أمير طاهري: حسن روحاني، رجل الألف وجه يرتدي قناعاً جديداً/Amir Taheri: Hassan Rouhani, A Man of a Thousand Faces Wears a New Mask

51

Hassan Rouhani, A Man of a Thousand Faces Wears a New Mask
Amir Taheri/Asharq Al-Awsat/February 07/2020

حسن روحاني، رجل الألف وجه يرتدي قناعاً جديداً
أمير طاهري/الشّرق الاوسط /07 شباط/2020
بصرف النظر عما يعتقده البعض في الرئيس حسن روحاني، رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران، إلا أن هناك أمراً واحداً أكيداً: إن كانت الأمور قد اتخذت مساراً مختلفاً في إيران قبل أربعين عاماً، ربما لكان روحاني يعمل الآن كاتباً لبعض الروايات المثيرة ذات الموضوعات المحلية. وتتجلى موهبة السيد روحاني في كتابة الروايات عبر الأسلوب الذي ابتكره لنفسه على مر السنين. ففي عام 1977. عندما كانت النعرات الثورية الأولى تتناثر بين ربوع إيران، كان روحاني طالباً صغيراً في إنجلترا، يحمل اسم حسن فريدون، ويحاول الحصول على درجة جامعية في مجال تصاميم النسيج.
وبعد عدة شهور قليلة، أطلق على نفسه اسم «روحاني»، الذي يعني الرجل الروحي أو المذهبي. وكان اسم فريدون من الأسماء القومية الفارسية، ولن يخدم الرجل الذي يخطط للظهور بمظهر أحد أبطال الإيمان والإسلام.
ثم أمضى روحاني بضعة أسابيع من الإجازات يتلقى خلالها دروساً مكثفة في فقه المذهب الشيعي. وفي الأثناء ذاتها، تعمد إطلاق لحيته، وخلع الملابس الغربية تماماً، محاولاً بالتالي خلق شخصية جديدة تصاحبها مزاعم واهية ولكنها ذائعة الانتشار بأنه كان أول من خلع على الخميني لقب الإمام. ويزعم روحاني أنه فعل ذلك خلال خطاب ألقاه في مناسبة لتأبين ذكرى مصطفى نجل الخميني الذي وافته منيته في العراق. وليست هناك بالطبع أي أدلة تؤكد وجود روحاني في تلك المناسبة في المقام الأول، وهي المناسبة التي ظهرت لها صورة كاملة في صحيفة «كيهان» الإيرانية اليومية.
وقال روحاني في مذكراته إنه يتذكر أول لقاء جمعه بالخميني، في منفاه في إحدى ضواحي باريس. وزعم أن آية الله الخميني منحه 10 آلاف تومان (ما يساوي 1500 دولار في تلك الأيام) وطلب منه أن يعود إلى إنجلترا وتنظيم صفوف الطلاب الإيرانيين ضد الشاه.
وفي خضم الفوضى العارمة التي أعقبت رحيل الشاه عن إيران، كان يسهل على أي شخص القفز على عربة الثورة الإسلامية الوليدة، وكان حسن «فريدون» روحاني من أوائل من فعلوا ذلك بجدارة. وعجزت الثورة المنتصرة في العثور على ما يكفي من الموظفين لملء عشرات الآلاف من المناصب الشاغرة التي خلفتها حكومة النظام السابق، وبالتالي لم يجد روحاني صعوبة تذكر في وصوله كعضو منتخب في المجلس الإسلامي (البرلمان المصطنع)، ميمماً ناظريه ناحية طاولة الحكم العليا في البلاد.
وأصبح «حجة الإسلام الجديد» أحد أكثر أبطال الثورة الإسلامية تطرفاً، مطالباً بتفكيك الجيش الوطني وتسريحه مع وقف سداد رواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين ممن كانوا في خدمة حكومة الشاه السابقة. ومع علمه أن النظام الإسلامي الجديد لا بد أن يعتمد على أجهزته الأمنية الخاصة، ألحق «حجة الإسلام الجديد» نفسه بقوات «الحرس الثوري» الإيراني ليكون همزة الوصل ما بين المؤسسة العسكرية ودوائر المال والأعمال الجديدة في البلاد.
وخلال فترة حكم هاشمي رفسنجاني الوجيزة – على اعتباره الرجل القوي الذي حاول تهدئة الغليان الثوري المزعوم، أعاد حسن روحاني صياغة نفسه تحت عباءة الشخصية المعتدلة المؤيدة لأعمال الإصلاح في البلاد. وباعتباره مساعداً للرئيس رفسنجاني، شارك حسن روحاني في المفاوضات السرية مع المبعوثين السريين المرسلين من قبل الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان إلى طهران رفقة شخصية بارزة من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد). وبحلول تسعينات القرن الماضي، اكتسب حسن روحاني، في الدوائر السياسية الغربية، سمعة الرجل الذي يمكن العمل معه.
