ميشال هليّل: حقوق المسيحيّين

301

حقوق المسيحيّين
ميشال هليّل/النهار/25 أيار 2016

ماذا يفعل السياسيون المسيحيون؟

يتحدّث السياسيون عن الغبن في أول الأسبوع وعن التهميش في نهايته، حتى أنّهم نجحوا في جعل الأقليّة الفاعلة أقليّة باكية، وفي تصوير الناس ضحايا، وتحويل المجالس على أنواعها مجالس عزاء.

لو سئل المواطنون عن وضعهم الحياتي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، ماذا يقولون؟ وماذا يُجيبون؟ لو طلب إليهم أن يكتبوا لائحة بمطالبهم ماذا يكتبون؟

وماذا يعرضون؟ لو قيل لهم إن المسؤولين يُصغون إلى شكواهم، ماذا يفعلون؟ وممّا يشكون؟

المشكلة هي ذاتها، الدولة الناقصة، وهي سبب بؤس المسيحيين، وأيضاً المسلمين، وهي التي تحرم الجميع حقوقهم. وهذه المشكلة لم تكن يوماً في طائفة الموظف أو النائب أو الوزير، بل في غياب الدولة، أي في الموظفين الذين يتخطّون القانون، والمديرين الذين لا يُلاحقون، والمؤسّسات المدنية أو العسكرية أو الدينية التي لا تخضع للمحاسبة.

لا أحد يخضع للمحاسبة، من المواطن إلى المسؤول، ومن الجمعيات إلى الادارات، ومن الأحزاب إلى الأندية، والثنائي المسيحي الذي يتحسّر على أوضاع المسيحيين يتجاهل مبدأ المحاسبة لأنّ تطبيقها لا يُناسبه، ولأنّه لا يعود في امكانه أن يفعل ما يشاء ساعة يشاء، كيفما يشاء، وهو الذي يريد أن يفعل كل الأشياء من دون أن يطرح عليه سؤال، حتى من محازبيه، أمر لا شك يُطمئنه، ويُصادف أنّ ما يُطمئن الأحزاب يُثير قلق الديموقراطية.

فالديموقراطية ترفض أن يدمّر المسيحيون المسيحيين، ثم يأتي السيد ملحم رياشي ليقول إن ما حدث كان صراعاً على السلطة!

والديموقراطية لا ترضى أن يُحرم المواطنون حقهم في رئيس، ثم يظهر من يطالب بحقوقهم. والديموقراطية لا تريد أن يرتفع ثنائي من هنا وثلاثي من هناك، ورباعي من هنالك، فالمسيحيون لا يحتاجون الى تكتلات وتحالفات وجبهات، باسم شدّ العصب، كأننا تنقُصنا العصبيات، بل يحتاجون الى سياسيين لا ينقلونهم من فراغ إلى فراغ، ومن فساد إلى فساد، ومن خداع إلى آخر، وكل الحقوق تعود حين لا يعود السياسيون مخادعين.

والناس يستطيعون وحدهم أن يمنعوا السياسيين أو المسؤولين أو الأحزاب عن ممارسة الخداع، وذلك حين يشهرون في وجههم سلاح المحاسبة، فيعلم السياسيون أنهم لا يستطيعون، ساعة يشاؤون، أن يكونوا أمراء حرب وصانعي سلام، ويدرك المسؤولون أن هناك دائماً من يعترض، وتعرف الأحزاب أنّ المحازبين، حتى الأكثر مغالاة منهم لن يتردّدوا في التخلّي عن بطاقاتهم.

“فالغُبن” الذي يشكو منه المسيحيون تسبّب به السياسيون، الهواة الذين يدّعون العصمة عن الخطأ، المتهوّرون ويملكون قرار الحرب والسلم، الفاشلون وتُعمّم مواقفهم، وتُجمع خطبهم، وتُحفظ صورهم كما تُحفظ الذخائر.

حقوق المسيحيين؟ وهل للمسيحيين حقوق غير أن يذوبوا كملح، أو يُضيئوا كنور؟ حقوقهم… أن يكونوا مسيحيين.