إيران ترفض التخلي عن الورقة اللبنانية وتتمسك بإطالة أمد الفراغ الرئاسي

293

إيران ترفض التخلي عن الورقة اللبنانية وتتمسك بإطالة أمد الفراغ الرئاسي
الأجواء التفاؤلية بإمكانية إجراء الانتخابات تبددت نتيجة إصرارها على ترشيح عون

“السياسة” – خاص19.01.15

يلعب النظام الإيراني و”حزب الله”, لعبة مزدوجة في لبنان, إذ يسعيان إلى تبريد الاحتقان المذهبي في الساحة الداخلية نظراً لتداعياته الكبيرة عليهما, فيما يواصلان في الوقت نفسه التمسك بإطالة أمد الفراغ الرئاسي, عبر الاختباء وراء مرشح “8 آذار” رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” ميشال عون. وتؤكد جميع المعطيات أن الأجواء التفاؤلية في شأن إمكانية انتخاب رئيس للبنان, التي سادت في الأسابيع الأخيرة من العام الماضي, تبددت كلياً في الأسابيع الأولى من العام الحالي, بعد تبلغ عواصم غربية, على رأسها باريس, أن طهران و”حزب الله” متمسكان بترشيح عون, رغم معرفتهما المسبقة والأكيدة باستحالة وصوله إلى قصر بعبدا, أقله بسبب معارضة ما لا يقل عن نصف المسيحيين في لبنان لسياساته المرتبطة بالمحور الإيراني – السوري.

وأكدت مصادر لبنانية ل¯”السياسة” أن الأجواء التفاؤلية بإمكانية انتخاب رئيس للجمهورية في النصف الأول من العام الجاري تلاشت تماماً في الأسبوعين الماضيين, لتحل محلها أجواء قاتمة, بسبب رفض قوى “8 آذار”, وعلى رأسها “حزب الله”, البحث في أي مرشح توافقي, ما يؤشر على أن إيران مصرة على الإمساك بالورقة اللبنانية من خلال حليفها “حزب الله”. وقللت المصادر من أهمية المواقف الأخيرة التي نقلها زوار لبنانيون عن رئيس النظام السوري بشار الأسد لجهة عدم إمكانية انتخاب رئيس في لبنان من دون مواقفة دمشق, مؤكدة أن هذا النظام المتداعي يلفظ أنفاسه الأخيرة ولا قدرة لديه على التأثير في لبنان كما كانت الحال عليه في السابق, لأن “حزب الله” بات ينفذ الأجندة الإيرانية كاملة من دون أي اعتبار لمصالح نظام الأسد, الذي يُنظر إليه في طهران على أنه تابع وليس حليفاً. لكن الوضع مختلف بالنسبة للنظام الإيراني, فهو مازال يتمتع بنفوذ واسع في لبنان, سواء عبر “حزب الله”, أو عبر أحزاب وشخصيات تتلقى رواتب شهرية من طهران.

وفي هذا الإطار, أوضحت المصادر أن إيران سمحت ل¯”حزب الله” بالانخراط في الحوار مع “تيار المستقبل” ووافقت على انتهاجه سياسة تهدئة في مواجهة خصومه, انطلاقاً من قناعة بضرورة تخفيف الاحتقان مع الطائفة السنية, سواء في لبنان أو في العالم العربي, لكنها لن تسمح له بأي حال من الأحوال بتقديم أي تنازلات في ما يتعلق بالملف الرئاسي, لأنها تعتبره ورقة قوية لابتزاز الدول الغربية, في المفاوضات معها بشأن أوضاع المنطقة, التي تجري بالتوازي مع المفاوضات بشأن الملف النووي. وكشفت المصادر أن ما يؤكد هذه المعطيات يتمثل بالأجواء التي عاد بها مدير دائر الشرق الأوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو بعد زيارته الأخيرة لطهران, حيث أنه تبلغ من الإيرانيين بضرورة مراجعة حلفائهم في لبنان بكل ما يتعلق بشأن الانتخابات الرئاسية, بعدما كانوا أبدوا بعض الحلحلة في هذا الشأن. وأضافت المصادر ان إحالة إيران المبعوث الفرنسي إلى “حزب الله” يعني العودة إلى المربع الأول, لأن الأخير سيحيل بدوره جيرو إلى ميشال عون, ما يعني أن طهران والحزب يصران على الاستمرار بسياستهما القائمة منذ الصيف الماضي عند انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان, وفحواها أن لا علاقة لهما بالملف الرئاسي وأن المعني هو ميشال عون. لكن سياسة التعطيل هذه تحمل في طياتها مخططاً لإسقاط مؤسسات الدولة في لبنان من خلال تعميم الفراغ, ورفض التوصل إلى حلول, بحسب المصادر, التي استغربت قبول عون بأن يكون أداة بيد هذا المشروع, داعية إياه إلى تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية وتفيدم تنازلات لصالح الدولة.

واستبعدت أن يؤدي الحوار الجاري بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” أو بين “التيار الوطني الحر” (بزعامة عون) و”القوات اللبنانية”, إلى إيجاد حل لأزمة الانتخابات الرئاسية, لأن هذا الملف مرتبط بالخيارات الكبرى ولا قدرة لأي فريق على اتخاذ موقف منه بمعزل عن حلفائه الاقليميين. وأوضحت أن كل ما يجري من حوارات يهدف إلى تبريد الساحة الداخلية وتحصينها في مواجهة تداعيات تصاعد الأخطار الإرهابية, وهي نقطة تمثل مصلحة مشتركة لجميع القوى السياسية, معربة عن مخاوفها من تراجع الملف الرئاسي إلى آخر قائمة الاهتمامات مع ما لذلك من مخاطر كبيرة على لبنان