العرب: إيران وحزب الله.. الورطة التي لا خروج منها/أسبوع أسود لإيران وحزب الله في سوريا

180

 إيران وحزب الله.. الورطة التي لا خروج منها
العرب/15 أيار/16/بيروت

لا يبدو أن إيران وحليفها حزب الله اللبناني سيجدان طريقا للخروج من الورطة السورية في ظل تزايد أعداد القتلى، وخاصة من القيادات النوعية التابعة لهما في المعارك، وفي ظل إصرار القيادة السياسية على الاستمرار بالحرب رغم الخسائر الكبيرة لكليهما. ومن الواضح أن إيران تجد صعوبة في الإقرار بأنها تتلقى ضربات موجعة في سوريا، فهي تتكتم على مشاركتها العسكرية المباشرة لتبدو وكأنها تكتفي بتقديم الاستشارة العسكرية لقوات الرئيس السوري بشار الأسد. وسيؤثر اعترافها بتلقي خسائر كبيرة، ولا شك، على خطابها الدعائي الذي يسوّق للحرب في سوريا على أنها حرب مقدسة، وأن النصر سيكون حليفها، وأن الهزيمة قد تهز ثقة الجمهور في أن ولاية الفقيه هي الفرقة الناجية الوحيدة مثلما يسوّق لذلك الإيرانيون منذ ثورة آية الله الخميني في 1979. وقال محللون إنه من الصعب أن يربح الإيرانيون وحليفهم حزب الله الحرب في سوريا في ظل تماسك السوريين ورفضهم سياسة الأمر الواقع التي يلجأ لها الأسد وحلفاؤه الإيرانيون والروس، لافتين إلى أن طهران والميليشيات المرتبطة بها تستطيع أن تقتل غالبية السوريين لكنها لن تنتصر عليهم. وهذا هو الدرس الذي بدأ القادة الإيرانيون يتعلمونه الآن. وبدا الأمر في بداية التدخل العسكري المباشر من إيران وحزب الله على أنه مجرد نزهة، لكن الوضع انقلب تماما بعد أن طال أمد الحرب، وانخرطت فيها أطراف أخرى خاصة الروس الذين أمسكوا بالملف السوري ككل ودفعوا طهران إلى أن تغامر بإرسال المئات من الجنود والخبراء والمستشارين في محاولة لإثبات قوتها ودورها في بقاء الأسد بالسلطة. ويعيد الإيرانيون إنتاج تجربة الأميركيين في فيتنام خلال ستينات القرن الماضي حين أرسلوا كتيبة من المستشارين العسكريين لتعزيز مواقعهم وحمايتها، لكنهم انتهوا إلى إرسال الجيش الأميركي كله إلى الحرب ليغرق في المستنقع. وهو ما وقع فيه الروس بأفغانستان نهاية سبعينات القرن العشرين حين أرسلوا مستشارين عسكريين كخطوة أولى ثم ذهب الجيش السوفييتي كله يحارب هناك.
وشكل هجوم مقاتلي المعارضة على مدينة خان طومان قرب حلب منذ أيام إحدى أكبر الانتكاسات لإيران التي لم تستطع أن تتكتم على خسائرها وخسائر الميليشيات الحليفة. وقدرت تقارير عدد القتلى في صفوف الإيرانيين والأفغان واللبنانيين بما يصل إلى 80 في الهجوم. وكان 17 من القتلى على الأقل إيرانيين وهو على ما يبدو أكبر خسارة لإيران في معارك خارجية منذ الحرب مع العراق. وهناك مخاوف بين المسؤولين والقادة العسكريين الإيرانيين من أن الأنباء عن وقوع خسائر بشرية كبيرة قد تحوّل الرأي العام ضد مشاركة إيران في سوريا. وأشار المحللون إلى أن ما بعد معركة خان طومان سيكون مختلفا تماما بالنسبة إلى الإيرانيين عمّا قبله، حيث من المقرر أن يكفوا عن التلويح بالنصر في معركة حلب التي وصفها الإعلام الإيراني بأنها معركة الحسم، وأنها لن تستمر طويلا. ويكتفي الإيرانيون الآن بالبحث عن مبررات للهزيمة التي ستكون لها نتائج مؤثرة على معنويات عناصر الحرس الثوري الذين شاركوا فيها ومن ورائهم الجيش الإيراني الذي يتباهى بمنجزاته في صناعة الأسلحة دون أن ينجح عمليا في أيّ حرب خاضها. واتهمت طهران موسكو بأنها تهاونت ولم تقدّم لهم التغطية الجوية اللازمة، ثم اتهمت الأميركيين بأنهم وراء الهزيمة حينما مكنوا المقاتلين السوريين من عدة هدن لترتيب أمورهم والاستعداد للمعركة.
وبعد أحداث خان طومان تعرضت إيران وحلفاؤها لضربة أشد بمقتل القيادي في حزب الله مصطفى بدرالدين. ولا شك أن هذه الضربة ستكون مؤلمة لحزب فقد أكثر من خمسين من قياداته النوعية في سوريا، وأكثر من 1600 مقاتل، خاصة في ظل تململ داخلي واسع للمطالبة بسحب الحزب لمقاتليه من المستنقع. وفقد الحزب الكثير من سمعته منذ تدخله بسوريا في 2012، فقد سقطت أسطورة الحزب الذي لا يقهر. وفيما كان الحزب وأمينه العام حسن نصرالله يتباهى باستهداف إسرائيل وتحميلها مسؤولية مقتل أيّ قيادي أصبح الآن يبرّئها من عملية اغتيال بدرالدين خاصة أنه دأب على التوعد بالرد لكنه صار عاجزا عن رد الفعل بعد أن استنفد كل قوته في سوريا، وأيّ تهديد يطلقه سيصبح مثار سخرية وتندر حتى داخل الحزب نفسه ووسط جمهوره الذي مازال ينتظر وعده بالرد على مقتل عماد مغنية. وقال بيان للحزب السبت إن التحقيق الذي أجراه أثبت أن مقتل بدرالدين “ناجم عن قصف مدفعي قامت به الجماعات التكفيرية المتواجدة في تلك المنطقة”، مشددا على أن “نتيجة التحقيق ستزيد من عزمنا وإرادتنا وتصميمنا على مواصلة القتال ضد هذه العصابات الإجرامية وإلحاق الهزيمة بها”. إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان شكّك في هذه الرواية وقال إنه لم يحدث قصف في هذه المنطقة منذ أكثر من أسبوع. ويتوقع المراقبون أن يستمر نصرالله، الذي فقد أغلب قادته العسكريين، في المعركة ويدفع بمقاتليه إلى آخرهم على أمل أن يحقق “النصر” الذي وعد به في سوريا، متجاهلا تغير الموازين على الأرض في ظل تقلص ملحوظ للغطاء الجوي الروسي الذي كان الحزب يستفيد منه، فضلا عن دعم موسكو للتهدئة مقدمة للحل السياسي، وأن اختلاف الأهداف قد يعجّل بصدام بين حلفاء الأسد.

