د. وليد فارس لجريدة النهار: سيطرة إيران لن تدوم واستعدّوا للحظات تاريخيّة

890

د. وليد فارس لجريدة النهار: سيطرة إيران لن تدوم… واستعدّوا للحظات تاريخيّة
مجد بو مجاهد – النهار/04 أيار/2020

تسارعت الأحداث على نحو غير مسبوق في الأسبوع المنصرم بعد عودة الزخم إلى التحركات الشعبية والحراك السياسي على حدّ سواء، وهي تطوّرات شكّلت محلّ اهتمام مراقبين دوليين، ما حدا بالدكتور وليد فارس إلى صياغة رسالة إضافية في ردّه بعد أيام على أسئلة كانت وجّهتها “النهار” له قبل أسبوع، عنونَها بعبارة: “التحدّي”. وقد شكّل حساب فارس على “تويتر” جزءاً من حماوة المستجدات التي طرأت واستدعت تنقيح رسالته، وذلك بعد تغريدة كتبها واستوقفت الشارع اللبناني.

وإذ يشرح فارس أبعاد هذه التطوّرات في الرسالة، مؤكّداً عناية المراقبين الأميركيين في متابعة الأحداث اللبنانية، يشير إلى أن “خبراء ومحللّين في الولايات المتحدة تنبّهوا لتحركات يقوم بها حزب الله ميدانياً خارج نطاق مناطقه التقليدية (بخاصة في المناطق الدرزية والمسيحية وبعض المناطق السنيّة)، لا سيما في جبل لبنان، وتناقشوا بأهداف الحزب وأسباب نشره قوى أمنيّة في هذه المناطق. وربط عدد من الخبراء في واشنطن هذا التطوّر مع الحراك الإيراني العام في المنطقة، المستفيد من انشغال الإدارة الأميركية بمواجهة أزمة الكورونا ومن اشتداد وطأة الحملات الانتخابية، بغية تسجيل إيران بعض الأهداف الاستراتيجية في الوقت الضائع، خصوصاً أن الأمور ستتغيّر إذا ما أعيد انتخاب الرئيس دونالد ترامب لولاية ثانية في تشرين الثاني المقبل، ما يغيّر المعطيات بما هو ليس لمصلحتها في المنطقة. وتعمل طهران على تثبيت قدميها في الداخل اللبناني، حيث يقود حزب الله حملة تبتغي تغييراً في إدارة المصرف المركزي وربما في قيادة الجيش، وتتّجه قيادة الحزب عملياً إلى إحكام السيطرة الميدانية المباشرة لميليشياتها في المناطق التي تخاف منها”.

وإذ يأسف بأن “معظم الطقم السياسي التقليدي – بغضّ النظر عن العلاقات الشخصية – غير قادر على قيادة الشعب اللبناني باتّجاه التحرر لا سيما في هذه المرحلة الصعبة جدّاً، رغم انتشار الوعي الوطني والشعبي بين أعضاء المجتمع المدني”، يرى أن “ممارسات حزب الله خلال السنوات الماضية قد أرهبت الشخصيات السياسية… وأنتج الترهيب خوفاً شاملاً لهذه القيادات التي تخاف، ليس فقط من مواجهة سطوة حزب الله، ولكن حتى من التعبير بوضوح أمام المجتمع العالمي”.

ويلفت إلى أن “القواعد الشعبية كما رأيناها منذ 17 تشرين الأول الماضي شجاعة وذكيّة، لكن أكثرية السياسيين لا يمثلون تطلعات اللبنانيين الحقيقية داخلياً وخارجياً”، متسائلاً “كيف يمكن تعبئة المجتمع الدولي لمساعدة لبنان والتغيير فيه وليس هناك من سياسيين يمثلون اللبنانيين لدى المجتمع الدولي عامة وأميركا خاصة؟ نرى محازبين على تويتر، يطالبون واشنطن بالتدخل وينتقدونها أحياناً لأنها لا تساعد اللبنانيين ضد حزب الله وإيران، ويغفلون أن المشكلة ليست في أميركا بل في لبنان حيث لا سياسيين مصممين على المواجهة، وحيث باتت أكثرية الشعب غير ممثلة بساسة، وعليها أن تنتج قيادات ولو وسيطة لتتحمل مسؤوليتها في المرحلة المقبلة”.

