مكرم رباح/حكومة ميقاتي… وصهريج ضومط

78

حكومة ميقاتي… وصهريج ضومط

مكرم رباح/الراي/22 أيلول/2021

نالت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي «الباكي الأكبر» الثقة في مجلس النواب اللبناني في مسار بدا طبيعياً لحكومة تشبه الى حد كبير حكومة حسان دياب المغادر من وجه العدالة الى الولايات المتحدة الأميركية، إنما بتصفيفة جديدة.

حكومة برنار إيمييه – المندوب السامي الفرنسي الجديد – التي تزعم الإصلاح والإنقاذ ويرأسها نجيب ميقاتي، الذي يحاول حالياً شراء شركة اتصالات في ميانمار من الجيش الانقلابي، مررت بيانها الوزاري بسلاسة بعد اعتمادها صياغة جديدة خبيثة لثلاثية الشعب والجيش والمقاومة لتصبح «نؤكد على حق اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وردّ اعتداءاته واسترجاع أرضه المحتلة». بطبيعة الحال حق اللبنانيين هنا لا يشمل كل الشعب اللبناني بل فقط الميليشيا الإيرانية المتمثلة بحزب الله والتي تحولت خلال العقود الماضية إلى حرس حدود الجبهة الشمالية الإسرائيلية وانصرفت للقتال في أنحاء المعمورة لتهجر أهالي القصير ومنطقة القلمون السوري، ولتقدم المشورة والتدريب للحشود الشعبية تحت ذريعة محاربة الإرهاب، في حين أنها تقوم فعلياً بمحاربة القانون والشرعية لتحول البلدان التي تحتلها إلى جحيم.

والخَساسة الكبرى للطغمة الحاكمة قد تكمن في الاستمرار بأخذ البلاد والعباد كرهائن والإيحاء لهم بأنها جادة في عملية النهوض الاقتصادية وإنهاء الوقوف في طوابير المحروقات والتفتيش الجنوني على أدوية أحبائهم المرضى. ودموع الرئيس ميقاتي على الوضع الاقتصادي المزري ليست إلا مسرحية ساخرة سعى من خلالها هذا الملياردير إلى إقناع الناس بأنه يشعر بمعاناة الشعب اللبناني الذي ينتظر الموت، إن كان بانفجار جديد او بظاهرة جرمية جديدة في أسواقهم السوداء.

ومناورات ميقاتي المتنوعة لا تجدي أمام صهاريج النفط التي استقدمها حزب الله من إيران وأدخلها الى لبنان من دون دفع الرسوم الجمركية المتوجبة عليه والتي تخوله بيعها بأسعار منخفضة للبنانيين ليحصل في المقابل على كتلة نقدية لبنانية تسمح له بشراء الدولار من الأسواق.

سويسرا الشرق أصبحت في عهد فخامة الرئيس ميشال عون «لبنان الصهاريج»، ولبنان الذي ادعى حزب الله وأسياده في ايران بأنه نقطة رباط لتحرير القدس وفلسطين تحول إلى سوق لتصريف المحروقات الايرانية لتصبح تلك العائدات إحدى أهم مصادر تمويل «نشاطات» حزب الله العابرة للحدود. فالمقاومة الاسلامية قد تكون فشلت في تحرير بيت المقدس ولكن مع تهريبها المضاد للمحروقات تستطيع أن تملأ خزان الوقود لهؤلاء الراغبين بالجهاد في القصير وبغداد وصنعاء وحتى اميركا الجنوبية.

الوضع الحالي في لبنان قد يتجسد في مسرحية «نزل السرور» للفنان اللبناني المبدع لكن العاشق وللأسف لنظام البراميل المتفجرة الأسدي زياد الرحباني. فرئيس الحكومة يذكرنا بشخصية رشيد الذي يدمن على سباق الخيل وبموقفه من ضومط صاحب صهريج المياه الذي يحرجه دائما امام سكان الحارة. وصار واضحاً ان مختلف الزعماء اللبنانيين يقومون كرشيد بلعب دور الرجل القوي لتصل به الأحوال إلى الطلب من ضومط بعدم ركن صهريجه أمام منزله مع غض النظر عن أمور أخرى.

ميقاتي كرشيد السبقجي (المدمن على الخيل) حزن على مناظر صهاريج حزب الله وهي تغتصب السيادة اللبنانية، لكنه لم يمانع استمرار هذا التعدي على السيادة والدستور إنما في الخفاء شريطة ان يبقى على رأس الحكومة اللبنانية، المنصب الذي انتزعه مقابل تنازله عن الثلث المعطل، إن لم نقل اكثر.

الشعب اللبناني، وبكل أطيافه، يتمسك بالسحاب ويطلب الخلاص.. لكن الترحيب بميقاتي وصهاريج المازوت المهرب والشعوذات الاقتصادية والسياسية لمحور التهريب لن ينقذ شعباً يراهن على مقامرين ومجرمين لا يخجلون من السرقة في العلن ولا يشعرون بأي إحراج في رفض الخضوع للعدالة والقضاء بسبب قتلهم الأبرياء وتدميرهم لمدينة بيروت. ففي النهاية حكومة ميقاتي أو أي حكومة اخرى تولد من رحم المحاصصة لن تستطيع إخفاء صهريج ضومط ولا خيانة الطغمة الحاكمة وتجار المازوت والموت المتنقل.