حسن علي كرم: لا تتركوا لبنان لا تجوعوا شعبه/ميشيل تويني: حرب الإلغاء من عون وجعجع

183

حرب الإلغاء من عون وجعجع؟
ميشيل تويني/النهار/20 نيسان 2016

حرب الإلغاء التي هي ذكرى أليمة نتمنى نسيانها مع المصالحات الجديدة والتحالفات الحديثة، يجب ألا تتحول اليوم بعد التحالف العوني – “القواتي” الى حرب إلغاء للآخرين. فالخطيئة الجسيمة التي يرتكبها التيار البرتقالي والحزب “القواتي” هي انهما بتحالفهما يحاولان إلغاء الآخرين. وعندما نقول الآخرين نقصد أولاً المستقلين. وعندما نقول مستقلين لا نقصد أنهم من دون قضية، بل العكس، هم من يؤمنون بلبنان ومصلحته ولا ينتمون الى حزب أو زعيم. مع انطلاق التحضيرات للمعارك البلدية، شعر الكثيرون في زحلة وجبل لبنان وبيروت وجبيل ومناطق أخرى كالبترون، بأن الاتفاق العوني – “القواتي” يهدف الى شن حرب إلغاء على كل من لا ينتمي إليهما. فالاتفاق الثنائي بينهما يبدو مستهدفاً المستقلين لاستبدالهم بأنصار التحالف، وحيث لا يمكن إلغاء الآخرين يحاول التحالف ان يتفاوض معهم. ليت هذا التحالف يكون لانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت، ويؤدي الى نتائج فورية وحاسمة لإنقاذ الموقع الاول في الدولة. وليته يقدم برامج واضحة، لأن البرتقالي متحالف مع حزب مرتبط بايران وسوريا، و”القواتي” على علاقة غير واضحة بالمملكة العربية السعودية وبعض الأحزاب والتيارات اللبنانية كـ “تيار المستقبل” والكتائب، فيا ليتهم يعلنون خطة واضحة وصريحة مع مشروع إنقاذي، بدل أن ينصب جهدهم على نيل مقاعد انتخابية أكثر وإلغاء الآخرين. ذات يوم كنت أقول أمام احد المخضرمين: مشكلة المسيحيين ان عندهم احزاباً كثيرة، أما عند الآخرين فكل طائفة تملك زعيماً. فأجابني: “بالعكس، هذه قوة المسيحيين ويجب على الآخرين ان يتمثلوا بهم، فالتنوع ديموقراطية، وهذا لا يمنع الاتفاق بين بعضنا على العناوين الكبيرة، وهكذا تكون الحياة الديموقراطية السليمة. طبعاً لا يمكن ان نعود الى معادلة: عون – جعجع او لا شيء، فهذه عودة الى الوراء والغاء للآخرين وعدم السماح لهم بأن يكونوا إلا عبر القطبين العوني – “القواتي”. هذا الامر لن يحصل لان كثيرين يؤمنون بأن لبنان يحتاج الى نَفَس جديد ورؤية مختلفة والى تغيير وجوه، ويجب احترام الأشخاص الذين يمكنهم الاتفاق مع “التيار” أو “القوات” على نقاط كثيرة أو الاختلاف معهما على نقاط أخرى، ولهذا هم أحرار، لأن أحداً لا يملي عليهم ما يجب أن يفعلوه أو يفرض عليهم تحالفاتهم أو خلافاتهم. وعلى “التيار” و”القوات” أن يسمعا هؤلاء الاشخاص وعدم الاستمرار في محاولة إلغائهم، لأن هذا الأمر سيضعف تحالفهما. أما استيعاب الآخرين واستيعاب الحرية والاستقلالية لجزء كبير لا يريد ان يحمل بطاقات او ان يعطي ولاءه لزعيم، فهو واجب الأحزاب جميعاً، لانه لا بد ان يأتي يوم ويعرف الجميع كم أن حجم هؤلاء كبير، لكنهم أكثرية ما زالت، ويا للأسف صامتة.

