علي الحسيني/«حزب الله» و«شيعة السفارة» و«ديكتاتورية».. القمع الذاتي

265

«حزب الله» و«شيعة السفارة» و«ديكتاتورية».. القمع الذاتي
علي الحسيني/المستقبل/07 حزيران/15

لم يكتسب «حزب الله» طيلة فترة ممارسته العمل العسكري منذ نشأته وصولا إلى مزاولته مهنة السياسة مع الإبقاء على عمله الأول كخيار أساسي يلجأ اليه لفرض شروطه، سوى لغة التخوين ومنطق القوّة والبطش اللذين اوصلاه الى سلوكه طريق التصفيات الجسدية الذي برع فيه حتّى أصبح الخيار الأوحد الذي يمتلكه في وجه اي عقبة تواجهه مهما كبر حجمها أو صغر.

«شيعة السفارة الاميركية». عود على بدء في قاموس تهديدات «حزب الله» لأفكار لا تتناسب مع طروحاته ولا مع أجندته التي تُمليها عليه علاقاته بدول لم تقم أنظمتها في الأصل إلا على القتل وسفك دماء شعبها، وشواهد ايران ما زالت ماثلة في الإذهان منذ «ثورة» الخميني مرورا بالتنكيل بأهل الأحواز التي استبدلها نظام ولاية «الفقيه» بـ«الاهواز» باللكنة الفارسية، وصولا الى الإرتكابات القمعية والتصفيات الفكرية والجسدية بحق الأكراد تماما كما هو الحال بالنسبة إلى النظام السوري يُبيد شعبه على خطى أسلافه كما هو حال ديكتاتوريات العالم الذين مرّوا عبر التاريخ حتى وصل به الأمر الى تهديد «العلويين» بالقتل في حال تخلّوا عنه.

يُجمع ساسة العالم على أن من أبرز علامات تهاوي الأنظمة الديكتاتوريّة أن تبدأ بذبح شعوبها واحالتهم إلى المحاكم العسكريّة واستحداث مراكز سجون اضافية تستوعب نزلاء من الحركات الاعتراضية السياسية. وهذا ما يقوم به النظامان الايراني والسوري بحق شعبيهما وما قام به الزعيم «النازي» ادولف هتلر الذي ازهق حياة الملايين من شعبه وجعلهم ينتحرون على جبهات الحرب المتعددة التي فتحها مع خصومه، وعلى الخطى نفسها يسير «حزب الله» اليوم، أكان لجهة فتح جبهات الحرب في آن، أو باستدارة بندقيته الى الداخل وتخوين جزء كبير من أبناء طائفته، وفي كلتا الحالتين يُمكن أن يُلاحظ بأن زمن أفول الحزب قد بدأ معهما، وبدأ يعد العدّة لتطبيق المرحلة الاخيرة «عليّ وعلى اعدائي».

فياض
الدكتورة في علم النفس منى فيّاض تعتبر أن «من عادة الأنظمة الديكتاتوريّة أن تتوجّه إلى شعبها بالقتل بعد عودتها من معارك خاسرة خارج بلادها والثورة «الخُمينيّة» خير دليل على هذا الوصف. ومعروف عن هذه الانظمة أنها تقمع شعبها بشكل سرّي بعيدا عن الإعلام ولكنّها عندما تشعر بقرب نهايتها تُظهر وحشيّتها تجاه شعبها لإدراكها بأنّها تعيش آخر لحظات عمرها.»

وبرأي فيّاض فإن «حزب الله خائف من المرحلة التي اوصل نفسه إليها وأن وضعه الميداني في سوريا ليس مُريحا وهذا ما يجعله يتصرّف بعشوائية تماما كما هو حال خطابات نصرالله العشوائيّة والمُشتّتة. واليوم يعمل الحزب على الحالة المذهبية كونه لم يعد قادرا على استقطاب الفئة المُفكّرة ولذلك ذهب إلى لغة العشائر. ويُمكننا القول ان حزب الله على إنحدار، لكن سرعة هذا الانحدار تتعلّق بالمرحلة التي يمر بها.»

سليمان
وفي السياق نفسه يرى المُفكّر السياسي حارث سليمان أن «الحزب يمر في مأزق حقيقي يجعله مغمض العينين عما يجري من حوله خصوصا وأن سوريا الأسد قد إنتهت». وبحسب سليمان فإن الحزب أدرك ولو مُتأخّراً أن خيار ذهابه الى دمشق لن يؤدي الى نتيجة وأن سقوط آلاف القتلى والجرحى في هذه الحرب سوف يضعه أمام مُساءلة ومُحاسبة من قِبَل الأهالي، وبدورنا سنضع أعيننا بعيني نصرالله وسنسأله عن الإنتصار الذي حقّقه مقابل خسارة هؤلاء الشباب».

سليم
أمّا مدير مركز «أمم» للأبحاث والتوثيق في لبنان لقمان سليم والذي كان «حزب الله» قد شنّ ضده حملة تخوين تحت شعار «يهودي في الضاحية» فيقول: لا بد من الإشارة إلى أن الهزائم المتتالية التي يُمنى بها حزب الله سواء في الميادين أو على مستوى المشروع السياسي، لا تدع له إلّا أن يرتدّ على خصومه الداخليين مستقوياً عليهم ومستعرضاً عضلاته». ويلفت إلى أن «هُناك قاعدة اساسيّة تقول انّه منذ نشوء أوّل ديكتاتوريّة في اثينا ولغاية يوم غد ربّما، فإن أي جيش عندما يعود الى موطنه مهزوما ومذلولا إمّا ان يؤسس نظاما إستبداديا وتُسمّى هذه المسألة عمليّا بـ «الطُغمة» أي أنها تحول بينها وبين مساءلتها عن الهزيمة، وإمّا ان يفتح حروبا أهلية وهناك شواهد على تلك المراحل آخرها نظام الأسد الذي إرتد على شعبه بعد إندحاره من لبنان، واليوم يفعل حزب الله الامر نفسه بعد إنكسار مشروعه في سوريا.»

مرّوة
أما الصحافي كامل مرّوة فيرى بدوره أن «حزب الله يعيش مأزقاً فعليّاً من جراء سياسته القمعيّة وحروبه العبثيّة التي يخوضها ضد الشعب السوري. وليضطر الحزب الى ان يصل الى مرحلة التهديد على لسان امينه العام فهذا يؤكد أنّه يشعر بخطر فعلي يتهدّده. واختلافنا مع الحزب بدأ من خلال إنتهاجه سياسة تفرّق ولا تجمع بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000، وقد عبرنا أيضاً عن موقفنا يوم ارتدّ عسكريّاً إلى الداخل اللبناني في السابع من ايار 2008. واليوم نعارض تدخّله العسكري في سوريا لأنّنا ما زلنا نعتبر أنفسنا مع الثورة السورية ونتمنى خواتيم تفضي إلى قيام دولة مدنية يعيش فيها كل أهلنا السوريين».