أنطوان مراد/فرنسا بلا هوية، لبنان بلا رئيس

260

فرنسا بلا هوية، لبنان بلا رئيس
أنطوان مراد – رئيس تحرير إذاعة “لبنان الحرّ”
10 كانون الثاني/145

فصل أول:
ما يحصل في فرنسا كان متوقعا بشكل أو بآخر. فلشدّة ما أصرّ الفرنسيون على ترسيخ ما يعتبرونه فضائل الجمهورية والتسامح المتمادي والانفتاح، ها هم يقعون في المحظور.

المسألة هي في عدم التمييز بين أهل الإسلام المعتدل والمؤمن بالتنوع، وبين العقل المقفل الذي يرفض التأقلم مع الواقع والحداثة ويتغذى بالانعزال.

يا لها من مفارقة !

العلمانيون والمعتدلون في تونس، وهم مسلمون بالتأكيد، يستعيدون الدولة ديموقراطياً من براثن التطرف، بينما فرنسا تسقط في براثن التطرف الإسلامي الأعمى، بعدما تعامت عنه طويلاً وراحت تجد له المبررات السوسيولوجية والسيكولوجية.

اليوم يبدو نيكولا ساركوزي الرئيس الحقيقي لفرنسا، فساركو كما يسميه محبوه، لا يجد غضاضة في الحديث عن الهوية المسيحية التاريخية لفرنسا التي عُرفت بأنها الابنة البكر للكنيسة. بينما فرانسوا هولاند ومعظم اليسار الفرنسي وبعض اليمين الوسطي لا تعنيهم هذه الهوية، ولو أنها في صلب تركيبتهم الأخلاقية والإجتماعية. وهنا مكمن الخلل في التعاطي بين من يفتقد الهوية، وقد اعترف هولاند بوجود أزمة هوية في فرنسا، وبين من يشهر هويته بالتحدي والقوة والفرض والتطرف حتى العنف.

والشيء بالشيء يذكر.

عندنا ولسخرية القدر، أتباع النظام السوري الذي يدّعي محاربة الإرهاب التكفيري شكلاً، هم الذين يحاربون الإعتدال السني ويخوّنونه. وحزب الله، الحزب الأصولي المتشدد هو الذي يحارب الإعتدال السني في لبنان وفي سوريا، فهمّه حماية نظام علماني في الظاهر ومذهبي في الواقع. وكلما اشتد ساعد المتطرفين والتكفيريين وضعُف المعتدلون، وجد النظام مبررات لاستمراره والحزب مبررات لسلاحه!

فصل ثان
النُفايات جمع نفاية، وتعني ما نُفي ونُبذ. مجلس الوزراء بالأمس غرق في النفايات ونفى نفسه إلى قعر هوّة العجز، ونبذ الحل المطلوب للبلد المنكوب بصراع الجيوب.

وبعد، لا أحد يسأل عن رئيس الجمهورية الذي بات في المنفى، منفى النسيان.

لقد أصبح الاستحقاق الرئاسي للأسف مجرد لازمة تتكرر في بيانات مجلس المطارنة الموارنة وفي استهلالات الرئيس تمام سلام لجلسات مجلس الوزراء. وحتى الدكتور سمير جعجع، وفي ضوء المسلسل الممل للجلسات المجهضة، اختصر الكلام على الاستحقاق الرئاسي على هامش جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، لكنه حرص على تكرار الدعوة إلى احترام الدستور والنزول الى ساحة النجمة لانتخاب رئيس.

وزِد أن الرئيس سعد الحريري لم يتعب قبل حوار المستقبل وحزب الله من الترداد أن الاستحقاق الرئاسي هو أولوية الاولويات، وإذ بالحوار وبناء على رغبة الحزب ينحصر باحتواء الاحتقان. هاتوا لنا طبيب مسالك.

والسلام.