موقع تلفزيون المر/هكذا تظلم 14 آذار شيعتها

244

هكذا تظلم 14 آذار “شيعتها”…
موقع تلفزيون المر/17 حزيران/15

قد يعتقد البعض أن الوقت الآن مناسب للاستفادة من “التململ الشيعي” في لبنان جراء انخراط “حزب الله” في الحرب السورية وتكلفتها العالية على الشارع الشيعي، أمنيا وسياسيا وبشريا، مع توالي الجنازات في القرى الشيعية في لبنان، لكن الشارع الشيعي اللبناني أثبت – حتى اللحظة – أنه لا يزال عصيا على الاختراق من قبل خصومه. فكيف بزمرة قليلة من الناشطين الشيعة الذي يواجهون الحزب بمنطق يختلف عن منطقه الذي يحظى بشعبية واسعة في الأوساط الشيعية التي كانت خائفة من إسرائيل، ثم انتقلت اليوم إلى الخوف من إسرائيل و”التكفيريين”.

يعاني الشيعة اللبنانيون المعارضون لـ”حزب الله” من وقوعهم بين مطرقة الحزب وسندان معارضيه. فالحزب الذي انتقل من عدم الاعتراف بهم، إلى تهديدهم، كان في بعض الأحيان أكثر رأفة بهم من خصومه الذين “استعملوا” هؤلاء كفلكلور للتعددية الوطنية في المناسبات، ثم لجأوا إلى “حزب الله” للتحاور معه عند وقوع الخطر من الفتنة السنية – الشيعية باعتباره الممثل الوحيد لشيعة لبنان. ولعل نقطة الضعف الأبرز لدى هؤلاء، هي خطابهم الوطني في زمن الطوائفيات. فغالبية المعارضين للحزب يرفضون أن يكونوا “مشروعا شيعيا” في مواجهة مشروع “حزب الله”، مفضلين التزام خيار الدولة والخطاب الوطني.

وقد تسلط الضوء على المعارضين الشيعة، بعد اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري في عام 2005، فخرج هؤلاء إلى العلن لأول مرة، وألفوا ما عرف بـ”اللقاء الشيعي” الذي ضم معارضين للحزب. غير أن هذا اللقاء تعرض لضربة قاصمة من قبل “14 آذار” بذهابها في وقت لاحق إلى تحالف انتخابي مع “حزب الله” وحركة “أمل”، القوة الشيعية الثانية. ويتهم الكاتب والصحافي قاسم قصير تيار “المستقبل” بتفشيل اللقاء. ويعدد قصير، الملم بملف الحركات الإسلامية، لـ”الشرق الأوسط” عدة أسباب لعدم قدرة المعارضين للحزب على إثبات أنفسهم في المواجهة المفتوحة معه، أبرزها “تشتت هذه القوى وانقسامها وعدم وجود قاسم مشترك بينها”، مشيرًا إلى أن عددا من هؤلاء تم استعمالهم من قبل تيار المستقبل وقوى “14 آذار” للاستفادة منهم تكتيكيا من دون دعم حقيقي.

ويقرّ منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد أن المعارضين الشيعة “مظلومون” من قبل 14 آذار، إلا أنه أكد أنهم ليسوا وحدهم فـ “أيضا الأرمن المعارضين للطاشناق مظلومين وغيرهم أيضا”. وقال سعيد لـ”الشرق الأوسط”: “كل من يظن أنه قادر أن يغير قوى الأمر الواقع داخل طائفته غلطان. لذلك في أي حلحلة تصبح مع حزب الله لا يمكن أن يكون للمعارضين الشيعة دور، رغم أننا نسعى لذلك”. وأضاف: “نحن نعترف بهذا التقصير ونعمل من أجل حلحلة الوضع عبر إنشاء المجلس الوطني لقوى (14 آذار) ونريد أن يكون دورهم فعالا أكثر في الأيام المقبلة”.

ويرى الكاتب اللبناني محمد شبارو أن ما جعل “شيعة السفارة”، بالمفهوم المعارض لـ”حزب الله”، لقمة سائغة للحزب وتهديداته واعتداءاته، هي “14 آذار” بحد ذاتها، بأحزابها وتياراتها، المتفردة دومًا بالقرار، والرافضة لأي صوت مضارب، وهو عمليًا ما أدى إلى سقوط فكر “14 آذار”، كقوى عابرة للمناطق والطوائف والمذاهب، وتحولها إلى مجلس ملّي لبعض الأحزاب المسيطرة على شارع طائفي معين.

