02 اميل خوري: استعادة حقوق المسيحيين تبدأ بالرئيس وبالاتفاق على قانون للانتخابات عادل ومتوازن//خيرالله خيرالله: إنذار آخر إلى اللبنانيين//راشد فايد: راشيا

236

إنذار آخر إلى اللبنانيين
خيرالله خيرالله/المستقبل/30 حزيران/15
هناك استنزاف للبنان. استنزاف للشباب اللبناني المتعلّم واستنزاف للإقتصاد بكلّ الوسائل المتاحة. هناك تعطيل للسياحة وكلّ ما له علاقة بالخدمات والصناعة والزراعة. ليس ما يفسّر هذا الإستنزاف سوى ذلك الإصرار لدى «حزب الله« وادواته المعروفة على نشر البؤس في لبنان. ثمّة رغبة في إخضاع اللبنانيين وتيئيسهم وتحويل البلد كلّه إلى مجرد قرية شبه مهجورة تقع في ريف أحد بلدان العالم الثالث أو الرابع…أو الثمانين بعد المئة. كانت صيحة الهيئات الإقتصادية، بما في ذلك النقابات العمالية، التي اجتمعت في بيروت ودعت إلى «وقف الإنتحار« بمثابة انذار آخر إلى اللبنانيين لعلّهم يعون أن بلدهم يواجه مؤامرة حقيقية. انضمّ كلّ من له علاقة بالإنتاج إلى اللقاء الذي انعقد في الخامس والعشرين من حزيران الجاري وذلك للتعبير عن مدى خطورة الوضع في الوطن الصغير. نعم، هناك مؤامرة على لبنان. نظرية المؤامرة تنطبق للأسف على لبنان، علما أنّ من الصعب الإيمان بها في معظم الأحيان. مَن ينفّذ المؤامرة معروف ويعرف تماما ما الذي يريده.
هناك مؤامرة موصوفة ذات رؤوس معروفة وادوات أكثر من معروفة وفصول متلاحقة يجمع بينها عنوان واحد. هذا العنوان هو «لبنان الساحة«. مطلوب أن يكون لبنان «ساحة« يلعب فيها الآخرون. من يرفض النزول إلى مجلس النوّاب لإنتخاب رئيس للجمهورية، هو الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة الممتدة من موريتانيا إلى ما بعد أفغانستان، إنّما يشارك في المؤامرة. هذه المؤامرة لا تستهدف المسيحيين وحدهم. إنّها مؤامرة تستهدف كلّ لبناني بغض النظر عن طائفته ومذهبه والمنطقة التي ينتمي إليها.
من فصول المؤامرة ذهاب «حزب الله« إلى سوريا للمشاركة في القتال إلى جانب نظام أقلّوي مرفوض من شعبه. كيف يمكن للبناني الذهاب لقتال سوري، داخل الأراضي السورية، من منطلق مذهبي وأن يدّعي أنه يخدم بلده؟. مثل هذا التصرّف استدعاء إلى لبنان للتطرّف السنّي الذي يرمز إليه «داعش« والذي نجده، بكلّ أسف، في حال صعود في سوريا والمنطقة كلّها. من المفيد في المرحلة الراهنة التوقّف عند حدث معيّن. هذا الحدث هو المفاوضات الدائرة بين المجتمع الدولي وايران في شأن الملف النووي الإيراني. في الواقع، إنّ المفاوضات هي بين الأميركيين والإيرانيين. الجانبان مدّدا المفاوضات، لكنّهما يتصرّفان وكأن الإتفاق حصل وأنّ كلّ ما يدور حاليا مناورات لا هدف منها سوى تسويق الإتفاق داخليا.
