ربيع حداد: تسليح الجيش اللبناني: حملة حزب الله لن تعرقل الهبة السعودية//لوسي بارسخيان: مخيمات عرسال باقية: العقبات كثيرة

320

تسليح الجيش اللبناني: حملة حزب الله لن تعرقل الهبة السعودية
ربيع حداد/المدن/الجمعة 19/06/2015 

ينظر الجيش إلى نفسه على أنه مؤسسة مستهدفة في هذه المرحلة، في السياسة كما في الميدان، ومن قبل مجموعات مسلّحة خارج الحدود، ومن قبل نيران داخلية، إن في محاولات التشكيك بدوره وأدائه وقدرته على حماية الحدود، أو على صعيد استهدافه من قبل تيارات سياسية على خلفية تعيينات عسكرية وتوظيفها لصالح خدمات سياسية، وآخر المحاولات الهادفة إلى ضرب الجيش تأتي في سياق حملة إعلامية يقودها فريق “8 آذار”، وقد سجلت هجمات عديدة على الهبات المقدمة للجيش لا سيما هبة المملكة العربية السعودية البالغة قيمتها ثلاث مليارات دولار.

قبل أيام خرجت تقارير صحافية تحدثت عن أن الصواريخ التي حصل عليها الجيش من فرنسا بموجب الهبة السعودية، غير صالحة للإستعمال، سرعان ما أصدرت قيادة الجيش بياناً نفت فيه هذا الأمر، إلى جانب ذلك يسجّل تحفظات من قبل “حزب الله” على السلاح الأميركي المقدم للجيش، إذ لا تتوانى قيادات من داخل الحزب عن إنتقاد هذا الدعم قائلة : “كيف تدعم الولايات المتحدة الجيش اللبناني بصواريخ من نفس النوعية التي تزود بها فصائل المعارضة السورية المسلّحة؟ وكيف يدعون الدفاع عن لبنان ويمنحون من يستهدفه نفس السلاح الذي يمنحونه إلى مستهدفيه؟”.

كل تلك الحملات لا تلقى أصداء في اليرزة، وليست إلّا محاولات لتشويه سمعة الجيش، ومحاولات عرقلة لحصوله على أي سلاح نوعي، وفق ما تشير مصادر متابعة لـ”المدن”، وتضيف أن هم “حزب الله” الأساس هو منع الجيش من الوصول إلى الجهوزية الكاملة للدفاع عن الأراضي اللبنانية، وذلك بهدف أن يبقى الحزب هو القوة الأبرز في البلاد.

تنفي مصادر ديبلوماسية فرنسية لـ”المدن” كل هذه الإشاعات التي تطلقها جهات عديدة لاستهداف الجيش، وتقول إن الهبة السعودية تسير في طريقها الصحيح ولا يستطيع أحد عرقلتها أو تعطيلها، وتقول: “إن هذه الإتفاقية موقعة بين ثلاث دول وموثقة بشكل ان لا احد من الاطراف يمكنه وقفها من دون اعلام الطرفين الاخرين ولبنان هو احد الاطراف الثلاثة ولا يمكن تاليا اتخاذ قرار من هذا النوع من دون علمه، اضف الى ان ادبيات الدول الثلاث لا تسمح بالاقدام على عدم الالتزام بالاتفاق”.

أكثر من ذلك تشير مصادر خليجية لـ”المدن” أن الهبة صادرة بموجب أمر ملكي صادر عن العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ما يعني أنها هبة ملكية، وهذا لا يمكن التراجع عنه ولا إلغاءه أياً كانت الظروف أو التغيرات.

وتأتي هذه الحملة بعد أخرى شنها المحور نفسه على السعودية، إذ سيقت إشاعات عن أن المملكة أوقفت تحويل الأموال اللازمة لتسديد أكلاف السلاح المطلوب من الجيش اللبناني، هذا الأمر تنفيه أيضاً مصادر “المدن” وتشير إلى أنه بموجب الإتفاقية الموقعة بين الأطراف الثلاثة، فإن تحويل الأموال يتم على دفعات وعند الإنتهاء من تجهيز الأسلحة التي ستحوّل إلى الجيش، أي أن تحويل الأموال هو عملية أوتوماتيكية لا يعرقلها أحد، ووفق ما تؤكد المصادر فإن المبلغ الأول الذي تم تحويله إلى شركة “أوداس” الفرنسية يبلغ 500 مليون دولار، على أن يتم تحويل مبلغ مماثل خلال الفترة المقبلة. وتؤكد مصادر “المدن” أن خطة التسليح مستمرة من دون عراقيل أو تغيير أو تبديل، لا سيما أن هناك لجنة عسكرية من الجيش متخصصة لمتابعة الموضوع، وإلى جانب السلاح الفرنسي الممول سعودياً ستأتي مساعدات أميركية للجيش أيضاً. وعلمت “المدن” أن ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، سلمان بن عبد العزيز، سيزور فرنسا في 24 من الشهر الحالي، للقاء المسؤولين الفرنسيين وسيتناول في جانب من لقاءاته مسألة تعزيز الجيش اللبناني، كما أن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان سيزور الرياض وكذلك سيتم البحث في شق من المباحثات بكيفية تعزيز الجيش. هذه الزيارات والتمسك بالهبة، تقول مصادر سياسية لـ”المدن” أنها تأتي كخلاصة سعودية تعتبر أن معركتها الرابحة في لبنان تكون من خلال تعزيز الجيش لا سيما في مواجهة قدرات “حزب الله” الكبيرة، وعليه لا يمكن تغيير هذا المسار بل سيتعزز أكثر، في هذه المرحلة.

