د. فارس سعيد لـ «اللواء»: مؤسّسات الدولة تنهار لإلحاق لبنان بدائرة النفوذ الإيراني

80

د. فارس سعيد لـ «اللواء»: مؤسّسات الدولة تنهار لإلحاق لبنان بدائرة النفوذ الإيراني

حوار بلا كفوف مع مُنسِّق الأمانة العامة لـ 14 آذار بعد «التحرُّر من القيود التنظيمية»
27 أيلول 2017
د. عامر مشموشي وكارول سلوم حجم الخط

لدى رئيس الجمهورية رغبة بتطبيع العلاقات مع نظام بشّار الأسد
{ كان من الأفضل ان يوفِّر باسيل كلفة السفر ويلتقي المعلِّم في جديدة يابوس
{ لدينا شعور بأن اتفاق الطائف إنهار وبدأنا العبور نحو الجمهورية الثالثة بشروط حزب الله
{ إشراف وزير مرشّح ورئيس حزب على الإنتخابات هو إشراف مشبوه
{ «القوات» و«المستقبل» بدآ يشعران أن كلفة التسوية عليهما كبيرة

تحت عنوان حماية اتفاق الطائف، كان لقاء «لوغبريال» للتحضير لحركة المبادرة الوطنية، لقاء متحرر من القيود التنظيمية لـ14 آذار بعدما أصبح الفرز ما بين التسوية وبين من هم خارجها، هكذا تبدو المواجهة وفق ما أعلن الدكتور فارس سعيد الذي لا يزال يحمل لقب مُنسّق الأمانة العامة لـ14 آذار ويزاول عمله في مكتبها. لم يخفّض سعيد نبرته النارية بوجه من يسعى إلى الاطاحة باتفاق الطائف، ينتقد بشكل لاذع التسوية، ويجري قراءة لأداء تيّار «المستقبل» و«القوات» وهما وفق قوله بدآ يشعران بأن كلفة التسوية عليهما كبيرة ويجدان صعوبة في الخروج منها لأكثر من سبب.
ينتقي عباراته في إصابة الهدف ولذلك يلجأ في بعض الأحيان إلى استخدامها بطريقة عفوية. هو من أكثر المتابعين في السياسة لما يجري وهذا سبب لتدوين الملاحظات ونقلها إلى الإعلام سواء عبر مواقف أو تغريدات له. ومن يقرأ بين السطور، يجده مرتاحاً إلى خطواته المستقبلية ولا سيما في ما خص المؤتمر العام الذي يعقد في بيروت قريباً عن حركة المبادرة الوطنية.
هذا المؤتمر وغيره من الملفات التي تشغل الساحة المحلية كانوا حاضرين في حواره مع «اللواء».
التسوية أخفقت