في ايران، استفاق «المرشد« آية الله علي خامنئي أخيرا وأكّد أن ايران لن تسمح بتجاوز خطوط حمر معيّنة. هذا الكلام للإستهلاك الداخلي. كلّ ما في الأمر أنّ ايران في حاجة ماسة إلى الإتفاق، لا لشيء سوى لأنّها في حاجة إلى مليارات الدولارات التي سيفرج عنها المجتمع الدولي فور الإعلان عن بدء العمل به. المفارقة أن ايران تسعى إلى الإستفادة إلى أبعد حدود من ورقتها اللبنانية خدمة لنظام يحاول تجديد نفسه من أجل البقاء في السلطة، فيما هناك شبّان لبنانيون يموتون في سوريا. يموت هؤلاء من أجل أن تعزز ايران موقعها التفاوضي مع «الشيطان الأكبر« لا أكثر ولا أقلّ. هؤلاء لا يموتون من أجل لبنان ومن أجل المحافظة على البلد وحمايته. من يريد خدمة لبنان، يضع نفسه في خدمة الجيش اللبناني ولا يدخل في مشاريع تستهدف اقامة دويلات طائفية في سوريا لديها امتدادها في البقاع اللبناني على حساب عرسال. اللجوء إلى المنطق ضروري بين حين وآخر. المنطق يقول إنّ لبنان كان يستطيع أن يكون المستفيد الأوّل من كلّ ما تشهده المنطقة من تطورات ذات طابع مصيري. لبنان معدّ أصلا ليكون ملجأ لرؤوس الأموال الهاربة من بلدانها، خصوصا بفضل نظامه المصرفي وحرّية الإقتصاد التي يتمتّع به منذ سنوات طويلة. بدل استفادة لبنان من تركيبته التي استهوت باكرا المهارات والعقول ورؤوس الأموال السورية، إذا به يزجّ نفسه في لعبة لا تعود عليه سوى بالويلات. لا يمكن أن ننسى إتفاق القاهرة المشؤوم الذي وُقّع في العام 1969 ووضع الأسس لتحويل لبنان إلى «ساحة«. ولا يمكن المرور مرور الكرام على كلّ الأحداث الكبيرة التي عاشها البلد وصولا إلى اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في العام 2005. صمد لبنان في وجه العواصف وصمدت بيروت امام كل الزاحفين عليها من غزاة واعداء، بمن في ذلك اسرائيل. لا يزال السؤال المحيّر ذاته. لماذا هذا الإصرار على افقار اللبنانيين وتهجير الشباب اللبناني وضرب الإقتصاد؟. لا تفسير لذلك، سوى أنّ هناك مؤامرة مستمرّة على لبنان. عزل لبنان عن محيطه العربي جزء من المؤامرة، كذلك منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتعطيل العمل الحكومي عبر طرف معروف جيّدا من يسيّره بالريموت كونترول.من حقّ المعنين بالإقتصاد في لبنان اطلاق صيحة ألم حقيقية. ولكن من حقّ اللبنانيين أيضا سماع من يقول لهم أنّ المؤامرة مستمرّة على بلدهم وأن يتساءل معهم لماذا هذا الإصرار على «لبنان الساحة« في وقت يثبت اللبنانيون يوما بعد يوم أن بلدهم الصغير يستحقّ الحياة بدل أن يكون مجرّد ورقة في يد ايران.

استعادة حقوق المسيحيين تبدأ بالرئيس وبالاتفاق على قانون للانتخابات عادل ومتوازن
اميل خوري/النهار/30 حزيران 2015
عودة زعماء موارنة الى نغمة المطالبة باستعادة حقوق المسيحيين وإن موسمياً، تبدأ بانتخاب رئيس للجمهوية كونه أعلى منصب ماروني في الدولة ومن دونه يصبح اللبنانيون على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم مطالبين باستعادة لبنان أولاً. والواقع أن حقوق المسيحيين يستعيدها لا بل يحافظ عليها المسيحيون أنفسهم. بوحدة موقفهم من القضايا الوطنية والمصيرية وليس بتفرقهم وتشتتهم وتعدد مواقفهم وأدوارهم. لقد كان للمسيحيين بموجب دستور ما قبل الطائف صلاحيات واسعة في الدولة لكن بعض رؤساء الجمهورية اساؤوا