سابين عويس: عون خسر قيادة الجيش وصلاحيات المسيحيين الرئاسية//روزانا بومنصف: لا عوامل ضاغطة خارجياً لإنهاء الشغور وما بعد النووي مزيد من تأجيل؟

268

سلام مارسَ صلاحياته ومشى… وجولة جديدة الخميس عون خسر قيادة الجيش وصلاحيات المسيحيين الرئاسية
 سابين عويس/النهار/4 تموز 2015

لم يكد رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون ينهي تهديداته أمس بالتفجير ومناهضة الحكومة التي اتهمها بتجاوز صلاحيات الرئيس، حتى عاجله رئيس الحكومة تمام سلام بدعوة مجلس الوزراء إلى جلسة تعقد الخميس المقبل، بما أعطى إشارة واضحة الى أن سلام، وفي إطار دفاعه عن صلاحياته، قرر خوض المواجهة مع عون. على غير عادته، وجه رئيس الحكومة الدعوة إلى الوزراء يوم الجمعة بدلا من السبت ليثبت أنه حسم خياره في تفعيل عمل حكومته ومنعها من السقوط في دائرة الشلل والتعطيل تحت ضغط تهديدات عون، لإدراكه أن الاخير سيصل إلى مرحلة يقف فيها وحيدا في معركة أبرزت مواقفه ومواقف وزيريه في الحكومة على أنها لا تخدم إلا حساباته الرئاسية. فـ”حزب الله”، الحليف الاستراتيجي لعون لم يخذله في مسألة التعيينات، لكن إحراجه بدا واضحاً، كما شعر الوزراء خلال الجلسة الاخيرة حيال إدارة عون لمعركته الرئاسية. في حسابات الربح والخسارة، بدا واضحاً أن سلام كان الرابح الاكبر، إن من حيث إدارته لها، أو من حيث حمايته لصلاحيات الرئاسة الثالثة، بحيث كان ضابط إيقاع المناقشات والمُمسك بطرح المواضيع وصولا إلى قرار رفع الجلسة والمغادرة. وينطلق سلام من حيث إنتهت الجلسة، من يستعد لإدارة جلسة مقبلة لا تقل حدة ومواجهة، لكنه سيدخلها متسلحا بتعاطف وإحترام عدد كبير من المكونات الحكومية التي ستؤمن له الغطاء لتسيير شؤون البلاد، ولو بالحد الادنى.

وفي حين تستبعد مصادر وزارية أن يحمل جدول أعمال الجلسة المقبلة الذي سيستكمل ما وصل اليه جدول اعمال الجلسة السابقة، بنودا خلافية، وذلك لسحب فتيل التفجير الذي يهدد به عون الجلسة، أشارت إلى ان سلام والوزراء قد سحبوا صاعق التفجير من يد عون، أقله في التعامل مع الدستور. وذكرت هذه المصادر أن عون لن ينجح في إثارة موضوع المرسوم الاستثنائي بعدما سبق لمجلس الوزراء ان سجل سابقة في شأن التوقيع وكالة عن رئيس الجمهورية. فذكرت بأن وزيري “اللقاء الديمواقراطي” كانا إعترضا على توقيع مرسوم تعيين اعضاء لجنة الرقابة على المصارف، وقد تحفظ إلى جانبهما 4 وزراء، ورغم ذلك أخذ المرسوم طريقه إلى التنفيذ. وهذا يعني ان تحفظ مكونين سياسيين في الحكومة لن يوقف مرسوم الدورة الاستثنائية. وكشفت ان 9 وزراء وقعوا على المرسوم فيما طلب بعض الوزراء المسيحيين التريث من دون ان يرفضوا. أما في مسألة صلاحيات الوزير في طرح المواضيع المتعلقة بوزارته، فقد سجل رئيس الحكومة سابقة ايضا عندما إستأذن وزير الدفاع من أجل الكلام في موضوع عرسال الذي هو في صلب صلاحياته.وهذا يعني أن طرح اي وزير لأي ملف خارج نطاق وزارته لا بد أن يحظى بموافقة هذا الوزير ورعايته، وهذه لم تكن ولن تكون حالة طرح وزيري عون لموضوع تعيين قائد جديد للجيش. في موازاة حسابات الربح، حسابات خسائر مني بها عون الذي تجاوز الاعتبارات الدستورية وصلاحيات رئيس الحكومة، تحت شعار الحفاظ على حقوق المسيحيين وصلاحيات رئيس الجمهورية، فقد أطاحت إدارة وزيري التيار للمناقشات الحكومية هيبة الرئاسة والمسيحيين، كما قال أحد الوزراء، كاشفاً أن قيادات عونية أجرت إتصالات ببعض الوزراء معربة عن إستيائها مما حصل في الجلسة ومؤكدة أن موقف الوزيرين جبران باسيل والياس بو صعب يأتي وفق توجيهات عون، ولكنه لا يعبر عن رأي كل من في التيار، وأن ثمة فريق كبير من العونيين يرفض تحميل التيار مسؤولية تعطيل الحكومة. في أي حال، وفيما تتجه الانظار إلى ما ستحمله الايام الفاصلة عن الجلسة المقبلة للحكومة، فإن معادلة الاستقرار التي أرساها الحوار السني – الشيعي أكدت، ولا سيما عندما تزامنت الجلسة الحوارية الاخيرة مع الجلسة الحكومية، أن قرار تفعيل العمل الحكومي او تعطيله يبقى في يد طاولة عين التينة التي تحرص على إدارة شؤون البلاد في السياسة كما في الامن، تحت عنوان منع الفتنة وحماية الاستقرار الداخلي.

