عقل العويط: هذا هو الحزب بسلاحه وماله وإيرانه/علي حماده: السلة مع السلاح

153

هذا هو الحزب بسلاحه وماله وإيرانه
عقل العويط/النهار/28 حزيران 2016
كان الأمين العام واضحاً في الخطاب مساء الجمعة الفائت. شخصياً، أحبّذ الوضوح مهما كان عتيّاً. فمَن كان لا يزال يعتقد أن ثمة مجالاً لتدوير الزوايا حول مسألة الحزب بسلاحه وماله، فلا بدّ أن يكون اعتقاده قد تبدّد تماماً. هذا شيءٌ جيّد للغاية، لأن الصراحة واجبة في القضايا الحسّاسة، وخصوصاً عندما يتعلّق الأمر بأولويات حزبٍ ما على أولوية وجود الدولة ومصير البلاد. في غمرة هذا الوضوح الفجّ، لا معنى، بعد الآن، في أن يريد بعض اللبنانيين انتخاب رئيس للجمهورية، ولا في أن يريد بعضهم الآخر التوصل إلى اتفاق في شأن قانونٍ جديد للانتخاب. أمام شؤونٍ توجب الرهبة، كمثل ارتباط وجود الحزب بسلاحه وماله وإيرانه، لا أعتقد أن ثمة لزوماً لانتخاب رئيس أو لتوليد قانونٍ للانتخاب. يضحكني اللبنانيون الذين لا يزالون يفكرون في وجوب إنجاز مثل هذه الاستحقاقات التي فات أوانها، ويفترض موضوعياً أن تفقد معناها ودلالتها تحت سطوة وجود الحزب بسلاحه وماله وإيرانه. سيكون من الأجدى القول إن كلّ استحقاقٍ محتمل، سيكون محكوماً بهذه المعادلة، شاء من شاء، وأبى من أبى. هذا أقوله ليس من باب التخمين، أو التهويل، أو التسليم. إنه استنتاجٌ وصفي مبسّط للمعادلة اللبنانية المستجدّة منذ ضلوع الحزب بسلاحه وماله وإيرانه في وضع اليد على المصير. هذه المعادلة يمكن ترسيمها على الوجه الآتي: حيث يكون الحزب بسلاحه وماله وإيرانه، تميل دفّة الميزان السياسي إلى صالحه. والحال هذه، عبثاً كلّ استحقاق انتخابي، وعبثاً كلّ محاولةٍ لتغيير الواقع على الأرض. لمَن يظنّ أن ثمة عبرةً مضادة من الانتخابات البلدية، ألفته إلى أنه عندما “تحزّ المحزوزية” لن يبقى مكانٌ لرأي أو لموقفٍ مخالف. هاكم البرهان لمَن يريدون برهاناً: لا رئيس للجمهورية لأن الحزب بسلاحه وماله وإيرانه لا يريد رئيساً للجمهورية. يمكن قياس الاستحقاقات الأخرى المجمّدة على هدي استحقاق الرئيس المغيَّب. هناك طريقٌ واحد أمام اللبنانيين الذين يرفضون “عن جد” هذا الأمر الواقع: أن يستقيل ممثّلوهم من مجلس النواب، ومن الحكومة، وأن يمارسوا الوجود من خلال الضغط الديموقراطي السلمي المنظّم. ولا بدّ أن تستقيل السلطة القضائية، فيصير لبنان فاقد الشرعية الوجودية، فيتمّ اللجوء إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، باعتبار لبنان دولةً فاشلة أو مارقة. أمام حائطٍ مسدود كهذا، يجب أن ينتصر واحد من فريقين: إما القانون الدولي وإما الحزب بسلاحه وماله وإيرانه.

السلة” مع السلاح!
علي حماده/النهار/28 حزيران 2016
لا نشك لحظة في حسن نيات رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي طرح أخيرا، بعدما بدا ان التعطيل على كل المستويات سيطول كثيرا، فكرة “السلة”، على أن يتم الاتفاق عليها في الجولة المقبلة من الحوار الوطني في مطلع آب المقبل. وفكرة السلة كما يظهر لنا، أشبه بما حصل في مؤتمر الدوحة الذي عقد بعد غزوات “حزب الله” الداخلية في ٧ و١١ أيار، فولد “اتفاق الدوحة” الذي تضمن الاتفاق على ثلاثة بنود رئيسية، هي اسم الرئيس الذي سيتم انتخابه، ورئيس الحكومة الانتقالية وشكل الحكومة قبل (وبعد) الانتخابات النيابية التي حصلت بعدها بسنة، وكان جرى التوافق مسبقا على أن سعد الحريري يمكنه ان يكون رئيسها بعد الانتخابات، وخصوصا أن قانون الانتخاب الذي كان البند الثالث الذي جرى الاتفاق عليه، كان، فضلا عن موازين قوى الشعبية، يؤشر الى أن قوى ١٤ آذار ستحافظ على الاكثرية في مجلس النواب! “السلة” المطروحة اليوم تهدف الى اتفاق حول ثلاثة أمور رئيسية أسوة بـ”اتفاق الدوحة”: الرئيس، قانون الانتخاب والحكومة رئيسا وتركيبة! بهذا المعنى، لا يأتي بري بجدبد على الطاولة سوى أنه يحاول الدوران حول المشكلة في محاولة لاختراقها من زاوية رخوة. لكن من قال إن لبنان يجب أن يبقى أسير معادلة الدوحة التي لم تعمر كثيرا، فجرت إطاحتها استنادا الى معادلة القوة، وقد شكل بيت الجنرال ميشال عون مسرحا لإعلان إسقاط الحكومة التي ترأسها سعد الحريري على قاعدة التزام (ضمن الدوحة) عدم إسقاطها. ومع ذلك جرى نقض الاتفاق. بهذا المعنى لا يشكل “اتفاق الدوحة” تجربة مشجعة على تكرار صيغة “السلة”، وإن يكن الوضع مختلفا اليوم عما كان سابقا، سواء إقليميا إو محليا. لكن، وهنا بيت القصيد بالنسبة الى المزاج الاستقلالي، هناك خشية أن يكون طرح موضوع “السلة” مقدمة لانتزاع مزيد من التنازلات من جانب سعد الحريري، الذي قدم تنازلا لا أبالغ إن قلت إنه هائل، ودفع ويدفع من رصيده بترشيحه النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. والتنازل الجديد الذي يلوح شبحه في الأفق، هو تأييد ترشيح الجنرال ميشال عون لرئاسة الجمهورية (سوف يكون الرئيس الفعلي هو العنصري جبران باسيل)، في مقابل إمرار قانون انتخاب مختلط، وتأييد وصول سعد الحريري الى رئاسة الحكومة الاولى في العهد الجديد! فهل هذا حقا ما يتم التحضير له في كواليس “السلة”؟ إننا ننصح الرئيس سعد الحريري بعدم التسرع في قبول أي “سلة” تطرح، وان بحسن نية، وفي المقابل يفترض فيه ان يضع نصب عينيه مسألتين عليه ان يفكر فيهما منذ الآن: وضع سقف زمني لترشيح سليمان فرنجية الذي لم يفلح حتى الان في اقناع “حزب الله” بتأييده بدل عون، وإعادة وضع بند سلاح “حزب الله” غير الشرعي على الطاولة، وآخر “مآثره” دماء مواطنيين مسيحيين سالت بالامس بسببه!