علي حماده: اوقفوا المحاضرة بالعفة

146

اوقفوا المحاضرة بالعفة
علي حماده/النهار/5 تموز 2016

الذين عابوا على النائب انطوان زهرا، صعوده الى بلدة القاع للتضامن مع اهلها بعد الفاجعة التي اصابتها، وظهوره بصوَر وهو يحمل رشاشاً مع مجموعة من شبان البلدة، سيّئو النية . فزهرا لم يذهب الى القاع لينشئ ميليشيا خارج الدولة، ولم يحمّل شاحنات ضخمة اسلحة وذخائر بمئات الاطنان، بل جلّ ما فعله انه حمل سلاحا فرديا كالذي يمتلكه اي لبناني في منزله، في ظرف استثنائي تعرضت له القاع، ودفعت خلاله ثمنا غاليا من دماء ابنائها. اكثر من ذلك، ما كان ظهور نائب في مجلس النواب ممتشقا سلاحا فرديا – كما قال بعض المحاضرين بالعفة – مهينا للدولة وهيبتها، ولدور الجيش ووظيفته. كانت زيارة نائب من حزب “القوات اللبنانية” الى القاع، ووقوفه متضامنا بصلابة جدية مع اهلها، افضل بكثير من ان تترك البلدة، إما طعماً لمزايدات من وزراء وضباط سابقين، وإما لقمة سائغة تجعلها قابلة للالتحاق بمجموعة القرى التي يسيطر عليها “حزب الله” الغارق بسلاح لا تمتلكه دول ، وهو الفريق الوحيد في البلد الذي لم يقم يوما وزنا للدولة وهيبتها، ولا للجيش ودوره ووظيفته . ومعلوم ان كل ما شهده لبنان منذ عام 2013 من تفجيرات واعمال ارهابية متنوعة، انما جاء في اعقاب تورط “حزب الله” في حرب دموية في سوريا، ذهب ضحيتها آلاف السوريين على ارضهم، واكثر من الف وسبعمئة شاب لبناني من عناصر الحزب جرى رميهم في اتون حرب ايرانية على ارض عربية! مَن يعيب على انطوان زهرا حمله سلاحا فرديا لبعض الوقت مع شبان لا نريدهم ان يصيروا يوما فصيلا جديدا في عصابات “سرايا المقاومة”، ينبغي عليه اولا ان يتخذ موقفا من سلاح الغدر المعشش بين اللبنانيين، والذي يبقى على رغم استكانة العديد من القيادات الاستقلالية لواقع الامر، حالة ينبغي مقاومتها باستمرار. ولعل اضعف الايمان ان يبدأ الغيارى على هيبة الدولة بالعمل على اقناع من ينبغي اقناعهم بوقف قتل الناس بالرصاص الطائش عند كل مناسبة خطابية على التلفزيون، وبمنع جمهور متفلت من كل قانون من ان يواصل العيش مع شركائه في الوطن وكأن الوطن غابة.
كلامنا هذا ليس دفاعا عن النائب انطوان زهرا الذي نقل عنه قوله انه ربما اخطأ بالظهور بسلاح امام الكاميرا لاننا لا نجد خطأ في ذلك، كون المرامي لم تكن بالخبث الذي صوّرته اقلام “القديسين” ودعايتهم ، بل كانت للقول ان القاع لن تكون جزءا من عصابات “سرايا المقاومة “.
وبالمناسبة نسأل: لماذا لم يعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عن العملية، والمعروف عنه انه لا يخجل من اعلان مسؤوليته عن اعمال ارهابية يمارسها ؟ سؤال يستدعي التفكير بما هو ابعد من “داعش” نفسه. هل كانت العملية تهدف الى خدمة مشروع “حزب الله” باختراق الشارع المسيحي عبر التخويف، والتسلل الى قلب الفئات الريفية منه عبر الامن، وتشكيل عصابات “سرايا المقاومة” في الوسط المسيحي؟ لا نستبعد اي شيء، فبعد قيام “حزب الله” بتفجير “بنك لبنان والمهجر”، وانتهاء التحقيق قبل ان يبدأ (!) نعتبر ان ما حصل في القاع لم يفد منه سوى من اراد ان يحرف الانظار عن قوافل النعوش العائدة الى قرى الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، وعن عقوبات مؤلمة لتجفيف تمويله خارج ايران !