علي رباح: حزب الله وشرق أوسط الخامنئي//سلوى فاضل: رجال الدين المناهضين لحزب الله صنوف وطبقات

288

رجال الدين المناهضين لحزب الله.. صنوف وطبقات
 سلوى فاضل/جنوبية/السبت، 20 يونيو 2015  

 من هم المناهضون لسياسة التحالف الشيعي الأقوى، وبالأخص حزب الله الذي يحكم ويدير الطائفة كفريق أول في استنتساخ لتفرّد مضى باسم الطائفة أيضا. وما هي توجهاتهم؟ وكم فئة هؤلاء؟  يتداول العديد من المراقبين مقولة التفرد بالرأي داخل الطائفة الشيعية على انها حالة وحيدة غير مسبوقة لدى الطوائف الأخرى.. من هنا قمنا بكشاف بسيط حول فئة معينة مناهضة لسياسة التفرد بالرأي هذه، وتبيّن وجود مجموعة مهمة تلعب دورا في عملية التنويع والتعددية داخل الطائفة، وان لم نتعد البحث الى الفئات والشخصيات الأخرى غير الدينية كالعلمانيين والمثقفين والشعراء والأدباء والحزبيين والأفراد والمؤسسات داخل المجتمع اللبناني.

الامام الخميني والسيد حسن نصر الله
فبسبب طابع وتركيبة حزب الله الدينية، القائمة على فكرة ولاية الفقيه المعاصرة، والتي إستنبطها الإمام الخميني لأجل تشديد الحكم الديني على المسلمين الشيعة في العالم أجمع.. كانت فكرة الحزب إحاطة نفسه برجال دين فكرة مهمة وضرورية. فعلى رأسه منذ تأسيسه حتى اليوم لم يصل الا رجل دين. ويردد العارفون بسياسة الحزب الداخلية انه لا مستقبل لما يعرف بالأمين العام “المدني”. بل يجب ان يكون رجل دين معمم. كما سلّم حزب الله أكثر المناصب لديه في جميع مؤسساته الى رجال دين، ولو بالإشراف، ليصبغ اي عمل من أعماله السياسية بالصبغة الشرعية، وهو أمر مفروغ منه كون الحزب – رغم انه مؤسسة سياسية – الا انها وبأدبيات هذه المؤسسة لا يمكن النهل الا من المعين الديني الإسلامي بالنسبة إليه. لكن في مقابل كل هذا الديني السياسي الحزب الالهي كان ثمة طاقم ديني آخر مختلف يقف وقفة مضادة للحزب. وهم معممون لهم مواقفهم التي لا تتطابق تماما مع سياسة الحزب بل قد تصل حد النقيض والخلاف والمناكفة.

وهؤلاء فئات وأنواع. من هذه الفئات:
فئة اولى كانت تعمل ضمن اطار الحزب وانقلبت عليه نتيجة صراعات داخلية وأبرز هؤلاء الأمين العام السابق للحزب الشيخ صبحي الطفيلي، والسيد علي الأمين مفتي صور وجبل عامل السابق، والشيخ حسن مشيمش، والشيخ الشهيد النائب خضر طليس، والشيخ زهير كنج.. فئة ثانية لم تنضو ضمن اطار حزب الله، بل ناكفته منذ البدايات وكان ولا يزال لها طابع المناكفات الثقافية الواقعة والتي تصب الحرية والعروبة في إطارهما، وتحت عنوان الاختلاف الفكري، ومن ابرز هؤلاء العلامة السيد محمد حسن الامين والعلامة السيد الراحل هاني فحص.. فئة ثالثة كالشيخ عباس الجوهري(نيو ليبانون)، والسيد ياسر ابراهيم، والشيخ عباس حايك، والشيخ محمد علي الحاج(ربانيون بلا حدود)، والشيخ محمد الحاج حسن(التيارالشيعي الحر)، والشيخ عبد الحسين صادق(إمام مسجد النبطية)، والشيخ حسين اسماعيل، وعدد لا بأس به من رجال الدين الفرادى والذين لا يجمعهم سوى العمل كل ضمن إطاره الخاص لمواجهة التفرد بالرأي داخل الطائفة الشيعية التي يملك زمامها كل من حركة أمل وحزب الله.. وهذه الفئة لا تملك التمويل اللازم لمواجهة حزب الله وحركة أمل ولا السلطة القادرة على فعل شيئ سوى التحرك ضمن الاطار الإعلامي.

