الراي: لبنان في استراحة ما بين العاصفتين/الحريري يقول كلمته اليوم بعدما رسم نصرالله حدوداً لحركة عون الاعتراضية

305

لبنان في استراحة «ما بين العاصفتين/الحريري يقول كلمته اليوم بعدما رسم نصرالله حدوداً لحركة عون الاعتراضية

بيروت – «الراي/12 تموز/15

هل تكون الهدنة التي دخلها لبنان بعد «الخميس الصاخب» في مجلس الوزراء والشارع بمثابة «استراحةٍ» تؤسس لتفاهمات تعيد ضبط المشهد السياسي تحت «المظلّة الواقية» التي أتاحت له تجاوُز الوقائع اللاهبة في المنطقة بأقل

الأضرار، ام ان الأمر هو مجرّد هدوء «ما بين العاصفتين»؟ هذا السؤال حضر في بيروت امس وسط مجموعة معطيات تضافرت وأوحت بأن «الغضبة» التي فجّرها زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون داخل مجلس الوزراء كما في الشارع الخميس، لن تكون أكثر من «زوبعة في فنجان» في ظلّ المواقف التي صدرت من حلفائه وثبّتت «قواعد اللعبة» لجهة اعتبار الحكومة آخر «جدران الصدّ» امام وقوع البلاد في منزلق الانهيار المؤسساتي، مقابل قراءة اعتبرت ان الاندفاعة السلبية لعون هي في إطار قطع الطريق على مناخ اقليمي – دولي يشي بتحريك تسوية ما في شأن انتخابات رئاسة الجمهورية المعلّقة منذ 414 يوماً.

واعتُبر كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في «يوم القدس» اول من امس التعبير الأكثر وضوحاً عن رغبة الحزب في رسْم حدود لحركة حليفه (عون) الاعتراضية، وإن كان وضع معادلة قوامها دعم زعيم «التيار الحر» ورفض استفراده او إدارة الظهر لمطالبه، وفي الوقت نفسه التمسك بالحكومة وعدم تعطيل عملها «فكلّنا ندرك أن إسقاط الحكومة لأي سبب من الأسباب يعني أن البلد كله ذهب إلى الفراغ. وفي هذا الوضع الإقليمي هذه خطوة خطيرة جداً، لا أحد يريد إسقاط الحكومة ولا تعطيلها الحكومة. لكن كل واحد يريد أن تعمل بشكل صحيح، وضمن الدستور والآليات الدستورية والقوانين، وأيضاً بما يعزز الشركة»، ومشجعاً «تيار المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) على محاورة زعيم «التيار الحر» لان «المشكل الحقيقي هنا»، ومشدداً على ضرورة إطلاق عجلة التشريع في البرلمان.

وقد تم التعاطي مع كلام نصر الله، كما مع المواقف التي أطلقها رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية الذي تمايز عن عون في موضوع تحريك الشارع ضد الحكومة والفيديرالية، على انه إشارة الى استمرار «المكابح» الاقليمية امام سقوط لبنان في فخ الفوضى في غمرة وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق النووي بين ايران والمجتمع الدولي والذي يحتاج الى وقت لتبيان مفاعيله السياسية على صعيد عملية ترسيم النفوذ في المنطقة، من دون إغفال الوقائع التي تشير الى ان انهماك «حزب الله» عسكرياً في سورية وبالتطورات في

العراق واليمن يجعله صاحب مصلحة في إبقاء الوضع اللبناني تحت السيطرة، أقله في الوقت الراهن. الا ان دوائر سياسية بدأت ترسم علامات استفهام، قفزت فوق القراءات التي وضعت ما قام به عون يوم الخميس، بقيادة من صهره وزير الخارجية جبران باسيل، في سياق سباق داخل «التيار الحر» يتصل بانتخابات رئاسة التيار في سبتمبر المقبل والتي يُعتبر باسيل أبرز المرشحين فيها لخلافة عمّه رغم اعتراضات مكتومة قد تخرج الى العلن على شكل ترشيحات بوجهه.

وبحسب هذه الدوائر، فان عون الذي يخوض داخل الحكومة معركة تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش، يشتمّ محاولات اقليمية – دولية متجددة لبلوغ تسوية في الملف الرئاسي ستأتي بطبيعة الحال على حسابه، وهو يحاول استباق اي تسوية بهذا المعنى بالسعي الى رفع أكثر من «بطاقة صفراء» وصولاً الى التلويح بقلب الطاولة على الجميع وحتى فرط النظام، مذكراً بالشعار الذي كان رفعه ابان توليه الحكومة العسكرية الانتقالية (بين 1988 و 1990) «يستطيع العالم سحقي ولن يأخذ توقيعي».

وشكّل كلام الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال اول من امس اشارة بارزة الى محاولة تعويم الملف الرئاسي دولياً اذ اعلن أن «فرنسا قلقة من الفراغ الدستوري الناشئ عن عدم انتخاب رئيس جديد»، معرباً عن «أمل بلاده في أن يتوحّد جميع الفاعلين السياسيين اللبنانيين لاختيار رئيس للدولة». وأضاف: «من غير أن نتدخّل في الحياة السياسية اللبنانية، فإن فرنسا تنشط لتسهيل حصول هذا التوافق وتتحرك مع كل الفاعلين القادرين على تسهيل وجود هذا التوافق».

وتبعاً لذلك، ستشكّل جلسة مجلس الوزراء بعد عيد الفطر الاختبار الفعلي لحقيقة النيات كما لمجمل المسار الذي سيسلكه لبنان، ولا سيما في ضوء إصرار رئيس الحكومة تمام سلام على تسيير العمل الحكومي وفق معادلة «الأولوية للتوافق ولا للتعطيل»، وسط توقعات بان تشهد الايام الفاصلة عن جلسة ما بعد العيد اتصالات لتدوير الزوايا في ما خص آلية عمل الحكومة، وربما جعل موعد 7 اغسطس مفصلياً باعتبار انه سيشهد حكماً بحث ملف تعيين رئيس الأركان في الجيش، وذلك على قاعدة محاولة إقناع عون بإرجاء بتّ قضية قيادة الجيش الى هذا التاريخ، علماً ان اواخر النصف الثاني من سبتمبر هي موعد انتهاء خدمة العماد جان قهوجي. وفي غمرة هذا المخاض، تتجه الأنظار اليوم الى خطاب الرئيس سعد الحريري الذي سيتوجّه فيه الى نحو 15 الف مدعو يشاركون في 14 إفطاراً في بيروت والمناطق، والذي يُتوقع ان يردّ فيه ضمناً على المقاربات «الغريبة» للواقع اللبناني التي طرحها عون في الأيام الأخيرة، متحدثاً بلغة وطنية وهادئة ومكرراً التمسك بالمناصفة المسيحية – الاسلامية وخيار الاعتدال والدولة، وذلك في إطار حرصه على سكب المياه الباردة على «الرؤوس الحامية».