عادل مالك: طوابير المهرولين إلى طهران: هذا هو الموجز وهاكم التفاصيل/جمال خاشقجي: لنقود إيران إلى حارة ضيقة اسمها الديموقراطية

318

طوابير المهرولين إلى طهران: هذا هو الموجز وهاكم التفاصيل!
عادل مالك/الحياة/25 تموز/15

قبل ساعات قليلة من الإعلان عن التفاهم الخاص بالاتفاق النووي الإيراني، اتصلت المستشارة أنغيلا مركل بمستشارها الاقتصادي، وزير الاقتصاد، وأبلغته أن الاتفاق تمّ إنجازه. وبعد ساعات قليلة، كان الوزير الألماني يهبط في مطار طهران يرافقه مئة من رجال الأعمال الألمان في مختلف المجالات، وكانت ألمانيا أول المتهافتين على خطب ود إيران وإقامة علاقات عمل، بعد القطيعة الغربية المعلومة لطهران.

وكرّت السبحة. وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس، سارع إلى الإعلان عن سفره إلى إيران، وحرص على القول إنه يلبّي دعوة وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف (قبيل الإعلان عن الاتفاق)، علماً أن وزير خارجية فرنسا كان في طليعة الوزراء الذين شاركوا في الأيام الأخيرة من مداولات فيينا، ووجّه التهم القاسية الى إيران وسياساتها، وأدّى موقفه هذا إلى تأخير الإعلان عن الاتفاق بالصيغة النهائية.

وفي وقت متزامن، كان رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، يبلغ مجلس العموم عن الرغبة في استئناف العلاقات مع إيران، وأنه سيعاد فتح القنصلية البريطانية في طهران قبل نهاية العام الحالي.

وهكذا، تكثّفت طوابير المهرولين من شتّى أصقاع الأرض، سعياً وراء قطف ثمار التوصّل إلى الاتفاق على الملف النووي، مؤكدين المقولة الشهيرة: «ليست هناك صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، بل مصالح دائمة». قد كانت أخبار المفاوضات الماراتونية بين الدول الخمس الكبرى زائد ألمانيا وإيران، تملأ الدنيا وتشغل الناس. والآن، وقد أعلن عن التوصّل إلى «الصفقة النووية»، ماذا يمكن أن يقال؟

كُتِب الكثير عن الموضوع، وسيُكتب أكثر سواء لناحية التداعيات التي سيفضي إليها «التاريخ الجديد في المنطقة»، أو لجهة ممارسة كل طرف ابتزاز الطرف الآخر:

أولاً: الكل تنازل والكل أخذ. أما مسألة الربح والخسارة فقضية نسبية تتوقف على قراءة الاتفاق وتفسيره. فإيران كانت في جانب والعالم كلّه في جانب آخر، ثم إنّ الفترة الطويلة التي اقتضتها عمليّة التفاوض أكّدت مجدداً طول الصبر والأناة لدى المفاوض الإيراني، وأن صموده هذا الوقت كله منحه ميزة للتفوّق على سائر مفاوضي الدول الخمس الكبرى وألمانيا. ثانياً: وقبل التوغّل أكثر في مضمون الاتفاق، علينا أن نلاحظ الحرب النفسيّة التي تخاض من جانب الأطراف على اختلافها. فالمرشد الأعلى السيد علي خامنئي، حافظ على استعمال المفردات نفسها التي كانت متداولة قبل الاتفاق، ومن ذلك تركيز الهجوم على «أميركا المستكبرة». وأضاف محتفظاً لإيران بموقع القوّة، وتوقّع أن تهاجمها الولايات المتحدة ذات يوم وأن تُمنى بالفشل. وعندما نُقل مضمون هذا الكلام إلى وزير الخارجيّة الأميركي جون كيري، عبّر عن عدم الارتياح وقال: «هذا كلام مزعج». الثاً: في المقابل، فور الإعلان عن التوصّل إلى التفاهم، نشبت المعارك السياسية في دوائر واشنطن، وتعهّد الحزب الجمهوري الذي يملك الأكثرية في مجلسي الشيوخ والنواب، العمل على رفض الاتفاق «بكل الوسائل المتاحة». علماً أن الكونغرس إذا ما صوّت بأكثرية أعضائه على رفض الاتفاق، فباستطاعة الرئيس باراك أوباما أن يمارس حق الفيتو ضد قراره.

