وئام عماشة/دروز فلسطين:الاعتداء على جرحى المعارضة السورية مرفوض

291

دروز فلسطين:الاعتداء على جرحى المعارضة السورية..مرفوض
وئام عماشة /المدن الثلاثاء 23/06/2015

اعترض قرابة 20 شاباً درزياً من قرية حرفيش الجليلية في الشمال الفلسطيني، صبيحة الإثنين، سيارة إسعاف عسكرية اسرائيلية، تقل مصابين من المعارضة السورية، وطالبوا الطاقم المرافق لها، بالتأكد من هوية المصابين ولأي تنظيم عسكري ينتمون. حاول طاقم الإسعاف الفرار من المكان، فطاردتهم سيارتان تقل شباناً من البلدة، وحاول رجل الوقوف بطريق السيارة أثناء فرارها، فدهسته وأدى ذلك إلى إصابته ونقله إلى المستشفى.

بعد هذه الحادثة بساعات قليلة، ضجّت منطقة الجولان السوري المحتل، بخبر مفاده أن مجموعة من شبان بلدة مجدل شمس، إعترضت سيارة إسعاف أخرى إشتبهوا بأنها تقل جرحى من “جبهة النصرة” إلى المستشفيات الإسرائيلية. وقامت المجموعة التي يعتريها غضب عارم، بمطاردة سيارة الإسعاف إلى أن تمكنت من إعتراضها وسط مستوطنة نفي أتيف التي تبعد عن مجدل شمس مسافة كيلومترين.

وصلت قوات من الشرطة مدعمة بدوريات عسكرية تابعة لحرس الحدود وأغلقت منافذ المستوطنة بوجه الحشود التي اخذت بالتزايد. ونقل تقرير للشرطة الإسرائيلية معلومات عن وفاة أحد الجريحين اللذين كانا داخل سيارة الاسعاف وإصابة الآخر بشكل خطير، بعد تعرضهما للضرب والركل. الجريح الذي بقي على قيد الحياة تم نقله للعلاج في مشفى نهاريا. كما أشار التقرير إلى إصابة جنديين إسرائيليين كانا برفقة الجرحى في سيارة الاسعاف.

عقب هذه الحادثة مباشرة، عمت تظاهرات شوارع مجدل شمس، رُفعت فيها أعلام الطائفة الدرزية، ورددت شعارات وهتافات تضامن مع قرية حضر الواقعة على سفح جبل الشيخ شمال شرقي مجدل شمس. وكانت حضر قد شهدت قبل أيام معركة بين فصائل معارضة مسلحة وقوات تابعة للنظام تتخذ من سلسلة تلال متاخمة للقرية نقطة تمركز لها، وتقصف منها المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وسقطت خلال الاشتباكات قذائف هاون في قلب قرية حضر ما أسفر عن مقتل شخص واحد. وقالت مصادرة تابعة للمعارضة في المنطقة إن القرية لم تُستهدف وما سقط داخلها من قذائف كان عن طريق الخطأ.

الشريحة التي نزلت إلى الشارع، واعتدت على مصابي المعارضة السورية، قد لا تمثل الرأي العام في الجولان المحتل، لكنها كفيلة بأن تطرح سؤالاً فارقاً، إلى أين سيجرف هذا الإرتداد الطائفي المتطرف الذي تعيشه مناطق الدروز والمرتكز على مخاوف حول مستقبل الطائفة في محيط واسع للأكثرية السنية؟

في الأثناء، صدر بيان عن شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في فلسطين الشيخ موفق طريف، ناشد فيه أبناء الطائفة عامة والشباب منهم خاصة، التروي والتصرف بعقلانية ومسؤولية في هذه الأيام الحساسة، وعدم الإنجرار وراء أخبار مغرضة “تعود بالأذى علينا وعلى إخواننا في سوريا”. كما طالب الشيخ طريف السلطات الإسرائيلية بمراعاة شعور أبناء الطائفة الدرزية، والسماح لهم بالتعبير عن قلقهم بالطرق المشروعة، من دون الإخلال بالنظام العام. وتابع طريف قائلاً: “نرفض بشدة أعمال العنف أيّا كانت ونرفض المسّ بالمصابين”. وأكد على حقيقة أن المذهب الدرزي وعاداته وتقاليده الأصيلة تنادي بعدم التعرض أو الإساءة لأي شخص، وخاصة “إذا كان قيد العلاج حتى لو كان عدوّاً”.

