علي رباح: حزب الله وداعش حرب تُعلن ولا تقع//ربى كبّارة/مصالح شخصية تختبئ خلف المطالبة باستعادة حقوق المسيحيين

220

«حزب الله» و«داعش».. حرب تُعلن ولا تقع!
علي رباح/المستقبل/09 تموز/15

قبل أسابيع قليلة، أعلن الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله الحرب على «داعش»، وقال ما حرفيته: «على المستوى النفسي والمعنوي والديني، أن تبدأنا جماعة بقتالٍ أفضل من أن نبدأها نحن بقتالٍ»! . هكذا بكل بساطة أقرّ نصرالله بأنه لم يكن يقاتل «داعش» قبل ذلك. لكنه، وبكل بساطة، لم يقاتل «داعش» بعد ذلك، بل ذهب إلى الحرب في الزبداني! فما سر هذه الحرب التي يتاجر بها «حزب الله» ويعلنها للمرة الألف ويبيعها للشرق والغرب، ولا تبلغ بنادق مقاتليه؟ اللافت في الأمر أن تنظيم «داعش» الإرهابي يحتل مركز الاهتمام الإعلامي في الحرب العالمية على الإرهاب، ولذلك يحلو للسيّد أن يوهم المسيحيين بأنه يخوض في سوريا حرباً مقدسة لحمايتهم منها. ويحلو له أن يصوّر للغرب أنه يفتدي العالم لتخليصه من هؤلاء البرابرة. لكن طوال عامين، كان «حزب الله» يواجه بالإنكار الملاحظة العينية بأنه لم يخض معركة واحدة ضد «داعش»، على الرغم من التماس بين مقاتليه ومقاتلي التنظيم في أكثر من جبهة، لاسيما في ريف حلب. و»يصدف»- مجرد مصادفة- أن يجد السيد نصرالله نفسه في خندق واحد مع «داعش»، في حرب على عدو مشترك، من دون أن تخرج من مقاتليه رصاصة طائشة باتجاهه. و»يصدف»- مجرد مصادفة ايضاً- أن يمر «داعش» على طريق خاضع لسيطرة النظام و«حزب الله» ليصل إلى مناطق الثوار التي لا يسمح النظام بدخول الماء والهواء إليها، في شرق حلب ومخيم اليرموك والقلمون، ولا يقع أي صدام. تطورات القلمون الميدانية جعلت نصرالله يعلن الحرب التي كان يزعم أنها قائمة بالفعل. لكن منذ ذلك الخطاب لم يرد في إعلام «حزب الله» خبر واحد عن أي اشتباك جدي بينه وبين «داعش». ما سرّ حرب «حزب الله» مع «داعش» التي تُعلن ولا تبدأ؟ لماذا يحارب «حزب الله» كل الفصائل المسلحة في سوريا إلا «داعش»؟ ولماذا يتاجر بهذه الحرب التي لا تقع ابداً؟

أقرّ السيّد قبل عامين بمشاركة حزبه في القتال في سوريا. قاتل بداية أهالي «القصير» وهجّر أهلها ولم يُبقِ حجراً على حجرٍ فيها، وكان ذلك بحجّة حماية القرى الـ5. وما لبث ان انتقل لمحاربة «الجيش الحر» في ريف دمشق بحجّة حماية مرقد السيّدة زينب، قبل أن يدخل في معركة تدمير داريا بحجّة حماية مرقد السيدة سكينة. وبعدها وسّع «حزب الله» مشاركته في قتال الشعب السوري مع تغيير وتبديل في الحجج. قاتل أهالي المرج والعتيبة وحران العواميد وحتيتة التركمان والقاسمية وأوتايا ودوما وغيرها من مناطق الغوطة المحاصرة حتى هذه اللحظة. كما دخل الى سرغايا ونصب الصواريخ والمدافع المُصوّبة منذ يومها باتجاه الزبداني. واتّجه جنوباً لقتال «أعداء المقاومة» في بصرى الشام وخربة غزالة وإزرع في درعا. وكرّس جهود مقاتليه في تدمير كامل مدينتي حلب وحمص، هناك حيث نقل إعلام الممانعة مشاهد لسيارات عسكرية إسرائيلية بيد المعارضة ! كل ذلك ولم يكن على مساحة سوريا راية سوداء واحدة. بل رايات «حزب الله» السود والخضر والصفر، وشعاراته المذهبية، رُفِعَت في المدن السورية قبل شهور من تعرّف العالم على تنظيم إرهابي اسمه «داعش».