فئة رابعة هي السيد محمد علي الحسيني (المجلس الاسلامي العربي) الذي كان عنصرا متفرغا في حزب الله وتحوّل الى رجل دين بعد وساطة من مدير مكتب الولي الفقيه الخامنئي الشيخ أسد قصير الذي فتح له الباب ليكون رجل دين معمم.. حيث قام بعد خلافه مع مسؤوليه في لبنان الى الانفصال وتأسيس المقاومة العربية الاسلامية واعلان الخلاف العلني الذي ادى به الى السجن بعد اتهامات بعلاقات مع (مجاهدي خلق) المعارضة للنظام الايراني. فئة ثانية لم تنضو ضمن اطار حزب الله، بل ناكفته منذ البدايات وكان ولا يزال لها طابع المناكفات الثقافية الواقعة والتي تصب الحرية والعروبة في إطارهما، وتحت عنوان الاختلاف الفكري، ومن ابرز هؤلاء العلامة السيد محمد حسن الامين والعلامة السيد الراحل هاني فحص.. فئة خامسة هي الشيخ محمد حسين الحاج (المجمع الثقافي الجعفري) الذي يحاول الذي يمسك العصا من الوسط من خلال نسج علاقاته مع كل من طرفي التحالف الشيعي أي أمل وحزب الله مقابل فتح علاقات مع فريقي 14 و8 آذار تحت عنوان “تعارف الاديان” والحوار، علما ان للشيخ محمد حسين الحاج تاريخ طويل في الخلاف مع حزب الله انتهى بهدنة منذ قترة قصيرة. ولا يمكن القول بأن هؤلاء متفقون فيما بينهم، وان كانوا غير مختلفين. وهم متفقون على الخلاف على سياسة حزب الله بشكل أساس وحركة أمل بشكل ثانوي. ويبقى الامر في صدى تحركهم قدرتهم على جذب الشيعة بشكل عام إليهم.

«حزب الله» و«شرق أوسط الخامنئي»
علي رباح/المستقبل/20 حزيران/15

يزداد الحديث عن تقسيم سوريا والعراق، وتُرسم لهذا المشروع سيناريوات عدة. لكن اللافت هو في الجهة المُسوّقة لهذا المشروع، حيث تجهد منظومة «حزب الله« الإعلامية، منذ أن سيطرت المعارضة السورية على ادلب وتقدّمت في درعا، للترويج لمشروع تفتيت المنطقة. حتى بدا لمحور «الممانعة» أن «الدولة المركزية الواحدة سقطت في كل من بغداد ودمشق، ولا عودة اليها قطعاً». هذا ليس أخطر ما في الموضوع، بل في الترويج لفكرة أن «هذا ما يريده أهل البلدين، بأقدامهم وأفواههم وأصابع الأزناد»! وكأن بـ»محور المقاومة» الديمقراطي يقول:»بما أن السوريين والعراقيين يريدون التقسيم، فلا يمكن أن نقف بوجه طموحاتهم»! ويخلص أحد منظري هذه «المنظومة» الى استنتاج، مفاده أن «سوريا، إن لم يحافظ نظامها وحكمها على كامل اراضيها، فالتقسيم هو الحل». بمعنى آخر، يقول «حزب الله« على لسان إعلامه:»إما أن يكون الأسد رئيساً على كامل الاراضي السورية، وإما التقسيم»!ما هكذا خرج الأمين العام لـ»حزب الله« السيّد حسن نصرالله في خطابه في 2007/7/28، ليعلن «إنهيار مشروع «الشرق الأوسط الجديد» تحت أقدام المجاهدين ونعال الأطفال ودمائهم التي سُفكت في عدوان تموز». خطابه وصراخه وحديثه يومها، عن «إسقاط مشروع الشرق الأوسط «البوشي» و»الكونداليراسي»، لتفتيت المنطقة الى دويلات طائفية مذهبية ممزقة متقاتلة متناحرة تلجأ كل منها لأميركا واسرائيل لتكون الحامية لها»، لم تكن لتقول إن «الحزب الإلهي» يمكن أن يسوّق يوماً لمشروع تفتيت المنطقة الى دويلات مذهبية. المؤشرات كافة تشير الى أن ايران و«حزب الله«، ذراعها الاقوى في المنطقة، فقدا الأمل نهائياً بسوريا موحّدة تحت حكم وسيطرة الاسد، وبات طموحهما إنقاذ ما يمكن إنقاذه، والعمل على إنشاء دويلة علوية، تحافظ طهران من خلالها على مصالحها الاقليمية، وتؤمّن عبرها التواصل الجغرافي والسياسي مع لبنان، قاعدة ايران الكبرى في المنطقة.