وفي تلك الأثناء، ومن واقع إدراك حسن روحاني لحقيقة أن الشعب الإيراني تعجبه الألقاب الأكاديمية الرنانة – سواء كانت حقيقية أو مزيفة – التحق روحاني، تعزيزاً لشخصيته في الداخل الإيراني، بإحدى الكليات البريطانية في غلاسكو لنيل درجة الدكتوراه. وبالتالي، تمكن حسن روحاني في غضون سنوات قليلة من إعادة تسمية نفسه بالدكتور حسن روحاني، الرجل الإصلاحي المعتدل صاحب التعليم الغربي الرفيع. وزعم وزيران سابقان للخارجية الفرنسية من تيارات سياسية معارضة، هما آلان جوبيه وهوبير فيدرين، أنهما أدركا صعود نجم حسن روحاني ضمن الوفد المرافق للرئيس الراحل رفسنجاني. واعتقد الوزيران أن روحاني سوف يكون أحد الرجال الذين سوف يتولون في خاتمة المطاف قيادة دفة الثورة الخمينية حتى مرحلة التطبيع الكامل. وترددت أصداء هذه الرؤية في وقت لاحق لدى شخصية أكثر مهارة وحذقاً وحماسة تمثلت في جاك سترو، وزير خارجية المملكة المتحدة في حكومة توني بلير السابقة.
ومع ذلك، تحولت خطة حسن روحاني المهنية عن مسارها المعتاد مع دفع هاشمي رفسنجاني لشخصية أخرى من أخلص أتباعه إلى داخل الزمرة الرئاسية، ألا وهو محمد خاتمي. وطال أمد التحول لدى روحاني مع تولي محمود أحمدي نجاد الرئاسة خلفاً لمحمد خاتمي، مما يشير إلى النهاية البطيئة لنفوذ رفسنجاني السياسي. وتمكن حسن روحاني خلال تلك السنوات العجاف من تفادي خروجه من دولاب السلطة في طهران من خلال توفير مختلف الخدمات لجميع الفصائل.
ونجحت خطته تلك، ورأت الفصائل الإيرانية المتنازعة في شخصية حسن روحاني الخيار الثاني المهم في أعقاب الانتفاضات الشعبية التي شهدتها البلاد في عام 2009. مع الانفصال النهائي ما بين محمود أحمدي نجاد وبين المرشد الأعلى علي خامنئي. ورغم أن خامنئي كان قد قرر إبرام الصفقة مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، فإنه لم يرغب في أن يرجع الفضل في ذلك إلى محمود أحمدي نجاد، الذي كان قد تجاهله على نحو علني منذ ذلك الحين. ولم يجد حسن روحاني من صعوبة تذكر في الإنشاد من صحيفة الترانيم الجديدة المعروفة باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة»، تلك التي مكنت النظام الإيراني من الوصول إلى بعض الأصول المجمدة مع اكتساب قدر معتبر من الاحترام الدولي المفقود.
وبوصفه موهوباً مثل الممثل الهوليوودي الكلاسيكي لون شاني، الذي اشتهر باسم «رجل الألف وجه» لتعدد الأدوار الكثيرة التي قام بها على شاشات السينما، يستعد حسن روحاني الآن للقيام بالدور الجديد بصفته قائداً للانتقال من النظام الصارم إلى نظام معتدل على طراز نظم العالم الثالث الحاكمة التي تجمع ما بين القمع والاضطهاد الداخلي مع السلوكيات والمظهريات الجيدة في الخارج.
ولتعزيز مؤهلاته الدينية كان لزاماً على حسن روحاني الترقي إلى رتبة آية الله، ومن ثم أطلق حجة الإسلام موعظته الدينية لمرة واحدة في يوم الخميس من كل أسبوع، مع حضور أكثر من 100 طالب علم من الذين يحصلون على إعانات مجزية لقاء حضور تلك المواعظ. وفي نسخة من نسخ السيناريو، ربما يتمكن روحاني من الجمع بين منصب الرئيس والمرشد الأعلى في آنٍ واحد. وفي نسخة أخرى، ربما يحاول تعديل الدستور الإيراني بهدف إلغاء منصب المرشد الأعلى بالكلية مع اعتبار الرئيس القائد الأوحد للدولة.
وتدور رسالة حسن روحاني، التي يروج لها الأصدقاء المقربون، ومن بينهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، أنه يتعين على المعارضة الداخلية والقوى الأجنبية التي يساورها القلق بشأن الجمهورية الإسلامية أن تتحلى بمزيد من الصبر والهدوء مع مساعدة الفصائل المعتدلة في الداخل الإيراني على إعادة توجيه سفينة النظام الحاكم التي تغالبها الرياح العاصفة على الوصول إلى بر الأمان.
فهل يمكننا اعتبار حسن روحاني رجل كل الفصول والمواسم كما يزعم أنصاره والمدافعون عنه؟ وهل هو الرجل الذي عارض إعدام أكثر من 1500 متظاهر ومحتج إيراني خلال ثلاثة أيام؟ وهل هو الرجل المعتدل الذي لا يعرف شيئاً البتة عن ارتفاع أسعار الوقود ثلاثة أضعاف دفعة واحدة في البلاد، ولا يعرف شيئاً أيضاً عن إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية؟ وهل سوف ينجح سيناريو روحاني في العصف بعلي خامنئي عن منصبه الرفيع؟ أشكك في ذلك كثيراً. ربما يملك حسن روحاني موهبة التمثيل بألف وجه ووجه، ولكن 40 عاماً من الخبرة قد أثبتت أن كل وجه من هذه الوجوه لم يكن سوى قناع مزيف في خاتمة المطاف.