وفي كل حال، أمام الكونغرس فترة تمتد نحو 60 يوماً للتصويت، وردّ مجلس الشورى في إيران بتمديد التوقيت نفسه، ربّما في تنافس غير معلن، وعليه فسينتظر رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، تصويت الكونغرس كي يطرح الموضوع على التصويت. رابعاً: لكل طرف مرافعته عن الاتفاق، وكل طرف يعتبر نفسه منتصراً في المعركة التفاوضية الطويلة. ففي سياق مطالعة أوباما، نقرأ ما يلي: «الاتفاق النووي أفضل وسيلة لتجنّب سباق تسلّح ومزيد من الحروب في الشـــرق الأوسط»، ويضيف: «من دون الاتفاق، لن تكون هناك قيود على برنامج إيران النووي، وسيكون بمقدور إيران الاقتراب من صنع قنبــــلة نووية، ومن دون اتفاق نخاطر بمزيد من الحروب في الشرق الأوسط. وإذا لم تنتهز أميركا الفرصة لإبرام اتفاق، فستحكم علينا الأجيال المقبلة بقسوة…».

ويمضي أوباما في دفاعه عن الاتفاق حيال الرأي العام الأميركي: «أنا لا أضمن أن تكون إيران دولة معتدلة، ولا أضمن أن توقف تدخلاتها في سورية أو دعمها لـ «حزب الله». وأضاف: «الولايات المتحدة لا تعمد إلى تطبيع العلاقات مع إيران كما فعلنا مع كوبا»، لماذا؟ يجيب: «الخلافات مع إيران ما زالت عميقة». هنا، لا بد من التركيز على عبارة رئيسيّة في معرض الكلام عما يتّصل بعلاقات الولايات المتحدة وإيران، ألا وهي «أزمة انعدام الثقة» في شكلٍ نهائي، وهذا ما حكم التعامل مع إيران منذ قيام الثورة الإسلامية في 1979، وسيبقى متواصلاً حتى مع التوصّل إلى الاتفاق النووي. لذلك، عندما تطرح مسألة الضمانات: مَن يضمن مَن؟ تقفز إلى الأذهان رواسب أربعة عقود من أزمة الثقة المفقودة بين الجانبين. فلا بد من التركيز على أن ما تمّ التوصل إليه، هو «اتفاق الضرورة» بالنسبة الى مختلف الأطراف.

وإذا ما نصّ الاتفاق على «تجميد» الطاقة النووية الإيرانية وعدم استعمالها إلاّ للأغراض السلمية»، فإن إيران حصلت على العديد من المكاسب، لعلّ في طليعتها رفع العقوبات المفروضة عليها منذ سنوات طويلة، والتي تركت ولا شك آثاراً سلبيّة في الداخل. ويضاف أن إيران ستسترد أموالها المجمّدة منذ سنوات، ونحن هنا نتحدّث عن بلايين الدولارات (وهناك كلام عن مبلغ يزيد عن 180 بليوناً) هي قيمة الأموال مع فوائدها منذ تجميدها، وهذا يعني أن إيران ستنعم بواقع جديد سينعكس على حياة أفراد شعبها كافة.

وفي سياق متّصل، ترى الدول الغربيّة «إيران الجديدة» جنّة من المشاريع والاستثمارات المشتركة، ومن هذا المنطلق تحدّثنا عن بداية تكوّن طوابير المهرولين إلى طهران منذ الساعات الأولى للإعلان عن الاتفاق.

خامساً: يُطرح تساؤل: مَن الذي تغيّر، إيران أم الولايات المتحدة؟ إن حالة التغيير فرضت نفسها على مختلف الأطراف التي شملتها عملية التفاوض. لكن في نهاية الأمر، لم يبلغ التغيير حدّ أن تصبح إيران أميركا وأميركا إيران.

وفي تركيز واشنطن وإدارة أوباما على «الإنجاز النووي الكبير»، بمنع إيران من استخدام طاقتها النووية لأهداف عسكرية، وجد السيد خامنئي الفتوى الملائمة لهذا التدبير، ففي خطابه الأخير أشار إلى «أن إيران لا تريد استخدام أسلحتها النووية، والمضي في سياسة تخصيب اليورانيوم ولو بنسبة متدنيّة كما قضى الاتفاق، لأن الإسلام يمنع إيران من استخدام القدرات النووية للأغراض العسكريّة أو غير السلميّة».