بعد أن فقد «حزب الله» والأسد ومن خلفهما إيران، الأمل في إخماد الثورة، كان لا بدّ من عامل «شيطنة» لضرب الثورة. برز في منتصف عام 2013 خبر «فرار» مئات السجناء من عناصر «القاعدة« من سجن أبو غريب. تحدّث حسن الشمري، وزير العدل العراقي آنذاك، عن تورط «رؤوس» كبيرة في حكومة المالكي بتسهيل فرارهم لغرض تقوية النظام السوري من خلال تقوية «داعش»، لترهيب واشنطن من اي ضربة عسكرية ضد نظام بشار. وتحدثت قوى سياسية عراقية عن وجود اتفاق لتهريب السجناء بين الحكومتين العراقية والايرانية لدفعهم الى سوريا. وكشف تقرير سري للجنة التحقيق النيابية الخاصة بهروب سجناء ابو غريب عن تورط كبار الضباط في العملية التي جرت خلال 10 دقائق، مدة انقطاع التيار الكهربائي عن السجن. عملية فرار المئات من عناصر القاعدة في «ابوغريب» سبقتها عملية مماثلة، قيل انها أدّت الى فرار ابو بكر البغدادي ومجموعة من معاونية من سجن تكريت عام 2012 تزامناً مع «فرار» عشرات الاسلاميين من سجن صيدنايا في سوريا ! هذا ليس كل شيء. فتنظيم «داعش» الارهابي، اعترف بأن انسحاب القوات العراقية من الموصل في حزيران 2014 «لم يكن في الحسبان«. وأكد في شريط فيديو عنوانه «عام على الفتح«، أنه دخل إلى الجانب الأيسر من المدينة وهو «خال من القوات الرسمية«.

عملت إيران في هذا الوقت على استثمار سيف «داعش» بتوجيه رسائل الى اسرائيل والغرب عبر ماكينة اعلامية نشطة وضخمة. كما كتبت أقلام غربية تدور في فلك اللوبي الايراني الناشط في الغرب، متوجهة للرأي العام الغربي: «ايران تمثل الاسلام الراقي..و«داعش» وآكلو القلوب يمثلون الآخرين»! هكذا استثمرت «الممانعة» بـ«داعش» الذي قاتل الجيش الحر ونفذ عشرات العمليات الانتحارية في مناطق نفوذ المعارضة. وهكذا خرج نصرالله ليُخيّر العالم بين الاسد وبين هذا التنظيم الارهابي الذي يمثل «خطرا وجوديا» على أمم الأرض. هكذا ايضا حذّر السيّد السعودية والكويت و»الدول السنية» من سيف «داعش»، وها هي «رؤيته» تتحقق، حيث فجر «داعش» مساجد للشيعة في السعودية والكويت، الا انه فشل في نقل الحروب المذهبية الى الجزيرة العربية. ليس هناك اي فصيل مسلح على الأرض السورية لم يخض معركة مع «حزب الله» باستثناء «داعش»، في حين أن «داعش» نفسه يستأثر بكل الحشد والتجييش في إعلام «حزب الله». هناك من لا يريد محاربة «داعش»، بل يريده فزاعة ترعب الغرب من «الارهاب السني»، ليتاجر بها وليبيعها للمسيحيين محليا، وللمجتمع الدولي، علّه ينجح في استدراج عروض لتوكيل إيران بدور شرطي المنطقة. نصرالله أعلن بدء المعركة على «داعش» في القلمون؟ نعم، لكنه انطلق في حربه على اهالي الزبداني!

 

مصالح شخصية «تختبئ» خلف المطالبة باستعادة حقوق المسيحيين
ربى كبّارة/المستقبل/09 تموز/15

