هدى الحسيني: داعش والإخوان يعملان معًا لمنع استقرار المنطقة//اميل خوري: ما يهمّ لبنان من الاتفاق النووي انتخاب رئيس وتحييده عما يجري حوله

287

ما يهمّ لبنان من الاتفاق النووي انتخاب رئيس وتحييده عما يجري حوله
اميل خوري/النهار/16 تموز /15

إذا كان التوصل الى اتفاق على الملف النووي الايراني أمراً مهماً، فالأهم هو أن يصير اتفاق على تنفيذه تنفيذاً دقيقاً كاملاً لئلا يعود خلافاً يحوّل ايجابياته سلبيات تنعكس ليس على المنطقة وحدها إنما على دول العالم فيكون سبباً لاشعال حروب عوض أن يكون سبباً لاحلال السلام. إن ما يهم لبنان من هذا الاتفاق سواء قبل أو بعد تنفيذه، هو ابقاءه خارج خريطة تقاسم مناطق النفوذ وذلك بالاتفاق على تحييده عن كل ما يجري قريباً منه أو بعيداً عنه كي ينعم بأمن دائم واستقرار ثابت. لقد حمت المظلة الدولية لبنان حتى الآن من امتداد النار السورية اليه فاستمر الامن والاستقرار فيه وإن بنسبة معقولة، وساعد على ذلك مزاج الشعب اللبناني التواق الى عيش هادئ وراحة بال بعد حروب طويلة عبثية ومدمرة عانى منها الكثير، ولولا ذلك لكانت المحاولات المتكررة لتفجير الوضع في لبنان قد نجحت وأشعلت نار الفتنة. وما الحوارات المستمرة بين قوى لبنانية متخاصمة وإن كانت تدور في حلقة مفرغة، وتتخللها خطب وتصريحات نارية متبادلة، سوى الدليل على ان الاستقرار ضرورة لبنانية وحتى دولية واقليمية وكاد تحقيقه ان يكون أعجوبة. فهل الاتفاق على أي لبنان سوف يأتي بالرئيس المناسب، إذ أن أي رئيس ينتخب قبل معرفة أي لبنان نريد أو يراد لنا قد لا يجعله قادراً على الحكم ولا على إقامة الدولة القوية العادلة. وهل تبذل الدول الشقيقة والصديقة التي ساعدت لبنان على دوام الأمن والاستقرار فيه الجهد لتبقيه خارج مناطق تقاسم النفوذ فلا يكون من حصة هذا أو حصة ذاك نظراً الى تركيبته السياسية والمذهبية الدقيقة والحساسة، والتي لا يمكن المحافظة عليها إلا بتحييده، لأن انحيازه الى هذا المحور أو ذاك ينعكس سلباً على وحدته الداخلية وعيشه المشترك وسلمه الأهلي، ويشعل أزمات حادة لا قدرة للبنانيين وحدهم على حلها من دون تدخل خارجي، وهو تدخل قد لا يكون دوماً لمصلحة لبنان بل لمصلحة الدولة المتدخلة. الواقع أن ما يشجع الدول الشقيقة والصديقة على جعل لبنان يعتمد سياسة الحياد هو موافقة أقطاب الحوار بالاجماع على اعتماد هذه السياسة التي وردت تفاصيلها في “اعلان بعبدا”، وهي موافقة كانت ستأخذ طريقها الى التنفيذ لولا الحرب في سوريا ولولا تدخل ايران فيها ما جعل “حزب الله” يشارك فيها ويضع هذا الاعلان على رفّ الانتظار الى حين تنتهي الحرب السورية بحل قد يعجل في بلوغه الاتفاق النووي، بحيث يصير في إمكان “حزب الله” العودة من سوريا والتزام تنفيذ “اعلان بعبدا” في عهد رئيس جديد وحكومة جديدة ومجلس نواب منبثق من انتخابات تجرى على أساس قانون جديد عادل ومتوازن، وهو ما لا يمكن تحقيقه قبل انهاء الحرب في سوريا، ويكون انهاؤها مدخلاً لوضع خريطة جديدة لتقاسم النفوذ على أن يبقى لبنان خارجها، وهو ما تتفق عليه الدول الكبرى ولا سيما الولايات المتحدة وروسيا، محافظة على النموذج اللبناني الذي يحقق العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، ويحافظ على كونه الدولة الوحيدة في المنطقة التي يرأسها مسيحي، وله أهميته ورسالته التاريخية عبر قرون بصفته بلد الطوائف الدينية المتعددة التي تحيا في سلام وفي حق كل انسان في الحرية. وإذا كان تحييد لبنان مرتبطاً بانهاء الحرب في سوريا، فإن تحقيق التقارب السعودي – الايراني مرتبط بانهاء الحرب في اليمن كي يصير في الامكان اعادة النظر في خريطة تقاسم مناطق النفوذ وتنفيذ القرار 1701 كاملاً وحل مشكلة اللاجئين السوريين وغير السوريين. وفي انتظار ذلك، فإن المطلوب الابقاء على لبنان حيّاً باستمرار الحوارات بين الأقطاب، حتى وإن ظلّت “حوارات طرشان” الى أن تأتي ساعة إخراج لبنان من هذا الوضع الشاذ، وتكون ساعة خلاص له ولدول المنطقة. لذلك على الجميع، وهم في حالة انتظار، ضبط أعصابهم والترقب، وتجنب “نوبات” الانفعال والتهور كي لا يزول لبنان لأن زواله خسارة للجميع، وهو وإن كان بلداً واقعه معقّد، إلا أنه كما قال البابا السابق بينيديكتوس السادس عشر في زيارته للبنان “مثال يحتذى لكل المنطقة”.