استخدام هذه الصلاحيات فأثاروا عليهم نقمة شريكهم المسلم الذي ذهب قادته الى مؤتمر الطائف موحدي الموقف في المطالبة باعادة النظر في هذه الصلاحيات، في حين ذهب القادة المسيحيون اليه منقسمين ومنهكين من حربين: “حرب التحرير” التي كانت أكبر منهم فخسروها، و”حرب الالغاء” التي كانت حرب صراع على السلطة في ما بينهم، ومن يومها كانت بداية شعورهم بالتهميش والاحباط. في ظل الوصاية السورية، وعندما توحدوا في المطالبة بخروج القوات السورية من لبنان وجعلوا شريكهم المسلم بغالبيته يتوحد معهم تحرر لبنان من الوصاية السورية، لكن عندما عادوا واختلفوا على تشكيل اللوائح الانتخابية، وانضم فريق منهم الى تكتل 14 آذار وفريق الى 8 آذار فقدوا دورهم وقيادتهم وبات الدور والقيادة لسواهم. فلا اتفقوا على انتخاب رئيس للجمهورية ولا على تشكيل حكومة ولا على قانون جديد للانتخابات، الى أن وقعت احداث 7 أيار الشهيرة التي لم يكن ثمة خروج منها إلا بعقد مؤتمر في “الدوحة” فرض على الجميع حلولاً بعضها مخالف للدستور لكن انقاذ لبنان كان أهم من أي دستور. وكان لهذا المؤتمر الفضل في اخراج لبنان من أزماته وذلك بانتخاب مرشح توافقي من خارج اصطفافات 8 و14 آذار هو العماد ميشال سليمان وتشكيل حكومة وحدة وطنية توزعت فيها المقاعد الوزارية حصصاً على القوى السياسية الأساسية في البلاد، مع اعتماد قانون الستين معدلاً أساساً لاجراء انتخابات نيابية، وهو القانون الذي وضع في عهد الرئيس فؤاد شهاب كحل موقت ولمرة واحدة، ومع ذلك فان زعماء مسيحيين اعتبروا انه قانون جيد يعيد للمسيحيين حقوقهم ويمكنهم من اقامة “جمهورية ثالثة” لم ير اللبنانيون وجهاً لها إلا على لوحات الاعلانات…
ولكي لا يعود اللبنانيون الى دوحة جديدة تفرض عليهم ما فرضته الدوحة السابقة، كان الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” الذي كان يؤمل منه التوصل الى اتفاق لا على حل لمشكلة سلاح الحزب ولا على تدخل هذا السلاح في الحرب السورية إنما على انتخاب رئيس للجمهورية لأنه الموضوع الملح والأكثر ضرورة من أي موضوع آخر. لكن هذا الحوار لم ينتج عنه حتى الآن سوى ترطيب الاجواء للحؤول دون قيام فتنة سنية – شيعية. وازداد أمل اللبنانيين بامكان الخروج من أزمة الانتخابات الرئاسية بالحوار بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” واذا به ينتهي الى ورقة “اعلان نيات”، يتضمن مشاريع لا يمكن البحث فيها تمهيداً لاقرارها الا بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة واجراء انتخابات نيابية ينبثق منها مجلس نيابي جديد يضع حداً لمهزلة التمديد المتكرر للمجلس الحالي. لكن هذا الحوار لم ينتج عنه حتى الآن سوى ترطيب الأجواء بين الحزبين لمنع قيام “حرب الغاء” جديدة بدأت ملامحها في الجامعات، وهذا أمر جيد لأن الأولوية في المرحلة الدقيقة الراهنة هي للحفاظ على استمرار الأمن والاستقرار كي لا يصاب لبنان بعدوى حروب الدول المحيطة به لذلك فان استعادة حقوق المسيحيين تبدأ بالاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، وبالاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية يحقق المناصفة الفعلية لا الورقية كي تجرى انتخابات نيابية حرة ونزيهة تحقق التمثيل الصحيح لشتى فئات الشعب واجياله، ثم تشكيل حكومة تباشر اجراء الاصلاحات برؤية