نبيل بومنصف: عهد الأعاجيب … فعلاً

182

عهد الأعاجيب … فعلاً

 نبيل بومنصف/النهار/22 تموز 2016

مضحك الكلام الذي يطلقه بعض المسؤولين او السياسيين حول “الأعجوبة ” اللبنانية في الصمود امام تداعيات الازمة السياسية والرئاسية وامام تداعيات الحرب السورية لانه يثير الامر من زاوية حصرية هي انه كان يفترض بلبنان ان يحترق بفتنة مذهبية ولم يفعل، اما أكلاف هذه الأعجوبة فشأن آخر هامشي !

قبل نحو اسبوعين توعد مسؤولون اسرائيليون بتحويل لبنان وطنا للاجئين فقط في أي حرب مقبلة . لم يرد اي مسؤول لبناني على هذا الوعيد ليس لان لبنان الرسمي يتخلى لـ “حزب الله” وحده عن هذه المهمة بل لان ما يقوله العدو هو تحصيل حاصل بحرب إسرائيلية جديدة على لبنان وبلا حرب، وهذه اول وجوه الأعجوبة . منذ ” اندلاع ” ملف النفايات قبل سنة تماما تعاقبت فصول انكشاف غير مسبوق في ما يمكن تسميته عهد الفضائح بلا منازع الذي تمادى في عهد الفراغ الرئاسي الى حدود خيالية. وكان من نتائج هذا الجانب الأشد خطورة على لبنان حتى من خطر داعش والارهاب ان دفع بلبنان قدما نحو تقدم مراتب البلدان الاكثر مديونية والأكثر فقرا والأكثر عالمثالثية . هل تم احصاء مجموع الملايين والمليارات التي تتردد على أسماع اللبنانيين عن صفقات الإهدار والسرقة والمحاصصات وإقامة ممالك الفساد المقونن والمستتر والمكشوف؟ نسمع ولا نرى، عن الانترنت غير الشرعي والتخابر غير الشرعي وعن صفقات التلزيمات في كل قطاعات الدولة وعن اهوال يرتكبها وزراء وسوبر وزراء ومدراء عامون ولا يقف الامر عند مدنيين بل يتمدد في اتجاهات القضاء والأمن .

هل ترانا امام عهد التقويض الدستوري المتلازم لإفقار لبنان الى الحضيض، ام ان ما يجري هو انفلات لم يعرفه بلد في العالم الثالث؟ اذا كان لا بد من ابراز بعض الخلاصات والنتائج لهذه الأعجوبة الجارية منذ بدء ازمة الفراغ الرئاسي فقط، (باعتبار ان الأعجوبة بادئة من قبل وبوقت طويل) فيكفي إلقاء نظرة خاطفة على عينة محدودة من هذه “الخيرات” الحديثة – القديمة التي تملأ هناء يومياتنا الزاخرة بوفرة انجازات عظيمة: ازمة اختناق مرورية يتحول معها لبنان محجرا للمجانين الفاقدي الاعصاب على طرق تحولت مرائب عملاقة في بلد يضم ضعفي عدد سكانه من المقيمين غير اللبنانيين بالاضافة الى ابناء البلد الزاهر. ازدهار غير مسبوق في الجرائم الفردية والاجتماعية المخزية التي تعكس تفلتا اخلاقيا وانحدارا الى القعر.

تصحر بيئي وتلوث يضرب احد اكبر الأنهر اللبنانية وبحيرته ويحول مجرى الليطاني مسببا اول للسرطان منذ اكثر من عقدين فاذا بهم يكتشفون متأخرين انه في حاجة الى ما يناهز المليار دولار لاعادة شفائه المستحيلة. تنامي الدين العام الى ما يفوق الستين مليار دولار وخدمة الدين السنوية الى اكثر من خمسة مليارات دولار. ولا حاجة الى مزيد عن البلد الرديف للأعاجيب.