقع مرحلة من تأجج الصراع وليس فترة حلول. لكن الأمر لا يعني أن هناك «ديل» معيناً لسيطرة إيران على المنطقة، هناك أطراف كثيرة في العالم ستكون ضدّ زيادة نفوذ إيران، لا سيما الغرب وإسرائيل والخليج.
وفي انتقاد خامنئي للقرار الصادر عن مجلس الأمن، فهو كأنّما ينتقد الاتفاق، لأنّ القرار يمثّل الاتفاق. إنّها خطوة في اتجاه إضعاف فريق روحاني والإصلاحيين. وإذا استمر الأمر، فقد لا يسمح لروحاني بتوفير الأموال للإصلاح الاقتصادي الذي انتُخب على أساسه وفاوض على اساسه. كميّة الأموال التي ستتوفر من إيران لدعم حلفائها في المنطقة، مرتبطة بالقرار الداخلي الإيراني، وإذا أضعف روحاني فسيقوم الفريق المتطرّف بالتصرّف بالأموال في المنطقة كما يشاء.
في كل الأحوال، إيران ستعزّز دورها في المنطقة على الأقل في المرحلة المقبلة. لكن لن تكون هناك هيمنة إيرانية نهائية، لأنّ الأطراف الدولية والاقليمية المتضررة من ذلك لن تسمح به. الصراعات في المنطقة بعد حل النووي، ستبقى مثلما هي. والأموال التي ستصرفها إيران على التسلح، قد تكون هناك جهات اخرى تصرف أكثر منها على مشروعها المضادّ لإيران، وبحسب المصادر، هناك دول تصرف على التسلح عشر مرّات المبلغ الذي تصرفه إيران لهذه الغاية. وإسرائيل أيضاً تصرف أكثر من إيران على التسلح. إنّها تصرف بنحو ملياري دولار أكثر من إيران على ترسانتها. إيران كقوة عسكرية ليست قادرة ان تسيطر على المنطقة. لديها الميليشيات، وهي ستستمر في مساعدتها، لكن ليس بفارق ضخم يؤدي الى تغيير المعادلات في المنطقة. إنّما في الوقت نفسه لا حلول مرتقبة. وليس صحيحاً ما يتم توقعه إيجاباً، ان الحلول ستتوافر في اليوم التالي للاتفاق النووي. إذ سيبقى وضع لبنان بلا رئيس مثلما هو في المرحلة الراهنة، كما ستبقى أوضاع كل من سوريا والعراق واليمن، بالتوازي مع زيادة مساعدات للميليشيات التابعة لإيران في المنطقة. مع الإشارة إلى أنّ إيران لم توقف تزويد حلفائها بالأسلحة على الرغم من الحظر عليها. هناك ترقب لجولة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في المنطقة، وما إذا ستحصل اتصالات حول حوارات غربية مع طهران بالتوازي بالنسبة إلى حلول في المنطقة. الغرب على الرغم من التصريحات يعتقد ان على إيران أن تدخل في حلول وسط، وانّ الأمور ستتطوّر في هذا الاتجاه. كما أنّ الأنظار متجهة لبداية سنة 2016 حيث يتوقع بدء تطبيق الاتفاق النووي وانعكاساته عملياً على الوضع الداخلي الإيراني وعلاقة إيران بالمنطقة.

حرب بديلة؟!
