/علي الحسيني: دماء القاع لحزب الله: كفى/خيرالله خيرالله: القاع.. انتحاريو 2016 امتداد لمجزرة 1978

274

القاع… انتحاريو 2016 امتداد لمجزرة 1978
خيرالله خيرالله/المستقبل/29 حزيران/16

لا شيء يحدث بالصدفة في لبنان، بعد ثمانٍ وأربعين ساعة من الخطاب الذي القاه الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله في أربعين مصطفى بدر الدين، الذي يقف على رأس قائمة القديسين المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، جاءت مجزرة القاع. والقاع بلدة مسيحية على الحدود اللبنانية ـ السورية غير بعيدة عن معاقل «حزب الله» في الهرمل. كانت القاع في استمرار علبة بريد استخدمها النظام السوري لتوجيه رسائل في مناسبات معيّنة. على سبيل المثال وليس الحصر، شنت مجموعة تابعة للنظام هجوماً على القاع في الثامن والعشرين من حزيران ـ يونيو 1978 وقتلت نحو ثمانية وعشرين من أهالي البلدة بحجة انهّم كتائبيون وانّ حزب الكتائب وراء اغتيال طوني فرنجيه وافراد عائلته في اهدن يوم الثالث عشر من الشهر نفسه. وقعت مجزرة القاع بعد خمسة عشر يوماً من مجزرة اهدن. كان هدف النظام السوري واضحاً. كان يصبّ في تعميق الشرخ المسيحي ـ المسيحي بين آل فرنجيه من جهة والكتائب من جهة أخرى. ما هي الرسالة المطلوب توجيهها هذه الايّام عبر القاع؟ بعد ثمانية وثلاثين عاماً على مجزرة القاع الاولى، شهدت البلدة يوم السابع والعشرين من حزيران ـ يونيو 2016 مجزرة أخرى. في يوم واحد فجّر ثمانية انتحاريين انفسهم في البلدة. كانت هناك وجبتان انتحاريتان، وجبة صباحية واخرى مسائية. ليس سرّاً ان هؤلاء الانتحاريين ينتمون الى تنظيمات متطرّفة تعمل في سوريا. بين هذه التنظيمات «داعش» المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنظام السوري. من يعرف كيف ولد «داعش» لا يستغرب تلك العلاقة الوثيقة القائمة بينه وبين النظام السوري الذي يستخدم هذا التنظيم ليقول للعالم انّه يخوض حرباً ضدّ الإرهاب، في حين انّه يخوض حرباً مع شعبه ليس الّا. كان الاستنفار المسيحي المسلّح في القاع دليلاً على انّ هناك من لا يريد الاستفادة من التجارب التي مرّ فيها لبنان، بما في ذلك مجزرة القاع في العام 1978 التي تكشف امرين.
الامر الاوّل حقيقة النظام السوري واستخدامه لـ»داعش» ان في لبنان او في سوريا او في الأردن، كما حصل الأسبوع الماضي عندما استهدفت سيارة مفخخة نقطة حدودية عند الحدود السورية ـ الاردنية. امّا الامر الثاني فهو يتمثّل في ان هذا النظام لا يستطيع تغيير اساليبه القديمة القائمة على استخدام الإرهاب لابتزاز العالم. استخدم الإرهاب في لبنان لوضع يده على البلد لفترة طويلة امتدت على ثلاثة عقود. استهدف المسيحيين على وجه التحديد، خصوصاً سكّان بلدات وقرى حدودية مثل القاع. كان الهدف معروفاً وهو اقناع المسيحيين بالحماية السورية، أي بحلف الاقلّيات الذي نادى به في كلّ وقت النظام العلوي القائم 1970.
