مغامرة “حزب الله” وعون تهدد بنسف النظام والاستقرار الأمني خدمة لمصالح إيران

229

مغامرة “حزب الله” وعون تهدد بنسف النظام والاستقرار الأمني خدمة لمصالح إيران
الفراغ الرئاسي في لبنان يطوي عامه الأول: الدولة تتحلل ولا حل في الأفق

بيروت – “السياسة”:25 أيار/15

مع انتهاء العام الأول من الفراغ الرئاسي المستمر منذ 25 مايو 2014, يبدو المشهد اللبناني قاتماً ربطاً بالأزمات المتفجرة في لبنان: لا رئيس للجمهورية ولا بوادر في الأفق لانتخاب رئيس قريباً, لا مجلس نواب يجتمع ليشرع ويراقب السلطة التنفيذية, لا حكومة فاعلة بل مجلس وزراء مكون من 24 “رئيساً” يقر “بالإجماع” بنوداً هامشية ويحيل البنود المهمة والملفات الخلافية إلى الرف. هكذا هي الصورة في لبنان مع مرور عام كامل على شغور منصب رئيس الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 مايو من العام الماضي وفشل مجلس النواب, على مدى 23 جلسة خلال عام كامل, في انتخاب خلف له, بسبب عدم اكتمال النصاب نتيجة عدم حضور نواب المحور السوري – الإيراني, أي كتلتي النائب ميشال عون و”حزب الله”. صحيح أن الانقسامات الحادة تشل الحياة السياسية ووصلت إلى حد تهديد المؤسسات العسكرية والأمنية في ظل الخلافات على تعيين قياداتها, إلا أن “الطامة الكبرى” تكمن في تفسير الدستور “على الطريقة اللبنانية” وتحويله عقبة أمام انتخاب الرئيس, فيما المفترض هو عكس ذلك, لأن الدساتير توضع لضمان انتظام عمل المؤسسات.

وفي هذا الإطار, توصلت الكتل السياسية إلى “اتفاق” على تفسير لمواد دستورية مفاده أنه لا يمكن عقد جلسة لمجلس النواب لانتخاب رئيس إذا لم يحضر ثلثا أعضائه (86 نائباً من أصل 128), وهو أمر مستحيل في حالة الأزمة الرئاسية, لأن قوى “14 آذار” لا تمتلك هذا العدد من النواب لوحدها, وبالتالي بات نواب عون و”حزب الله” يملكون حق “الفيتو”. أمام هذا الواقع, يتطلب انتخاب رئيس التوصل إلى اتفاق شامل بين القوى السياسية, وهو ما يعني عملياً إلغاء اللعبة الديمقراطية والعودة إلى البدعة اللبنانية المسماة “الديمقراطية التوافقية”.

وفي ظل الأوضاع القائمة حالياً, يعتبر التوصل إلى اتفاق بشأن الرئيس الجديد “أقرب إلى الخيال”, على حد تعبير مصادر سياسية مطلعة, لأن قوى “8 آذار”, الحليفة للنظامين السوري والإيراني, ربطت الأزمة اللبنانية بالأوضاع المتفجرة في المنطقة, وأعطت “الورقة اللبنانية” إلى إيران لتفاوض بها على طاولة المحادثات مع الدول الكبرى. وأشارت المصادر إلى أن “14 آذار” تقف عاجزة أمام الأزمة, فهي من جهة لا تستطيع إيصال رئيس توافقي أو من صفوفها وفي الوقت نفسه لا يمكنها الرضوخ لمحور دمشق – طهران بانتخاب ميشال عون رئيساً, لأنها بذلك تكون قد وافقت على وضع لبنان في دائرة النفوذ الإيراني. وإذ حملت “حزب الله” وعون مسؤولية استمرار الفراغ الرئاسي, حذرت المصادر من خطورة “تحلل مؤسسات الدولة” بسبب الأزمة, مشيرة إلى أن مجلس النواب مشلول عملياً بسبب رفض المسيحيين التشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية, فيما تشكل “حكومة الحد الأدنى” حائط الصد الأخير قبل “الانهيار الشامل”. ولفتت إلى أن القوى السياسية المتناحرة لا تريد انهيار لبنان لكنها قد تجد نفسها أمام هذا “الواقع المظلم” إذا استمرت في خياراتها الحالية القائمة على انتظار متغيرات في الخارج, سيما مع وصول الخلافات إلى قيادة الجيش الذي يشكل الضمانة الوحيدة وربما الأخيرة لمنع دخول لبنان نفقاً مجهولاً. وأكدت التقاء مصالح “حزب الله” وعون على المغامرة بمصير لبنان, فالأول يتقدم ولاؤه لإيران على ولائه لوطنه وبالتالي لا مشكلة لديه مهما استفحلت الأزمة ومهما كانت نتائجها, أما الثاني فيجد في الأول ضالته حيث يعول على ترسانته العسكرية وارتباطاته الاقليمية ليحقق حلمه بالوصول إلى قصر بعبدا بغض النظر عن النتائج الكارثية التي يمكن أن يلحقها بلبنان نتيجة هذه المغامرة الجديدة التي تضاف إلى مغامراته القديمة. وإذ توقعت أن يكسر الفراغ الرئاسي الرقم القياسي المسجل سابقاً وهو ثلاثة عشر شهراً وثلاثة عشر يوماً في الثمانينات إبان الحرب الأهلية, حذرت المصادر من أن تغيير النظام اللبناني قد يصبح على رأس أولويات “حزب الله” وعون في المرحلة المقبلة, حيث إن الأول يطمح إلى “المؤتمر التأسيسي” لإرساء “المثالثة” (بين السنة والشيعة والمسيحيين) بدل المناصفة القائمة حالياً (بين المسلمين والمسيحيين), فيما يعتبر الثاني أن وصوله إلى الرئاسة يبيح له اللجوء إلى كل الخيارات بما فيها تغيير الصيغة وهدم الكيان اللبناني.

وأمام تراجع الاهتمام العربي والاقليمي والدولي بملف الأزمة اللبنانية لصالح ملفات أخرى مشتعلة كسورية والعراق واليمن وليبيا, لم تستبعد المصادر أن يستمر الفراغ الرئاسي عاماً آخر لكنها حذرت من أن الأخطر هو اهتزاز الاستقرار الأمني جراء مغامرات “حزب الله” وإعلانه “حرباً مفتوحة” على من يصفهم ب¯”التكفيريين” في سورية والعراق وغيرهما, مشيرة إلى أن هذه المواجهة ربما تجر الويلات على لبنان إذا لم تسارع الدول العربية والغربية المعنية إلى مساعدته لحل أزماته في أسرع وقت ممكن.