فاطمة حوحو: ماذا بعد انتخاب فرنجية لرئاسة المجلس الوطني//أسعد حيدر: ويل للعالم من داعش

282

ويل للعالم من داعش
أسعد حيدر/المستقبل/30 حزيران/15
أثبت تنظيم «داعش» في السنة الثانية لولادته (29 حزيران2014)، أن حدود «دولة الخلافة الاسلامية»، مفتوحة على العالم، وليست محدودة من حلب في سوريا الى ديالى في العراق فقط. في سنة واحدة من الارهاب والقتل كما لم يعرف العالم، تمكن «داعش» من السيطرة على نصف سوريا ومعظم حقول النفط والغاز فيها، كذلك في العراق. تعمد «داعش» أن يرهب العالم، مستخدماً كل التقنيات الاعلامية ونجح في ذلك. بعيداً من هذا الزحف الأسود بفكره، والأحمر بدماء الأبرياء قبل المسلحين، فإن سؤالاً كبيراً طرح نفسه في الميلاد الثاني: لماذا أعلن التنظيم ولادته الثانية على مساحة ثلاث قارات، فارضاً بذلك إعادة القوى الكبرى لحساباتها منه وهو الذي كان قادراً على التمدد أكثر فأكثر تحت طائرات التحالف التي لا تصنع نصراً ولا تنهي تنظيماً بحجم «داعش»؟
سقوط سوريا والعراق أولاً تحت «سواطير» «داعش»، له أسبابه الذاتية والموضوعية. العراق انتهى منذ فكك الأميركيون الجيش العراقي وقبلوا بإعادة بنائه على أيدي قيادات مذهبية وفاسدة. النظام «السلطوي» لآل صدام حسين والتكارتة وبيت الأسد وكل المافيات المالية والمذهبية «صحّرت» الدولتين وأنضجت تحولهما الى دولتين فاشلتين قبل أن تصبحا فعلاً. حالة العراق وسوريا قبل ولادة «داعش» كانت مثل حالة موت معلن، فجاء «داعش» وكانت الكارثة. (ستمر سنوات طويلة في دراسة الأسباب التي نهضت بتنظيم «داعش» وتركيبتها المشكّلة من خليط لم يكن من السهل جمعه لولا الكثير من الاحباط العام واليأس الشعبي والخوف المذهبي. في سوريا تُرك السوريون «عراة» تحت البراميل المتفجرة وقبلها السلاح الكيماوي، وما زالوا حتى اليوم وهم مطالبين بأن يجدوا حلاً غير مضمون مع النظام الأسدي.
خطر «داعش» الكبير، أنه يسعى ويعمل جاهداً بالترهيب والترغيب على اعادة بناء المجتمع حيث يتواجد. تشكيل تنظيم «أشبال الخلافة» واعادة برمجة النظام التعليمي ونسق الجهاز التعليمي، كل ذلك يؤهل لتحويل «داعش» من ظاهرة الى نظام يتطلب الكثير من الحروب لإنقاذ الملايين منه. «الإدارة الأوبامية» تعاملت مع «داعش» على قاعدة أنه تنظيم ارهابي داخلي. بعكس تنظيم «القاعدة»، الذي وُلد لضرب الغرب وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية. اللعب على الفصل بين الداخل والخارج، أوصل العالم بعد الاحتفال الداعشي بعامه الثاني في الضرب في قارات ثلاث، إلى حقيقة قائمة وهي ان «الوحش» لا يشبع ولا يرتوي. أخطر ما في «داعش» انه يملك أرضاً واسعة يملكها أو يعرفها يتحرك فيها ويضرب حيث يمكنه ولو تحت مراقبة الطائرات الأميركية وأنه يملك أيضاً الأموال من حقول النفط والغاز، وأن شركات غربية لا يهمها من النفط المستخرج بدماء الأبرياء سوى الربح الوفير. «القاعدة» وُلد محاصراً في أرض ليست أرضه، وبأموال تعتمد التبرعات التي تزايدت مصاعب جمعها بعد «حرب التجفيف» التي اعتمدتها المخابرات الأميركية والغربية.
خطر «داعش» أكبر بكثير من «القاعدة». إرهاب «القاعدة» كاريكاتور أمام إرهاب «داعش». حتى الآن لم تصب الولايات المتحدة الأميركية بإرهاب «داعش». عاجلاً أو آجلاً سيتمدد هذا «الطاعون» ويضرب حيث يتمكن. وهو بلا شك سيحقق نجاحات دامية وبشعة وقاتلة وسوداء في العالم. لأنّ المئات من الدواعش يملكون حرية القرار والمبادرة للضرب حيث يريدون ويتمكنون. المبادرة الفردية خطيرة جداً، لأنها لا تحتاج إلى أكثر من التزام يتشكل حتى عبر المواقع الاجتماعية. السعودي الذي فجر المسجد في الكويت، والإرهابي الذي قطع رأس مديره وحاول تفجير مخازن الغاز في مدينة ليون الفرنسية، أفضل مثل لهذا الإرهاب الزاحف.
