احمد عياش: إيران: جيش لبنان فساد وشلل//سميح صعب: لهذا كسر “حزب الله” الحدود

313

إيران: جيش لبنان فساد وشلل
احمد عياش/النهار/30 أيار 2015

نشرت وكالتا الانباء الايرانيتان “فارس” و”أرنا” الرسميتان قبل أيام مقالا كتبه ماجد حاتمي لم يذيّل بعبارة “هذا المقال يعبّر عن رأي كاتبه”. وقد حمل المقال العنوان الآتي: “لن تهزم “داعش” إلا بتعميم معادلة لبنان الذهبية”. ويشرح المقال ما ورد في خطاب الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لمناسبة الذكرى الـ15 للتحرير وتأكيد نصرالله ضرورة تعميم المعادلة الذهبية اللبنانية “الجيش والمقاومة والشعب” معتبرا هذه المعادلة “وصفة سحرية… لعلاج الحالة المزرية التي تعيشها بلدان المنطقة”. وقال أن ما “زاد من قوة المجموعات التكفيرية ضعف الجيوش العربية بسبب الفساد السياسي الذي شلّ حركتها كما هي الحال في لبنان…”. هذه النظرة الايرانية الى الجيش اللبناني يلاقيها موقفان لنصرالله والعماد ميشال عون. فنصرالله قال “نحن نشكل ضماناً” أي “حزب الله”. فيما سئل عون في آخر إطلالة تلفزيونية ألا يستطيع الجيش اللبناني وحده أن يقف في وجه المخاطر على الحدود الشرقية فأجاب: “لا، لا يستطيع. لماذا أحضروا له 3 مليارات من السلاح؟ قد يصل السلاح ولكن بعد أن تنتهي الحرب في الشرق الاوسط…”.

كان واضحا في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء أن منطق نصرالله وعون حيال الجيش قد هزم، وهذا ما أوضحه وزير الداخلية نهاد المشنوق بوضوح عندما أكد أن الاجهزة الامنية الرسمية هي التي تحمي لبنان وليس “انتصارات” الحزب في القلمون. ولذلك يشهد لبنان اليوم بعد هزيمة هذا المنطق حول ماذا سيفعل الجيش، معركة لمن ستكون قيادة الجيش. إذا كان “حزب الله” هو “درة التاج” في المشروع الامبراطوري الايراني فإن هذه “الدرّة” ليست في أحسن أحوالها. فمواكب تشييع ضحايا الحزب في معارك سوريا لا تتوقف لا بل أن تشييع الضحايا يتم بالجملة. وتقول إحدى الشخصيات البقاعية البارزة أن ذوي أحد هؤلاء رفضوا تسمية ضحيتهم “شهيدا” وأصروا على تسميته “فقيدا” تعبيرا عن رفضهم لحرب “حزب الله” في سوريا وهذا أمر لم يكن مألوفا من قبل. وليس حال النظام في سوريا بأفضل من حال “حزب الله”. إذ يتخوّف خبير روسي خلال اتصال بينه وبين صديقه اللبناني “من حصول تطورات مفاجئة في سوريا تؤدي الى سقوط الرئيس بشار”… من أجل فهم أكثر لما كتبه المعلّق الايراني يمكن متابعة تطورات العراق التي تخوض فيها الميليشيات الممولة إيرانيا الحرب ضد “داعش” تحت شعار “لبيك يا حسين”وهو أمر أوضحته المستشارة الاميركية السابقة للجيش في العراق إيما سكاي في حديث مع قناة “سي أن أن” التلفزيونية حيث قالت “لا يمكن الحصول على جيش وطني في الوقت الذي لا يتفق فيه السياسيون على هوية الدولة”… هل ينجو لبنان من النظرية الايرانية التي تقدّم الميليشيا على الجيش؟ تلك هي المسألة.

لهذا كسر “حزب الله” الحدود
سميح صعب/النهار/30 أيار 2015

بنى تنظيم “داعش” “دولته” على انقاض دولتي سوريا والعراق من الرمادي الى تدمر. وبنت “جبهة النصرة” “اماراتها” فوق الجغرافيا السورية ولا سيما منها المناطق الحدودية (مع لبنان والاردن ومرتفعات الجولان التي تحتلها اسرائيل). ولكن في كلا الحالين كان كسر حدود سايكس- بيكو عاملاً حاسماً في تأمين مصادر القوة التي يتمتع بها التنظيمان الجهاديان. وفي المحور المقابل ، كان “حزب الله” اللبناني الجهة الوحيدة التي بادرت الى كسر الحدود من طريق الذهاب للقتال في سوريا وربما بعض العراق، بينما يكاد يغيب عامل كسر الحدود على مستوى حكومتي سوريا والعراق. وكان ذلك سبباً رئيسيا من الاسباب التي أدت الى اضعاف الحكومتين في المواجهة مع الجهاديين. ان مبدأ المواجهة الشاملة التي يخوضها الجهاديون في أرض العراق وسوريا، لن تردعها ألا مواجهة شاملة في المحور المقابل. وكما قفز الجهاديون فوق الحدود التي رسمت قبل مئة عام، يتعين على المحور المقابل القفز فوق هذه الحدود اذا كان يتوخى كسب المعركة الوجودية في مواجهة المشروع الجهادي الذي احسن استغلال قوة الجغرافيا السياسية للهلال الخصيب اكثر من الدول التي نشأت في مرحلة ما بعد الاستعمار واستمرأت الكيانية وسيلة لضمان بقائها في السلطة، فأضاعت فلسطين لمصلحة المشروع الصهيوني، وها هي الكيانات نفسها تتبدد امام عصف المشروع الجهادي. وكما ترك المشروع الصهيوني تأثيراته على كل ساحات سوريا الطبيعية من لبنان الى الاردن والشام والعراق، يفتك المشروع الجهادي بهذه الكيانات غير تارك أي مساحة للحياد. فالعراق وسوريا في قلب المعركة بينما الاردن يدعم الجهاديين وخصوصاً “جبهة النصرة” نزولاً عند رغبة دول الخليج العربية وتركيا، ولبنان لم يكن يوماً محايداً في هذا الصراع، جزء منه لا يخفي تعاطفه مع كل ما هو ضد النظام السوري حتى لو كان ينتمي الى المشروع الجهادي، وجزء يرى ان المشروع الجهادي يستهدفه اكثر مما يستهدف النظام السوري. ولا بد من التوقف هنا عند التطمينات التي اطلقها زعيم “جبهة النصرة” ابو محمد الجولاني في المقابلة التي اجرتها معه قناة “الجزيرة” قبل ايام، للولايات المتحدة الى ان تنظيمه لن ينفذ عمليات في الغرب انطلاقاً من سوريا، بينما كان الجولاني قاطعاً في تحذيراته لطوائف سورية أخرى لا تشاطره الافكار والمباديء ذاتها. ولا حاجة الى التذكير بما فعله “داعش” باقليات دينية وعرقية في الاراضي التي استولى عليها. وهكذا تخوض دول وطوائف معارك الوجود. وفي هذا النوع من المعارك لا بد من كسر الحدود في مواجهة هي الاقسى تعرفها المنطقة منذ اغتصاب اليهود فلسطين عام 1948.