وقال: “في عام 2005، ومع انطلاق ثورة الأرز، لم يكن الشارع الشيعي خارج (الثورة)، كان حضوره من حضور باقي الطوائف، سنّة ودروز وموارنة، وإن خارج القيد الطائفي. في ذلك الوقت، شاركت أعداد ضخمة من الشيعة المعارضين للوجود السوري، في لبنان، والذين رأوا في جماهير ساحة الشهداء خير ممثل لهم ولنظرتهم إلى لبنان. لكن بعد عام 2005، انتهجت أحزاب السيادة والاستقلال سياسة إقصائية واضحة، لم تراعِ فيها أي حيثية تذكر لـ”شيعة السفارة”، بدءًا من الحلف الرباعي، مرورًا بكل السياسات المتبعة مع “حزب الله” وحركة “أمل” والتي كرستهما ممثلين وحيدين للطائفة الشيعية.

ويقول الكاتب والصحافي اللبناني علي الأمين، أحد المصنفين من “شيعة السفارة” إنه لا يمكن وصف حال الشيعة المعترضة على “حزب الله” بأنها “قوى شيعية تريد أن تشبه حزب الله وتنافسه على القرار السياسي للطائفة”. ويضيف الأمين: “معظم القوى الشيعية تعتبر نفسها في البعد السياسي منتمية إلى أطر وطنية تبتعد عن الجانب الآيديولوجي المذهبي – الطائفي”. وإذ يشدد لـ”الشرق الأوسط” على أن لا مشروع شيعيًا لهذه القوى، يجزم بأنها تنتمي بطبيعتها إلى الهوية اللبنانية وعنوانها السياسي الذي يجعل لبنان وطنا، والهوية الوطنية هي الهوية المتقدمة على كل الهويات.

وعلى الصعيد الشخصي، يرفض الأمين الذي يعيش ويعمل في ضاحية بيروت الجنوبية، أن يدخل في “ادعاءات” حول الضغوط التي يتعرض لها. مكتفيا بالقول إنها “تجربة مكلفة”. ويقول: “من المؤكد أن كل من يريد أن يأخذ موقفا معارضا يعي أنها مسألة مكلفة”، ويبرر ذلك بالقول: “الناس لديها مصالحها، وحزب الله يمسك بمصالح الناس، وقد تخطى بذلك الرئيس نبيه بري الذي تراجعت خصوصيته. فالمعارض (للحزب) إذا أراد أن يذهب لمراجعة البلدية في بعض شؤونه سيلاقي مصاعب، وكذلك في مؤسسات الدولة الرسمية وحتى القطاع الخاص”. ليخلص إلى القول إن تكلفة معارضة الحزب هي “تكلفة عالية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وأمنيا”.

وفي الإطار نفسه، يشير الناشط السياسي، وعضو تجمع “لبنان المدني” مالك مروة إلى أن صحيفة “الأخبار” كانت أول من استعمل تعبير “شيعة السفارة”، معتبرا أن هذه التسمية يمكن أن تستعمل مع أي شخص يختلف مع “حزب الله” وهي طريقة لتخوينه وهدر دمه في مكان ما. ويرى مروة أن مضمون ما نشر في برقيات “ويكيليكس” عن الشخصيات الشيعية المعارضة لا يمكن أن يقارن بما قاله حلفاء “حزب الله” في هذه البرقيات.

ويفضل مروة استعمال تعبير “المختلفون” بدلا من المعارضين، معتبرا لـ”الشرق الأوسط” أن غالبية هؤلاء خيارهم هو الدولة والعودة إليها، وبناء وطني يتسع فيه الجميع. ويشدد على أن هؤلاء لا يمتلكون مشروعا شيعيا ثانيا، لكنهم مضطرون أن يتحدثوا اللغة الطائفية، وأن يتكلموا كشيعة لأن النظام السياسي في لبنان يصنف الناس وفق انتماءاتها الطائفية.

ويبدي مروة أسفه لأن خصوم حزب الله يحاولون استعمال الشيعة المستقلين في المواسم التي يحتاجونهم فيها، كالانتخابات أو عند حصول مشكلات في البلد، أما عندما يريدون حل المشكل، فيذهبون إلى “حزب الله”.