{ كيف تقيم العهد بعد مرور 11 شهراً على تسلم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مقاليد الحكم؟
– اعتقد انه علينا ان نقيّم التسوية التي أتت. لأن عهد الرئيس عون هو نتيجة هذه التسوية. وعد اللبنانيون بوعدين خلال هذه التسوية: الوعد الأوّل هو عدم انهيار مؤسسات الدولة واستنقاذ هذه المؤسسات من أجل تلبية حاجات اللبنانيين اليومية من مياه وكهرباء وزحمة سير وفرص عمل وعزلة مالية واقتصادية. أما الوعد الثاني فهو تحييد لبنان عن نار المنطقة وبالتحديد عمّا يجري في سوريا. هذان الوعدان لم يكونا على موعد مع اللبنانيين وهذه التسوية اخفقت في تلبية هذه الوعود امام اللبنانيين. ونحن نلمس يوماً بعد يوم انهيار مؤسسات الدولة، مؤسسة تلو الأخرى وعلى كل المستويات، مستويات الخدمات الاجتماعية والخدمات اليومية ونمط الحياة واسلوب عيش اللبنانيين وعلى مستوى تراجع الوضع الحالي والوضع الاقتصادي فضلا عن خوف اللبنانيين الدائم من خلال التقارير الاقتصادية التي تضعهم في حالة من القلق الاجتماعي. ولم نلمس فعلاً إعادة استنقاذ مؤسسات الدولة بعد انتخاب الرئيس عون وتشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري وإقرار قانون الانتخابات، أما على مستوى تحييد لبنان، فما نلمسه هو استلحاق لبنان يوماً بعد يوم بدائرة النفوذ الإيراني التي تفرض شروطها على اللبنانيين وعلى الدولة اللبنانية. في 22/9/2017 صرّح الرئيس عون لمجلة «مونيتور» بأن حزب الله هو ضرورة ويجب بقاؤه كما هو بسلاحه طالما ان هناك تهديداً للبنان. لكن التهديد الذي يأتي إلى لبنان من أين يأتي؟ قالوا لنا ان التهديد يأتي من الإرهاب وقد انهينا عملية الإرهاب من خلال فجر الجرود. وقالوا ان التهديد يأتي دائما من إسرائيل ومنذ 14 آب 2006 أي منذ تنفيذ القرار 1701 اقفلنا باب الصراع مع إسرائيل. إذا من أين يأتي التهديد؟ هل يأتي من اخصام حزب الله في الداخل؟ أم من الشعب اللبناني أم من المعارضين لسلاح غير شرعي في لبنان؟ من أين يأتي التهديد؟ إذا كان التهديد الخارجي بإقرار الجميع قد وُضع حدًّ له مرّة مع إسرائيل من خلال تنفيذ القرار 1701 ومرة مع الإرهاب من خلال إنهاء معركة الجرود، فإذاً من أين يأتي التهديد ولماذا يُؤكّد رئيس جمهورية لبنان والمؤتمن على الدستور والذي يقسم على الدستور يوماً بعد يوم امام الاعلام الدولي والخارجي ان بقاء سلاح حزب الله وهو سلاح غير شرعي خارج إطار الدستور هو ضرورة لبنانية. وهذا يُؤكّد مرّة إضافية استلحاق لبنان وبالتالي عدم تلبّية وعد تحييد لبنان عن نار المنطقة. عندما يحمي رئيس جمهورية لبنان أو يحافظ أو يدافع عن سلاح حزب الله فهو يضع نفسه في خانة تلقي السهام التي تأتي من كل أنحاء العالم والتي لا تنظر إلى حزب الله بوصفه حزبا يدافع عن لبنان إنما تنظر إليه بوصفه منظمة إرهابية. بدليل ما ورد على لسان تيريزا ماي خلال كلمتها في الأمم المتحدة وما ورد على لسان دونالد ترامب من موقعه كرئيس للولايات المتحدة الأميركية.

«كارنتينا» سياسية
{ ولكن ماذا عن اللقاء الذي جمع وزير الخارجية جبران باسيل بوزير خارجية سوريا وليد المعلم؟
{ هذا اللقاء الدولي أو هذه التظاهرة الدولية السنوية في نيويورك أي اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة هي مناسبة دولية ديبلوماسية سياسية كبرى من أجل ان يلتقي قادة الدول مع بعضهم البعض، وبالتحديد من أجل ان تلتقي قيادات الدول الصغيرة مع قيادات دول العالم الكبرى من أجل استكشاف ما يجري في العالم وحلحلة بعض المواضيع التي قد يكون من خلال علاقتنا المميزة مع المجتمع الدولي هي مسهلة في اتجاه الحلحلة. ما رأيناه هي «كرنتينا سياسية» بمعنى ان الوفد اللبناني برئاسة العماد عون عانى بفعل طابعه العائلي وليس طابعه المهني أو الديبلوماسي، إذ كانت كريمته ترافقه، كما ان صهره كان معه.

