مشاري الزايدي:هل إيران بمستوى كلامها//عبد الرحمن الراشد:المقاتلات التركية تدخل الحرب

362

هل إيران بمستوى كلامها؟
مشاري الزايدي/الشرق الأوسط/27 أيار/15

هل تستطيع إيران أن تنفذ وعيدها ووعودها كلها؟ يقال إن إيران قد تستولي على العراق، عراق حيدر العبادي، بحجة قتال «داعش»، وحماية المراقد الشيعية، لكن الحقيقة هي مدّ الاحتلال الإيراني إلى العراق، فهي كرسي كسرى القديم، كما قال سابقا لنا علي يونسي مستشار الرئيس روحاني. وهي تفخر، أو كانت تفخر، أنها قد استولت على اليمن من خلال تابعها الحوثي، وكذا سوريا، وطبعا لبنان، من خلال فيلقها وحزبها في لبنان، بقيادة حسن نصر الله. وعلى ذكر الأخير فهو الآخر يجاري تبختر ومبالغة دولته المرجعية، إيران، فقد قال لمناصريه ولكل شيعة لبنان، قبل أيام إنه سيهزم كل خصومه، ووسع الدائرة هذه المرة، فجعل قطر وتركيا والسعودية، وكل التكفيريين، وشيعة السفارة الأميركية، بالقتال والهزيمة، مستذكرًا في سياق تاريخي تحريضي خطير، لحظات محددة، حسب الصحف اللبنانية المحبة له وقال: «إن الله كتب علينا كما كتب على الذين من قبلنا في بدر مع الرسول وكل المعارك حتى خيبر، ويجب أن نكمل إلى صفين، ومن يثبت في صفين يكون قد وصل»، نصف المعركة في الإعلام، والتبختر مكروه، إلا في ساحة الحرب، ومن التبختر أنواع تجري في الإعلام والسياسة.

ما هو حجم الحقيقة والوهم فيما تدعيه البروباغندا الإيرانية في المنطقة، وكيف نتعامل مع الخطر الإيراني، في حجمه الطبيعي، وبعيدا عن تهويشات خطباء الجمعة في طهران، وتهديدات المرشد خامنئي، الذي صار في حالة تنافس هذه الأيام مع مريده اللبناني حسن نصر الله في كثرة الحديث. نشرت «العربية نت» مؤخرا تعليقات مهمة لأحد أتباع المرشد خامنئي المخلصين، ولكنه انشق عنه منذ 2009، خصوصا بعد تزوير الانتخابات لصالح أحمدي نجاد. الشخص هو الكاتب والسينمائي والناشط السياسي والمدني المنشق محمد نوري زاد، وقد وصف الظروف التي يمر بها المرشد الإيراني نتيجة للتوافق النووي مع دول 1+5 بـ«المرة» و«العصيبة». نوري زاد الذي كان مقربًا من خامنئي يومًا ما، كتب على صفحته في «فيسبوك» متسائلاً: «هذه الأيام هي أيام مرة بالنسبة للسيد خامنئي، فهو لا يستطيع التقدم ولا التراجع (في مأزق) فإذا خضع للغربيين فما هو رده للجماهير المسيسة التي لا تنطلي عليها المراوغة؟». وأكد أن ما يمتلكه خامنئي – بغض النظر عن الأموال السرية الهائلة – في المقام الأول هو «مجرد كلام غاضب» على حد تعبيره. المعارض الإيراني خاطب خامنئي مباشرة ودعاه للتخلي عن: «النووي وبشار الأسد وسوريا واليمن وحزب الله ولبنان والبحرين والشيعة في السعودية والنزعة الشيعية، وأن يتحلى بمرونة شجاعة تنقذ الشعب الإيراني، وذلك عبر التوقف عن السير الممنهج على طريق يؤدي إلى دمار إيران». هذا هو الصحيح، فما يبقى في نهاية اليوم إلا ما تلمسه اليد وتختبره الحواس كلها، هناك حدود للقدرات العسكرية والأمنية والمالية، كما أن هناك نهايات لمجال التأثير والنفوذ. إيران تبالغ في التضخم.. حد الانفجار.