علي نون/المستقبل/26 تموز/15
أنهى «إتفاق فيينا» مشروع القنبلة النووية الإيرانية، وأنهى معه أي مشروع إسرائيلي لعسكرة المواجهة مع طهران.. بل إنّ الاتفاق في ذاته، وُضِعَ، لأنّ واشنطن، (في عهد جورج دبليو بوش كما في عهد مستر أوباما)، وَضَعت الحلول العسكرية على الرفّ، وفرضت على إسرائيل الأمر ذاته.ويدفع الاستطراد المولود من مناخات هذا الاتفاق، إلى تعزيز فرضية ابتعاد الطرفَين المعنيَّين به، عن الدخول في مواجهة ميدانية مباشِرة.. وذلك في كل حال، لم يحصل في ذروة الاشتباك الأمني (الإرهابي) والسياسي والإعلامي والعقابي بينهما، ومن المنطقي بالتالي، افتراض ابتعاده أكثر فأكثر، بعد الاتفاق، حتى مع الأخذ تماماً بكل الضجيج المتبادَل عن استمرار الخلافات في شأن القضايا الاقليمية المتفجِّرة… ومصطلح «القضايا الاقليمية المتفجِّرة» المطّاط هذا، ليس في الواقع، سوى التكثيف التحريفي الإعلامي البارد لسلّة الأزمات والحروب والفتن التي رعتها وترعاها طهران في سبيل طموحاتها الامبراطورية، والتي تصاعدت «للمفارقة» بعد إتمام التأكّد من انتهاء أحلام إسرائيل التوسّعية والبدء في الرحلة الطويلة لترسيم حدودها، من داخلها وليس من خارجها، أو على حساب هذا الخارج. غير أنّ حديث الخلافات المستمرّة حول حرائق المنطقة، من اليمن إلى سوريا، يعني شيئاً بالنسبة إلى واشنطن، وشيئاً آخر بالنسبة إلى إسرائيل: إذا كانت الأولى تعوّل على الاستثمار في المناخات الإيجابية التي أنتجها اتفاق فيينا وتوسيع دائرتها باتجاهات داخلية إيرانية متّصلة بتركيبة السلطة، وخارجية باتجاه العنوان الجذّاب الخاص بـ»محاربة الإرهاب»، فإنّ الثانية، أي إسرائيل، تفترضه حمّال فرص لها لـ»تعويضها» عن خسارتها الخيار العسكري في مواجهة المشروع النووي.. وهذا «التعويض» يضع خطّاً أحمر إزاء إيران، لكنه يتحوَّل إلى الاخضر إزاء ما تعتبره «مخاطر استراتيجية» تهدّد «أمنها» وتحديداً من جهة «حزب الله» وترسانته الصاروخية. وبهذا المعنى، قد تجد حكومة المجانين في إسرائيل التوجُّه إلى ما تعتبره ضرباً لأذرع إيران في لبنان «تعويضاً» مناسباً لها عن منعها من التعرُّض لإيران نفسها! ومقوّمات ذلك التوجّه متراكمة على مدى السنوات التي تلت حرب العام 2006، والتي لم تكف العسكريتاريا الإسرائيلية خلالها لحظة واحدة عن النفخ في «المخاطر» التي تتهدّدها من حدودها الشمالية مع لبنان. ما ساعدها على ذلك، في كل حال، هو أنّ «حزب الله» نفسه ساهم ويساهم في مراكمة تلك المقوّمات، من خلال تعرية وتحطيم شعاراته، وتشويه سمعته في سوريا أساساً، وفي العراق واليمن والبحرين فرعاً.. عدا استمراره في اعتماد أداء استفزازي انقسامي مُنفّر على الصعيد الداخلي اللبناني. في مقابل هذا الافتراض المركّب، هناك افتراض آخر، بسيط ومنطقي: لماذا تتورَّط إسرائيل في حرب خطيرة ومُكلفة مع «حزب الله» تحت حجّة الحدّ من أخطاره عليها، طالما أنّه يتكفّل بنفسه في حرق نفسه، وصورته و»مقاومته» في سوريا وفي الوجدان العربي والإسلامي العام؟.. وطالما أنّ سياسات إيران، في ديار العرب والمسلمين، قدّمت ولا تزال تقدّم، «خدمات» ما كانت تحلم بها إسرائيل وغيرها؟!

 

الجيل الجديد لحزب الله : طليعة ميليشيات الشرق الأوسط
سلام حرب/موقع 14 آذار/26 تموز/15
لا ريب أنّ القتال الدائر فيالشرق الأوسط قد فرض على حزب الله تغييرات عميقة بعد أن تحول إلى لاعب إقليمي يشارك في صراعات على مستوى المنطقة بأوامر من ايران. بفعل هذا التبدّل الاستراتيجي، نقل حزب مراكز عملياته الرئيسية المتمركزة في وقت سابق قرب الحدود الاسرائيلية اللبنانية إلى الداخل السوري ، وكذلك الى العراق واليمن.
عقيدة قتالية جديدة بدأت تظهر في أوساط القيادات العسكرية للحزب بفعل الواقع الجديد الذي بدأ في سوريا وقد لا ينتهي في اليمن؛ يصف الحزب نفسه بأنّه يمثل الآن “رؤيا طليعية ليكون على رأس جميع الألوية العسكرية التابعة للولي الفقيه ومدرسة لمن يرغب بتعلم مهاراته” اي بعبارة أخرى أن يقود الميليشيات المدعومة من إيران أخرى وليؤدي الدور الموكل إليه كفيلق أجنبي Légion étrangère أو مجموعة مرتزقة تدافع عن المجتمعات الشيعية وتوسّع النفوذ الإيراني في المنطقة. التزامات حزب الله الإيرانية باتت محسومة على حساب أي التزام لبناني برغم عدم التقاء المصالح الايرانية واللبنانية في أغلب الملفات. ومع هذا، ومن خلال التقية والباطنية أحياناً، والصلف والمكابرة أحيانأً أخرى، يستكر الحزب بتمرير السياسة الايرانية في لبنان وما حوله.
