الكولونيل شربل بركات/يوم المرأة العالمي – نساء رائدات من تاريخ شرقنا

170

يوم المرأة العالمي – نساء رائدات من تاريخ شرقنا
الكولونيل شربل بركات/09 آذار/2020

في يوم المرأة العالمي نتذكر بعض النساء اللواتي تركن اثرا في شعوب المنطقة قبل أن يأتي زمن سجن المرأة داخل اسوار المنازل وبراقع عُقد السبي المعممة في طول البلاد وعرضها.
في القديم كانت “عناة” الصبية المقاتلة تزين اساطير الكنعانيين ومعابدهم وكانت تقاتل “موت” الذي قتل البعل وتقول له سأذريك بالمذراة وسأنشرك أمام الريح وهي التي كلفها “ايل” أن “ازرعي الحب بالأرض… وانشري السلام ما استطعت…” أما “أشيرة” أم الآلهة فقد تزينت المعابد بتماثيلها وعلى مثالها نمت الأمومة وتطورت فكرة الزواج.
وبعد قرون من التطور ولما كان اليونانيون في عصر البداوة لبس “زوس” كبير آلهتهم ثوب الثور واختطف “أوروبا” ابنة ملك صور ليبقى إسمها مرادفا لقارة حملت الحضارة إلى العالم.
ثم تأتي “أليسار” (ديدون) ابنة ملك صور حوالي القرن الثامن قبل الميلاد والتي لم تقبل بالظلم فرحلت مع أعوانها لتبني “القرية الجديدة” (قرت خداشت) أي ما عرف بقرطاجة في شمالي أفريقيا فترث صور وتصبح عاصمة التجارة ومركز النشاط الاقتصادي في حوض البحر المتوسط ويطوف بحارتها المحيطات ويوثّق “حنون” رحلته حول أفريقيا والتي بدأها مبحرا غربا في الاقيانوس ملتفاً حول ما يعرف اليوم براس الرجاء الصالح حتى البحر الأحمر ليصل إلى شواطيء مصر.
وكان بحارة من صور بحسب “هيرودوت” قد قاموا بالدوران حول أفريقيا من البحر الأحمر باتجاه المحيط الهندي والعودة من المحيط الأطلسي إلى البحر المتوسط ايام الفرعون “فنكو” وقد تعجب هيرودوت كيف أن هؤلاء قالوا إن الشمس كانت تشرق عن يمينهم.
ولكي نبقى في تاريخ النساء اللواتي اشتهرن في المنطقة لا بد لنا من ذكر “كليوبترا” وسيطرتها على مصر.
ولن نغوص في الكلام عن السيدة مريم العذراء أو القديسات اللواتي زيّن بسيرتهن دروب المسيحية خاصة في زمن الاضطهاد.
ولكننا سننتقل إلى ملكة أرضية حكمت وحاربت كالرجال وبنت امبراطورية لا تزال أطلال مدينتها قائمة وهي زينوبيا ملكة تدمر وقد سيطرت على بلادنا من مصر إلى ما بين النهرين وحتى أسيا الصغرى.
وقال فيها اورليان:”ان من يقولون أني انتصرت على امرأة لا يعلمون من كانت تلك المرأة ولا ما أحكمها في آرائها وأثبتها في أحكامها وأبسلها مع جنودها، ولا ما أحلمها وأقساها بحسب ما تقتضيه ظروف أحوالها. فلولاها ما انتصر “أذينة” (زوجها) على الفرس. ولم ينكف العرب والشراكسة والأرمن عن أثارة الفتنة إلا خيفة من بسالتها” وكان هذا في القرن الثالث ميلادي حوالي سنة 270.
ومن النساء اللواتي قمن بحروب وقدن رجالا في القتال أيضا “ماوية” وهي المعروفة بماء السماء (لحسنها) وكانت من ملوك الحيرة وقد حملت على فينيقية وفلسطين ووصلت إلى تخوم مصر.
وكانت حربا شديدة هائلة ضد الرومانيين ولما طالت أرسل الرومانيون وفدا لطلب الصلح فكان شرطها أن يعيّن ناسك في البرية القريبة منها أسقفا على أمتها وكان اسمه موسى وقد اشتهر بالفضائل والآيات التي كان الله يصنعها على يده.
ولم يقبل موسى أن يرقيه “لوشيوس” بطريرك الأسكندرية يومها لأنه كان أريوسيا فطلب الرومان من بعض الأساقفة المنفيين ترقيته إلى درجة الأسقفية ومضى إلى الحيرة يدير شعبها وأمراءها المنتصرين بقيادة ماء السماء. وكان هذا في القرن الرابع اي حوالي 370.
هذه أمثلة على قدرة بعض النساء في تاريخ منطقتنا واليوم تثبت النساء مجددا مقدرتهن في مجالات متعددة فهنيئا للمرأة في يومها العالمي.