لا عوامل ضاغطة خارجياً لإنهاء الشغور وما بعد النووي مزيد من تأجيل؟
روزانا بومنصف/النهار/4 تموز 2015

ما الذي سيلي التوصل الى اتفاق بين مجموعة الدول الست اي الخمسة الكبرى زائد المانيا مع ايران حول ملفها النووي؟ هل سيفتح ملف سوريا او يفتح ملف لبنان اولا؟ هناك ملفات اخرى على حد السكين في المنطقة بين ايران والمملكة السعودية كاليمن مثلا، لكن بالنسبة الى هذا الجانب المتعلق بالعراق وسوريا ولبنان فانه من غير المرجح ان يكون العراق على الطاولة لاعتبارات عدة في حين ان موضوع سوريا يشكل قلقا مضنيا لكل من الدولتين الاقليميتين وسائر دول الجوار. فمع ان ثمة موجات متفاوتة حول احتمال ابرام اتفاق قريب بين الدول الغربية وايران، الا ان الاكثر ترجيحا هو ان يتم هذا الاتفاق بعدما حدد موعد جديد لانتهاء المفاوضات في 7 تموز الحالي او حتى لو تم تمديد آخر لاسبوع او لعشرة ايام. فهذا يبدو بمثابة المسلّم به على رغم ان آلية التنفيذ ستستغرق بضعة اشهر ولن تطوى الصفحة كليا بمجرد توقيع الاتفاق. وتاليا فان ما بعد هذا الاتفاق يتمحور على ما اذا كان سيتم العمل على البدء بالموضوع السوري باعتباره أكثر حيوية واهمية بالنسبة الى اطراف اقليميين عديدين كما بالنسبة الى الولايات المتحدة وروسيا، وتاليا يترك لبنان الى ما بعد بلورة تفاهم على الوضع السوري ام انه سيعمد الى البدء بموضوع لبنان انطلاقا من انه الاكثر سهولة وربما يمكن الانتهاء منه بوقت اقصر مما قد تستغرقه المفاوضات حول مستقبل سوريا.

