أسعد حيدر: ما هي الخطوة التالية لما بعد الأسد//علي حماده: السويداء و القرار التاريخي

299

السويداء و القرار التاريخي
علي حماده/النهار/16 حزيران 2015

لولا جريمة قرية قلب لوزة التي ذهب ضحيتها الابرياء على يد مسؤول عسكري ارعن من “جبهة النصرة ” وتفاعلاتها، وتزامنها مع حصار مطار الثعلة العسكري عند الحدود الفاصلة بين محافظتي السويداء ودرعا، لما خفف الثوار في الجبهة الجنوبية من زخم هجومهم لاسقاط هذا الموقع الاستراتيجي المهم الذي يفتح الطريق نحو خط الاوتوستراد بين درعا ودمشق. لقد استغل النظام عبر الضخ الاعلامي والشغل المخابراتي على الارض نقطة ضعف ابناء السويداء والفوضى الامنية في المحافظة، ولاقته منظومة سياسيين قصيري النظر في لبنان مع فضائيات عاملة لحساب ما يسمى محور “الممانعة” لنشر الخوف في نفوس ابناء جبل العرب، مما دفعهم الى التورط في قتال اخوانهم الثوار وابناء حوران لكي تسبغ على معركة تحرير سوريا من نظام الاسد صفة الحرب على “الاقليات”. ولكن بمرور ساعات تبين من خلال اتصالات بين قوى فاعلة في السويداء واخرى فاعلة في حوران وعاملة في اطار تحالف الفصائل ان لا خطر على جبل العرب إلا من فخاخ النظام ومنتسبيه المحليين. وفي النهاية تجدد القتال حول مطار الثعلة الذي فهم البارحة انه لا تراجع عن اسقاطه ايا تكن الاعتبارات، على اساس انه هدف عسكري، وان ابناء جبل العرب ليسوا مستهدفين اليوم ولا في المستقبل.

ان لغة العقل البارد ينبغي ان تتغلب على محاولات النظام وجماعاته لتوريط ابناء السويداء في معركة ضد الثوار، وخصوصا انهم، أي أبناء السويداء ما كانوا يوما ضد الثورة. صحيح ان الغالبية لم تشارك في الثورة، ولم تنتفض، لكن الصحيح ايضا ان الكثيرين انخرطوا في الثورة بطرق مختلفة: بعضهم قاتل، وبعضهم الآخر ساند ماديا واعلاميا، وبعضهم الثالث شكل شبكات تموينية لدعم صمود اهل حوران، وبعضهم الرابع عالج جرحى الثوار سرا وأخفاهم في بيوته بعيدا من أعين المخابرات، اما بعضهم الخامس فقد قاوم النظام من طريق احباط محاولاته ومحاولات منتسبيه المحليين واللبنانيين تجنيد الشباب في القتال ضد جيرانهم. وقد اعتراف النظام بان عدد المتخلفين عن التجنيد الالزامي بلغ في المحافظة وحدها سبعة وعشرين الفا، مما اضعف كتائب الاسد، عاكسا مزاجا شعبيا في السويداء يتعاطف مع الثورة، ولكنه يميل الى تحييدها عن الفوضى الامنية والاذى دون الخضوع لابتزاز النظام ومنتسبيه. ان ابناء السويداء ليسوا مع النظام. هذه حقيقة. لكن تطور الوضع على الارض، وتقدم الثوار على جبهة حوران وبلوغهم طريق درعا – دمشق، وسعيهم الى التقدم شمالا لحصار العاصمة، تتطلب التفكر في الوضع مجددا. فالابقاء على القديم، بمعنى ان تبقى للنظام قوات مقاتلة في محافظة السويداء تمارس مهماتها الاجرامية انطلاقا من المحافظة ما عاد ممكنا كما كان يحصل. وهنا لا بد من وقفة صارمة لابناء محافظة السويداء للاستيلاء على مواقعها، والاستحواذ على اسلحتها وذخيرتها، وبعدها اغلاق المحافظة وتحييدها ايجابيا تجاه الثوار. انه زمن الخيارات الصعبة، وابناء السويداء اهل الخيارات الصعبة والتاريخية، لان سوريا تتحرر.