الرئيس باراك أوباما استثمر طويلاً «حرب الكفن ضد الكفن»، رغم أن اعضاء بارزين من إدارته مثل وزير الدفاع بانيتا نصحوه «ان عدم تسلح المعارضة المعتدلة في سوريا لردع المتطرفين سيحولون سلاحهم في النهاية إلى الداخل الأميركي«. لم يفت الوقت لضرب «داعش». كل يوم تأخير إضافي خطوة إلى الأمام نحو تمدد الإرهاب الداعشي الأسود. المحافظة على «أسد البراميل المتفجرة لن يقفل أبواب جهنم أمام «داعش». إرضاء إيران وروسيا بالإبقاء على الأسد يعني فشل ضرب «داعش». في النهاية «التاريخ حاكم قاسٍ».

ناشطو 14 آذار: يجب إعادة الثقة بالثورة والانتصار على الإحباط وماذا بعد انتخاب فرنجية لرئاسة «المجلس الوطني»؟
فاطمة حوحو/المستقبل/30 حزيران/15
وضعت قوى 14 آذار «المجلس الوطني« لمستقلّيها على السكة على أمل أن يأخذ القطار الاتجاه الصحيح في العودة إلى مبادئ انتفاضة الاستقلال وفي النظر إلى موقع الرأي العام الذي صنع المعجزة في العام 2005 من خلال السعي إلى تحقيق العدالة المفقودة وإرساء نظام المواطنية الحقيقية بعيداً من المنطق الطوائفي والمذهبي وعدم تقديم التنازلات على مذبح المصالح الخاصة، وبناء الدولة على وتر الالتزام بالقانون وعمل المؤسسات وتطويرها لا على وتر التقاسم. هكذا يأمل مستقلو 14 آذار الذين انتخبوا النائب السابق سمير فرنجية رئيساً عنهم وهم يدركون أن مهماتهم كبيرة في ظل حال اليأس التي تحيط بالشارع اللبناني نتيجة السياسات التي أغرقت البلد بوحول حرب الجيران وتعمل لزيادة المخاطر على لبنان ووحدة أبنائه. «المستقبل» تلقي الضوء على التجربة الانتخابية الرمزية ومهمات «المجلس الوطني« في المرحلة المقبلة، وسبل إنجاح هذه التجربة وتحصينها.
يعتبر د. فوزي فري الذي ترشح لرئاسة «المجلس الوطني« ولم يحالفه الحظ أن «أهم ما حصل بالأمس أننا انتقلنا من مرحلة تهميش القاعدة الشعبية لثورة الارز، الى وضعها في الواجهة لتتحمل مسؤولياتها الوطنية، كما فعلت يوم 14 آذار 2005 عندما قلبت الطاولة على ثوابت كرّسها المحتل السوري عقودا طويلة. المهمة شاقة ويعتقد البعض انها شبه مستحيلة، كما اعتقد سابقا باستحالة خروج النظام السوري من لبنان وجهازه الأمني اللبناني السوري المشترك. اهم ما حصل بالأمس اننا كرسنا آلية الانتخاب بدل التعيين واننا ابتعدنا عن نموذج خصومنا وألغينا تهمة الشمولية عن المجلس وتمثلنا بالتماهي مع مبادئنا القائمة على منطق الدولة الديموقراطية التي تعطي الحق لكل طرف بالترشح مهما كان حجمه ووزنه السياسي وتمثيله، وتقوم على تداول السلطة بالانتخاب المباشر دون حصرية«.
وأعرب عن اعتقاد بأن المرحلة «بحاجة الى مفكر نقي وراقٍ بوزن الاستاذ سمير فرنجية قادر على إعادة البوصلة الى مكانها الطبيعي ووضع الخطوط العريضة التي يجب علينا إظهارها لكل المحبطين من ثورة بدأت ولم تنتهِ الا بتسويات على حسابها، حيث انها لم تؤدِ الى قيام مشروع الدولة الذي نبحث عنه، بل كرّست منطق الحوارات خارج اطار المؤسسات الرسمية، وسمحت للبعض بالتلاعب بالدستور وبالميثاق لتخلق سابقات دستورية خطيرة يبني البعض عليها للتلاعب بمصير البلد وأهله وبالثوابت الوطنية والميثاقية«.
ورأى أن «المطلوب ليس ابتداع ثورة سلام أخرى بل استمرار ما بدأت عليه ثورة الارز السلمية، وإعادتها الى ما كانت عليه بعيداً من التشرذم الطائفي والمذهبي القائم اليوم، عبر إحياء دينامية جديدة تعيد الناس الى حلمهم بالانتصار على الذات، بالانتصار على إحباطهم المفتعل، وبالتنظيم الممنهج بوضع الرؤية والخطة والاستراتيجية التي غابت عنها كل هذه السنوات والدفع لإعادة الثقة بها لإقناع الناس انها ثورة بدأت وتستمر ولن تتحول الى ثورة كاسترو بعد ان كانت وليدة غيفارا«.