لا اجابة واضحة او محتملة حتى الآن استطاع المهتمون استطلاعها او معرفتها حتى من رؤساء البعثات الديبلوماسية المؤثرة انطلاقا من ان الامر قد يكون رهنا بجملة اعتبارات دولية واقليمية قد يكون ابرزها مدى الاستعداد الاميركي الروسي لتخطي العلاقات المتوترة بينهما فضلا عن تداعيات الوضع السوري ومدى الخطورة التي بات يحملها في ضوء المخاوف من انهيار مفاجىء لنظام بشار الاسد. وليس خافيا ان ثمة رهانات قد لا تكون حاسمة لدى هذا الطرف السياسي او ذاك لكن هناك رهانات تذهب بالبعض الى الاعتقاد ان ما بعد الاتفاق النووي سيسمح لمحور ايران ان يخرج قويا مما يسمح له بفرض شروطه على الآخرين بما فيها تكريس موقع الرئاسة الاولى لفريق معين في حين يراهن بعض آخر في المقلب الثاني على ان اعطاء ايران في ملفها النووي سيتيح الاخذ منها في لبنان بحيث يحصل توافق على جملة الاستحقاقات الداخلية. لكن واقع الامر ان هؤلاء المهتمين وجلهم ممن هم على صلة وثيقة بالمعلومات او المعطيات المتداولة على الصعيدين السياسي والديبلوماسي يخشون ان يؤجل موضوع الاستحقاقات اللبنانية التي يتقدمها موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية في ضوء عوامل عدة قد يكون ابرزها ان ليس هناك ضغطا ملحا من جانب لبنان او من جانب افرقاء محددين فيه من اجل العمل بقوة على انهاء الشغور الرئاسي من اجل وضع الازمة فيه على الطاولة انطلاقا من ان رئيس الحكومة تمام سلام يقوم بعمل جيد ومطمئن ومريح ما يضمن الاستقرار وعدم القلق من تداعيات درامية في البلد. فثمة من يقول مازحا في هذا الاطار ان العمل الجيد الذي يقوم به سلام بات لا يثير الحاحا من القوى المسيحية خصوصا للذهاب الى الانتخابات، علما ان ثمة من يقول بجدية في هذا الاطار انه في ظل الوضع الشديد التأزم في المنطقة وتصاعد التيارات المتطرفة فان وجود رئيس حكومة سني معتدل يبدو مريحا في ظل عدم القدرة على التوافق على رئيس للجمهورية والاصرار على مرشحين معينين من غير المحتمل الا يشكل وصولهم استفزازا بطريقة ما لهؤلاء المتطرفين في ظل المعطيات الراهنة.

ومع ان التطورات الاخيرة المتصلة بتعطيل الحكومة تثير تساؤلات عما اذا كانت يمكن ان تدفع نحو تأزيم اكبر خطير او الى تأزيم تنتج عنه حلحلة، فان الخارج يتعاطى مع ما يجري في لبنان بالجملة وليس انطلاقا من تفاصيل تتعلق بتعيين هذا او ذاك في قيادة الجيش الآن او بعد حين. فهذه تفاصيل لا تحجب الصورة الكلية التي تخلق ارتياحا لدى الخارج بحيث قد يعتبر كثر ان الوضع المستقر تحت سقف معين قد يتيح او يحتمل التأجيل خصوصا ان بعض الافرقاء يرصد التطورات الاقليمية المتعلقة بسوريا ومعرفة ما سترسو عليه الامور قبل بت الوضع اللبناني، على رغم الاعتقاد الواسع انه ايا تكن الحال فانه سيكون متعذرا المجيء برئيس ينتمي الى فريق معين وفق ما تستمر عليه التجاذبات الداخلية حتى الآن. أضف الى ذلك ان عدم التوافق المسيحي من جهة وعدم الاستعداد للتسوية على هذا الصعيد من جهة اخرى يُفقد الدول المهتمة كفرنسا والفاتيكان مثلا ورقة مهمة للضغط في اتجاه أولوية الملف اللبناني على الملف السوري باعتبار ان الوسطاء في حال قاموا بالوساطة او متى قاموا بها لا يملكون أوراقا ضاغطة من الداخل المسيحي واللبناني. ويعيد المهتمون المعنيون الى الاذهان ان الموفد الفاتيكاني الكاردينال دومينيك مومبرتي الذي زار بيروت أخيرا لم يحصل من الافرقاء المسيحيين خصوصا على ما قد يسهل مهمته من أجل محاولة تأثير الفاتيكان في الخارج. ولهذه الاعتبارات وسواها فإن الرهان على حلول في ايلول تبدو معبرة عن تمنيات أكثر منها عن حقائق او معطيات ملموسة في انتظار بروز معطيات اخرى تدفع في الاتجاه المعاكس.