ثمّة وظيفة أخرى لاستهداف القاع في 2016. مطلوب حمل المسيحيين السلاح بغية التغطية على الدور الذي يلعبه «حزب الله» في الداخل السوري وعلى الكلام الأخير البالغ الخطورة الذي صدر عن الأمين العام للحزب عن مدى ارتباط الميليشيا المذهبية التي يقف على رأسها بإيران. لم يكن كلام حسن نصرالله جديداً للذين يعرفون ان «حزب الله» لم يكن يوماً سوى لواء في «الحرس الثوري» الايراني. لكنّ العلاقة بين الجانبين لم تكن يوماً واضحة مثل هذا الوضوح ومكشوفة بهذا الشكل الذي ينمّ عن وقاحة ليس بعدها وقاحة واحتقار ليس بعده احتقار للبنان واللبنانيين، خصوصاً عندما قال الأمين العام: «يا خيي، نحن على راس السطح، موازنة «حزب الله» ومعاشاته ومصاريفه واكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في ايران. تمام». بكلام أوضح، مطلوب شغل لبنان ومسيحييه خصوصاً بمصير بلدة مثل القاع ترمز الى الانتشار المسيحي على الخريطة اللبنانية والايحاء بان المسيحيين في خطر، وهم فعلا في خطر. سبب هذا الخطر سلاح «حزب الله» ومنعه مجلس النوّاب من انتخاب رئيس للجمهورية اوّلاً، ثم استثماره في الحرب السورية ثانياً وأخيراً. من يستثمر في مثل هذه الحرب ذات الطابع الطائفي والمذهبي ومن يمنع انتخاب رئيس مسيحي للجمهورية اللبنانية بقوّة سلاحه، انّما لا يعرض المسيحيين وحدهم للخطر، بل يضع البلد كلّه في عين العاصفة. جاءت مجزرة القاع الجديدة أيضاً بعد اختتام الرئيس سعد الحريري لجولته الشمالية التي وضعت كلّ شخص في المنطقة في حجمه الحقيقي من جهة ورسمت من جهة اخرى معالم الدور الذي يمكن ان يلعبه الشمال اللبناني، خصوصاً مدينة طرابلس ومنطقة عكّار في مجال إعادة اعمار سوريا بعد رحيل بشّار الأسد. مرّة أخرى، لا شيء يحدث بالصدفة في لبنان. القاع مستهدفة بصفة كونها بلدة مسيحية. الهدف من استهدافها استنفار المسيحيين وجعلهم يحملون السلاح، تماماً كما حصل بعد اغتيال رفيق الحريري ورفاقه غي شباط ـ فبراير 2005. كان الهدف من التفجيرات التي استهدفت احياء مسيحية في بيروت وخارجها، مباشرة بعد الاغتيال تصوير الامر وكأنّ هناك فتنة مسيحية ـ إسلامية في البلد. هل يقع المسيحيون في الفخّ الذي ينصبه لهم هذه المرّة النظام السوري و»حزب الله» في الوقت ذاته؟ يكفي لتفادي الوقوع في هذا الفخّ الّا يغيب عن البال ان «حزب اللّه» يمنع انتخاب رئيس للجمهورية والآخر. كذلك، ان «داعش» والنظام السوري وكلّ الميليشيات التي تدعمه، بما في ذلك ميليشيا «حزب الله»، وجهان لعملة واحدة. فانتحاريو صيف 2016 ليسوا سوى امتداد لمنفذي مجزرة صيف 1978!

دماء القاع لـ«حزب الله»: كفى
علي الحسيني/المستقبل/29 حزيران/16
عكست التفجيرات الإنتحارية المتتالية في بلدة القاع، عمق الأزمة التي يعيشها لبنان من جراء تدخل «حزب الله» في الحرب السورية وتحويله هذا البلد وشعبه، إلى نقطة إستهداف متكررة وإلى ضحيّة تُضاف إلى ضحاياه الذين يزج بهم في صراع لا يمكن أن ينتج عنه سوى الحقد والموت المجاني.
منذ انزلاقه في المستنقع السوري، يبدو أن «حزب الله» لم يتنبّه حتّى اليوم إلى حجم المخاطر التي استجلبها الى لبنان والتي بدأت تتكاثر وتتعاظم خلال الفترة الاخيرة. قتلى بالجملة مخلفين وراءهم أيتاما وأرامل سواء في لبنان أو في سوريا. تهجير وتدمير وتنكيل، فكل هذا يحصل تحت عناوين متنوعة يستدرج من خلالها الشُبان أو يجرهم طوعاً أو كُرهاً، إلى «حقل الرماية» فيُصبحون هم الهدف مع وعود بالحصول على أعلى مراتب «الشرف» و»الكرامة»، لكن في دنيا الآخرة. سنوات خمس مرت على خوض «حزب الله» حربه الإستنزافية للدفاع عن طاغية الشام. يُقابلها أكثر من الفي قتيل وأكثر من ثلاثة آلاف جريح. مستشفيات