الأب سيمون عساف/الأب سيمون عساف: سلطات ثلاث على الحضيض، فشلت في لبنان وسقطت، فلا نمالِقن ولا ننخدعن أبدا

48

الأب سيمون عساف: سلطات ثلاث على الحضيض، فشلت في لبنان وسقطت، فلا نمالِقن ولا ننخدعن أبدا
الأب سيمون عساف/16 شباط/2022

سلطات ثلاث على الحضيض، فشلت في لبنان وسقطت، فلا نمالِقن ولا ننخدعن أبدا.

السلطة التشريعية السلطة التنفيذة السلطة القضائية.

كلٌّ من هذه السلطات لها استقلاليتها المطلقة. في الدستور نظام لبنان سياسي جمهوري ديمقراطي توافقي، إنه طائفي بحيث توزع المناصب الأساسية بنسب محددة بين أعلام الطوائف المختلفة. كما أنه قائم على مبدأ الفصل في السلطات الثلاث

( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) والدستور اللبناني يكفل لشعبه المساواة وحرية التعبير والحرية الدينية ويصون لهم ممتلكاتهم الخاصة ويعطي الفرصة للبنانيين بتغيير الحكم بالطرق الديمقراطية.

لكن للأسف، رأينا التطبيق عكس المكتوب، إِذ يشوب التطبيق الفعلي والصائب للنصوص العديد من الإِشكاليات التي تراكمت منذ اتفاق الطائف. منطق القوة يفرض نفسه فيستأثر بالحقيبة التي تعجبه صاحب الشأن المكلَّف ولا يؤمن بالمداورة.

احداث جسام ممتدة على مدى 40 عاما تظهر مدى هشاشة النظام السياسي اللبناني وحاجته الدائمة إلى حكم خارجي يحكم بين اطراف النزاع الداخلي. رب سائل لماذا؟

الجواب لأن ذهنيات الشرائح عشائرية قبلية بامتياز، يعني تغزو بعضها ترفض بعضها تريد السطو على بعضها. لسنا في سياق بحث تاريخي للدولة والحُكم والحُكَّام، إِنما نسلِّط الضوء بشكل سريع على ماجريات تولِّي المسؤوليات على كراسي الرئاسات: رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء؟

إن اتفاق الطائف كان ورقة نعي لبنان والدليل في ما نحن عليه الآن. جندلتنا الطائفية وفتك بنا فساد الحكَّام. ويعلم الجميع كيف وماذا ترك من ديون وشجون اول رئيس وزراء بعد اتفاق الطائف. وكان الخلاف حاصل بينه وبين رئيس الجمهورية! لا يُعقل ان يُحكم بلد بثلاثة رؤوس.

سقطت مصداقية مجلس الوزراء لأنه اذا تمنَّع وزير عن الموافقة يتعطَّل القرار. هذا هو العيب الأول!

والعيب الثاني هو أن رئيس مجلس النواب باتفاق مع رئيس مجلس الوزراء يداورون ويديرون كما يشاءون مجاري الريح.

فيكون رئيس الجمهورية خيال زرِّيعهْ أو تمثالا على سُدَّته، عكس ما كان قبلا لرئيس الجمهورية وحده الفصل بالقضايا العالقة. أَمَّا العيب الثالث فاذا تمنع رئيس الجمهورية عن الموافقة على تشكيلة الحكومة، بعد فوات خمسة عشر يوما يسري مفعول المرسوم ويصبح نافذا دون حاجة للرجوع الى موافقته.

هذه الدلائل كافية نبدِّيها على غيرها للدليل على الغضَن والخلخلة في التركيبة الاعتباطية للدستور خارج لبنان. تبقى السلطة القضائية التي هي من حيث المبدأ رمز النزاهة والحق والعدل والإِنصاف. ترعى شؤون الناس وتحفظ لهم حقوقهم، وحدها التي يعوَّل عليها عند تصادم أو إشكال السلطتين التشريعية والتنفيذية. فالقضاء هو في العُرف العالمي المرجعية الفاضلة الفاصلة والحاسمة لآنها تستند على بنود قانونية تبتُّ وتجزم بموضوعية صادقة احتراما لقسم اليمين من دون العودة الى احد.

لها الكلمة الأُولى والأخيرة والأمر والنهي. لكن ظنُّ الشعب اللبناني خاب وانضرب بالخيبات بسبب الحُكَّام الذي خانوه وخدعوه ونهبوا ودائعه وأفقروه واذلُّوه.

سيَّسوا القضاء وعيَّنوا لهم محاسيب وإذ بالفساد يلطش الجسد القضائي ويرديه على سرير الموت السريري.

هذا ما فعله المسؤولون عن لبنان بلبنان. فساد مستشري وفسق منتن وسفاله معيبة وانحطاط بحرامية قذرين غائصين في مستنقعات الوساخة.

بقيت سلطة القضاء التي انتظرها الشعب اللبناني بفارغ صبر، وانتظر لمعات نور من قصر عدلها، فاذا بالقضاء يقضي على ما تبقى والنظافة نفايا دولة والقصر يصبح مدفنا عفنا وفوضى وخيانة لشرف اليمين وشرف القسم وزعبرة وتلكّؤ وانحياز ومداورة.

يعني جنازة للسلطات الثلاثة ووضع النعش في مقابر مار متر او مقابر الباشوره. وداعا لبنان وتعازينا للعشب المقهور من زعماء أبالسة الجحيم تنفر من نتانتهم الكريهة.