اميل خوري: عون مدعو لتحديد موقفه من مواضيع مفصليّة: سلاح”حزب الله وتحييد لبنان/سابين عويس: التهديد العوني تمهيد للطعن بالتمديد لقهوجي

185

 التهديد العوني تمهيد للطعن بالتمديد لقهوجي
سابين عويس/النهار/1 أيلول 2016

من قرار مقاطعة جلسات مجلس الوزراء إلى التهديد بالتصعيد في الشارع، مسافة صعبة وطريق وعرة قرر رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عدم سلوكها بعدما تأكد له بفعل الأمر الواقع والممارسة أنه سيكون وحيدا في سلوك مثل هذه الطريق المحفوفة بالمخاطر والسلبيات التي يعجز تياره عن تحمل تبعاتها. وعليه، فقد اختار باسيل الطريق الأقصر. فبدلا من اللجوء إلى الشارع، لجأ إلى القضاء، فقرر الطعن بقرارات الجلسة السابقة لمجلس الوزراء، عازياً ذلك إلى عدم ميثاقية تلك الجلسة وقراراتها نتيجة غيابه وزميله الوزير الياس بو صعب عن الجلسة، باعتبارهما يمثلّان مكونا أساسيا في الحكومة.
وإذا كان المس بالحكومة خطا أحمر ثبت أنه محلي وإقليمي ودولي على السواء، وإذا كان اللجوء إلى الشارع محفوفا بتحدي إثبات الوجود والحجم، فإن على التيار البرتقالي البحث عن مسالك أخرى تجنّبه الإحراج أمام حلفائه كما أمام جمهوره، ينفّس من خلالها التهديدات التي أطلقها في وجه الحكومة على خلفية رفضه التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي. صحيح أن استحقاق التمديد لم يحن بعد أوانه ولن يحين قبل نهاية أيلول المقبل، لكن في حسابات التيار، لا بد من استباق القرار بخطوات تصعيدية تحصّن موقعه في الشارع المسيحي حياله، إنطلاقا من اقتناع بأن معارضة التمديد تصبّ في سياق صون المواقع المسيحية والتمسك بصلاحيات رئيس الجمهورية المغيب قسرا عن الانتخاب، مما سيعزّز الشعبية. لمصادر قريبة من التيار قراءة لموقف باسيل، بقطع النظر عما ترتبه المقاطعة العونية من تأثير سلبي على الواقع الحكومي وعلى عمل الحكومة في ذاته.
فبحسب هذه المصادر، يهدف رئيس “التيار” من خلال اللجوء الى الطعن، إلى تجنب تجرع كأس اللجوء إلى التصعيد في الشارع. وهو بذلك يكون قد تسلح بموقف قانوني من خلال اللجوء الى مجلس شورى الدولة لتغطية تحركه وتصعيده، فيكتسب تاليا غطاء قانونياً يقيه شرور الشارع ومطباته، ويؤشر إلى أنه حريص على عدم زعزعة الحكومة أو إسقاطها، علما أن التهديد الأول لـ”التيار” الذي كان أبلغه باسيل إلى رئيس الحكومة تمام سلام كان يقضي بتحويل الحكومة إلى تصريف الأعمال إذا تم التمديد لقهوجي.
ويعي باسيل أنه ليس بمقدور تياره أن يمس بالحكومة التي تحظى بمظلة إقليمية ودولية تهدف إلى حماية الاستقرار السياسي والحكومي، باعتبار أن الحكومة هي آخر المؤسسات الدستورية الشرعية العاملة. وهكذا لا يكون باسيل بتحركه مصدر تهديد أو تأثير على الاستقرار.
والواقع أن ثمة أكثرية داخل “تكتل التغيير والاصلاح” ضد التصعيد ولا توافق باسيل على تحركه، ولكن الأخير يفصل تحركه عن التكتل ويقوم به باسم التيار الذي يرأسه. ويظهر بالنسبة إلى الأوساط العونية أن مؤسس “التيار” العماد ميشال عون يقف على مسافة بعيدة من تحرك باسيل. وفي رأي الاوساط العونية، أن عون يترك لباسيل أن يخوض تجربته داخل “التيار” (وليس التكتل)، مشيرة إلى أن صمت عون لا يشي إلا بعدم رضى تام عن التحرك الحاصل، لما يمكن أن يترتب عليه من انعكاسات قد تضر بـ”التيار”، المثقل أساسا بالانقسامات والتباينات داخل كوادره.
وتنطلق الأوساط العونية نفسها في قراءتها من أن عون كما باسيل كما كل القوى السياسية يدركون أن التمديد لقهوجي ليس قرارا محلياً، وأن عرقلته غير مجدية. كما أن قرار تحصين الحكومة ومنع سقوطها ليس محليا، والعبث به غير مجد بدوره. لكن مناصري باسيل مقتنعون بأن الطعن بقرارات الحكومة يمهد بشكل كبير لقرار الطعن بالتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، وهو الأمر الأساسي الذي يطمح اليه “التيار” ليقول لاحقا إن تحركه التصعيدي لم يفشل، وانه نجح في تسجيل موقفه ضد التمديد، حتى لو كان يدرك أن التمديد سلك طريقه ولن يعوقه أي طعن!