تعجّ بالحالات الخطرة ومدافن لم تعد تتسع لمزيد من الجثث، كل هذا والحزب يُصر على إقامة «رحلات» الموت اليومية باتجاه الأراضي السورية واليمنية والعراقية وذلك برعاية «النصر الموعود« الذي يبدو أنه أضاع بوصلته ولم يعد قادراً على التمييز بين طريق القدس والزبداني ولا بين طريق «المقامات» الدينية في دمشق وبين رائحة الدم في ريف حلب الجنوبي. من بوابة الدماء التي سالت بالأمس في القاع ومن الألم الذي اعتصر قلوب الاهالي وأدماها، خرجت عبارات القهر والشعور بالظلم ومعها خرجت الانفعالات الفردية التي دعت الى التسلح الفردي لمواجهة الإرهاب خصوصاً بعدما تأكد الأهالي أن بلدتهم هي المُستهدفة وأن هناك مُخطّطاً واضحاً يقتضي منهم التنبه لكل ما هو قادم باتجاههم. وفي السياق نفسه كررت كتلة «المستقبل» موقفها الثابت بأن «سلاح الوحدة الوطنية وسلاح القوى الأمنية الرسمية الشرعية، أي الجيش والقوى الامنية حصراً يجب ان تستمر في مقدمة أدوات الحماية الفعلية للبنان. وإذا كانت التطورات تتطلب مزيداً من الإجراءات الاستثنائية التي يتوجب على الحكومة اتخاذها فبإمكان الجيش اللبناني أن يلجأ إلى استدعاء قسم من الاحتياط لمساندته في مهامه الوطنية«. والكلام نفسه خرج أيضاً عن فعاليات القاع الذين اكدوا أن مظاهر السلاح لم تكن سوى تعبير عن الغضب لحظة سقوط الشهداء والجرحى، وبأن القاع ستكون خلف الجيش في أي خطوة سيقوم بها. بكل تأكيد ان رأس النظام في سوريا، كان ينظر بالأمس إلى ما يجري في «القاع»، والمؤكد انه كان يأمل حصول أمر ما، لتشتعل نيران الفتنة في لبنان، لكن وعي اللبنانيين وتحديداً أهالي وأبناء الشهداء والجرحى، جعل هذا الرهان خاسراً. ويُضاف إلى هذا الوعي، دعوات لقادة وزعماء لبنانيين إلى التزام التهدئة وعدم اعطاء فرصة للنظام السوري لتحقيق ما يصبو اليه. الرئيس سعد الحريري كان من بين هؤلاء حيث اعلن تضامنه مع القاع وأهلها والذي برأيه هو «تضامن مع حق اللبنانيين جميعاً بسيادتهم على ارضهم، واجتماعهم على رفض العاصفة الإرهابية، التي أودت بحياة مواطنين أبرياء، لا علاقة لهم من قريبٍ أو بعيد، بمحاور القتال والحروب والفتن في المنطقة«. ولعل هذا الكلام قد يكون بلغ مسامع «حزب الله»، ليُدرك بأن هناك أبرياء لا شأن لهم في حروبه، يُقتلون ويُجرحون، أولاً كونهم لبنانيين، وثانياً لأنهم لا يُريدون أن تتلطّخ أيديهم بدماء الأبرياء.
كتلة «المستقبل» عادت وحمّلت «حزب الله» كل انواع الأذى التي يتعرّض لها البلد، فأشارت في بيانها إلى أن «حزب الله، ومنذ أن بدأ انغماسه وتورطه في الحرب الدائرة في سوريا والقيام بتلك المعارك الاستباقية المزعومة وإسهامه عملياً في تهجير أعداد كبيرة من المواطنين السوريين من قراهم، بادر الى تبرير ذلك بالقول انه ذاهب إلى سوريا لمنع الإرهاب من التوجه الى لبنان والنتيجة ويا للأسف وكما حذرنا منها مراراً وتكراراً كانت خلافاً لما فتئ يردده حزب الله ، حيث ان الإرهاب ما لبث أن عاد وتبعه الى لبنان مخترقاً أمن اللبنانيين«.
قبل انزلاقه في الحرب السورية كان كل الكلام الذي يصدر عن قادة «حزب الله «محط ثقة وغير قابل للنقاش أو الجدل داخل بيئته. فكل الأوامر كانت مُطاعة والتوجهات والتوجيهات والإرشادات كانت تُترجم إلى أفعال. أما اليوم فقد تبدلت الأولويات لدى جمهور «حزب الله» بعدما أصبحت دماؤه تراق، وبالأمس شاهد هذا الجمهور على النحو ذاته، كيف أريقت دماء شركائه في الوطن في بلدة القاع، من دون أي أسباب موجبة، ومن هنا ربما بات لزاماً على اللبنانيين جميعهم وتحديداً جمهور الحزب الممتد من الضاحية الى الجنوب فالبقاع، إطلاق صرخة واحدة في وجه «حزب الله» يقولون فيها: «كفى قتلاً«.