{ لكنها مستشارة رئيس الجمهورية؟
– وإن يكن، كان يجب ان يعطي لبنان صورة ما. انا لا انتقص من كرامة أحد، واعتقد ان كريمة رئيس الجمهورية هي سيّدة فاضلة. إنما اتكلم عن صورة الوفد وتركيبة الوفد. عندما يذهب لبنان إلى لقاء قادة العالم، من المستحسن ان يكون الوفد، وفدا «مدروسا» على قاعدة الا يُقال انه وفد عائلي أو وفد أهلي يضم صهره وكريمته وصديقه الوزير وصديقه الإعلامي. كان من المفترض من حيث الشكل ان تعالج هذه النقطة بشكل يكون لبنان ممثلا بشكل مهني وليس من خلال تمثيل عائلي. ولم يتسن للرئيس بسبب التصاقه بسياسة إيران وبسياسة حزب الله ودفاعه عنه والتصاقه بالنظام السوري لقاء قادة العالم والجلوس معهم واستشارتهم أو ربما طرح بعض المواضيع الشائكة التي يُعاني منها لبنان من أجل ان يجد لها حلا من خلال علاقاته مع قادة العالم، بل على العكس جلس وزير خارجية لبنان مع وزير خارجية سوريا في نيويورك وكان من الأفضل توفير كلفة السفر ولقائه في جديدة يابوس أو على الحدود اللبنانية – السورية. إذا كان السفر إلى نيويورك من أجل لقاء وليد المعلم أو محمود عباس أو الملك الأردني او رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فهذه اللقاءات هي لقاءات أهلية ويعتبرها لبنان قريبة، بينما كنا ننتظر ان يكون لهذا الرئيس وهو الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي والإسلامي نافذة عربية واسعة ونافذة دولية واسعة ويمثل من خلال وجوده هذه النافذة في اتجاه الحداثة والعلاقة مع الخارج. قيمة المسيحيين في هذه المنطقة تكمن في سلوكهم العولمة قبل العولمة. وقد ذهب الرئيس الذي انتظره المسيحيون بأنه قوي الى الخارج، وتبيّن ان علاقته مع هذا الخارج هي علاقة محكومة بتحالفاته الإيرانية – السورية وبالتالي ادخل نفسه وأدخل لبنان معه في عزلة دولية موصوفة».

تطبيع العلاقات اللبنانية – السورية
{ ماذا يعني انعقاد اللقاء بين وزيري خارجية لبنان وسوريا؟
– اعتقد ان الأمور تطورت أكثر فأكثر. بداية هناك رغبة حقيقية لدى الرئيس اللبناني لطرح موضوع تطبيع العلاقات اللبنانية – السورية مع نظام بشار الأسد، مرّة خلال حرب الجرود، قالوا انه لا بدّ من التنسيق ونحن مضطرون إلى ذلك مع الجيش السوري من أجل تحرير الجرود. وحررنا الجرد من دون تنسيق، ويقولون اننا مضطرون إلى التنسيق مع نظام الأسد من أجل عودة النازحين السوريين لأن ترامب لا يريد عودة النازحين وهذا كلام ينم عن استغباء للعقل اللبناني لأنهم قرأوا من خطاب ترامب فقرة غير متكاملة، في حين ان لترامب جملة متكاملة، إعادة توطينهم إلى حين عودتهم إلى بلادهم والمشاركة في عملية إعادة اعمار بلادهم. إنما الإصرار هو إصرار عوني ورئاسي لتطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد. واعتقد انهم سينجحون في ذلك، لأن القوى السياسية التي دخلت إلى هذه التسوية قررت عدم الاصطدام مع الرئيس عون وحزب الله قبل الانتخابات النيابية من أجل تمرير هذه الانتخابات وبالتالي ستستسلم في مكان ما إلى إرادة حزب الله التي يعبر عنها عون من خلال تطبيع العلاقة مع بشار الأسد حتى ولو شكل هذا الموضوع انقساماً عامودياً في لبنان بين من يريد هذا التطبيع ومن لا يريده.