Hassan Rouhani, A Man of a Thousand Faces Wears a New Mask
Amir Taheri/Asharq Al-Awsat/February 07/2020

Whatever one might think of Hassan Rouhani, President of the Islamic Republic in Iran, one thing is certain: had things gone differently in Iran 40 years ago he might have become a writer of penny-dreadful with provincial themes. Rouhani’s talent for fiction writing is demonstrated by the way he has reinvented himself over the decades.

In 1977, when the first rumbles of revolution roared in Iran he was a student, going by the name of Hassan Fereidun, in England seeking a degree in textile design.

A few months later, he re-named himself Rouhani, meaning spiritual or clerical. Fereidun was a Persian nationalistic name and would not do for a man plotting to cast himself as a champion of faith.

He then spent a few weeks of holidays taking classes in Shiite theology. In the meantime, he grew a beard, cast off Western clothes, thus creating a persona soon aggrandized by the claim which he minted that he was the first to grant Khomeini the title of Imam. Rouhani claims that he did so when addressing a memorial service for Khomeini’s son Mostafa who had passed away in Iraq. There is, of course, no evidence that Rouhani was even present at the service which, incidentally was reported complete with a photo in the daily Kayhan.

In his memoirs, Rouhani recalls his first meeting with Khomeini, in exile in a Paris suburb. He claims that the ayatollah gave him 10,000 tomans (around $1500 in those days) and asked him to return to England and organize students against the Shah.