يمكن وصف حزب الله بعقيدته الجديده بأنّه الجيل الثالث؛ فبعد الجيل المؤسس الذي قاتل المحتل الإسرائيلي وعملائه طوال عقدين حتى العام 2000 والذي كان متأثراً بفكر الخميني مباشرة والعداء المطلق للغرب، جاء الجيل التالي الذي شارك في أنشطة عسكرية في العراق المحتل وصولاً الى حرب تموز 2006 وما سبق ذلك وما لحق من الدعم المقدم لحركة حماس والجهاد الاسلامي وللحوثيين وحتى للمليشيات التي شاركت في أيار 2008 في لبنان. أما مع العام 2011، أي بداية الثورة السورية، فقد ظهر جيل جديد من حزب الله يمتلك أنواع أحدث من الأسلحة البرية والجوية والبحرية، وتقنيات متقدمة كانت ضرباً من الخيال فيما سبق وربما حكراً على الإسرائيلي. للجيل الثالث قادته وعناصره اليافعين وعلى رأسهم جهاد ومن ثم مصطفى عماد مغنية، وأيضاً علي أحمد يحيى، الذي سقط بعد والده الشيخ “أبو ذر” الذي سقط خلال تحرير رشاف عام 2000، بينما سقط الإبن خلال القتال في سوريا، وشتان بين المقتلين. لهذا الجيل أيضاً نوع إضافي من الأعداء هم من يسميهم “التكفيريون” والذي يحاول إعلامه ان يبرر قتاله لهم بأنهم أعداء مشتركين مع الغرب والعالم أجمع! فالحزب الذي كان يعمل جاهداً للتكتم على قتلاه واصاباته قدر الامكان فيما عدا هؤلاء الذي يسقطون في مواجهة “اسرائيل”، بات الآن وفق العقيدة الجديدة أكثر “وقاحة” في تبجيل القتلى والمشاركة في القتال.
الإسرائيليون يهيئون أنفسهم لأي خرق لجبهتهم من خلال الأنفاق ومن خلال الأجسام الطائرة المفخخة، ولكنهم أكثر راحة بطبيعة الحال خصوصاً أن العقيدة الحالية لحزب الله وضعت مسلكاً مغايراً لـ”طريق القدس” يمر عبر جميع المدن السورية التي لا تخضع لبشار الأسد، وربما لعدن التي خسرها الحوثيون. كما هو الحال في العراق، وقد ارسلت حزب الله سوى عدد قليل من المدربين من ذوي المهارات العالية والمقاتلين إلى اليمن ومنهم خليل حرب، وهو مسؤول رفيع المستوى وعلى جانب كبير من الخبرات الأمنية، بالإضافة الى أبو علي الطبطبائي لرفع المستوى التدريبي للحوثيين مقابل التحالف العربي الذي تقوده السعودية، والتي يخطط الحزب لاستدراجها الى حرب عصابات.
ومن باب “الانصاف” إن جاز قول ذلك، ووفق ما نقله العديد من المطلعين على مجريات المسائل الداخلي في الحزب، فإنّ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قد “قاوم” في بداية الأزمة السورية إرسال مقاتليه إلى سوريا لدعم بشار الأسد، على الرغم من الطلبات المتكررة من القادة الإيرانيين. وقد شارك نصرالله برأيه غالبية قادة الحزب خشية “تقويض مكانتهم الداخلية في لبنان، ظهورهم كمشاركين في السوريين السنة وخوفهم من استغلال اسرائيل لهذا الوضع للأخذ بثأر حرب تموز 2006”. إذعان نصرالله للإملآت الإيرانية جاء متدرجاً مع اصرار المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي على ذلك. غير أنّ المعلومات المسربة تشير الى توجس الأمين العام من “أستبداله بشخص آخر أو مجموعة تدين بولاء أكبر لإيران وخصوصاً من المحيطين به والذين شحعوه على رفض التدخل في سوريا ليتبيّن أن لهم علاقات مباشرة مع الإيرانيين لا تمر من خلال السلسلة القيادية للحزب”.