أسبوع أسود لإيران وحزب الله في سوريا
العرب/15 أيار/16/بيروت ـ
شكل هجوم مقاتلي المعارضة في سوريا على مدينة خان طومان قرب حلب هذا الأسبوع أحد أكبر الانتكاسات في المعارك لتحالف المقاتلين الشيعة الذين يقاتلون إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد. وقدرت تقارير عدد القتلى في صفوف المسلحين الإيرانيين والأفغان واللبنانيين بما يصل إلى 80 في الهجوم الذي قادته جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة. وكان 17 من القتلى على الأقل إيرانيين وهو على ما يبدو أكبر خسارة في معركة خارج الجمهورية الإسلامية منذ حرب العراق وإيران. وكتب مقاتل إيراني في رسالة على تطبيق واتس آب عبر الهاتف نشرها موقع إيراني رسمي “دعواتكم لنا .. لا نستطيع التحرك. هناك 83 منا في غرفة واحدة. نحن في انتظار الدعم بالمدفعية لنتمكن من الانسحاب .. بإذن الله نحن شهداء ولن نؤسر.” وبعد أحداث خان طومان تعرضت إيران وحلفاؤها لضربة أشد وطأة فقد وردت أنباء في وقت مبكر من الجمعة عن مقتل القيادي في جماعة حزب الله اللبنانية مصطفى بدر الدين الذي كان يشرف على العمليات العسكرية لحزب الله في سوريا. وليس من الواضح كيف يمكن أن تؤثر مثل تلك التغيرات على الأرض في مسار الحرب التي نشبت في أعقاب احتجاجات استلهمت الربيع العربي في عام 2011 للمطالبة بتغيير ديمقراطي. وقبل تدخل إيران جاء حزب الله وكذلك روسيا لمساعدة الأسد عندما بدا أن قبضته على الحكم بدأت في التفكك. ويعتبر دبلوماسيون وخبراء من الشرق الأوسط التزام هؤلاء الحلفاء بمساندة الأسد أساسي لبقائه. ومثل تلك الضربات هي دليل على الثمن الذي تدفعه إيران وحزب الله في سوريا وحجم العداءات التي يواجهونها في الحرب متعددة الأطراف التي تصاعدت مجددا في الأسابيع القليلة الماضية في ظل إخفاق المساعي الدبلوماسية التي تقودها الأمم المتحدة. ولم تفوت إسرائيل الفرصة لاصطياد قادة بارزين من إيران ومن حزب الله في سوريا على مدى العام الماضي أو أكثر. وقال حزب الله إن بدر الدين قتل في انفجار قرب مطار دمشق. وألقى مسؤول من حزب الله باللائمة على إسرائيل. ولم تعلق الحكومة الإسرائيلية. ويحتفل أعداء آخرون في صفوف مقاتلي المعارضة ذات الأغلبية السنية بما يعتبرونه هزيمة لإيران في خان طومان والتي جاءت بعد خسارة مدينة العيس القريبة. ووصف خبير أمني مقرب من دمشق تدني الروح المعنوية في الحكومة بسبب خسارة أراض بعد استعادتها بصعوبة. وأحد التفسيرات المحتملة لذلك التراجع قد يكون انخفاض الدعم الجوي الروسي. ونفذت روسيا ضربات جوية دعما للأسد لمدة سبعة أشهر لكنها أيضا كانت مشتركة في جهود دبلوماسية تدعمها الولايات المتحدة وساندت اتفاقات لوقف إطلاق النار. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقاتل يحارب في المنطقة إن كثافة الضربات الجوية الروسية مؤخرا تراجعت. ويقول محللون يتابعون الصراع إن هذا التطور قد يكون مصدرا للخلاقات بين حلفاء الأسد.

