هشام ملحم: خيارات صعبة/خليل فليحان: سفيرة أميركية لدى لبنان تنتظر وسفير فرنسي خبير بالملف الرئاسي/اميل خوري: هل تغيّر إيران سلوكها بعد الاتفاق النووي فتسهّل انتخاب رئيس وتحلّ أزمة اليمن؟

312

سفيرة أميركية لدى لبنان تنتظر وسفير فرنسي خبير بالملف الرئاسي
 خليل فليحان/النهار/23 تموز 2015

أكد مصدر ديبلوماسي لـ”النهار” أن الرئيس الاميركي باراك أوباما عيّن إليزابيت ريتشارد سفيرة لبلاده لدى لبنان لتحلّ محل السفير الحالي ديفيد هيل المنقول الى باكستان. تشغل ريتشارد منصب مساعدة نائب وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأوسط لاري سيلفرمان. ولم ترشح رسمياً بعد لدى لبنان لأنها تحتاج الى المثول أمام لجنة الشؤون الخارجية لمجلس الشيوخ لتقديم شهادة، والمجلس في عطلة صيفية حتى أيلول المقبل. ويعقب المثول الترشيح الرسمي. كما ان هيل لم يتمكن أيضاً من تقديم شهادة أمام اللجنة نفسها كمرشح سفير لدى باكستان. وأعربت مصادر مواكبة للاتصالات الجارية من أجل انتخاب رئيس جديد للبلاد لملء الفراغ المسيطر على قصر بعبدا منذ 16 شهراً، عن أملها في أن تأتي السفيرة ريتشارد بتعليمات جديدة للمساعدة على انجاز هذا الاستحقاق بعد اقرار البرنامج النووي، وذلك بالتعاون مع سفير فرنسا الجديد لدى لبنان ايمانويل بون المتعمّق في الملف اللبناني، وتحديداً في موضوع التعثر الرئاسي، بصفته رئيساً لقسم شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا في قصر الاليزيه، ومكلفاً من الرئيس فرنسوا هولاند متابعة هذا الملف بالاتصالات مع الافرقاء اللبنانيين ومع كل من السعودية وإيران. وأشارت الى ان ريتشارد بدورها مطلعة على ما يجري من اتصالات لبنانية وعربية ودولية لإزالة العقبات التي منعت انتخاب رئيس للبنان حتى الآن، باعتبار أن سيلفرمان كان مكلفاً من وزير الخارجية الاميركية جون كيري تلقي الاتصالات حول هذا الملف، وكان قد اجتمع بممثلين للأحزاب والتيارات السياسية بعيداً من الضجيج الاعلامي، لأن بلاده بررت عدم التدخل على أساس أن ليس لها مرشح معين، وتركت خيار انتقاء مرشح تسوية للقوى السياسية. وأفاد مطلعون على دور بون وسيلفرمان لـ”النهار” أن الأول كان يصيغ مهمات الموفد الرئاسي السفير جان فرنسوا جيرو الى كل من الرياض وطهران وبيروت وما أصابها من تعثر بسبب حصر المرشحين للرئاسة وعدم قبول أي طرف منهما بالانسحاب للآخر، على الرغم من نداءات البطريرك بشارة الراعي والقادة والأمين العام للامم المتحدة وبعض زعماء الاحزاب والتيارات السياسية، وقد تفرد الرئيس بري بموقفه عن موقف قوى الثامن من آذار بإرساله نواب كتلته لحضور الجلسات الانتخابية الـ26 التي دعا اليها ولم يتوافر فيها النصاب. وذكر هؤلاء بأن بون هو صاحب اقتراح التمديد للرئيس ميشال سليمان قبل نهاية ولايته، بعدما تبيّن له صعوبة انتخاب خلف له، أو انتخاب رئيس تسوية غير المرشحين ميشال عون وسمير جعجع، أو تقصير ولاية الرئيس من 6 سنوات الى اربع، مع قابلية للتجديد مرة واحدة. ونقل عن هؤلاء ترددهم في الجزم اذا ما كانت واشنطن ستطلب من إيران تسهيل انتخاب الرئيس اللبناني أم أنها لن تقدم على ذلك، لأنها متأكدة من أن القيادة الايرانية لن تتجاوب مع ما تريد، كما كانت أبلغت جيرو أن انتخاب رئيس لجمهورية لبنان شأن لبناني واذا كان هناك من تدخل فسيكون مع الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله للتفاهم معه على تسوية، فيما السعودية هي مع الانتخاب في اقرب وقت ممكن، وان استقبال الملك سلمان للمرشح سمير جعجع منذ أيام قليلة دليل على دعمها له وعلى سياسته ومرونته لانتخاب رئيس تسوية للبنان. ودعوا الى التريث لمعرفة ما اذا كانت طهران ستبدل موقفها مع المساعي الفرنسية الجدية خلال زيارة وزير الخارجية لوران فابيوس لايران السبت المقبل. ولفت مصدر الى أن اسماء المرشحين المطروحين تحاط بالكتمان الشديد، من أجل التفاهم على احدى الشخصيات والقبول بمرشح تسوية، والعارفون في الشأن الإيراني ولا سيما بالنسبة الى الموقف من الرئاسة، يؤكدون أن فابيوس لن ينجح في مهمته اذا لم تدعمها واشنطن وعواصم أخرى.