لطالما شكّل شعار «استعادة حقوق المسيحيين المسلوبة» المزعوم بيرق النائب ميشال عون المفضل الذي يتلطى به ليحقق مصالح شخصية او عائلية او حتى حزبية. فتهديده، الذي يترجم عمليا اليوم، بالتحركات الشعبية، مع ما تختزنه من مخاطر، هو الوسيلة الوحيدة المتبقية له للاسراع بتحقيق نجاحات موهومة قبل ان تستفيق المنطقة على متغيرات تعقب التوافق الايراني – الغربي على الملف النووي، او تعقب انهيارا مفاجئا للنظام السوري. فعون يسعى حاليا الى شلّ الحكومة بذريعة فرض تعيين قائد جديد للجيش، هو فعليا صهره، بندا اول على جدول اعمال مجلس الوزراء الذي اناط الدستور برئيس الحكومة وضعه وإطلاع رئيس الجمهورية عليه. وهو يريد للوزراء جميعهم ان يكونوا رؤساء جمهورية بمعنى ان يوافقوا على جدول الاعمال وإلا فتعطيل آخر مؤسسة شرعية عاملة. اذ ان كرسي الرئاسة الاولى ما زال شاغرا منذ ثلاثة عشر شهرا بسبب تمنع عون وحلفائه عن النزول الى البرلمان الا لانتخاب عون. اما البرلمان فشبه مشلول مع تحوله الى هيئة ناخبة بحيث اختلف الفرقاء على دوره التشريعي، أيكون معدوما او يصبح مقبولا عند الضرورة؟

فمنذ اسابيع بدأ عون بتجييش انصاره لمواجهة سرقة حقوقهم من قبل تيار «المستقبل»، محملا «الاعتدال السني منفردا مسؤولية خسارة المسيحيين مكتسبات كانوا يتمتعون بها في الجمهورية الاولى«، رغم ان الغالبية من كل الطوائف تتوافق على ضرورة اعادة النظر في امكان موازنة بعضها عندما تكون الظروف طبيعية والمواطنون متساوون لا يحمل فريقا منهم سلاحا يشهره في وجه الآخرين. وفيما تضج المنطقة بمواجهة سنية – شيعية، ساخنة في مواقع وباردة في مواقع اخرى، يندرج تركيز عون على «تيار الستقبل» وصولا الى وصمه «بالداعشية السياسية» في اطار نقل المواجهة الى تقابل سني – ماروني بما يخدم مصالح «حزب الله» في الابتعاد عن مواجهة مذهبية ويسمح له بالانخراط الكامل الى جانب بشار الاسد، وفق سياسي لبناني متابع اقرب الى الوسطية منه الى فريق 14 او 8 آذار. فلو ان عون يسعى فعلا الى تحسين مشاركة المسيحيين في الدولة لكان مثلا استغل فرصة مشاركته بحصّة وازنة في حكومة حليفه «حزب الله» السابقة التي رأسها نجيب ميقاتي. كما ويصب اتهام شركاء في الوطن بـ»سرقة» حقوق المسيحيين في مصلحة دعوة «حزب الله» الى مؤتمر تأسيسي يحل محل «اتفاق الطائف« ويستند الى المثالثة بدلاً من المناصفة. فالتيار «الوطني الحر« يفضل بوضوح «مثالثة فعلية على مناصفة دفترية» خصوصا وان الكلام عن ضرورة مؤتمر تأسيسي بات شائعا في الوسط المسيحي، وفق المصدر نفسه.

كما وان تفرده المزعوم باستعادة الحقوق المسلوبة يحرج المسيحيين الآخرين، سواء كانوا من الحلفاء او الخصوم، ومن بينهم من لا يتبنى اتهاماته بل يعارضها بالكامل. فورقة اعلان النوايا مع «القوات اللبنانية« أنجزت لتخدم استقرار البلد، لكن عون وضعها في خدمة استقرار وضعه السياسي. فالمؤشرات تدل على ان هذه فرصته الاخيرة لتحقيق غاياته الشخصية قبل انجاز توافق نووي آت وإن تأخر توقيعه لغايات التسويق الداخلي في إيران والولايات المتحدة، او قبل انهيار مفاجئ للنظام السوري..

لكن مخاطر استخدام عون للشارع تبقى واردة رغم اختلاف الاوضاع عما كانت عليه في 23 كانون الثاني عام 2007 عندما قام انصاره بقطع طرق لم يتدخل الجيش لفتحها، بما اضطر المواطنين الى القيام بالعمل. ويذكر المصدر ان عون لم يكن وحيدا حينها بل كان «حزب الله» الى جانبه في الطرقات، فيما ان الحزب الراغب حاليا في الحفاظ على الاستقرار قد يوافق على «زعزعة مضبوطة» إرضاء لحليفه خصوصا عبر رفد تحركاته بـ«سرايا المقاومة». كما وان الجيش من المتوقع ان يكون بالمرصاد لأي تحرك داخلي يلهيه عن التركيز على المواجهات العسكرية التي يخوضها شرقاً في مواجهة تمدد الارهاب.