صدمة في إيران/وأحدث الهجوم الذي شنته جبهة النصرة وحلفاؤها على خان طومان صدمة في إيران. ونشرت مواقع مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني أسماء وصور 13 إيرانيا قتلوا في خان طومان. وكان أغلب هؤلاء ينتمون إلى وحدة من الحرس بإقليم مازاندران في شمال إيران.
هزيمة لإيران في خان طومان/لكن كانت هناك مخاوف بين بعض المسؤولين والقادة العسكريين الإيرانيين من أن الأنباء عن وقوع خسائر بشرية كبيرة قد تحول الرأي العام ضد مشاركة إيران في سوريا. وانعكس بعض من تلك المخاوف في بيان صحفي صدر عن مكتب الحرس الثوري في إقليم مازاندران. وقال البيان إنه “للحفاظ على الهدوء في المجتمع” ينبغي عدم الوثوق في أي معلومات سوى تلك التي تصدر عن مكتبهم. وقال موقع تسنيم الإخباري إن من بين القتلى شافي شفيع القائد في فيلق القدس وهو قوة من النخبة تابعة للحرس الثوري. وقال موقع (إيه.بي.إن.إيه) الإخباري إن جثته بحوزة المعارضة السورية المسلحة. وأظهرت صور نشرتها المعارضة المسلحة وأعادت نشرها مواقع إخبارية إيرانية صورا عن قرب لمقاتلين قتلوا في المعركة. وتظهر إحدى الصور ما لا يقل عن 12 جثة فيما يبدو مخضبة بالدماء ومصفوفة في رواق مبنى. وتظهر مجموعة أخرى من الصور نشرتها المعارضة السورية سجينين لم تحدد جنسيتهما كانا مقيدين ومخضبين بالدم ويجري اقتيادهما خلف سيارة. وقال محمد صالح جوكار عضو لجنة الأمن الوطني والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إنه لا توجد أرقام دقيقة بشأن عدد الإيرانيين الذين قتلوا أو أسروا في “كارثة” خان طومان. ووصف علي لاريجاني ما حدث بأنه جريمة ارتكبها “إرهابيون جبناء” أثناء وقف إطلاق النار في إشارة على ما يبدو إلى اتفاق وقف الاقتتال الذي لا يشمل جبهة النصرة وجماعات متشددة أخرى. وقال علي شمخاني سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي في مقابلة مع الموقع الإلكتروني لنادي الصحفيين الشبان هذا الأسبوع “هذه الحادثة لن تمر دون رد.”وتظهر لقطات صورتها المعارضة المسلحة من طائرة دون طيار هجوما مركبا على خان طومان بدأ بإطلاق وابل من الصواريخ وقذائف المورتر وشاركت فيه عربات مدرعة ودبابة. وشوهدت سحابة من الدخان نتجت فيما يبدو عن تفجير سيارة ملغومة تتصاعد قرب مبنى.

حزب الله يتعهد بمواصلة القتال/وأعلنت إيران مقتل نحو ستة جنرالات في سوريا ومقتل عدد أكبر بكثير من الضباط الأقل رتبة منذ 2012. وخسر حزب الله أيضا أربعة من أبرز مقاتليه من بينهم بدر الدين زوج شقيقة القائد العسكري السابق للجماعة عماد مغنية. وبدر الدين أكبر شخصية في حزب الله تقتل منذ اغتيال مغنية في 2008 وفي دمشق أيضا. وتشير تقديرات إلى أن حزب الله فقد نحو 1200 مقاتل في سوريا حيث يقدم مقاتلو الحزب الذين يتمتعون بتدريب جيد المساندة للجيش السوري. وتعتبر الجماعة حربها في سوريا صراعا وجوديا مع جماعات متشددة مثل جبهة النصرة وتنظيم داعش الذين يصفهم الحزب “بالتكفيريين”.وخلال مراسم تشييع جثمان بدر الدين في الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة تعهد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بالسير على النهج الذي اختاره بالاستمرار “في مواجهة إسرائيل وفي مواجهة التكفيريين”.