ايلي الحاج: الاستطلاع الرئاسي لعب على الحافة//غسان حجار: الاستطلاع انتصاراً لعون وجعجع معاً

293

الاستطلاع الرئاسي لعب على الحافة
 ايلي الحاج/النهار/30 حزيران 2015

في الفراغ السياسي يصير اللاشيء حدثاً يُحتفى به، وما بدا مزحة تناقلها جلّاس الصالونات والمقاهي تحوّل عناوين صحف ونشرات. هكذا بعد انتظار شهور لإعلان “ورقة النوايا” من الرابية يسأل المهتمون بالشأن العام بعضهم بعضاً هذه الأيام ما أخبار الإستطلاع الذي سيجريه “التيار العوني” على المسيحيين حصراً من أجل تحديد من هما الزعيمان الأقوى بين الموارنة لدعم ترشيحهما للرئاسة. حتى هنا لا جديد تحت الشمس لكن حواجب سياسيين ترتفع عندما يؤكد زميل لهم قريب من الجنرال ميشال عون أن زيارة الدكتور سمير جعجع لغريمه السابق ما كانت لتتحقق لولا اتفاقهما على القبول بنتيجة الإستطلاع باعتباره آلية للوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية. يسارع هؤلاء السياسيون إلى ملاحظة أن لا شيء يدل في السلوك السياسي لرئيس “القوات” بعد إعلان “ورقة النوايا” على أنه يمكن أن يقبل بما يخالف اقتناعاته الأساسية، لا بل يبدون إعجابهم بمهارته من غير أن يخفوا جهلهم بتفاصيل ما يذهب إليه في علاقته المستجدة بالجنرال عون. يلاحظون أيضاً أن عون لم يبتعد قيد أنملة عن الخندق السياسي الذي يتمترس فيه مع حليفه “حزب الله”، ليؤكدوا أن من رابع المستحيلات الوصول إلى نقطة يؤيد فيها جعجع ترشيح عون للرئاسة، ولو على سبيل المناورة سواء لحشره أو لحشر حلفائه في قوى 8 آذار الذين يُقال إن بعضهم ليس صادقاً في تأييد ترشيحه، فهذه لعبة يدرك رئيس “القوات” خطورتها وليس ما يمنع “حزب الله” من الضغط على من حوله وحتى بعض الوسطيين في البرلمان من أجل إيصال رئيس إلى بعبدا يدين له بالولاء. ما يفعله جعجع وفق هؤلاء أنه يتقرب من جمهور الجنرال وليس من الجنرال نفسه. يسأل أحدهم عن افتراض حصول ما ليس محتملاً حتى اليوم، أي تأييد رئيس “القوات” لترشيح غريمه السابق نزولاً عند “إرادة غالبية المسيحيين” التي ستصب لمصلحة عون ما دامت الشركة التي ستتولى الإحصاء ستكون مكلفة بذلك من “التيار العوني” نفسه، هل يبقى الدكتور جعجع في هذه الحال مرشح قوى 14 آذار الرئاسي، أم تتجه هذه القوى إلى تأييد ترشيح غيره، الرئيس أمين الجميّل على سبيل المثال، أم تقرر القوة الأكبر في التحالف مسايرة الوضع الناشئ لئلا تُتهم بأنها تحول دون تحقيق رغبة الشركاء المسيحيين وعلى قاعدة أنها هي أيضاً قادرة على التفاهم مع عون، على غرار ما فعلت قبل تشكيل “حكومة المصلحة” برئاسة الرئيس تمام سلام؟ والسؤال يجر السؤال ويطرح نفسه في هذه الحال: هل اللبنانيون وحدهم يقررون في موضوع بخطورة تسليم أعلى موقع في السلطة إلى حليف حليف لإيران، حتى قبل جلاء نتائج المفاوضات النووية معها؟ أياً يكن، يبدو أن هناك من يلعبون على الحافة، والناس يعتقدون أن لا شيء يحصل في لبنان غير الملل.

