علي الحسيني: الإعلام الحربي لحزب الله يغطي.. على أفاتار

139

«الإعلام الحربي» يغطي.. على «أفاتار»
علي الحسيني/المستقبل/22 آب/16

حتّى لا تزداد النقمة عليه، يتعمّد إعلام «حزب الله» خلال هذه الفترة، حجب ما يدور من معارك في سوريا عن جمهوره وخصوصاً ما يتعلق بسير المعارك في «حلب» التي ما زالت صامدة في وجه الغزاة، وعصيّة عن الإنضمام إلى مشروع التقسيم الذي بدأ منذ إحتلال بلدة «القصير» في ريف «حمص».

إعلام «حزب الله» وتحديداً محطة «المنار»، صارت تُشبه إلى حد كبير، إعلام النظام السوري الذي تغيب الحقائق والواقعية عن شاشاته وبالتالي عن جمهوره، وهذا ما يوقع جمهوره سواء من السياسيين والمُحللين الإستراتيجيين أو المدنيين، في الكثير من الأخطاء سواء في النقاشات الجانبية أو التحليلات، أو حتّى بين الجمهور نفسه الضائع بين نشرات الصباح والظهيرة والمساء. وهذا ما ينطبق تماماً هذه الفترة، على جمهور «حزب الله»، الذي يبدو أنه بدأ يتجه إلى الإعلام الآخر، لكي يستقي الحقائق الميدانية، بعد التعتيم الذي فرضته وسائل إعلام الحزب حول كل ما يدور في حلب ونتائج المعارك فيها.

عادة ما يُصاب مُشاهد محطة «المنار»، بخيبات أمل عند مشاهدته تقارير «مُفصّلة» من إنتاج «الإعلام الحربي» حول ما يزعم أنها معارك حيّة من أرض المعركة وعمليات «الفرار» الجماعي للمُسلحين منها، ليبدو الأمر في ما بعد، أنه ليس أكثر من أوهام مُخرج «ممانعجي»، إستعاض عن المشاهد الحقيقية بمُجسمات لجنود ودبابات وتلال ووديان، ثُلاثية الأبعاد، تُشبه إلى حد ما التضاريس، لكن أحداثها بعيدة عن الواقع، لدرجة أن قسماً كبيراً من جمهور «الممانعة» نفسه، شبّه هذه اللقطات أو «التخيلات»، بوقائع فيلم «avatar«، وهو الفيلم الخيالي الذي لا تتفق أحداثه مع الواقع العلمي. ويُقال أيضاً، أن إسم الفيلم وبحسب الفلسفة «الهندوسية»، يُشير إلى تجسد كائن عُلوي (ديفا) أو الإله الأعلى على كوكب الأرض. وفي الترجمة «السنسكريتية«، تعني النزول المقصود للعوالم السفلية لأهداف خاصة. وفي كلتا الحالتين، ما على جمهور «حزب الله»، إلّا أن يختار، بين الواقعية المشهدية عبر محطّات أخرى، أو الخضوع لـ»تهيؤات« قادته والسير وراء الأضاليل والفبركات. ويبدو أنه قرر أخيراً، البحث عن الحقيقة في مكان آخر، حتّى ولو كانت مُرّة.

منذ قيام الثورة في سوريا، والبعض يُطلق على مؤيدي حلف «المُمانعة» بشكل عام، لقب «المنحبكجي«، والتي تعني الشخص الذي يُمكن تسييره في أي إتجاه، على يد الجهة التي يؤيدها أو ينتمي اليها، من دون أي مُعارضة. وهذا التسيير لـ»المنحبكجي» الذي يقع ضمن منهج المراوغة واللعب على الأوتار التي تُحرّك عادة الغرائز العدائية ضد الغير عند بني البشر، وطبعاً عن طريق إختلاق الروايات التي تصل إلى حد تخدير العقل، أصبح في الفترة الأخيرة، ثمة بارزة طبعت عقول معظم مؤيدي «حزب الله» وإيران والنظام الأسدي، وهذا ما خلق إشكالية كبيرة ضمن البيئة الواحدة أو حتّى البيت الواحد، لدرجة أنه حتّى في لحظات التأمّل أو «التجلّي الديني»، هناك من عمل على نشر إشاعة أو «خبرية» داخل بيئة الحزب، تقول، إن أحد «الأئمة» قد ظهر على السيد حسن نصرالله، وهو يتحدث خلال إحدى ليالي عاشوراء في السنة الماضية، وأكثر من ذلك، راحت هذه الجهة، تعمل على تثبيتها داخل هذا الجمهور، إلى أن اقتنع بها البعض وصار يروّج لها ويتبنّاها.

من خلال عملية الفبركة التي يتفنّن بها عبر شاشاته، والتسويق لـ»بطولات» عناصره في سوريا، ولجوئه إلى «لعبة» عرض الوثائق والأفلام المُصوّرة الثلاثية الأبعاد على طريقة «animation« التي صار يعتمدها مؤخراً، يتضح أكثر فأكثر، أن «حزب الله» يكتوي بنار حروب يُلاحقها هو من مكان إلى آخر ويتبرّع بقتل عناصره بالمجان في سبيل قضايا لا تعود عليه بالنفع ولا بالفائدة ولا على أبناء طائفته كلهم. والمستغرب، أنه وبالتزامن مع عرض بطولاته «الكارتونية» في «حلب»، عبر شاشته «الصفراء»، بدأ إعلامه يستعيد حكايات وأساطير من حرب تموز، يتحدث خلالها بعض من جمهوره ومُقاتليه، عن ملائكة قاتلت في تلك الحرب و»انتصرت»، وعن سيدة من الجنوب، عجزت عن إطعام سبعين الف مُقاتل، بعدما طرق أحد عناصر الحزب باب منزلها لهذا الغرض، ليُدرك العنصر لاحقاً، أن «الملائكة كانت تُقاتل إلى جانبهم».

تفاصيل المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والتفاهات السياسية من ردود وغيرها.