الدكتور كميل طويل/غسان سلامة وفرصة لبنان الضائعة

675

غسان سلامة وفرصة لبنان الضائعة
الدكتور كميل طويل/النهار/4 نيسان 2016

من السابق لأوانه البحث في إمكان نجاح الاستاذ غسان سلامة أو في نسبة حظوظه لتبوّؤ مركز المدير العام التنفيذي لمنظمة الأونيسكو. فبعد اعلانه نيّته الترشح، وبعد أن قام بلده لبنان بكل التدابير اللازمة لعدم تبنّي هذا الترشح، وقعت المشكلة: سيكون للبنان مرشح رسمي غير معروف، لكنّه من الجنس اللطيف، السيدة ڤيرا خوري، وسيكون لغير لبنان مرشح لبنانيّ آخر، لا يقلّ لطفاً، ولكنّه معروف جدّاً.
اذا استمرّت دولة لبنان في تجاهلها المتعمَّد لكبير من عندها، ستعمد دولة أخرى أو مجموعة دول تهمّها مصلحة لبنان وتدرك نوعية صورته في العالم، الى تزكية هذا المرشح الفذّ، البروفسور غسان سلامة، العميد السابق لمعهد الشؤون الدولية في باريس وأستاذ العلوم السياسية في جامعات بيروت ونيويورك وكبير مستشاري الأمين العام السابق كما الحالي للأمم المتحدة، ومبعوثها الى العراق، وصاحب المؤلفات الفكرية والسياسية، والمشارك الفعّال في فكفكة مشاكل العالم المعاصر، والذي يستمع اليه كبار المسؤولين غربيين وعرباً.
يضاف الى صعوبة التحليل أنّ المجموعة العربية في “الأونيسكو” التي ينتمي اليها لبنان، لم تقل كلمتها بعد، إذ هي في انتظار ما ستقرره جمهورية مصر العربية بإبراز مرشحها أم لا. كما تراقب هذه المجموعة تحركات المرشح القطري الذي يعمل على اكثر من صعيد وإمكان بروز ترشيحات لدول عربية في اللحظة الاخيرة.
لذلك أقول أن الطريق للوصول الى إدارة هذه المنظمة العالمية ما زال غير معبّد للجميع، خصوصاً بالنسبة للبنان. استعجل لبنان وأخطأ، والخطأ من عاداته البشعة، في انتقاء مرشّحه متجاهلاً عمداً وبنوع من التهكّم الأفضل من بنيه والمضمون والجامع بدون كلفة. استعجل لبنان لأن المعركة لن تبدأ قبل بداية السنة المقبلة في أحسن الأحوال. وكان الاستاذ غسان سلامة أحاط الحكومة علماً بنيّته، منذ شهر كانون الثاني، أي قبل مقابلته في كلام الناس، وقبل قرار الحكومة بشهرين.
يؤسفني، كَمَا الكثير من اللبنانيين، في الداخل وفي الخارج، أن أرى بلدي الذي نتغنّى بأنّه بلد الإشعاع والفكر والحضارة ينظر الى الإشعاع والفكر والحضارة بعيونٍ سياسيةٍ حصريةٍ لا ترى إلاّ ما تريد أن تراه. كما يؤسفني أن يطبّق لبنان في خياراته الثقافية ما اعتاد عليه في صفقاته اليومية. فعوض أن يتبنّى ترشيح البروفسور غسان سلامة، هذا العلامة في الثقافة والفكر الذي يعترف الكثيرون بريادته، ويسهّل معركته، يبقى على منطقه وعلى خياراته التي عوّدنا عليها والتي تسير به وبنا من سيّئ الى أسوأ كمن يستجير من الرمضاء بالنار.