مسيحية – اسلامية مشتركة تعطي لكل ذي حق حقه. لكن كيف يمكن استعادة حقوق المسيحيين ولا اتفاق على انتخاب رئيس ولا على قانون عادل ومتوازن للانتخابات النيابية كي يعاد تكوين السلطة واقامة الدولة القادرة والعادلة التي تساوي بين الجميع وتعدل بين الجميع وتستعيد أولاً حقوق لبنان من خارج يتسلط عليها ويصادرها. فباستعادة هذه الحقوق يستعيد المسيحيون والمسلمون حقوقهم من دون حاجة للجوء الى الشارع لا بل الى الشرعية، ولا الى استخدام الاقدام إنما العقول…

راشيا 2
راشد فايد/النهار/30 حزيران 2015
ذكّرنا سمير فرنجيه بدور للبنان أبعد من عقلية الناطور والمختار التي تحكم العملية السياسية الداخلية، وبالأحرى المماحكة السياسية البائسة، التي تحول النقاش السياسي إلى لعبة “بيت بيوت” يذكرها الطفل الكامن في كل منا. ذكّرنا سمير فرنجية، في كلمته رئيسا منتخبا لـ”المجلس الوطني لمستقلي 14 آذار”، بأن لبنان طليعي في محيطه حين يبادر، ويستشرف ما يجب، ليكون للمنطقة مستقبل مختلف، ينقض التقوقع الطائفي الذي يشهده لبنان والإقليم. وإذا كانت دعوته إلى “انتفاضة سلام، تقودها قوى الإعتدال في المنطقة” فكرة قد تكون راودت كثيرين، فإن له الفضل الأول في كونه أخرجها إلى العلن، ووضع القوى غير الطائفية أمام مسؤولية إشهار ما تريد، والعمل في سبل تحقيقه. لا تغضن دعوة فرنجية المعتدلين دفعا لهم إلى التخلي عن انتماءاتهم الطائفية، بل هي حض للجميع على استعادة هويتهم الوطنية، وتقديمها على الهوية الأدنى، أو التي يفترض أنها الأدنى في المجتمعات المستقرة. ألم يكن هذا الإعتدال والتخلي عن العصبية الطائفية ما حكم انتفاضة الإستقلال الأولى التي تجلت في راشيا عام 1943، وجاءت بالإستقلال، وكان حميد فرنجية، والد سمير، في طليعة رجالاتها؟ يومها لم يتخل بشارة الخوري عن مارونيته، ولا رياض الصلح عن إسلامه، ولا أحمد الأسعد أو صبري حمادة وعادل عسيران، وكميل شمعون، وعبد الحميد كرامي وسليم تقلا والأمير مجيد ارسلان وحبيب أبو شهلا عن دين كل منهم وإيمانه. ربما هي المصادفة التاريخية، التي ستكون جديرة بالمراجعة إذا ما نجح “المجلس الوطني” في ما انتدب المستقلون أنفسهم له من دور لن يستقيم من دون مبادرة من بقوا خارج الأحزاب، من جهة، وخارج إطاره، من جهة أخرى. فبولادة المجلس لم يعد مقبولا القول بأن الأحزاب تحتكر القرار السياسي في قوى 14 آذار، وبات مطلوبا أن يتحول “رذاذ” الإعتراض المرشوش في جنبات المقاهي، وزوايا المنتديات، إلى سيل يصوب قرار الأمانة العامة، وربما سيصعب دورها كما توقع منسقها العام الدكتور فارس سعيد، ويضعها بين شاقوفي الأحزاب والمجلس الوليد. ولادة المجلس الوطني، ليست حدثا قبل أن يبني هيكليته، ويُظهر دوره مرآة لجمهور 14 آذار المليوني، ومعبرا يجمع شتات رؤاهم للنهج الأمثل في استكمال معركة “انتفاضة الإستقلال الثاني”. وإذا كان انتخاب سمير فرنجية رئيسا طغى على الحدث نفسه، وإن اضاف له قيمة كبرى، معنوية وسياسية، فإن شائبة ظلت معلقة في الأذهان، رافقت ولادة الأمانة العامة ولحقت بـ”المجلس” هي تخلف “الصوت الشيعي” المستقل عن الإنضمام إلى الخطوة الجديدة، فلا هو “مأسس” رفضه “الثنائية الشيعية” وممارساتها، أو اعتراضاته على نهج 14 آذار ولا اندمج في أي هيكلية، لكأنه يتخذ دور المرحوم ريمون إده في الإعتراض بلا منهجية عمل.