كلفة التسوية باهظة
{ هل تقصد حزب القوات وتيار المستقبل في هذا الكلام؟
– اعتقد ان القوات اللبنانية وتيار المستقبل بدآ يشعران بأن كلفة التسوية عليهما كبيرة، وهما يتمسكان بفكرة واحدة وهي انه في حال انسحبنا من هذه التسوية، فان البلد يذهب إلى انهيار وإلى المزيد من الانهيار على صعيد المؤسسات، هذا رأيهما وأنا أحترمه ولا أطلب منهما الانقلاب على التسوية، إنما اقوم بعملية توصيف دقيق لما يجري. من دخل إلى هذه التسوية، دخل إلى فخ، وهذا الفخ ينصب يوماً بعد يوم بجدارة حزب الله، وهو غير جدير بالاحترام وإنما علينا ان نؤكد انه يقضم لبنان والمؤسسات اللبنانية بجدارة وأدخل القوى السيادية إلى هذه التسوية من خلال نصب فخ استثنائي وجدوا أنفسهم اليوم في حالة من الإرباك وإذا استمروا فهم مستمرون على قاعدة الاستسلام لشروط غيرهم وإذا انسحبوا فإن انسحابهم سيهدد أركان مؤسسات الدولة، وبالتالي انا لا أطلب من القوات اللبنانية وتيار المستقبل الانقلاب على التسوية التي دخلوا إليها، إنما اقول ان كلفة هذه التسوية أصبحت باهظة جداً وأن كلفتها أكبر بكثير من مردودها الإيجابي على لبنان.

{ ولكن هذه التسوية أسقطت كل مبادئ ومسلمات 14 آذار حول الحرية وقيام الدولة والاستقلال؟
– اعتقد اننا تجاوزنا الأزمة التي نعيش وهي أزمة من طبيعة وطنية. تجاوزت 14 آذار وتجاوزت المعارضة والموالاة وبقاء أو استقالة «القوات» وتيار المستقبل من الحكومة، الأزمة التي نعيش هي أزمة من طبيعة وجودية، أو يبقى لبنان على قاعدة العيش المشترك وعلى ما نحن عرفناه ونريد ان يكون لأولادنا أو يتشكل لبنان بشروط فريق. حتى هذه اللحظة، لبنان يتشكل بشروط فريق وهذه الشروط هي شروط غير مقبولة لدى اللبنانيين ولن تنجح إيران حيث فشلت منظمة التحرير الفلسطينية في السبعينيات وحيث فشلت إسرائيل في الثمانينات، لا يمكن ان يتشكل لبنان بشروط رافعة خارجية تفرض شروطها من خلال تحالفها مع فريق داخلي على سائر اللبنانيين، لبنان وطن يحكم بقوة التوازن ولا تتحكم به موازين القوى، وإذا ظن حزب الله اليوم بأن الهواء في عبائه، فغداً سيكون الهواء في عباء غيره.. وماذا نفعل؟ ننتقل من ميزان قوى إلى آخر ومن مركز نفوذ إلى مركز نفوذ آخر، هذا يدمر لبنان والعيش المشترك فيه وفكرة لبنان.