المقاتلات التركية تدخل الحرب
عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط/27 أيار/15

كل ما بان لنا حتى الآن مقتضب، ومذيل بكلمة «من حيث المبدأ»، ومع هذا هو تطور مثير ولأول مرة في معادلة الصراع في سوريا. فقد اتفقت تركيا مع الولايات المتحدة على أن يقدم سلاح الجو التركي الحماية لقوات المعارضة السورية في داخل سوريا. لم يقدّم وزير الخارجية التركي بعد توضيحا كافيا حول الاتفاق مع الأميركيين، لكن يبدو أن حكومة أنقرة أخذت على عاتقها مسؤولية دعم المعارضة السورية التي دُربت على أراضيها، وسيتم إرسالها لتعبر الحدود لتحرير مناطقها التي استولى عليها تنظيم داعش، وسيقوم سلاح الجو التركي بتقديم الغطاء وربما دعمها في القتال. وقد يفهمها البعض بأن الهدف ليس نظام بشار الأسد، ولا المناطق التي تحت سيطرته، وهذا صحيح حتى الآن، وستصيب البعض بالخيبة على اعتبار أن صورة المعارضة في ذهن الكثيرين تختصر في القتال ضد نظام دمشق. إنما لو وضعنا التطور الجديد في إطار الواقع السوري كما هو اليوم يبقى مهما لصالح المعارضة. من دون هذه الخطوة سيأكل الأشرار المعارضة السورية، مثل «داعش» وحزب الله. فسوريا الآن تَحْت ثلاث قوى رئيسية تتصارع فيما بينها، النظام والمعارضة والجماعات الإرهابية، وأي فريق يأكل أحد الفريقين المنافسين ستكون له الغلبة. أما لماذا تريد تركيا، وبدعم غربي، استهداف «داعش» وليس النظام السوري، فلأنه الفريق الأقوى والأسرع انتشارا، والذي يسيطر على أكبر مساحات سوريا، والأخطر الذي لا يعترف بقوانين دولية ولا حدود ويمكن أن يجتاز الحدود التركية مستقبلا ويهدد أمنها. وبالطبع هو الفريق الذي صار الجميع يتفق على محاربته، نظام الأسد والمعارضة والأتراك والعرب والغربيين. وهؤلاء يختلفون تقريبا على كل شيء ويتفقون على مقاتلة الجماعة الإرهابية.

على الأرض التركية جيش للمعارضة السورية يقدر بخمسة عشر ألفا تم تدريبه حديثًا، ولا ندري عن كفاءته في القتال، وكيف سيواجه أخطر مقاتلي العالم الذين برهنوا أنهم الأقدر على الانتصار نتيجة عقيدتهم المتطرفة، القتال من أجل الموت.

استعداد تركيا لمنح قوات المعارضة التأييد العسكري، والغطاء الجوي داخل الأجواء السورية يضعنا أمام تطورين مهمين، الأول أن المعارضة السورية أخيرًا قد تتمكن من تأسيس مناطق تحت سيطرتها وإدارتها، تحرسها تركيا. والثاني سيحظر على طيران الأسد، لأول مرة، قصف هذه المناطق المحررة التي طالما استهدفتها طائرات الأسد بالبراميل المتفجرة. وهذا التغيير ينسجم مع ما ظهر الأيام القليلة الماضية، حيث تحدثت مصادر عن قيام طائرات النظام بقصف مواقع لـ«داعش» في تدمر بالتعاون مع الأميركيين، وربما المعني هنا هو التعاون الاستخباراتي. مشهد غريب، اشتراك الأعداء في حرب ومهام قتالية متشابهة وضد عدو واحد، لكنه قد يمهد لاحقا، إما لمشروع سياسي، والأرجح دمج المعارضة المعتدلة في النظام السوري ناقصا الرئيس الأسد، وإما تقسيم البلاد وفوق الواقع الجديد الذي تقف فوقه قوات كل فريق. لكن هذين الأمرين مرهونان بنتائج الحرب على «داعش» الذي لن يكون سهلا هزيمته، بدليل فشل قوات النظامين في سوريا والعراق طيلة عامين دمويين! كما أنه مرهون بحجم التدخل التركي الذي وسعت أهدافه ومعانيه وسيكون حاسما في وقت لاحق، وقد عبر وزير الخارجية التركية عن شكواه بأنه لا معنى أن يذهب مقاتلو المعارضة السورية دون حماية جوية، لأن هذا يعني أنهم سيقتلون من الجو ببراميل الأسد وعلى الأرض ببنادق «داعش»، وهذا صحيح، فـ«داعش» والنظام اتفقا لعامين على استهداف قوات الجيش الحر وبقية القوى المعتدلة.