«داعش» و«الإخوان» يعملان معًا لمنع استقرار المنطقة!
هدى الحسيني/الشرق الأوسط/16 تموز/15

لم يتردد محدثي الدبلوماسي الغربي من إدخالي إلى ليل حالك في اللحظات الأولى من لقائنا. هو عائد للتو من جولة شرق أوسطية وأوروبية. الأوضاع في الشرق الأوسط ذاهبة من سيئ إلى أسوأ. العرب لا يعيشون أزمة، إنما مشكلة جذورها في الثقافة السياسية في العالم العربي وهذه تتغير للأسوأ. لا يتوقع أن تعود سوريا دولة فعالة أو العراق أو اليمن أو السودان أو ليبيا «ضاعت هذه الدول». يقول: «ما يحصل في مصر مهم جدًا. مصير الشرق الأوسط يتقرر على ما يحدث هناك. مصر مرساة الاستقرار الوحيدة في الشرق الأوسط. لقد أنقذها الرئيس عبد الفتاح السيسي إنما ليس إلى درجة حل كل مشكلاتها. لكن لن تنهار. لا يرى حلاً سريعًا لمصر لأن (لا حل لمشكلة الاقتصاد المصري). إنقاذ السيسي لمصر من الانهيار ليس بالأمر الصغير. وإدراكه أن (الإخوان المسلمين) ليسوا فقط أعداء النظام المصري إنما أعداء الاستقرار في المنطقة».

يرى أن تركيا خطر وأن «الإخوان» يشكلون خطرًا على الأردن، على الرغم من المنافسة ما بين «داعش» و«الإخوان» إلا أنهما سيعملان معًا، كما يعملان معًا الآن، وهذا ما لا يدركه الرئيس الأميركي باراك أوباما. ينصح الولايات المتحدة والدول الأوروبية على مساعدة الأردن. يقول: «اليوم كي تتمتعي بحياة جيدة في العالم العربي هناك المغرب والأردن وبعض دول الخليج». لا يرى حلاً للمنطقة، «إنما من وجهة نظر غربية علينا ألا ننظر إلى الذين يعملون الأشياء التي نحبها، بل إلى الذين يجمعهم بنا عدو واحد، وإلى الذين نستطيع أن نعمل معهم. نستطيع أن نعمل مع المصريين والأردنيين والمغاربة والسعوديين، لا نستطيع أن نعمل مع الإيرانيين (النظام) أو مع أي نوع من (الإخوان المسلمين) بمن فيهم النسخة التركية، وبالطبع لا يمكن العمل مع (داعش). إنما مع كل الذين يعتبرون هؤلاء أعداء».

