صبحي منذر ياغي: فلقتونا بانسانيتكم الانتقائية

246

 فلقتونا بانسانيتكم الانتقائية
صبحي منذر ياغي/موقع القوات اللبنانية/24 تشرين الثاني/16

في كل مرة أجد بعضهم يتحدث عن “العنصرية اللبنانية”، وأستغرب هذا الاتهام، ولبنان كان وما زال منذ الازل ملجأ الهاربين من الانظمة الديكتاتورية والقمعية، كان حصن الديموقراطية في هذا العالم العربي…

أي عنصرية يا سادة وهذا الوطن الصغير يحتضن الفلسطيني والسوري والاثيوبي والسيرلانكي والمصري و… و… و… يعتاشون من خيرات هذا الوطن، صاروا جزءاً من نسيجه… منذ استقلال لبنان والعمال السوريون يقصدون لبنان للعمل والارتزاق، وخلال نكبة فلسطين كان للبنان الحصة الاكبر في استقبال اخوانه الفلسطينيين، حتى ان اللبنانيين قدموا التضحيات والدماء في سبيل القضية الفلسطينية، وعاش لبنان حرباً طاحنة وصراعات داخلية كان الوجود الفلسطيني عاملاً من عوامله… وأقام الفلسطينيون دويلتهم داخل الدولة بغض النظر عن الممارسات الفسطينية المسلحة غير المنضبطة التي اعترف بها القادة الفلسطينيون انفسهم.

كان الفلسطيني في سوريا مثلاً لا يتجرأ على حمل سكين أو يرتدي بذلة عسكرية، أما في لبنان فكان له جيشه ومؤسساته وفصائله… ثم كان الدخول السوري وما ادراك من وصاية سورية وما حملته من ممارسات وقمع وتدخل وتفرقة واعتقالات وهمجية… ثم أتى النازحون السوريون الى لبنان اقاموا فيه وما زالوا حتى الآن، وها هم يعملون في المؤسسات والمنازل والمصانع، وكم من لبناني هو كفيل لعامل سوري لدى الامن العام وأنا واحد منهم… وكم من عائلات لبنانية تستقبل عائلات سورية… وبالتالي يستوعب لبنان الالاف من العمال المصريين والاثيوبيين والسودانيين والفليبيين والافغانيين… عن أي عنصرية تتحدثون يا سادة.

هل شاهدتم لبنانياً يضطهد عاملاً اجنبياً أو يحرمه من حقه أو يمارس عليه ابتزازه؟ بالعكس ان اللبناني يعاني من مزاحمة العمالة الاجنبية له… لا بل ان اللبنانيين على سبيل المثال اندفعوا للقتال كرمى لسوريا سواء لمصلحة النظام او لمصلحة المعارضة وما زالوا… لماذا نحن شعب اعتاد على جلد ذاته؟ قدمنا الكثير في سبيل القضايا العربية وكفانا… دُمر وطننا شُرد أولادنا، مات الكثير من أهلنا دفاعاً عن مبادئ… حصدنا ثمن حروب العرب والاخرين على أرضنا قتلاً وتهجيراً ودماراً وسيارات مفخخة. ونالت الاغتيالات من خيرة شبابنا وسياسيينا ومفكريننا. اعتقلوا شبابنا في السجون. وماذا بعد على هذا اللبنان الصغير أن يقدم؟

عنصريون من اجل لبنان؟ نعم… دفاعاً عن وطننا وكرامته نعم… وتذكروا ان لبنان هو من ساهم في وضع شرعة حقوق الانسان في الامم المتحدة، تذكروا ان لبنان كان ملجأ الهاربين من ظلم الانظمة القمعية وهو الذي علم الاخرين معنى الانسانية والديموقراطية… في النهاية “فلقتونا بانسانيتكم الانتقائية” التي تمارسونها… انسانيتكم المزيفة هذه في الماضي دمرت الوطن ومؤسساته كرمى للغريب… لبنان كما باقي الدول يجب ان يحترم الضيف فيه قوانينه وعاداته والغريب يجب ان يكون اديب… وكفانا ادعاءات فارغة وانتحال ادوار المدافعين عن حقوق الانسان… فحقوق الانسان من غير المسموح ان تكون على حساب وطننا وأمنه وأهله…. ونقطة ع السطر…