ويدعو اللبنانيين إلى أن “يستمروا بثباتهم ولا يفكروا في الهجرة، وأن يتشبثوا بأرضهم، ذلك أن سيطرة الطرف الإيراني على السلطة لبنانياً لن تدوم طويلاً، وقد رأينا في السنوات الماضية تغيرات، ولا بد للبنانيين أن ينظموا أنفسهم ويستعدوا للحظات تاريخية قد تأتي عندما يحين الوقت. ويعمل محبو لبنان وأصدقاؤه في الولايات المتحدة جاهدين لحشد الدعم للمؤسسات على جميع الصعد، للمجتمع المدني اللبناني عموماً، من أجل أن يكمل مسيرته في التغيير حتى الوصول إلى الهدف المنشود وهو لبنان حرّ وتعددي وديموقراطي”.

وعن مواجهة أي اعتداءات إيرانية على الحضور الأميركي في لبنان والمنطقة، يقول فارس إن “الرئيس ترامب أنذر إيران وحلفاءها في المنطقة -وهذا ينطبق على لبنان- بأن أي اعتداء على مؤسسات أميركية في أي بقعة من المنطقة سيجلب ردة فعل أميركية شاملة وكاملة بحجم التحدي، ذلك أن إدارة الرئيس ترامب مختلفة عن إدارة الرئيس باراك أوباما، وقد أثبتت في العراق والخليج بأن ردّها على اعتداءات الميليشيات الإرهابية حاسم وكبير. ولعل ردة فعل الاميركيين على هجمات الميليشيات بأمر من قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونتائجها، تشكّل مثالاً أكبر على الحدود التي سوف يصل إليها الرد. وتالياً على أذرع إيران أن تفكر ملياً قبل استهداف أي مصلحة قومية للولايات المتحدة”.

ويستقرئ أن “المفاوضات الأميركية الإيرانية غير ممكنة راهناً في ظل التصرفات الإيرانية في الخليج والعراق والمنطقة عموماً. ولا أرى في ظل تصعيد إيران العسكري كإطلاق صواريخ باليستية وحشد ميليشياتها محاولة محاصرة القوات الاميركية في المنطقة، أي حظ لمفاوضات بين البلدين، ومن ينشر هذه الشائعات إنما هو جزء من آلة البروبغندا الإيرانية. ويمكن أن يطرأ مستجد في هذا الشأن بعد الانتخابات الاميركية وبخاصة إذا انتخب الرئيس ترامب مجدداً. ونحن نعرف أنه إذا واجه النظام الإيراني ضعفاً، يتوسع محاولاً القضاء على خصومه، لكن إذا وُوجه بحسم فيتراجع ويحاول المفاوضة. وعندما نسمع بأن القيادة الإيرانية تريد التفاوض، هذا يعني أنها في موقع الضعف وليس القوة. وإذا حصلت المفاوضات في أي وقت كان في ظل إدارة الرئيس ترامب، فإنها ستكون لمصلحة شعوب المنطقة وبخاصة لبنان”.

ويخلص إلى أن “سياسة واشنطن تجاه لبنان وحزب الله ليست مموهة وتمر عبر تشريعات يضعها الكونغرس بما فيها مختلف القوانين. فمن ناحية، هناك سلسلة عقوبات على حزب الله وبعض المتعاونين معه في السلكين السياسي أو الاقتصادي، وستطبق الولايات المتحدة هذه العقوبات حتى تغيير نهج حزب الله. ومن ناحية ثانية، فالولايات المتحدة مستمرة بثبات بمساعدة لبنان، لا سيما مؤسسة الجيش اللبناني وقوى الامن وسائر المؤسسات التنموية من أجل إعطاء لبنان فرصة كي يغيّر اتجاهه ويعود إلى خانة الديموقراطيات الليبرالية. وتعتمد سياسة واشنطن على الاعتراف بمشاعر اللبنانيين خصوصاً بعد انتفاضة تشرين الأول الماضي، وقد ثبّت الرئيس ترامب ووزير خارجيته ذلك بتغريدات عدّة”.