أما من وجهة النظر الأميركية، فإنه يرى أن المشكلة هي في رئيس يرتكب أخطاء. يقول: «إذا نظرنا بموضوعية وسألنا من الذي جعل كل حلفاء أميركا قلقين وكل أعدائها سعداء؟ الجواب: الرئيس أوباما. السعداء إيران. القلقون: السعودية، مصر وحتى إسرائيل».

الاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، لم يعد مهمًا بنظره «لأن الإدارة الأميركية استسلمت. أصبحت إيران بمساعدة أميركا القوة المسيطرة في المنطقة، وبدل أن يستوعب الأميركيون أن العدو هو الإسلام الراديكالي أي المزيج من إيران و(الإخوان) و(داعش)، يركزون على (داعش)». يضيف: «(داعش) هو من الأعراض وليس من جذور المشكلة، ومن أجل مقاتلته تتعاون أميركا مع إيران، لذلك علينا توقع المصائب التي سيتأثر الغرب من تداعياتها». أسأل: لكن ماذا مع التوقيع على الصفقة مع إيران؟ يجيب: «ستحاول إيران أن تكون القوة المسيطرة في المنطقة. ستأخذ الدول بالإنابة، كما فعلت في لبنان وتفعل في اليمن. لم تنجح في السودان لكنها ستحاول مرة أخرى. إنها تبحث وتستكشف أماكن الضعف وتنقض. المؤسف أن الأميركيين سيمولون التدخل الإيراني برفعهم العقوبات. إنهم ضد حلفائهم». يعطي مثلاً: «كادت إيران تأخذ البحرين، أوقفت السعودية التدخل، من انتقد ذلك: هيلاري كلينتون وكانت وزيرة للخارجية». يضيف: «لم تخطئ السعودية بغاراتها الجوية على اليمن. الظاهرة المثيرة أن إيران لم تنتظر حتى 30 يونيو (حزيران) لتزعزع اليمن بتدخلها. لو كانت تحترم أوباما لانتظرت حتى توقيع الاتفاق، لكنها تعرف أنه كان سيوقع مهما كان الثمن».

يركز على إدراك السعودية ومصر للخطر، يقول: «يعرف المصريون أن الخطر هو: إيران، و(الإخوان) والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وكل هؤلاء متصلون ببعضهم بعضا ليس لأنهم يعملون معًا أو يحب أحدهم الآخر، لكن بمجرد أن ينجح طرف فإنه يساعد الآخرين، لأنه يزعزع الدول التي هي ضد».

ثانيًا: لدى السعودية النفط والمال، وإبقاء أسعار النفط منخفضة يؤذي إيران وروسيا. إذا مزجنا استقرار مصر مع أموال ونفط السعودية، وقوة حلفاء آخرين يتم صد العناصر السلبية. يضيف: «إذا أرادت إيران أن تصبح القوة المسيطرة، توقَعي تقاربًا من نوع جديد في المنطقة لأن الأمر الواقع سيفرض نفسه».

حتى قبل توقيع الاتفاق النووي مع إيران، رأى أنها «أخذت العراق» أما في سوريا فإنها «ستتورط» على المدى البعيد، لأن مزيج «داعش» وجبهة النصرة والتنظيمات الأخرى أقوياء إلى حد أنهم قادرون على إبقاء بشار الأسد في منطقة محدودة من سوريا. «إيران لا تكسب هناك، إنما لا تنهار في الوقت نفسه»، ويضيف: «من وجهة نظر غربية أن الواقع الأفضل في سوريا هو استمرار الوضع القائم، لأن البديل كارثي؛ إما انتصار إيران أو انتصار (داعش)، والاثنان أسوأ من الوضع المأساوي القائم». يقول إن الأسد قد يقبل البقاء في منطقة صغيرة من سوريا «هو عكس شاه إيران أو الملك حسين عام 1970، هذان رفضا مقاتلة شعبيهما لأنهما كانا من المذهب نفسه. أما الأسد فيعرف أنه إذا ربح أعداؤه فسوف يذبحون كل العلويين، لهذا هو مستعد أن يقاتل شعبه فالعلويون لن يقاتلوه». ويرى أن النفوذ الإيراني في لبنان قد يتقلص لأن «حزب الله» يُستنزف.

