أحمد الجارالله/ماكرون… أَنقذوا لبنان وليس حزب الله

173

ماكرون… أَنقذوا لبنان وليس “حزب الله”!
أحمد الجارالله/السياسة/31 آب/2020

ربَّما على الرِّئاسة الفرنسية سماعُ صوت اللبنانيين قبل أن تتبرَّع بتعويم أصل البلاء في بلدهم، ونقصد به “حزب الله” الذي ضرب المناعة الوطنية من خلال فرضه منطق الدويلة المأجورة لإيران على خمسة ملايين مواطن، وخطف الدولة التي تحتفل غدًا بالمئوية الأولى على إعلان “دولة لبنان الكبير“، إذ بعد مئة عام على هذا الكيان يرفض شعبه أن يعود إلى المتصرفيات والملحقيات، وحكم الزعامات الذين يوظفون زعرانهم لقمع الناس.

ما تحاوله فرنسا في لبنان، سبق أن جرَّبته في سبعينات القرن الماضي حين منحت فيروس الفتنة والإرهاب الخميني مأوىً، ومنبرًا لممارسة تدليسه على الإيرانيين ووعدهم بجمهورية إسلامية عادلة ينالون فيها كل حقوقهم، ليتضح لاحقاً أنها جلبت عليهم الجوع والفقر والعزلة والقمع والتسلط الملالوي، ومارست إرهابها في الإقليم والعالم، إلى درجة أن الإيراني أصبح منبوذًا في كل الأرض.

لا شكَّ أن الظروف اختلفت عما كانت عليه قبل أربعين سنة، في ظل التطور العلمي والتكنولوجي الهائل. لذلك، فإن الأساليب التي اتبعت في تلك المرحلة لم تعد تنفع اليوم. بل إن الخريطة الدولية تبدلت كليا، وإذا كانت باريس تبحث عن موطئ قدم لها في المنطقة، وإعادة التموضع انطلاقا من لبنان، عبر مداهنة هذا الحزب واسترضاء نظام طهران، فهي تخطئ كثيرًا، لأن مراكز القوى لم تعد كما كانت في عام 1920 حين أَعلنت إنشاء هذا الكيان، بل إن الشعب اللبناني لم يعد ينظر اليها كمنقذ.

اليوم لبنان لديه علاقات مع الشرق والغرب. وهناك نخبة تدرك جيدًا المخاطر المترتبة على ضخ الأوكسجين لهذا الحزب الإرهابي الذي يشارف على الاحتضار.

فالرفض الشعبي له أكبر من أي يوم مضى، إضافة إلى أن هناك معادلة جديدة وهي السلاح مقابل السلاح التي تتبلور حالياً، بعدما شعرت فئات عدة بالتهديد المصيري الذي يُمثله “حزب الله” وهي لن تقبل أن تُساق كالنعاج إلى مذبح المصالح الفرنسية، لا سيما أن هناك قوى عربية ودولية عدة فاعلة في الشأن اللبناني لن تقبل باستمرار هذا الفيروس بنشر وباء الإرهاب في الإقليم.

ما يطلبه اللبنانيون بسيط جدًّا، وهو الدولة المدنية السيدة الحرة المستقلة، التي تملك وحدها حصرية السلاح، وقرار الحرب والسلم، والمساواة والمواطنة، وهذا لن يتحقق مادام أن هناك ميليشيا تمارس يوميًّا إرعاب المكونات الأخرى تحت شعار ما تسميه مقاومة وحماية حقوق الطائفة. فالثورة المستمرة منذ نحو عام تسعى إلى تخليص لبنان من براثن منظومة المافيات والميليشيات وتواجه أعتى قوة قمع شهدها بلدهم منذ عقود.

لذا يا حبذا لو أنَّ فرنسا، بصفتها الأم الحنون، كما يقول اللبنانيون، تعيد النظر بالدواء الذي يحمله رئيسها، لأنه يُسمم الجسد اللبناني أكثر مما يمنحه الصحة، ولا تأخذ بمسح الجوخ الذي يمارسه نصرالله حاليًّا، فهو يبحث عن خشبة خلاص، وتخطئ باريس حين ترميها إليه، فلبنان يحتاج إلى تجديد بعيداً عن تسويات أثبتت العقود الماضية فشلها.

ملاحظة: اضغط هنا لقراءة كل ما يجب ان تعرفه عن عملية “دراكار”: من قتل المظليين الفرنسيين في بيروت في العام ١٩٨٣؟
https://www.metransparent.com/spip.php?article23509