ما هي الخطوة التالية لما بعد الأسد؟
أسعد حيدر/المستقبل/16 حزيران/15

ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الذي وصل الى دمشق، هو غير دي ميستورا في الزيارات السابقة. لم يعد يتباحث مع المسؤولين السوريين وهو على يقين بأنهم لا يسمعونه، لأنهم متأكدون «من أن الرئيس بشار الأسد باق الى الأبد وأن الحل يكون به ومعه أو لا يكون». دي ميستورا أمسك بالتغيير الحاصل ميدانياً حيث الأسد لا يسيطر على أكثر من عشرين في المئة من الأراضي السورية وسياسياً حيث القوى المعنية بسوريا ومستقبلها أدركت مهما مانع البعض منها «أن الأسد أصبح خارج الحل»، لذلك قال «هناك حاجة ماسة الى تسوية سياسية شاملة تكون ملكاً لكل السوريين وتتمثل بقيادة سورية». «الرسالة» وصلت بأن «القيادة» تعني لا أسد. السؤال سيشغل مسؤولي السبعة الكبار «ما هي الخطوة التالية لما بعد الأسد؟« خلال قمتهم لم تكن الإجابة جاهزة. لكنها أصبحت على طاولة البحث.

يجري التركيز الدولي وخصوصاً في واشنطن وموسكو، على صوغ اجابة عن سؤال آخر وربما أهم بالنسبة إليهما: «ماذا لو حصل انهيار مفاجئ للأسد ونظامه». موسكو معنية أكثر من واشنطن بالإجابة عن هذا السؤال، لأن «يديها في النار السورية». الخوف من اندفاع «داعش» الى قلب دمشق يُقلق موسكو وطهران والى حد ما واشنطن. حتمال أن يندفع الأسد باتجاه إقامة «الولاية العلوية» لتضم العلويين الخائفين، والسنة الهاربين مقلق جداً. الحرب لن تنتهي، لأن «داعش» و»النصرة» لن تتوقفا وتكتفيا بما سيطرتا عليه. عامل الثأر والانتقام قوي جداً عند السُنة. القوى العظمى خصوصاً الروس والأميركيين سيكونون مدعومين للتدخل لحماية الأقليات. أخطر ما في المواجهات المقبلة، أن تعمل «داعش» و»النصرة» لكسر «الولاية العلوية» في حمص والقصير ليكون ما سيحصل كارثة حقيقية للبنان و»حزب الله». برغم خطورة كل الاحتمالات، فإن موسكو «تتريث» وتفضّل» اتضاح أي تحرك» مع واشنطن. ما يساعدها في ذلك أنه «لا تناقضات عميقة بينهما حول الشرق الأوسط». واشنطن وموسكو مهتمتان بالصين والدول الآسيوية. الشرق الأوسط لم يعد يحتل المرتبة الأولى في الاهتمامات الاقتصادية.

يجب متابعة تركيا «السلطان اردوغان»، الذي تلقى «صفعة ديموقراطية» قوضت الكثير من أحلامه، وجسدت «الكابوس» الكردي القومي. لو كان أكراد أوجلان متفقين مع أكراد البرزاني في العراق، لاكتمل «المقص» الكردي، وعاشت تركيا مرحلة سايكس ـ بيكو التي لم تطلها في حين انها تهددها الآن بقوة واضحة.

تبقى إيران، العقدة الكبيرة. حتى الآن لا يمكن الحديث عن ماذا تريد إيران في سوريا ومن الأسد؟ يجب انتظار توقيع الاتفاقية النووية، إيران ما بعد الاتفاق ستكون إيران مختلفة. طموحات إيران لن تتغير. السؤال هل وكيف ومتى ستغير وسائلها؟ لا حل في سوريا، من دون إيران، يجب أن تقتنع طهران، أنه لا يمكنها الانتصار بالأسد، وأن سقوط الأسد لا يعني سقوطها. الإيراني قادر على التفاوض، فقد أثبت قدراته في المفاوضات النووية. يجب أن تعرف طهران أنها فتحت أبواب «جهنم« الصراع المذهبي الكامن منذ 1400 سنة، وأن عليها الاسراع في رأب الصدع.

الوقوف على خط الصدع البركاني مختلف جداً عن دفع الآخرين إليه!! السُنة خصوصاً في سوريا هم «المجروحون» من التدخل الإيراني المباشر الذي بلغ قمته في تقديم الجنرال قاسم سليماني نفسه من سوريا وكأنه «صلاح الدين» الذي سيُعيد تحرير القدس بعد بغداد ودمشق