لكن، ماذا عن إسرائيل؟ يقول: «من ناحية إنه أمر سيئ، لأن الأجيال المقبلة ستعيش في منطقة غير مستقرة ويسيطر عليها العنف وهذا ليس بالأمر الجيد، حتى إسرائيل لا ترغب في مناخ سيئ ومسموم»، ولكن من ناحية ثانية إن ما يجري تستطيع تقبله، لأنه لو بقي «الإخوان» في مصر لكانت الأوضاع أكثر سوءًا بأضعاف، «ما يهم إسرائيل هو علاقتها مع مصر. كان هدف الحرب الأخيرة في غزه توريط مصر، لهذا قالت إسرائيل لـ(حماس)، كل ما تريدونه ناقشوه مع مصر ولأول مرة عملت مصر وإسرائيل معًا ضد أميركا».

لكن، هناك اتصالات الآن بين إسرائيل وحماس؟ يستبعد أن تكون إسرائيل مهتمة بمستقبل غزة لأن كل ما تريده ألا تهاجم حماس إسرائيل. إذن هي تتخوف من التهديدات العسكرية الإيرانية؟ يؤكد أنها لا تأخذها بجدية، لأن إسرائيل تعتبر أن إيران عاجزة عسكريًا ولا تستطيع فعل شيء ضدها، يضيف: «لكن إسرائيل لن تهاجم إيران وذلك من أجل الأميركيين، لأن الشعب الأميركي غير مستعد أن يخوض حربًا بسبب إيران، وإذا ذهبت إلى الحرب سيكون لذلك تداعيات على الولايات المتحدة. حتى المنشآت النووية الإيرانية لن تهاجمها إسرائيل لأن الأميركيين يعارضون ذلك بشدة، وإسرائيل تلتزم بسبب العلاقات الأميركية – الإسرائيلية وليس لاعتبارات إيرانية عسكرية».

في هذه الحالة، هل تحاول إيران أن تتحرش بإسرائيل عبر «حزب الله»؟ يقول نعم، إنما إذا اعتقدت أن بإمكانها إبقاء الوضع تحت السيطرة. وتعرف إيران أو بالأحرى جرى إبلاغها وإبلاغ «حزب الله» أنه إذا هاجم الحزب إسرائيل بكل أسلحته فإن لبنان سيختفي، والمفارقة هنا، أن حصول «حزب الله» على كثير من السلاح يشعره بأنه قادر على إيذاء إسرائيل لكن هذا الأمر يردعه أيضًا، لأن إسرائيل ستتضرر حتمًا، إنما تتعافى بعد أشهر، إنما لبنان سيتدمر بطريقة إن عقودًا طويلة لن تنقذه. ولنتذكر ما قاله الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله بعد حرب يوليو (تموز) 2006: «لو كنت أعرف».

أسأله: لماذا يصر الرئيس أوباما على القول إن المعركة مع «داعش» طويلة، ولماذا روسيا متحمسة للاتفاق النووي مع إيران؟ حسب رأيه أن الرئيس أوباما يريد عذرًا لفشله. «داعش» هدف سخيف. أوباما يقاتل الأعراض وليس السبب الحقيقي، بطريقة تقوي الإيرانيين. «إن في أميركا رئيسًا أوروبيًا وهذا أسوأ ما يمكن قوله عن رئيس أميركي». أما حماسة روسيا للاتفاق النووي فلأنه سيئ لأميركا. هو يعطي إيران نفوذًا في الشرق الأوسط وأبعد منه. روسيا تساعد أميركا على إيذاء نفسها.

إذن إيران ستأخذ المنطقة؟ إنها أذكى من ذلك يقول، إذا أراد أحدهم شرب كأس حليب ليس مطلوبًا منه أن يشتري بقرة. ما تتطلع إليه إيران السيطرة وليس الاحتلال، لكنها لن تنجح إنما ستضع مصر في موقف صعب.

النتيجة؟ يقول: «في الحرب العالمية الثانية قال ونستون تشرشل عبارته المشهورة: هذه ليست النهاية وليست حتى بداية النهاية، ربما نهاية البداية. ما أقوله عن العالم العربي إنه لم يدخل بعد بداية البداية وبالتالي لا يزال بعيدًا عن نهاية البداية. لا نرى أي حل»