وفي ما يتعلّق بمواقف أوباما من الموضوع النووي الإيراني، يقول مصدر متابع عن قرب لتفكير الرئيس، إنه يركّز على الفترة المتبقية له في البيت الأبيض ليبذل ما استطاع لنشر السلام في أي مكان من العالم. ويُذكر أن أوباما مُنِح جائزة نوبل للسلام، وعندها قامت ضجّة إعلاميّة عالميّة طُرح فيها الوضع على الشكل التالي:

في العادة، تُمنح الجائزة لشخصيّة عالميّة عملت فعلاً من أجل السلام والابتعاد من الحروب… فكان الجواب: لعلّ منح الجائزة لأوباما ولو في صورة استباقيّة، حافز له على دفع مسيرات السلام، ولعلّ هذا الطرح يُجيب عن تركيزه على عدم إرسال أي جندي أميركي إلى أي منطقة نزاع في العالم. إلا أن تطوّرات العراق أرغمته على إعادة إرسال ستمئة «تقني أميركي» لتدريب بعض العناصر العراقية على مواجهة «داعش» وأخواته. ونصل في النهاية إلى الجزء الأهم من «تردُّدات» الاتفاق النووي، وهو ما يتّصل بالوضع الإقليمي البركاني المتفجّر، والفوائد التي تجنيها بعض مواقع التوتّر الملتهبة في المنطقة. فقد عُلّق الكثير من الآمال والأحلام على شمّاعة «الاتفاق النووي»، وحتى لا نخدع أنفسنا علينا مصارحة أنفسنا قبل أي طرف آخر. لبنان وُعد بهبوط الوحي على نوّابه لانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة بُعَيْدَ التفاهم على «النووي»، وهذه أحلام كاذبة. فالوضع في لبنان ليس في مرحلة متقدّمة من سلّم الأولويات لدى صنّاع القرار من الفاعلين والمؤثرين. وتهمس بعض الأوساط المتابعة أميركيّاً للأوضاع الإقليمية، أن ترتيب أهميّة الأولويات هو الآتي: حرب اليمن، ثم العراق، ثم سورية، وبعدها لبنان ربّما. لذلك، لا فائدة تُرتجى من البقاء في حال انتظار «الشخص» الذي يمكن أن يأتي من كوكب آخر! في كل حال، إذا كانت ستطرأ على الوضع في لبنان متغيّرات إيجابية، فهذا لن يكون إلاّ بعد تفاهمات جدّية وجديدة على قواعد صلبة، بين القوى الإقليمية الفاعلة. وبوضوح أكبر، إن التغيير في نهج الأزمة ومسارها تملك مفاتيحه قوّتان إقليميتان: المملكة العربيّة السعودية وإيران. قد بدأنا بـ «التفاهم النووي»، ويجب أن نختم به بالآتي: الآن وفي ضوء كل ما جرى، فإن البداية لحلحلة بعض مكامن الأزمات الطاحنة هي التوقف عن خداع الذات، واعتماد الأسلوب العقلاني في النظر إلى مسار الأحداث. وكل ما جرى حتى الآن على صعيد الاتفاق النووي، ليس إلاّ الموجز. أما التفاصيل فتأتي لاحقاً، حيث يتّضح مدى قوّة كل طرف من «الأطراف النووية»، في ترجمة الاتفاق عندما يأتي الأمر إلى إعادة تموضع مراكز النفوذ الإقليميّة والدوليّة في المنطقة. … وعندها فقط يمكن الحديث الذي تم تناوله مطولاً، وهو: «الشرق الأوسط الجديد»، لكن ليس ذلك الشرق الذي أعلنت عنه الآنسة كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، مع انطلاق الشرارات الأولى لعدوان إسرائيل على لبنان في تموز (يوليو) 2006. وكل اتفاق نووي والعرب موجودون على الخريطة قبل أن يسحقهم المزيد من الضغوط إلى حدّ الاختناق. ي كل حال، للاتفاق النووي الكثير من الأحاديث والمضاعفات والتداعيات التي ستؤرّخ أحداث المنطقة: ما قبل الاتفاق وما بعده.

