د. نبيل خليفه: روما.. والكنيسة المارونيّة

203

 روما.. والكنيسة المارونيّة
د. نبيل خليفه/النهار/10 آب 2016

على أوّل مفصل من مفاصل حياتنا الكنسيّة المارونيّة، تتّجه الأنظار إلى روما. ومع التأييد والتأكيد لهذا التوجّه، تجد الكنيسة المارونيّة نفسها أمام خيارات صعبة ضمن منطقة صعبة وأوضاع أكثر صعوبة. إنّ المؤسّسات هي عصب الجماعات، والمؤسّسة الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، إلى جانب المؤسّسة البطريركيّة المارونيّة، هما المؤسّستان الأكثر تمثيلاً وتفعيلاً في حياة الطائفة والمجتمع والوطن. إنّ مرحلة حرب الآخرين على لبنان أدّت في ما أدّت إليه إلى تحوّلٍ كبيرٍ لدى كافة الطوائف وتحديداً بما يخصّ موقفها من “لبنان الكبير” الذي أعلنه الجنرال غورو (1920) وقد وصفه ميشال شيحا بأنّه “الحدث الأهم في تاريخ لبنان” واختصره المؤرّخ كمال سليمان الصليبي بأنّه “اعلان لانتصار المشروع الماروني” وهو مشروع قائم على ثمانية مبادئ: الحريّة، والذاتيّة، والكيانيّة، والنهائيّة، والسياديّة، والتعدّديّة، والميثاقيّة، والديموقراطيّة، وهي مبادئ ينبغي التذكير بها والالتزام بها، وتجسيدها في أن “جبل لبنان” هو جبل الحرية، وليس جبل الموارنة، كما هي جبال الأقليّات في المنطقة.وهذا الالتزام هو العامل الأساس الذي يحدّد طبيعة ومعنى القيادة المارونيّة. عملت الكنيسة والرهبانيّة على احترام هذه المبادئ والتزامها ، فكانت في خط القيادة المارونيّة ونادراً ما انحدرت إلى خط الزعامة المارونيّة. والفارق بين الخطين كبير وخطير!

وإذ نعاني ما نعانيه اليوم في حياتنا الوطنيّة بفعل أخطاء حدثت وأثّرت في شعبنا ودورنا ومصيرنا. وإذ نؤمن بأنّ قداسة البابا فرنسيس هو “عطر الإنجيل” ورجل الإصلاح، فإنّنا من موقعنا الشخصي والفكري في أمّة الفلّاحين الموارنة، ندعو قداسته إلى إنشاء مؤسّسة فاتيكانيّة تحقّق في بعثات روما إلى كنائس الشرق، ومنها بعثة نيافة الكاردينال ليوناردو سندري الأخيرة إلى الكنيستين المارونيّة والملكيّة لأنّنا نعتقد، ونتمنّى أن نكون مخطئين، أن معالجته لموضوع السلطة في الكنيستين هي سبب أساسي لحالة الجمود والإحباط التي تعانيها الكنيستان والطائفتان حالياً على مختلف الصعد، بما فيها رئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة. وإنّنا نتمنّى، لمناسبة مؤتمر الرهبانيّة، أن تتمكن الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، بفضل جذورها المنغرسة في تاريخ لبنان وشعبه منذ أكثر من ثلاثماية سنة، أن يقودها الروح إلى اختيار قيادة رهبانيّة مارونيّة روحياً ووطنيّاً وليس مجرّد زعامة، فتكون الرافد المطلوب والمرغوب مارونيّاً ولبنانيّاً!

ففي هذا أملنا ورجاؤنا بشفاعة القديس مارون وتطلّعات البطريرك حويّك ونضالات الأباتي شربل قسّيس الراهب – الرمز للمركزيّة المارونيّة.