خيارات صعبة
 هشام ملحم/النهار/23 تموز 2015

يبدأ اليوم، مع مثول وزراء الخارجية والخزينة والطاقة امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ لشرح الاتفاق النووي مع ايران، العد العكسي للمواجهة بين ادارة الرئيس اوباما والحزب الجمهوري الذي يسيطر على مجلسي الكونغرس لتقرير مصير الاتفاق، الذي يمكن ان يكون اهم انجاز خارجي للرئيس أو أفدح نكسة له. يأتي ذلك بعد موافقة مجلس الامن على الاتفاق، وبعد وصول وزير الاقتصاد الالماني سيغمار غبريال الى طهران، والذي ستلحق به قافلة طويلة من الديبلوماسيين مثل لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي ورجال اعمال للبحث عن فرص وسبل الاستفادة من الكنز الايراني المجمد في المصارف الغربية والذي سيفرج عنه تدريجا ويمكن ان يصل الى 150 مليار دولار. الكونغرس تسلم الاتفاق وملاحقه في مطلع الاسبوع ولديه 60 يوما لمراجعته والتصويت عليه خلال ايلول المقبل، ومن المتوقع ان يرفضه مجلسا النواب والشيوخ الجمهوريان، الامر الذي سيدفع الرئيس اوباما الى استخدام سيف النقض “الفيتو” لابطال ارادة الكونغرس. وهذا يعني ان المعركة الحقيقية تتمحور على قدرة الجمهوريين على نقض النقض الرئاسي، وهو أمر يتطلب جذب عدد من المشرعين الديموقراطيين لضمان تصويت المجلسين بأكثرية الثلثين على هذا الابطال. ومثول الوزراء جون كيري وجاك لو وأرنست مونيز والذي من المتوقع ان تتخلله شرارات حامية، سوف يكون المعركة الاولى في سلسلة مناوشات بين مؤيدي الاتفاق ومعارضيه لن تبقى محصورة باروقة الكونغرس وقاعاته، بل ستنتقل الى وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وحتى جميع انحاء الولايات المتحدة حيث سيسعى معارضو الاتفاق الى تعبئة الناخبين في الولايات والمناطق التي يمثلها ديموقراطيون في الكونغرس للضغط بدورهم على ممثليهم وخصوصاً أولئك الذين سيدافعون عن مقاعدهم في انتخابات تشرين الثاني 2016. وقد بدأت حرب الدعايات التلفزيونية قبل تسلم الكونغرس الاتفاق. وسوف تنفق “اللجنة الاميركية – الاسرائيلية للشؤون العامة” (أيباك) قوة الضغط الرئيسية المؤيدة لاسرائيل، عشرات الملايين من الدولارات لتمويل حملتها لاسقاط الاتفاق. وسوف تجد في مواجهتها عدداً من المنظمات اليهودية المؤيدة لاوباما وللاتفاق. اللافت هو ان أكثرية الديموقراطيين في مجلس الشيوخ لم تحسم موقفها من الاتفاق حتى الآن، الامر الذي يقلق البيت الابيض من احتمال نجاح الجمهوريين خلال الشهرين المقبلين في اقناع بعض المشرعين الديموقراطيين أو تخويفهم من ان دعمهم للاتفاق قد ينهي حياتهم السياسية. وهكذا فان أوباما والكونغرس امام خيارات صعبة. وحتى لو نجح الرئيس في منع الجمهوريين من الغاء الفيتو الرئاسي، فان فوزه سيكون واهيا، لان رفض الكونغرس الاتفاق سيكون بمثابة رسالة مدوية الى العالم تقول ان ممثلي الشعب الاميركي يرفضون الاتفاق الذي وقعه رئيسهم الضعيف.

هل تغيّر إيران سلوكها بعد الاتفاق النووي فتسهّل انتخاب رئيس وتحلّ أزمة اليمن؟
اميل خوري/النهار/23 تموز 2015