استطلاع انتصاراً لعون وجعجع معاً
 غسان حجار/النهار/30 حزيران 2015

قرأت أمس تصريحاً للوزير السابق جان عبيد قال فيه “إنه غير معني بالترشيحات والترجيحات والاستطلاعات المتصلة بالمعركة الرئاسية. وأكد مجدداً انه لم يعلن ترشحه حتى الآن لمنصب رئاسة الجمهورية لغياب فرصة كريمة لمرشح مستقل وتوفيقي مثله، وبسبب حدة التنافس والصراع في البلاد بين الاطراف المختلفة”. ربما جاء التصريح والتوضيح رداً على ما صرح به رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لـ”النهار” امس، عندما قال ان استطلاع الرأي الذي دعا اليه العماد ميشال عون يؤكد المؤكد، اي القوتين المسيحيتين، ويقصد بهما “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، او ربما “القوات” قبل “التيار” بعدما افادت شركة استطلاع واحصاء مسؤولين في “القوات” ان الحزب يتقدم في السنوات الأخيرة بنسبة مرتفعة أكثر من التنامي في الأوساط العونية. وفي الحالين، يخرج جعجع منتصراً، فهو اما ان يحل أولاً، وفي هذا انتصار عظيم، او ان يحل ثانياً بفارق قليل يكرسه الزعيم الثاني مسيحياً، وتالياً المرشح الاول اذا ما خسر عون فرصته الرئاسية. وهذا الأمر تحسب له أمس النائب سليمان فرنجيه بقوله ان مرشحه سيبقى عون باستطلاع أو من دونه، وهو بذلك “حفظ خط الرجعة”.

واذا كان حزب الكتائب اللبنانية أول المتضررين والمعترضين، بسبب محاولة القوتين المسيحيتين اقصاء الرئيس أمين الجميل من لائحة المرشحين، رغم قيام الأخير بجولات وصولات كانت آخرها زيارته البقاعية السبت وارتداءه عباءة زعامة عشائرية مستعارة، فإن لائحة المتضررين تطول، ولعل أبرزهم المستقلون الذين تحاول منظومة الأحزاب القضاء عليهم وتهميشهم، في محاولات مستميتة لدفعهم الى احضان الزعماء والأحزاب، سواء كانوا من السياسيين المرشحين للرئاسة أو للنيابة أو لأي موقع آخر، أو الشباب الذين يفتشون عن عمل، فـ”الكوتا” موزعة على السياسيين في لعبة قذرة يتفق فيها المسؤولون سواء انتموا الى هذا المعسكر أو ذاك، من دون اعتماد الكفاءة غالباً، بل يصبح المعيار الولاء للزعيم والقائد والولي. هكذا يفيد عون وجعجع من نتائج استطلاع ارتضيا به مبدئياً، وربما لن ترضي نتائجه أحدهما، ليقصيا كل مرشح ثالث غيرهما، فيتأكدان معاً من اخراج قائد الجيش من الحلبة اذ لا يجوز طرح اسمه بين مرشحين انطلاقاً من موقعه الوظيفي، وبالتالي فإنه لن ينال تأييداً في الاستطلاع، اما فرنجيه فاحتاط للأمر مؤيداً عون حتى لا تتحرك الماكينة العونية لشطبه وتعميق التباعد في وجهات النظر، وسيضمن جعجع شطب الوزير السابق جان عبيد من اللائحة خصوصاً مع اعلانه عدم ترشحه حتى الآن، ولن يكون في وسع الحاكم رياض سلامه إحداث اختراق شعبي، ومثلهم كثيرون ممن لم يعلنوا ترشيحهم، إذ لا يمكن الاستطلاع ان يشمل كل اسماء الموارنة الطامحين لأنهم، ربما، بعدد الموارنة الا قليلاً! هكذا يحقق عون وجعجع انتصارهما الأول معاً.