للتصدي لتحالف الأقليات
{ أنت تقول دائماً ان المسيحيين في لبنان ليسوا أهل ذمة بل هم شركاء اساسيون في قيام الوطن، ولكنك تقول ان سياسة الرئيس عون لا سيما التي ظهرت في نيويورك تجعل من المسيحيين أهل ذمة، فسّر ذلك؟
– هناك قلق يعيشه اللبنانيون جرّاء ما تشهده المنطقة من احداث وكلما تتقدّم إشاعات أو إمكانيات اقتطاع رقع جغرافية في المنطقة لبناء عليها مشاريع اثنية ثقافية طائفية، كلما يعود إلى عقل البعض بأن هناك إمكانية لإعادة النظر حتى في التكوين اللبناني، وبالتالي هناك بعض المسيحيين يتزعمهم العماد عون، والخطورة تكمن انه يتزعمهم اليوم من موقعه كرئيس جمهورية لبنان، وهم ينظرون إلى احداث المنطقة بعين القلق ويجدون في تحالف الأقليات ملجأً فكرياً سياسياً ووطنياً لهم. واعتقد أن هذا الوضع هو وضع خطير جداً وعلى جميع المسيحيين المسؤولين وخصوصاً الذين ضحوا في سبيل اتفاق الطائف وعلى رأسهم القوات اللبنانية ولهم افضال في ذلك، واتوجه إلى الكنيسة المارونية والنخب والشخصيات السياسية المارونية للتصدي لفكرة تحالف الأقليات لأنها اقصر طريق في اتجاه الهجرة. تحالف الأقليات يضع المسيحيين في مواجهة عدد وأمة من المسلمين، وهذا التحالف يخرجهم من جلدهم الطبيعي وهو انتماءهم وهويتهم العربية، كما انه يضعهم في دائرة النفوذ الإيراني في مواجهة المصلحة العربية، ويجعل منهم أهل ذمة في يد حزب الله وهو الذي يخترع الإرهاب ويهدد بهم الإرهاب وهو الذي يقول لهم انه حماهم من الإرهاب في حين انه في الحقيقة، يحمي مصالحه ويحتمي بالاقليات المسيحية الموجودة في المنطقة.

{ تنتقد القوات اللبنانية في حين انها تتحدث عن مقاربة مختلفة مع العهد؟
– قلت ان للقوات اللبنانية فضلاً في اتفاق الطائف، وهذا واقع. واتفاق الطائف يرفض تحالف الأقليات وإنما يرتكز على العيش المشترك، ودعوت القوات من موقعي الماروني والوطني إلى إعادة استنهاض أهمية اتفاق الطائف والعيش المشترك في مواجهة ما يدعيه العماد عون وتياره بأن تحالف الأقليات هو أفضل من العيش المشترك وأن الالتصاق بالنفوذ الإيراني – السوري هو أفضل من التفاهم مع نظام المصلحة العربية، هذا ما وضعنا به العماد عون.

اتفاق الطائف إنهار
{ ماذا يمكن ان ننتظر بعد؟ وفي ضوء ما تحدثت عنه ماذا بقي من اتفاق الطائف؟
– أخطر ما يحصل اليوم هو الجواب على هذا السؤال إذ لدينا شعور بأن هذا الاتفاق انتهي وانهار وبأن الجمهورية الثانية انتهت أيضاً وبأننا بصدد العبور نحو الجمهورية الثالثة بشروط حزب الله. هناك فريق في لبنان يعتبر ان اتفاق الطائف ضاق على قياسه وأصبحت مصالحه اليوم في مكان آخر وبأن وظيفته الداخلية والإقليمية أدّت إلى اعتبار ان انتفاخه السياسي لا يتناسب مع حصته في داخل اتفاق الطائف. وهناك من يعتبر ان موازين القوى الإسلامية – الإسلامية ادخلت اليوم إيران كلاعب أساسي في المنطقة على مستوى العراق وسوريا ولبنان وبالتالي فإنه لا يعود للمملكة العربية السعودية والتي يظنون ان دورها تراجع الفضل في ترسيخ اتفاق الطائف في لبنان وفي رعايته. الخروج من اتفاق الطائف اليوم هو خطوة في اتجاه المجهول، لأنه خروج إلى مناخ، يمتلك فريق من المفاوضين السلاح والفريق الآخر وهو غالبية اللبنانيين لا يمتلك السلاح وبالتالي فمن يمتلك السلاح هو من يفرض شروطه على الآخرين في إعادة تكوين السلطة وإعادة توزيعها بين الطوائف والمواطنين.