هكذا انكفأ قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، من معاركه في حندرات شمالاً ودرعا جنوباً، باتجاه الساحل السوري، واستقدم لمشروع الدفاع عن «دويلة الاسد» آلاف المقاتلين. وتزامن كل ذلك مع رسائل بعثتها اسرائيل، بحسب «يديعوت احرونوت»، الى «حزب الله« وايران لطمأنتهما حول حقيقة التدريبات الدفاعية الداخلية (سام نقطة تحوّل 15)، ولتجنّب تقديرات خاطئة من جهة الحزب وإيران، لحقيقة هذه التدريبات. وكأن اسرائيل تخاطب محور المقاومة:»سيروا فعيني ترعاكم»!

في قديم الزمان، كان للسيّد نصرالله نظرية سياسية لطالما ردّدها في خطاباته. كان الرجل على قناعة تامة بأن اسرائيل تسعى لتفتيت المنطقة، من خلال إضعاف الجيوش العربية أولاً. وبعد انطلاق «ربيع العرب»، حيث فقدت ايران الامل بالحفاظ على «هلالها» من خلال انظمة موالية لها، أخذت طهران مهمة إضعاف الجيوش على عاتقها، لصالح ميليشياتها الخاصة. دمّرت ما تبقى من الجيش والمؤسّسات الامنية العراقية، لتحل مكانها ميليشيا «الحشد الشعبي» المذهبية، التي دعا نصرالله الى تعميم نموذجها وفكرها على المنطقة. دمّرت الجيش السوري، واغتالت كبار الضباط (حتى العلويين ممّن رفضوا الهيمنة الايرانية على سوريا) لتحلّ مكانه ميليشيات مذهبية لبنانية وعراقية وافغانية، وقوات «حفظ النظام السوري« التي يصفها البعض بـ»باسيج سوريا». دمّرت الجيش اليمني واستبدلته بجيش حوثي، تلقى تدريباته وتسليحه مباشرة من طهران. دعمت حزباً مذهبياً في لبنان، ليصبح القوة العسكرية والسياسية المُقرّرة، على حساب الدولة اللبنانية وجيشها. يتبيّن في نهاية المطاف، أن مشكلة نصرالله لم تكن مع مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، بل مع كونداليزا رايس وادارة بوش اللتين لم تشاركا ايران بهذا «التفتيت». ولا مشكلة مع مشروعٍ تقسيمي يرسم ملامحه المفاوضون على «النووي» في لوزان وجنيف، وينفّذه «حزب الله« والميليشيات الايرانية من الشيعة العرب باللحم الحي! «هكذا تريد الشعوب»، تُسوّق منظومة «الممانعة» الإعلامية. وهكذا يُهيّئ «حزب الله« جمهوره لمراحل جديدة من الصراع قد تقتضي الامور فيها التضحية بالمزيد منهم. يُقتل عشرات الآلاف؟ لا بأس. تُقسّم المنطقة الى أقاليم مذهبية؟ تاريخ العرب محكوم بمتغيّرات سياسية وجغرافية وديمغرافية ! تفوز ايران بمهمّة تفتيت المنطقة بدلاً من اسرائيل؟ يدخل الشرق الاوسط بصراعات مذهبية دموية وأحقاد تاريخية تُبقي اسرائيل بأمان لعقود مقبلة؟ سيخرج من يجيب عن هذه التساؤلات- الهواجس بالقول:» تحرير فلسطين يبدأ بالسيطرة على المنطقة وبالقضاء على التكفيريين، هكذا جاء الأمر الإلهي»! أمر إلهي بتنفيذ «شرق أوسط الخامنئي« وليس شرق «أوسط كونداليزا رايس«!