 

لا تتركوا لبنان لا تجوعوا شعبه …!
حسن علي كرم/السياسة/20 نيسان/16

عندما كانت السفارة الكويتية في بيروت تحذر الكويتيين من زيارة لبنان جراء الوضع الامني المتدهور، بعد قتل ثلاثة كويتيين غيلة هناك خلال يومين متتاليين القتل من أجل السرقة على يد جناة سوريين، لا لبنانيين، كُنتُ في أثنائه أحزم حقيبتي للمغادرة الى بيروت، ورغم تحذير السفارة الذي أدخل في نفسي هواجس الخوف والشك بين مصدق ومكذب الا أن قتل الكويتيين في يومين متتالين وفي جرائم بشعة جعلني أكثر تصديقاً من المبالغة خصوصاً اذ رافق ذلك شعائعات أن القتل ممنهج ويستهدف الخليجيين وأعترف اني وقعتُ بين حيص وبيص هل أُلغي السفرة وأضمن عمري ام أواصلها متوكلاً على الله و«اللي بيصير يصير»، وفي الاخير أنتصر قرار السفر على قرار الالغاء، وكنت أتصور وانا اتجه إلى مطار الكويت أن الطائرة الكويتية التي ستقلني إلى بيروت سأكون أنا المسافر الوحيد على متنها، إلا أنني تفاجأت ان الصورة ليست بالتي رسمتها في مخيلتي، فالطائرة بدرجاتها الثلاث يملأ مقاعدها ركاب كويتيون وجنسيات أخرى، أذن لم تؤثر تحذيرات السفارة الكويتية في قرار المسافرين للسفر إلى لبنان. بعد وصول الطائرة الى مطار بيروت وخروجي من المطار قلت للشوفور الذي كان بانتظاري لا اريدك أن تتركني هذه المرة الوضع ليس امناً وهناك استهداف للكويتيين بالقتل ، الا أن السائق اطلق ضحكة عالية، وكأنه يسخر مني، قائلاً: «أطمن أستاذ ما في شي من هذا الاوضاع عادية وهذه حوادث فردية، والحق يقال أيدتُ كلامه بدليل عدد ركاب الطائرة الذي ملأ مقاعدها، من عادتي عندما أسافر الى بيروت أفضل السير على أقدامي على ركوب السيارة، حيث اتمتع بالتجوال في شوارعها ومكتباتها ومحلاتها ومقاهيها وكورونيشها والذي صار بعد التصليحات من أجمل الأماكن المناسبة للمشي خصوصا لمحبي رياضة المشي. بيروت ستبقى جميلة رغم الكساد وقلة الزبائن وبيروت هي بيروت التي تضحك اليك والتي تدخل في نفسك التفاؤل والراحة وبيروت هي نسمة الحرية التي قد لا تجدها في مكانٍ أخر ، وبيروت هي الكتاب الذي مُنع في بلدك تجده معروضاً على رفوف المكتبات ، بيروت الفن والسهرات و المقاهي والمطاعم التي باتت بين كل مطعم مطعم وكل مقهى مقهى. لقد عرف الكويتيون لبنان منذ أربعينات القرن الماضي واتخذوا هناك بيوتاً و قصوراً و بساتين ومزارع واستثمارات لاسيما في العقار ، لبنان سيبقى مفتوح القلب لكل القادمين، فلبنان رغم تعدد الطائفية إلا أنه لا يعرف العنصرية او إلغاء الاخر لا سيما إذا كان هذا الآخر ضيفا ، زياراتي الكثيرة الى لبنان جعلتني أتعرف وأصادق وأجالس لبنانيين من كل طوائفهم، لم أشعر أن هناك من يرفضني أو غير مرحب بوجودي عندهم، لكن لبنان يشعر اليوم بانكسار ، فالسياحة لم تعد مزدهرة بعد امتناع الخليجيين عن زيارته والفنادق تكاد تكون خالية وبعضها أغلق أبوابه وحسب تقرير أخباري بثته قناة «الجديد» اللبنانية تقلص عدد الخليجيين الزائرين للبنان من نحو المليون في 2007 إلى نحو الـ 200 الف زائر ، غياب الخليجيين عن لبنان مؤثر ، صحيح أن هناك الكثير من المشكلات الداخلية اللبنانية التي أضرت بلبنان وبالسياحة اللبنانية لكن يظل لبنان حاضنة الخليجيين والبلد المفضل لكل الأذواق والطبقات. لا تتركوا لبنان خالياً ولا تتركوا شعبه يجوع ، فلبنان يبقى القلب المفتوح لكل الخليجيين وعلى الخصوص الكويتيين الذين عرفوهم منذ سنوات طويلة.