إذا كان للاتفاق النووي انعكاسات إيجابية على المنطقة، كما يعتقد البعض، فينبغي أن تظهر أول ما تظهر في لبنان، فيقرر “حزب الله” حضور جلسة انتخاب رئيس للجمهورية خصوصا بعدما صارت الصورة واضحة وهي ان لا سبيل للاتفاق إلا على رئيس تسوية أو رئيس حيادي كما دعا البطريرك الكاردينال الراعي في قداس عيد مار شربل بتوجيهه نداء الى الكتل السياسية والنيابية “لأن يكونوا على مستوى مسؤولياتهم الوطنية، وأنه بعد سنة وأربعة أشهر تخللتها 26 دورة انتخابية فاشلة بسبب مقاطعة فريق وتعطيل النصاب أصبح من واجب كل فريق إعلان مرشحه الحيادي القادر والجامع لرئاسة الجمهورية، وأن يتوجه الجميع إلى المجلس النيابي بشجاعة ومسؤولية وينتخبوا الرئيس الملائم للبلاد في الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية الراهنة، وأن يكون المسؤولون في لبنان أصحاب قرار جريء شجاع ومتجرد، فيخرجوا البلاد من أزمتها بانتخاب رئيس لكي تعود الى المؤسسات الدستورية حياتها، والى المجلس النيابي شرعية ممارسة صلاحياته التشريعية والرقابية، والى الحكومة سهولة ممارسة صلاحياتها الاجرائية”. وكان الرئيس تمام سلام قد سبقه الى استبعاد الاقطاب الموارنة الأربعة من الترشح لأنهم غير وفاقيين. وإذا كان للاتفاق النووي انعكاساته الايجابية، فالمطلوب من ايران بعد تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية المساعدة على إقامة الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كامل أراضيها، فلا يكون دولة سواها ولا سلطة غير سلطتها ولا سلاح غير سلاحها كي تستطيع تنفيذ القرار 1701 الذي يحصّنها ويعزز استقلال لبنان وسيادته ويحمي كل حدوده ولا سيما مع اسرائيل، وهذا يتطلب من ايران دعوة “حزب الله” الى سحب مقاتليه من سوريا، والتوقف عن تمويل الحزب وتسليحه بعد زوال الأسباب، ويمارس نشاطه السياسي كسائر الأحزاب دونما حاجة إلى سلاح يفرض به ما يريد على الدولة وعلى شريكه في الوطن تعزيزا للوحدة الوطنية والعيش المشترك والسلم الاهلي. وعندها يستطيع الرئيس الجديد وهو في مستهل عهده العبور بنجاح الى الدولة المنشودة وليس استمرار العبور الى فراغ شامل يقبض على مقومات الدولة وحتى على مبررات وجود الوطن. أما إذا كان لإيران بعد الاتفاق النووي “موّال” آخر خلافاً لكل توقّع إيجابي، بحيث تصور نفسها منتصرة من خلال هذا الاتفاق، فتواصل سياسة تغيير المعادلات وموازين القوى بفرض رئيس صدامي يمثل طرفا يتحدى الطرف الآخر وبقوة سلاح “حزب الله” كما كانت تفرض سوريا على لبنان زمن وصايتها عليه رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومات والوزراء وحتى النواب الذين كانت تأتي بهم باسم الانتخابات والديموقراطية الشكلية، فإن إيران بسلوكها هذا تؤكد انها تريد بسط سيطرتها على دول المنطقة بصورة مباشرة أو غير مباشرة باستمرار سياسة إضعاف الدولة وتقوية الميليشيات المذهبية، فتعمل على فرض رئيس للجمهورية ترفضه غالبية اللبنانيين ولا يعود بالتالي أمل في إنهاء الحرب في سوريا والعراق واليمن، فتدخل المنطقة كلها عندئذ في فوضى عارمة وحروب تزيدها “داعش” وأخواتها استعاراً. وإذا كان هذا ما تريده إيران من خلال الاتفاق النووي، فهل تظل تجاريها أحزاب تعتبر صديقة أو حليفة لها في لبنان وتسير في خطها، أم إن بعضها يعيد النظر في موقفه؟ الواقع أن من يستطيع عندئذ إنقاذ لبنان من السيطرة الإيرانية بعد السيطرة السورية هو العماد ميشال عون من خلال تفاهمه مع الدكتور سمير جعجع عبر “إعلان النيات”، وذلك بأن يقرر حضور جلسة انتخاب رئيس للجمهورية بمعزل عن موقف “حزب الله” الخاضع لإمرة إيران، ويصير اتفاق مسيحي – إسلامي على انتخاب رئيس يكون قادراً على مواجهة التحديات والتطورات في لبنان والمنطقة، وتكون إيران أثبتت أنها لم تغيّر سلوكها بعد الاتفاق النووي وهي مستمرة في التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار خصوصا لتفرض سلطتها وهيمنتها عليها من خلال قوى مذهبية تموّلها وتسلحها، كما تثبت أنها لا تريد للبنان الأمن والاستقرار كما صرح غير مسؤول فيها، ولا تريده أن يكون على الحياد لينجو بنفسه بل أن يكون منحازاً إليها. لذلك، لا بد من الانتظار لمعرفة أي سلوك لإيران بعد الاتفاق النووي، فإما أنها تسرع في المساعدة على حل أزمة الانتخابات الرئاسية في لبنان كي يعود الوضع فيه الى طبيعته ويكون قادراً على مكافحة الارهاب بدولة قوية وجيش قوي، وأن تسرع أيضاً إلى حل الأزمة في اليمن لتحقق تقارباً مع السعودية يكون منطلقاً لحل كل المشكلات في المنطقة، وأي سلوك لإيران غير ذلك سيزيد من صب الزيت على النار وفي ذلك خدمة لإسرائيل وللإرهاب.