عون مدعو لتحديد موقفه من مواضيع مفصليّة: سلاح “حزب الله” وتحييد لبنان
اميل خوري/النهار/1 أيلول 2016
عرف لبنان دائماً مرشّحين للرئاسة كانوا يفوزون بها إذا وافقوا على شروط غيرهم ومرشّحين يرفضون انتخابهم إلّا بشروطهم وكان، على رأس الفئة الثانية العميد الراحل ريمون إدّه الذي رفض الشرط الأميركي وهو القبول ببقاء القوات السوريّة في لبنان ليصبح رئيساً للجمهوريّة، ورفض مرّة أخرى التراجع عن شروطه لينتخب رئيساً وهي انسحاب القوات الإسرائيلية والفلسطينية والسوريّة من لبنان فخسر الرئاسة أيضاً. والسؤال المطروح هو: من أي فئة يريد العماد عون أن يكون، هل من فئة مرشّحين وصلوا إلى الرئاسة بشروط غيرهم. أم من فئة مرشّحين رفضوا الرئاسة إذا لم تكن بشروطهم.
لا شك في أن العماد عون يواجه شروطاً لم يحدد بعد موقفه منها ينقسن اللبنانيّون وقادتهم بحسب العادة حولها ويخشى إذا أيّدها أو عارضها أن يربح أصوات فئة ويخسر أصوات فئة أخرى. في حين أن المطلوب من كل مرشّح للرئاسة أن يحدّد موقفه من المواضيع المهمّة المطروحة وهي الآتية:
أولاً: إقامة دولة قويّة لا دولة سواها ولا قانون غير قانونها ولا سلاح غير سلاحها. فإذا كان العماد عون يريد إقامة مثل هذه الدولة، فهل يجاريه في ذلك حليفه “حزب الله” ويتخلّى عن سلاحه، أم يظل يرفض ذلك يبقى هو الدولة الفعليّة؟
ثانياً: تحييد لبنان عن صراعات المحاور فلا يظل ساحة مفتوحة لها. يدفع ثمن ذلك من أمنه واستقراره وازدهاره ومنذ استقلاله وسيادته وحريته، ولا يظل مصيره مرتبطاً بهذه الدولة أو تلك ليبقى التوازن الداخلي مختلاً وينقلب طرف على طرف آخر. ولبنان كما هو معلوم لا يحكم بسياسة الغالب والمغلوب نظراً الى تركيبته السياسية والمذهبية الدقيقة، بل بالتسويات والتوافقات. وتحييد لبنان يبدأ بسحب مقاتلي “حزب الله” من سوريا والعودة إلى لبنان وإلى الدولة.
ثالثاً: تنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته لتصبح حدود لبنان آمنة مع كل دول الجوار. وهذا يتطلّب ترسيم الحدود مع سوريا بدءاً بمزارع شبعا وباعتراف سوريا خطياً بملكية لبنان لهذه المزارع ليصير في الامكان جعل العلاقات بين لبنان واسرائيل يحكمها اتفاق الهدنة المعقود بين البلدين الى حين يتم التوصل الى اتفاق سلام شامل في المنطقة، لتصبح اسرائيل عندئذ دولة من المنطقة ولا تبقى دولة فيها بواقعها العدائي.
رابعاً: تنفيذ كل القرارات الصادرة وبالاجماع عن جلسات الحوار الوطني وإزالة الأسباب التي حالت حتى الآن دون تنفيذها.
لذلك على العماد عون أن يحدّد موقفه من هذه المواضيع المهمّة في ضوء مصلحة لبنان وليس في ضوء مصلحة أي جهة فإما يريد رئاسة الجمهوريّة بأي ثمن وبأي شروط فلا يبقى عندئذ الأقوى مسيحياً والأكثر تمثيلاً شعبياً بل يصبح شأنه شأن سواه من الرؤساء الذين يملكون ولا يحكمون، ويكون غير قادر على اقامة الدولة القوية التي لا دولة سواها ولا سلاح غير سلاحها، وفي هذه الحال لا حاجة الى انتخابه رئيساً بل انتخاب أي رئيس آخر يرضى بذلك أي بأن يكون محكوماً وليس حاكماً… فهل “حزب الله” مستعد من أجل ايصال حليفه العماد عون إلى قصر بعبدا لمساعدته على أن يكون رئيساً بشروطه الوطنية وليس بشروط غيره التي تفقده صفة الرئيس القوي، وإذا ظل الحزب مصرّاً على ثلاثية: الجيش والشعب والمقاومة، فإن الدولة هي التي تدير هذه الثلاثية وليس الحزب وحده كما فعل عندما قرّر التدخّل عسكرياً في الحرب السورية من دون أن يقف على رأي رئيس الجمهوريّة ولا على رأي الحكومة ولا على رأي قيادة الجيش. فكيف تكون والحال هذه “ثلاثية” ولا تكون آحادية بقيادة الحزب وحده؟ هل يحدد العماد عون موقفه بوضوح وصراحة من هذه المواضيع ولا يأخذ في حسابه سوى مصلحة لبنان، فإما يأتي رئيساً للجمهورية بشروطه أو يقبل أن يأتي رئيساً بشروط غيره فيبقى أسيراً لها؟ وهل يقبل أن تكون الرئاسة الأولى موضوع صفقة أو مقايضة سواء على رئاسة الحكومة التي تفرزها نتائج الانتخابات النيابية وبعدها الاستشارات الرئاسية المُلزمة كما نص الدستور ولا على قانون للانتخاب هو من مسؤولية مجلس النواب أولاً، ولا على اي شيء آخر يقلّل من قيمة الرئاسة الأولى ومكانتها؟