لنقود إيران إلى حارة ضيقة اسمها الديموقراطية
جمال خاشقجي/الحياة/25 تموز/15

بعد التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني، راجت بين الساسة الأوروبيين والأميركيين فكرة الدفع بحوار بين السعودية وإيران لحل مشكلات المنطقة. ظاهر الاقتراح منطقي، فلو اتفق البلدان لكان ممكناً حل معظم مشكلات المنطقة، وبغض النظر عن التصريحات الإيرانية غير المشجعة، التي لا تزال محتقنة بعبارات «دعم محور المقاومة» و «المناضلين في المنطقة»، التي لا تعني غير الاستمرار في السياسة نفسها التي أدت إلى المواجهة مع المملكة، ولكن لنفترض أن الرياض استجابت لدعوة أصدقائها في الغرب وفتحت باباً للحوار مع طهران، فكيف سيمضي هذا الحوار؟

الإيرانيون يحبون الجدل، والمفاوضات الماراثونية، وكذلك التملص من الالتزامات، وفي حال إعلان السعودية الموافقة على حوار مباشر معها، سيهرع وزير خارجيتهم محمد ظريف إلى الرياض، ومعه 10 من الخبراء، من أساتذة في العلوم السياسية والاقتصاد ومؤرخين ومنظرين، مع كم هائل من الابتسامات والقبل، وحديث لا ينتهي عن «الوحدة الإسلامية»، بل حتى الدعاء والدموع، في الوقت ذاته لن تتوقف شحنات البراميل المتفجرة الإيرانية الصنع المرسلة الى نظامي بشار الأسد وحيدر العبادي، ولو استطاعوا لأرسلوا مثلها الى الحوثيين وصالح. الحل هو في دفعهم نحو هدف محدد، لا يحتمل إلا القبول أو الرفض، ليكن حارة ضيقة اسمها «الديموقراطية لسورية واليمن»، ثم بعدها تكون المصالحة التاريخية بين السعودية وإيران، فإما أن يقبلوا بالتفاوض هناك وإما أن ينتهي كل شيء ولا تبقى غير مواجهة تاريخية أيضاً.

لو قال لهم رئيس الوفد السعودي المفاوض وزير الخارجية عادل الجبير، نريدكم أن توقفوا تدخلاتكم في المنطقة، لقالوا نحن لا نتدخل، نحن ندعم ثورة في اليمن ونظاماً شرعياً في سورية. لو قبل الجبير بمنطقهم التفاوضي ورد مفنداً أن الحوثيين ليسوا ثورة، وإنما انقلاب ألغى القوى اليمنية الأخرى، وأن بشار لم يعد نظاماً شرعياً، وشعبه يرفضه، فسيجادل الإيرانيون بأن الحوثيين ثورة شرعية، ويعرضون صوراً لحشود هائلة جمعوها في صنعاء قبل أسابيع في يوم القدس العالمي، الذي لا يحتفل به غيرهم مع أنصارهم، فيقول ظريف، وابتسامة تعلو محياه: «ماذا تسمي هذه يا أخي؟ هل يستطيع انقلاب مرفوض أن يجمع كل هذه الملايين»؟ ثم يتدخل عضو آخر في الوفد الإيراني، أستاذ في العلوم السياسية ويسأل: «ما هو تعريفك للنظام الشرعي»؟ ولو انجر السعوديون إلى منطقهم، وقدموا بعد يوم أو يومين دراسة مفصلة تتضمن التعريف الصحيح للنظام الشرعي وأدلة تثبت الانقلاب الحوثي، لقدم الإيرانيون ردهم بعد يوم آخر، وبينما تستمر هذه المفاوضات العقيمة، تصل شحنة ثانية وثالثة من البراميل المتفجرة لبشار، لتسقط ناراً وقتلاً على رؤوس أطفال ونساء في حلب ودرعا، في الوقت نفسه تأتي الأخبار بوصول مساعد وزير الخارجية الإيراني إلى موسكو لدفع الروس لتقديم قرار لمجلس الأمن يقضي برفع حصار التحالف عن مطارات وموانئ اليمن، «لتخفيف المعاناة الإنسانية عن المدنيين هناك»، في محاولة للالتفاف على النكسات العسكرية التي تعرضوا لها.

