محمد عبد الحميد بيضون للبيان: حجّموا عدد نواب الحريري وحصروهم بالسنّة

118

محمد عبد الحميد بيضون للبيان: حجّموا عدد نواب الحريري وحصروهم بالسنّة
نقلاً عن موقغ البيان/ حاورته: كارينا أبو نعيم /16 أيار/18

قراءة عامة في نتائج الإنتخابات النيابية وتداعياتها الداخلية أجرتها “البيان” مع الوزير السابق الدكتور عبد الحميد بيضون رسم من خلالها المكاسب والخسارة التي نالها كل حزب تقليدي شارك في تلك الإنتخابات.
يرعبهم الزعيم العابر للطوائف
ينطلق الدكتور عبد الحميد بيضون بداية في حديثه قائلاً: “منذ المناقشات التي سبقت إقرار قانون الإنتخاب الجديد، عُقد اتفاق ما بين الثنائي الشيعي حزب الله- أمل والرئيس ميشال عون لتحجيم الرئيس سعد الحريري، وحصره داخل الطائفة السنية، ومنعه من أن يكون زعيماً عابراً للطوائف. لا يمكن لهؤلاء أن يتحملوا فكرة وجود زعيم عابر للطوائف. إن هذا الهدف قد تحقق اليوم بعد الإنتخابات حيث كان للرئيس الحريري سابقاً كتلة نيابية نصفها من النواب السنّة والنصف الثاني من طوائف متعددة ومختلفة. فمُنع الرئيس الحريري في الانتخابات التي جرت مؤخراً من أن يأخذ معه نائباً شيعياً واحداً بحيث كان لديه سابقاً 3 نواب شيعة ضمن كتلته البرلمانية. كما تم تحجيم التمثيل المسيحي في كتلة الرئيس سعد الحريري، وتم نقل هذا التمثيل حكراً الى التيار الوطني الحر. كان هدف حزب الله تقليص حجم كتلة الرئيس الحريري وحصرها بالنواب السنة دون أن يكون لدى المستقبل أي نائب من أي طائفة أخرى، وتكبير حجم كتلة التيار الوطني الحر لكي يصبح لدى حزب الله وحلفائه ضمانة أنهم يمسكون بالأكثرية في مجلس النواب. وهذا الأمر قد حصل بمختلف الوسائل الشرعية أو غير الشرعية من تزوير وترهيب وتهديد وغيرها. استعمِلت كل الوسائل لكي يبقى سعد الحريري زعيماً سنياً فقط، ولتصبح كتلة التيار الوطني الحر أكبر كتلة في المجلس، أضف إليها كتلة الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) وحلفاءهما، وبذلك يضمنون التحكم بهوية رئيس الجمهورية المقبل. إن التسوية التي عقدها الرئيس سعد الحريري مع الرئيس ميشال عون سمحت بأن يعطي الحريري كل النواب المسيحيين الى التيار الوطني الحر. وهذا ما يفسر التغاضي عن كل التجاوزات التي حصلت في أقلام الإقتراع المسيحية. وُضِع سعد الحريري تحت ضغوطات كثيرة لقبول هذا العرض دون سواه. ينطلق الرئيس سعد الحريري من مفهومين: الأول، يعتبر وجوده في رئاسة الحكومة يمثل الضمانة. أما المفهوم الثاني فهو يعتبر ان سلاح حزب الله هو موضوع إقليمي وليس محلياً. إن هذين المفهومين عليهما الكثير من التساؤلات. إلى أي مدى وجوده في رئاسة الحكومة هو الضمانة؟ هناك الكثير من الأمور التي يستطيع أن يقوم بها الرئيس الحريري، بينما هناك العديد من الأمور هو عاجز عن تنفيذها. الى أي مدى سلاح حزب الله يعتبر موضوعاً إقليمياً؟ هناك مسؤولية تفوق قدرات الرئيس الحريري وغيره في حال تم استخدام هذا السلاح. فلبنان لا محال هو طرف. والسؤال الثاني: إن تم تدمير لبنان من سيعمّره من جديد؟ قرار الحرب والسلم والسياسة الخارجية اللبنانية هو بيد المرشد الإيراني. من هنا كيف سيستطيع الرئيس الحريري أن ينجح في ضبط كل تلك الأمور وأن يفرض الأمن؟ يتحدث الحريري عن الاستقرار بينما يقول السيد حسن نصر الله في حال نشبت حرب إيرانية- إسرائيلية فنحن طرف فيها. يتكلم الرئيس الحريري عن سياسة النأي بالنفس بينما يؤكد حزب الله على أنه طرف في الحرب في سوريا مع إسرائيل والحوثيين والمغرب وفي كل مكان. مع الأسف، إن ضمانات النجاح التي يتكلم عنه الرئيس الحريري غير متوفرة.”
بوجود الميليشيات المؤسسات الرسمية لا قيمة لها
ويتابع: “لبنان لا تحكمه المؤسسات الرسمية أكانت رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة أو مجلس النواب. لبنان محكوم بالمحاصصة. فهناك مجموعة إقطاعيات وميليشيات متفقة بين بعضها بعضاً، وتعتبر أن كل فئة يجب أن تنحصر ضمن طائفتها. حزب الله في ميدان القرارات السياسية فهو يأخذ القرار عن كل لبنان ولا يحتاج الى إذن من أحد، بينما في مبدأ المحاصصة فكل واحد يأخذ حصته ضمن طائفته. بوجود الميليشيات الحاكمة المؤسسات الرسمية اللبنانية لا قيمة لها. بدليل أن مجلس النواب ومنذ أن ترأس نبيه بري الندوة البرلمانية منذ 25 عاماً حتى اليوم، لم يعقد البرلمان اللبناني إلا أربع جلسات سنوياً كحد أقصى من جلسة للانتخاب وجلسة ثانية متلفزة للإعلام وجلستين تشريعيتين لا يقر فيهما إلا قوانين قروض أو معاهدات دولية.”
اتفاق الطائف الخاسر الأكبر
أما في موضوع المكاسب التي حصل عليها كل من زعماء الأحزاب اللبنانية جراء هذه الانتخابات، يجيب الدكتور عبد الجميد بيضون قائلاً: “استطاعت الثنائية الشيعية (حزب الله- أمل) أن تجرد الرئيس سعد الحريري من التمثيل الشيعي عبر أخذها النواب الشيعة من كتلته وحصرها في كتلة الثنائي الشيعي. بقي لدى الرئيس الحريري نواب السنة فقط وارتضى بالأمر طالما يوفر له بقاءه زعيماً للسنة في لبنان. كما أن حزب الله أراد للرئيس عون أن يضع يده على أكبر تمثيل مسيحي، ولأن حزب الله حليفه سيصبح هو أيضاً واضعاً يده على هذا التمثيل المسيحي. حصل وليد جنبلاط على جائزة ترضية بعد أن كانت لديه مخاوف أن تتقلص كتلته من 12 نائباً لتصبح ممثلة بستة نواب. كتلة وليد جنبلاط اليوم هي 10 نواب، ويعتبر زعيم المختارة أن هذا الأمر إنجاز بحد ذاته. لقد أثبت سمير جعجع قدرات تنظيمية مهمة جداً. باعتراف الجميع، أحدث سمير جعجع في هذه الانتخابات تقدماً مهماً جداً وأرسل رسالة واضحة تقول: “صحيح أن التيار الوطني الحر قد نال أكبر كتلة نيابية إنما يبقى تمثيلي أساسياً على الساحة المسيحية”. إن وضع سمير جعجع المتقدم يضعه في دائرة الخطر. ويبقى الرابح الأكبر هو استراتيجية وضع يد حزب الله على المجلس النيابي، وهذا يشكل خطراً كبيراً على صورة لبنان عربياً ودولياً، والخاسر الأكبر هو اتفاق الطائف، لأن القانون الانتخابي الحالي هو ضد اتفاق الطائف، وقد حرّك الغرائز الطائفية والمذهبية عند الجميع ورفع من وتيرة الخطابات المذهبية والتحضيرية عند الجميع دون استثناء.”