وتجد عضو الهيئة التحضيرية للمجلس الوطني لـ14 آذار سارة عساف أن «نسبة المشاركة في عملية الانتخاب كانت جيدة، وكانت هناك حماسة في إجراء عملية الانتخاب ديموقراطياً، وهذا كان امتحاناً لـ14 آذار».
وأوضحت أنه خلال الثلاثة أشهر المقبلة سيكون هناك عمل من أجل التواصل مع ناشطين لم يشاركوا لهذا السبب أو ذاك، ومعالجة «الملف الشيعي»، نحن سنكمل الحوار وستكون هناك دينامية عمل جديدة في هذا الموضوع. هناك ناشطون شيعة شاركوا وكان طموحنا أن يكون عددهم أكبر فهؤلاء ليسوا مع سياسات «حزب الله» وهواهم 14 آذاري وهم مكوّن أساسي من مكوّنات 14 آذار، سنسعى لإزالة الحساسيات الموجودة، فلا مجال إلا للتواصل معهم، فهم أصدقاء والمجلس الوطني يتسع ولكل مكانه». وتوضح أن «انتخابات الهيئة القيادية لم تحصل بسبب تلبية واسعة من الأشخاص لحضور اللقاء، وكان لا بد من إعطاء فرصة للاتصالات من جديد وللتواصل من أجل أن يأخذ كل من يريد الترشح للهيئة القيادية حقه في أن يعرف ويتعرف وأن يأخذ الفرصة المناسبة، ولذلك تأجلت الانتخابات ثلاثة أشهر وهي هيئة ستكون بمثابة مكتب تنفيذي مؤلفة من 14 شخصاً، كذلك فإن هناك تنظيماً للجان حيث تم اقتراح لجان جديدة في الاستمارات التي وزعت خلال الانتخابات وستكون هناك مهمة إنجاز لنظام داخلي بسيط بآليات غير معقدة والذي يحدد آلية لانتخاب الهيئة القيادية، وينص على من له حق الترشح». وبرأي الناشط السياسي كريم الرفاعي ان «ما حدث كان يجب ان يحدث منذ انطلاقة انتفاضة الاستقلال، اي اشراك الرأي العام الآذاري باتخاذ القرار وادخاله الى دائرة صناعة القرار وليس الاعتماد عليه لتنفيذ القرارات، وهو امر طال انتظاره وغيابه تسبب بفراغ واظهر حالة تململ لدى جمهور 14 آذار، ويمكن القول ان ما حصل محاولة لردم الهوة بين القيادة الحزبية والرأي العام والقاعدة الشعبية لعل المجلس ينجح في تحسين التواصل بينهم بطريقة ديموقراطية».
ويشير الى انه «كان من المفترض ان تحصل انتخابات لهيئة المكتب، لكن تم تأجيل ذلك بدافع ديموقراطي وهو اعطاء جميع الاعضاء الذين يودون الترشح فرصا متساوية للمشاركة وانجاح الاوفر حظاً بعد التعرف عليه خلال الثلاثة اشهر المقبلة، اما بالنسبة لانتخاب فرنجية فهو شخصية معروفة وليست بحاجة الى عرض نفسها». وحول غياب بعض الناشطين، يوضح الرفاعي: «كان هناك اتجاه في السابق ليكون المجلس الوطني مؤلفاً من حزبيين وغيرهم، الا ان الصيغة تغيرت فتشكل مجلس وطني للمستقلين من 14 آذار وهم خارج الفرز المناطقي والطوائفي وخارج التقسيمات الحزبية». ويؤكد أن «ما جرى هو بداية، فالمجلس ليس حركة تمرّد داخل 14 آذار، ولا هو انشقاق ولا تحدٍ لأحد، فكرة تأسيسه تنبع من الحرص على إشراك أكبر عدد من الناشطين المستقلين في القرار وهؤلاء يكملون عمل الاحزاب في 14 آذار وليسوا في موقع المواجهة بل التنسيق مع الامانة العامة والتواصل». ويشدد على ان «ابواب المجلس مفتوحة لمن يريد ويرى نفسه قادراً على العمل، ونحن نشد على يده فلا حصرية في عمل مستقلي 14 آذار، والمجلس إطار واسع للعمل المشترك والتعاون والديموقراطية ومنحى اساسي في التعامل من خلال اللجان، والاهم ألا يتم الحكم عليه من قبل البعض قبل «التقليع» بالعمل».وبنظر الناشط بطرس معوض فإن «انتخابات المجلس الوطني تعبير عن إرادة عامة لتأسيس شيء مختلف عن السائد، وهذا كان شعور جميع الحاضرين«.
واشار في هذا المجال الى ان «خيار البيال كان تمريناً على الديموقراطية وادارة التنوع والوصول الى ارضية تلاقٍ مع جميع اللبنانيين التواقين الى الحرية والدولة المدنية، والمجلس الوطني بتركيبته إطار مستقل عن الأحزاب وقراراته تنبثق من أعضائه وليس مغلقاً».