شارل الياس شرتوني/علي ابراهيم، أو الوجه القضائي للاوليغارشيات المافيوية

98

علي ابراهيم، أو الوجه القضائي للاوليغارشيات المافيوية
شارل الياس شرتوني/31 أيار/2021
انقضت عشر سنوات على تعيين القاضي علي ابراهيم من قبل نبيه بري، مدعيا عاما ماليا، لم نشهد خلالها أي توقيف للمدعى عليهم، حتى هيء لنا أن سرقة الاموال العامة، وأموال المودعين في المصارف هي أوهام نسجتها مخيلتنا في قعر الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي تأكل عافيتنا يوم بعد يوم. يستعيد هذا الڤيديو بعض الوقائع الجنائية المالية (١١ مليار فؤاد السنيورة، قروض نجيب الميقاتي السكنية، الفساد في مصلحة تسجيل السيارات، مرفأ بيروت، المطار، شركات النفط… ) التي لم تأخذ طريقها نحو تقصي الحقائق الجرمية والمقاضاة السوية. إن أخطر ما في هذه الملاحظات هو تطبيع الفساد والتعاطي معه كأنه جزء من الحياة العامة من قبل القضاء المختص في تقصي وملاحقة ومحاكمة جرائم الفساد المالي على تنوع موضوعاتها (عدم إنفاذ مبدأ تعارض المصالح، استعمال النفوذ السياسي مدخلا للمكاسب المالية والعقود العامة بالتراضي والتصرف بالمناقصات العامة، تثبيت الريوع والحيازات والزبائنيات في صلب العمل الاداري والعام والخاص، التلاعب بالمحاسبة العامة…). يستمد تعيين مدع عام مالي واحد لكل لبنان حيثيته من الارادة السياسية التي أتت به، ويعبر بشكل فاقع عن واقع الفراغ الاخلاقي والقانوني والسياسي الذي يحكم التعيينات القضائية، واستخدامها كإطار من أجل تصريف مصالح الاوليغارشيات الحاكمة منذ بدايات التسعينات، على أساس تسويات ومقايضات مصلحية مرحلية، وحسابات سياسية تحكمها موازين القوى المحلية والاقليمية، حولت مؤسسات الدولة الى مورد لترفيد سياسات الريوع والحيازات والزبائنيات التي طبعت سياسات الطائف منذ بداياتها.

لم ينتج عمل المدعي العام الوحيد، في بلد ينخره الفساد على كل المستويات العامة والخاصة، قرارا حتى اليوم باحتجاز المدعى عليهم، حتى بتنا نخال أن كل هذه الملفات وهمية وغير موثقة، وتعكس هلوسات أو تعديات أخلاقية تنال من صدقية الاوليغارشيات المافياوية الحاكمة .إن ابرز ما يؤشر اليه أداء المدعي العام المالي هو تظهير لمكابرة هذه الطبقة السياسية ومستخدميها من قضاة وإداريين، وتعاليها على آليات دولة القانون وما تفترضه من التزام ضنين بالموجبات المعيارية والاتيكية والقانونية والمحاسبة، وللاتجاهات الانقلابية التي تحكم أداء الفاشيات الشيعية، على خط التواصل بين تعطيل المؤسسات الديموقراطية، ومنازعة شرعية الكيان الوطني اللبناني والثقافة الميثاقية والتوافقية التي تحكم توازنات الاجتماع السياسي اللبناني، وتغيير الديناميكيات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والمدينية، والجغرافية البشرية والسياسية على نحو استوائي مع الداخل السوري والاقليمي المتفجر. علي ابراهيم ليس فقط عنوان أساس من عناوين الفساد الذي يحكم الحياة العامة والممارسات القضائية، بل اعلان مبرح عن سياسة السيطرة الشيعية بمكوناتها الانقلابية والجنائية، واندراجها ضمن سياسة الفراغات الاستراتيجية المعممة على تنوع مندرجاتها.