In the chaos that followed the Shah’s flight from Iran, anyone could have jumped on the revolutionary bandwagon, and Rouhani was among the first to do so. The victorious revolution did not find enough personnel to fill the tens of thousands of jobs left vacant by the previous regime, and he had little difficulty in getting himself elected member of Islamic Majlis (ersatz parliament), nudging his way towards the top table.

The new “Hojat al-Islam” became one of the most radical champions of the revolution, calling for the dissolution of the national army and stopping payment to a civilian and military pensioner who had served the Shah. Having found out that the new regime had to depend on its security services, the newly minted Hojat al-Islam attached himself to the Islamic Revolutionary Guard Corps (IRGC) as a liaison between the military and business circles.

During the brief spell of Hashemi Rafsanjani as a “strongman” who tried to cool revolutionary ardor, Rouhani recast himself as a “pro-reform” moderate. As an aide to Rafsanjani, he took part in secret negotiations with emissaries that US President Ronald Reagan had sent to Tehran along with a top agent from Mossad, the Israeli secret service.

By the 1990s, in Western policy circles, Rouhani had acquired the reputation of “a man with whom we can work”.

In the meantime, conscious of the fact that Iranians are suckers for real or fake academic titles, to enhance his persona, Rouhani enrolled in a British college in Glasgow to obtain a PhD in Islamic law. Thus, in a few years’ time, he was able to rebrand himself as Dr. Hassan Rouhani, the “moderate reformist with Western education.”

Two French foreign ministers from opposing political parties, Alain Juppe, and Hubert Vedrine, claimed that they had identified Rouhani as a rising star in Rafsanjani’s entourage. They thought that Rouhani would be one of the men who would eventually lead the Khomeinist revolution into its “Thermidor” or period of normalization. That view later found an even more passionate adept in Jack Straw, Foreign Secretary in Tony Blair’s British cabinet.

However, Rouhani’s career plan hit a diversion when Rafsanjani propelled another of his acolytes, Hojat al-Islam Muhammad Khatami, into the presidential slot. The diversion was prolonged when Mahmoud Ahmadinejad succeeded Khatami, indicating the slow end of Rafsanjani’s influence. During those agonizing years, Rouhani managed to avoid being recycled out of the power system by rendering services to all factions.

The plan worked and rival factions saw Rouhani as their second choice in the wake of the 2009 popular revolts and Ahmadinejad’s eventual break with the” Supreme Guide” Ayatollah Ali Khamenei. Though Khamenei had decided to make a deal with the Obama administration, he did not want the credit to go to Ahmadinejad who had, by then, publicly snubbed him. Rouhani had no difficulty singing from the new hymn-sheet in the form of the Joint Comprehensive Plan of Action (JCPOA) that enabled the regime to access to some frozen assets and gain a measure of international respectability.

As talented a Lon Chaney, the classical Hollywood actor known as “Man of A Thousand Faces” because he played numerous different roles, Rouhani is now getting ready to play a new role as “leader of transition” from a rigid regime to a “normal” Third-World style outfit mixing repression at home with good behavior abroad.

To enhance his theological credentials needed to promote himself to the rank of ayatollah, the Hojat al-Islam has launched his theological course, once a week on Thursdays, with over 100 “students”, receiving handsome stipends. In one version of the scenario, Rouhani would combine the positions of president and “Supreme Guide”. In another version, he would have the Constitution amended and the position of ”Supreme Guide” abolished with himself as President and head of state.

Rouhani’s message, peddled by cronies including Foreign Minister Muhammad-Javad Zarif, is that the internal opposition and foreign powers worried about Iran should be patient and help “moderates” re-orient the storm-stricken ship of the regime towards calmer waters.

Is Rouhani the man for all seasons as his apologists claim? Is he the man who opposed the killing of over 1500 protesters in three days? Is he the “moderate” who knew nothing about the tripling of petrol prices and the shooting down of the Ukrainian passenger jet?

Will Rouhani’s scenario for easing Khamenei off his pedestal work?

I doubt it. Rouhani may be a talented man of a thousand faces, but 40 years of experience has shown that every one of those faces turned out to be a mask.