هكذا هو التفاوض مع إيران، ولكن البلدين في حاجة إلى مصالحة حقيقية، فهما يندفعان نحو مواجهة ستضر بهما لا محالة إن استمر هذا «الشغب» الإيراني كما سماه عادل الجبير، فكيف يمكن استغلال الأجواء الإيجابية بالمصالحة التاريخية بين إيران والولايات المتحدة؟ وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في طريقه إلى جدة، ولعله سيحث السعودية على التفاوض مع إيران، فهم يريدون أن يغسلوا أيديهم من سلبيات الاتفاق الذي لم يعالج سياسة طهران التوسعية في المنطقة، ورضخوا لإصرارها على اتفاق نووي فقط.

ولكن كما سبق القول، فإن التفاوض مع طهران عمل غير مريح ومجدٍ إذا كان في عموم المسائل. الأفضل هو دفعها إلى حارة ضيقة لا تحتمل خلافاً حولها، هي «حارة الديموقراطية» لحسم الصراع بين البلدين في اليمن وسورية، وتأجيل العراق على أساس أنها أصلاً في تلك الحارة ابتداء، فحكومة العبادي على عوارها وطائفيتها حكومة منتخبة. ستقول لهم السعودية: «إننا نقبل بتمكين الغالبية في البلدين من الحكم، مثلما قبلنا بتحكم الغالبية الشيعية الموالية لكم في العراق». سيحاول الإيراني التملص كعادته، ويقول: ما لكم وما للديموقراطية، أنتم لا تمارسون الديموقراطية فيكف تريدونها حلاً في سورية واليمن؟ الرد أن الحرب والفتنة وانهيار الدولة والنزاع على الحكم ليس في السعودية أو إيران، نحن دولة ملكية إسلامية مستقرة، وأنتم جمهورية إسلامية مستقرة، لنحافظ على استقرار بلدينا، ونلتزم بعدم التدخل في شؤون بعضنا البعض، لن نناقش عوار ديموقراطيتكم، ولن نتحدث عن أحداث 2009 في بلادكم، ولا عن المرشح المعتقل ابن النظام مير حسين موسوي وأنصاره الإصلاحيبن، هذه قضيتكم الداخلية، ولكن سورية واليمن جمهوريتان، يبدأ دستوراهما بأن الشعب هو مصدر السلطات، بالتالي لنوقف التدخل في البلدين، وليكن بقرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، يعاقب أية دولة ترسل سلاحاً أو ميليشيات، وينسحب «حزب الله» وكل الفصائل الشيعية التي أرسلتموها إلى هناك، وفي اليمن تهيأ الأجواء لانتخابات حرة، بانسحاب الحوثيين من المدن والثكنات العسكرية، ويطلق سراح المعتقلين، ويعود الرئيس الشرعي، وندعم معاً إرسال قوات حفظ سلام للبلدين، ولتشترك مع بلدينا كل الدول التي وقعت معكم اتفاق فيينا، فالانتخابات تحتاج إلى إعداد يستغرق عاماً أو أكثر في سورية، ودون ذلك في اليمن، نساعد ملايين السوريين في العودة إلى بلادهم، ومن لا يستطيع يصوت حيثما هو. صفة سلم منطقية، تتفق مع روح المصالحة بين شيطاننا الأكبر (إيران) وشيطانكم الأكبر (الولايات المتحدة). في الغالب سيعودون إلى طبيعتهم الأولى، التملص، لكن نحاصرهم بقرارات أممية وبالاستمرار في سياسة الحزم والعزم، برفع مستوى الدعم للثورة السورية، ومؤازرة الأتراك، وحثهم على الوفاء بتعهداتهم بالتدخل في الشمال هناك، فلا يخف ضغطنا إلا أن نرى منهم استجابة لهذا المشروع، أما غير ذلك فهو الاستمرار في المواجهة الكبرى التي لا تحتمل أنصاف الحلول، فإما نحن بمشروعنا الديموقراطي التشاركي الذي يستوعب الجميع، وبناء شامنا ويمننا التعددي، وإما هم بمشروعهم الطائفي الضيق.