مخيمات عرسال باقية: العقبات كثيرة
لوسي بارسخيان/المدن/السبت 20/06/2015 

قبل أشهر قيل إن طاولة الحوار بين تيار “الممستقبل” و”حزب الله” قد حققت إنجازاً جديداً، متمثلاً بالإتفاق على نقل اللاجئين في مخيمات عرسال الى مناطق أخرى. أشهر مرت من دون أن يدخل هذا الإتفاق حيز التنفيذ، ولتندلع بعدها معارك جرود القلمون، من دون أن يقارب هذا الملف جدياً، خصوصاً أن في قوى “8 آذار” من يروج لنظرية الخوف من تسرب المسلحين الى هذه المخيمات وتحويلها الى دروع بشرية.

لا يبدو ان المسألة حاليا على جدول أولويات النقاش السياسي الداخلي، خصوصاً أن البحث عالق عند الطرح الذي قدمه وزير الداخلية نهاد المشنوق لنقل عدد من تجمعات اللاجئين من عرسال، بإنتظار موافقة الأطراف السياسية، ولا سيما “حزب الله”، على خريطة الأماكن المقترحة لنقلها في مختلف المناطق البقاعية.

ويوضح النائب عاصم عراجي لـ”المدن” ان “الرفض المبدئي على نقل مخيمات عرسال الى أماكن أخرى، جاء من قبل “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، لأن الأول يحتاج الى “مسمار جحا” في عرسال، ليشير إلى البلدة بشكل دائم بوصفها منطقة تأوي الإرهاب”.

في المقابل، يلفت منسق تيار “المستقبل” في عرسال بكر الحجيري لـ”المدن” ان “المخيمات الموجودة في عرسال أصبحت تقريبا في الدائرة الامنية للجيش المنتشر حول عرسال ولم تعد تشكل حالة ضاغطة كالسابق”، ويؤكد أن “التيار واضح في اخضاع التعاطي مع المخيمات داخل عرسال لما يرتئيه الجيش مناسبا، وهو بالتالي ليس حارسا على المخيمات ولا يتخذ موقفا عدائيا منها”، مضيفاً: “لسنا محامي دفاع عن اي شيء افتراضي، ولا يمكننا ان ننفي انه في ظرف امني محدد يمكن ان تتحول هذه المخيمات الى بؤر أمنية تأوي الارهابيين، وبالتالي كل شيء يحتاج الى دراية ورقابة وانتباه”.

ويشدد الحجيري على ان النظرة الى المخيمات تختلف من الموقع السياسي لكل جهة، معتبراً ان “اي مكان فيه فقر وظلم، من الطبيعي ان يصبح مصدر قلق في هذه الظروف، وكان يجب منذ البداية معالجة الموضوع، لأن اهماله تم عن سابق تصور وتصميم، خصوصاً أن “حزب الله” من موقعه السياسي رفض نقل المخيمات لأنه يعول عليها عسى أن تتسبب بخلل في عرسال، يستدرج الحركات الإرهابية، ما يبرر بالتالي تدخل الجيش وقصف عرسال”، ويرى أن “حزب الله يستفيد من حالة الفلتان الأمني في عرسال، وهو الأمر الذي يخدم رؤيته حول تقسيم المنطقة”.

غير ان ثمة معضلة أخرى لنقل هذه المخيمات من عرسال، يكشفها أكثر من رئيس بلدية في البقاع عند التطرق إلى الموضوع، خصوصاً في ظل التخمة التي وصلت اليها القرى، السنية تحديداً، حيث أصبح عدد اللاجئين فيها أكبر من أعداد أبنائها، فيما الإنتقال الى القرى الشيعية محفوف بنظرة “عدائية”، تجاه معارضي النظام في سوريا، تفرض حذراً امنياً تجاه اي محاولة لنقل اللاجئين من عرسال الى بيئة مغايرة سياسيا، كما أن التحفظ في القرى المسيحية، مبدئي، حيث القلق دائم من “الخلل الديمغرافي”، اذا ما تحول النزوح المؤقت الى هجرة دائمة، على غرار اللجوء الفلسطيني الى لبنان.

وفي ظل هذا الواقع، يعتبر عراجي ان حل مشكلة مخيمات اللاجئين في عرسال، وتدارك الخطر الأمني الذي قد تتسبب به يكون “بإقامة المخيمات على الحدود، وهناك اراض مشتركة بين لبنان وسوريا يمكن اللجوء اليها”، شارحا أنه لدى طرح الوزير المشنوق المخيمات في إجتماع لكتلة “المستقبل” قبل أشهر، أعربتُ على صعيد شخصي كنائب البقاع عن معارضتي الشديدة لنقل نحو 30 الف لاجئ الى بر الياس التي صارت تحوي نحو 70 الف لاجئ”.

ميدانيا، توقف في بر الياس العمل منذ اسابيع في مجمع جديد كان يتم تجهيزه بالبنى التحتية حكي حينها انه سيستقبل أعدادا من اللاجئين الى عرسال ويكون تابعا لمخيم قرية العودة أكبر تجمع للسوريين في البقاع  انشأه اتحاد الجمعيات الإغاثية. وبعد ان صّون وبدأ رصفه بالحجارة، منع المشرفون على المخيم من استكماله، تزامنا مع مداهمات نفذها جهاز مخابرات الجيش لمخيم قرية العودة اسفرت عن توقيف يعرب العيسى الملقب بـ”أبو جبل”، وهو مفتي في تنظيم “داعش”، ومتهم بإنشاء خلايا ارهابية في الأراضي اللبنانية.

منذ ذلك الحين، لم تلوح في أراضي البقاع أي بوادر لإنشاء تجمعات جديدة، وهو ما يعزز فرضية ان يكون نقل مخيمات عرسال مؤجل في الوقت الحالي، ما لم يتم ذلك تحت ضغط ظروف أمنية قاهرة.