حركة المبادرة الوطنية والمواجهة
{ أليس هناك من مواجهة ما؟
– لأننا امام هذه الاخطار الجسيمة والكبيرة، تداعت 70 شخصية إلى اوتيل لوغبريال، وحضر اللقاء الأستاذ صلاح سلام، كما حضرت كوكبة من الوجوه السياسية والإعلامية والفكرية والثقافية من جميع المناطق اللبنانية، وجرى التداول في كل هذه المواضيع وقررنا تشكيل هيئة تحضيرية للتحضير لمؤتمر يعقد في بيروت تحت عنوان حركة المبادرة الوطنية تأخذ على عاتقها الاتصال بالمناطق والقطاعات وتنظم العمل السياسي من أجل الدفاع عن الجمهورية وحماية الدستور.

{ هل ان هذا اللقاء موجه ضد أحد؟
– هذا اللقاء موجه ضد كل من يقوم بعملية الاطاحة بإتفاق الطائف وعلى رأسهم حزب الله بالتعاون مع رئيس الجمهورية وكل من يتساهل في هذا الاتجاه أي كل من يعترض عليهم من داخل وخارج الحكومة.

{ اذاً اللقاء موجه ضد «القوات» و«تيار المستقبل»؟
– نحن نقول بأن خيار «القوات» و«المستقبل» كان خياراً تحت عنوان «حسن النوايا» في البداية من أجل الدفاع عمّا تبقى من الجمهورية، ما توصلنا إليه هو ان كلفة هذه التسوية أكبر بكثير من دورها الإيجابي، أنا لا أدعوهما إلى الانقلاب على التسوية لأنهما غير قادرين على ذلك، من يظن انه من الممكن ان تنسحب هذه القوى من الحكومة، فهو يضرب في الخيال، إنما كل ما نقوله اننا سنتشكل من خلال حركة المبادرة الوطنية لرفع الصوت والقول بأن الموضوع يتجاوز الانتخابات المقبلة و14 آذار و8 آذار ومن هو داخل الحكومة وخارجها، حتى نقول ما يريده حزب الله وهو الاطاحة بأحزمة الأمان اللبنانية وبالعيش المشترك لأنه يريد تشكيل لبنان وفق شروطه، وهو يريد الاطاحة بإتفاق الطائف لأنه يعتبر ان هذا الاتفاق حصل في ظروف إقليمية ووطنية مختلفة عن اليوم ويملك موازين قوى تسمح لهذا الفريق بأن يُشكّل لبنان وفق شروطه كما يريد الاطاحة بعلاقات لبنان بالعالم الخارجي وحصر علاقات لبنان فقط بالنظام السوري وبالنظام الإيراني، إضافة إلى اننا نلمس يوماً بعد يوم انزلاق لبنان باتجاه قيام دولة أمنية، واليوم أكثر فأكثر يبرز نظام أمني اسميه نظاما أمنيا إيرانيا- لبنانيا- سوريا أخذ مكان النظام الأمني اللبناني- السوري القديم وهو يأخذ على عاتقه التصفية السياسية لكل خصوم حزب الله والعهد من خلال قانون الانتخاب وتنفيذ الانتخابات بشروط معينة. ماذا يعني ان يتمسك اليوم فريق العماد عون بكل التشكيلات القضائية وتشكيلات الاسلاك العسكرية قبل الانتخابات النيابية، أليس تحضيراً للاطباق على العملية الانتخابية وتسهيل فوز فريق من اللبنانيين ملتصق بالعهد.

{ لكن لطالما كانت حصص رؤساء الجمهورية محفوظة في هذه التشكيلات؟
– «علىعيني» ماذا يريد حزب الله من هذه الانتخابات، يريد مجلساً نيابياً قادراً من خلال غالبيته على تشريع سلاحه، على غرار ما حصل في العراق مع الحشد الشعبي العراقي وعلى غرار ما حصل في ايران.