ودعا طريف إلى عقد إجتماع طارئ في مقام النبي شعيب الواقع في حطين غربي مدينة طبريا. الاجتماع الذي عُقد ظُهر الثلاثاء، دعا بدوره إلى “التعقل وعدم الإنجرار خلف أخبار كاذبة”، وطالب بالتزام المشايخ “ببث حالة توعوية في كافة القرى الدرزية تتمحور حول مخاطر المرحلة”، وأكد على تصميم دروز فلسطين على “دعم أبناء طائفتهم في سوريا بشتى الوسائل”.

كما صدرت مواقف مماثلة عن مشايخ قرية حضر، دعوا من خلالها الشباب إلى التعقل، وأكدوا على ضرورة التواصل مع الأشقاء في الوطن، من أبناء درعا والقنيطرة، لـ”رأب الصدع وإصلاح ذات البين، وتدارك مشاريع الفتنة وسد الطرق بوجه كل من يسعى للخلاف وزرع الشقاق بين أبناء الوطن الواحد”.

وعبّر عدد من الأهالي في الجولان المحتل عن رفضهم المطلق لما أقدم عليه شبان غاضبون من مجدل شمس، ولم يتوانوا عن نعت ما جرى بـ”الجريمة النكراء”. كما قال آخرون بإن ما حصل هو “ردّ فعل على جرائم جبهة النصرة ضد الدروز في سوريا، وأبدوا إستعدادهم لأن يكرروا الأمر إذا إستمرت إسرائيل في سياسة إستجلاب المصابين من أجل علاجهم في مستشفياتها”.

وتشهد منطقة الجولان وفلسطين، هذه الحوادث عقب فترة صعبة مرّت على الدروز في جبل السماق بريف إدلب والسويداء وسفوح جبل الشيخ. فعقب مواجهات سابقة بين عناصر من تنظيم “الدولة الإسلامية” وأهل السويداء، تحرك دروز فلسطين في حركة عفوية على مستويات متعددة؛ كجمع التبرعات المالية وارسالها إلى السويداء بهدف شراء السلاح، ومطالبة إسرائيل بالتدخل لحماية أهل الجبل، الأمر الذي رفضه “مشايخ الكرامة” في السويداء.

وإختلفت الآراء في أوساط دروز فلسطين، تجاه الحدث السوري، فعبّر الشيخ محمد كنعان من قرية يركا في الجليل الأسفل -وهو ضابط سابق في جيش الإحتلال الإسرائيلي- عن رغبته بأن يكون الشهيد الأول دفاعاً عن السويداء والدروز في سوريا.

في حين أن تركي عامر إبن قرية حرفيش الجليلية، قال: “خطر الجماعات التكفيرية وخطر النظام، من قبل ومن بعد، بات يهدد الدروز وسواهم من أقليات وأكثريات”. وأشار إلى أن تفاعل دروز فلسطين مع دروز سوريا وإن كان “حراكاً طائفياً قابلاً للنقد على أكثر من صعيد -أقله إحراج أهلنا في سوريا لجهة ارتباطه بإسرائيل- لكنه يظل بالدرجة الأولى حراك إنساني جميل ونبيل وينم عن أصالة دروز فلسطين ونخوتهم العربية المعهودة”.

عامر، أوضح بأن “حماية الدروز في سوريا من المفروض أن تكون من واجب النظام السوري (المقاوم والممانع)، لاسيما وأن أدبياته الإعلامية تزعم أنه يدافع عن الأقليات”. وطالب النظام بالكف عن “إيقاظ الفتنة بين هذه الأقلية وتلك الأكثرية كما يحدث في حوران جبلاً وسهلاً”. وأكد أنه من واجب النظام “دعم هذه الأقليات مادياً ومعنوياً وعدم رميها في أحضان أي كان كما رمى بالملايين في فم الشتات داخلياً وخارجياً، ناهيك عن مئات الآلاف من القتلى والمصابين والسجناء والمعتقلين”.

وأشار عامر إلى أن “إسرائيل تعالج جرحى جبهة النصرة وسواها من تنظيمات، لتلميع صورتها (الإنسانية) أمام العرب والعالم، ولإيهام الرأي العام أنها معادية للنظام وما وراءه من قوى إقليمية وميليشيات مذهبية”. لكن إسرائيل “لا تريد لهذا النظام أن يسقط، بل تريد للصراع أن يستمر لأن في استمراره استنزافا لمقدرات البلد والشعب الأمر الذي قد يؤدي إلى التقسيم المرفوض جملة وتفصيلا من قبل الوطنيين الشرفاء ضد النظام كانوا أم معه