شارل الياس شرتوني/التدويل ثم التدويل ثم التدويل

137

التدويل ثم التدويل ثم التدويل
شارل الياس شرتوني/15 كانون الأول/2020

*ان الابقاء على الاقفالات التي فرضتها معادلات جمهورية الطائف البائدة، هو جزء من عملية التدمير القائمة منذ ٣٠ سنة لما تبقى لهذه البلاد من حيثيات انسانية ووطنية وسياسية، في ظل واقع الانهيارات الاقليمية وتداعياتها على صراعات المنطقة المفتوحة.

*****
ممنوع على القضاء ان يكون قضاء، اذا ما خرج احدهم في هذا السلك الفاسد عن دائرة الوصايات التي فرضتها دوائر النفوذ المهيمنة على هذه البلاد.

ممنوع على القضاء التحقيق مع رئيس وزراء ووزراء سابقين بشأن انفجار المرفأ لان في ذلك مساسا بكرامة السنة والشيعة كما صرح عبد اللطيف الدريان وسعد الحريري ومحمد فهمي،

ممنوع التحقيق في سرقة اموال المهجرين مع وليد جنبلاط ومروان حمادة وهشام ناصر الدين تحت طائلة تجدد الحرب الاهلية، ولما في ذلك من تعرض للدور التاريخي للدروز،

ممنوع القيام بالتحقيق الجنائي المالي لانه يستهدف المواقع الشيعية النافذة، وحذاري من التمادي في سياسات العقوبات المالية الاميركية، لما في ذلك من تعرض للسلم الاهلي في لبنان.

الاوليغارشيات الشيعية والسنية والدرزية تستنفر قواعدها ومقاماتها، وميشال عون وصهره يقومون بدور التغطية والتمسيح الذين أتوا لاجله مقابل المشاركة في المحاصصات القائمة.

الرئيس الفرنسي آت في محاولة اخرى لاقناع هذه القوارض بالتخلي عن طرائدها، وعدم الاستغراق في الممانعات المدمرة لأية امكانية اعادة بناء واصلاح في هذه الجمهورية المتداعية على وقع الساعات والايام.

ناهيك ان فرنسا كانت البديل الفعلي عن هذه المنظومة الحاكمة على مدى العقود الماضية، لجهة تأمين الامدادات المالية من خلال مؤتمرات باريس الاربعة، ومن خلال التوسط بين حزب الله الانقلابي واطراف النادي الاوليغارشي المغلق، وأخيرا لا آخرا تطوع الرئيس الفرنسي غير المشروط في اغاثة واعادة اعمار بيروت الشرقية التي دمرتها العملية الارهابية في مرفأ بيروت، في ظل واقع الانكار وعدم التعاطف والاستنكاف الارادي الذي عبرت عنه هذه الاوليغارشيات بشكل غير موارب.

فلولا مبادرة الرئيس ماكرون، والمداخلات الانسانية للولايات المتحدة واوروپا والمنظمات الانسانية الدولية التي احتضنت ومولت وجهزت العمل المدني الاسثنائي الدولي والمحلي، الذي قامت به الجمعيات المدنية اللبنانية، لكان سكان بيروت الشرقية حتى اليوم مقيمين على ارصفة احيائهم المدمرة.

بناء على هذه المواقف والمعطيات الموثقة، اسأل نفسي، كسواي من اللبنانيين، ما الذي يربطني مع هذه الاوليغارشيات المافياوية سوى واقع الظلم والقهر والاستباحة المعنوية الذي يعبر بشكل فاقع عما هم عليه من انحطاط اخلاقي وانساني.

ان ابقاء المراهنة على التسويات المفخخة والمضللة التي ينبئون عنها بشكل متواتر، هو اضاعة لوقت لم نعد نملكه، لان واقع التآكل الذي نعيشه على كل المستويات قد استنفد كل ما لدينا من احتياط معنوي ونفسي ومن امكانات مالية ولوجستية.

سوف اعيد التأكيد على ما قلته بشكل متواتر، منذ بداية الازمات المميتة المتوالية علينا منذ تشرين الاول الماضي، لا حل خارجا عن التدويل، وتعميم سياسات العقوبات من خلال مقرر ماجنتسكي واصدار مقرر مماثل لقانون قيصر في سوريا، ومصادرة اموال هذه الاوليغارشيات على ضوء التحقيق الجنائي المالي الشامل، واحالة عملية المرفأ الارهابية الى القضاء الجنائي الدولي، وعقد مؤتمر تأسيسي، تحت اشراف الامم المتحدة، من اجل اعادة النظر بالخيارات السياسية الناظمة للوجود الوطني اللبناني.

ان الابقاء على الاقفالات التي فرضتها معادلات جمهورية الطائف البائدة، هو جزء من عملية التدمير القائمة منذ ٣٠ سنة لما تبقى لهذه البلاد من حيثيات انسانية ووطنية وسياسية، في ظل واقع الانهيارات الاقليمية وتداعياتها على صراعات المنطقة المفتوحة.