{ لكن يبدو ان عناصر نجاح هذا التجمع غير متوفرة في ظل غياب أكثرية قوى 14 آذار وهي قوى سيادية؟
– لا نتنكر لقدرتها ولخيارها السياسي ابداً، ولكننا نقول حينما ذهبت في اتجاه التسوية بعنوان أو بحجة الحفاظ على ما تبقى من الجمهورية، ذهبت وحتى هذه اللحظة لن تعود قبل الانتخابات النيابية. لا نستطيع ان ننتظر احداً وأن نسلم بالأمر الواقع ولا ان نرفع عنواناً بأننا هزمنا امام فريق من اللبنانيين يظن انه انتصر في سوريا، وبالتالي سينتصر في لبنان. نحن نقول بالفم الملآن، لسنا ضد أحد، نحن مع الدستور ووثيقة الوفاق والشرعية اللبنانية وحماة الجمهورية في لبنان، التسوية التي حصلت لم تحم الدستور. الدستور لا يقول بوجود جيشين في لبنان ولا يقول ان رئيس الجمهورية يُبرّر وجود سلاح غير شرعي في لبنان.

{ هل هي حركة جديدة أم حركة استنهاض لجمهور 14 آذار؟
– لا يمكن ان نعمل شيئاً جديداً بآدوات قديمة، الفرز القديم انتهى واليوم الفرز هو بين التسوية ومن هم خارجها، نحن نعتقد ان لبنان بحاجة إلى حماية مفاهيمه الاساسية من خلال العودة إلى نصوصه المرجعية والموضوع ليس فقط موضوع سلاح حزب الله بل هو أبعد من ذلك، البارحة وفي مجلس عاشورائي قال السيّد حسن نصر الله إذا كلفنا بالقتال سنقاتل ولم يقل بأننا جزء من ثلاثية وننسق مع الدولة اللبنانية وبأن هناك وجوداً لشرعية لبنانية. تكلم بالتكليف وليس عن قرار مجلس الوزراء وليس عن الدستور اللبناني. لا يمكن ان ننظر إلى ذلك من دون اعتراض. ونحن أصبحنا محررين من القيود التنظيمية لـ14 آذار، وامام مرحلة جديدة وسنواجه هذه المرحلة بإطار جديد وهو إطار مرن لا يضع حداً بين من كان في 14 آذار وبين من هو خارج 14، يستقبل ويستوعب ويتفاعل وينظم ويلتقي مع كل من يعتبر ان هذا الانزلاق الرسمي من قبل الدولة والسلطات اللبنانية باتجاه تلبية فريق من اللبنانيين بزعامة حزب الله هو انزلاق خطير يطيح بلبنان وبمعنى لبنان.

تنافس باسيل – المشنوق
{ كيف تقرأ اقتراح رئيس مجلس النواب نبيه برّي بتقصير ولاية المجلس النيابي واجراء انتخابات نيابية مبكرة؟
– انا مع اقتراح الرئيس برّي بتقصير ولاية المجلس والسير بانتخابات نيابية قبل العام 2017، لأنه كلما ذهبنا في اتجاه احترام المهل الدستورية وتنفيذ الدستور وتداول السلطة، كلما هو أمر مرغوب، واعتقد ان الإصلاحات التي يتحدث عنها البعض ولا سيما الوزير جبران باسيل ليست باصلاحات حقيقية إنما ستعطي للوزير باسيل إمكانية التنافس مع وزير الداخلية في تنظيم الانتخابات، أي سيكون لوزارة الداخلية تعيين أين هو قلم النساء في برجا الفوقا واين هو قلم الرجال في صربا في قضاء كسروان. أما الوزير باسيل فسيعيّن الأقلام في الكونغو برازافيل والسنغال ومونتريال واوستراليا.
انا مع حق المغتربين في الاقتراع، وهذا إنجاز حققته هذه الحكومة إنما اشراف وزير مرشّح ورئيس تيّار سياسي يجعل هذا الاشراف اشرافاً مشبوهاً وبحاجة إلى رقابة على المراقبين.

{ ماذا عن الاختلافات بين التيار الوطني الحر والقوات؟
– تسألونني عن العلاقة بينهما وأنا اقول: «عرب بعرب ترجمان لشو».