محمد حجيري: دعماً لغسان سلامة/غسان حجار: طريق غسان سلامة غير سالكة

324

 دعماً لغسان سلامة
محمد حجيري/المدن/الإثنين 28/03/2016

لم تحزم الحكومة اللبنانية أمرها حتى الآن بترشيح أحد إلى منصب الأمين العام لمنظمة اليونسكو، لكن المعلومات المتداولة في الكواليس وفي بعض المواقع الالكترونية، تفيد بأن وزير الخارجية اللبناني البرتقالي جبران باسيل، عمّم على البعثات الدبلوماسبية اللبنانية دعمه لفيرا خوري المقربة من المليادير جلبير الشاغوري. ودعمها يأتي في مواجهة غسان سلامة (الشخصية اللبنانية المرموقة في التعليم والثقافة والدبلوماسية) الذي أعلن ترشحه قبل أيام. لم تتخذ حكومة “المصحلة الوطنية” قراراً، وربما هي أعجز من أن تتخذ أي قرار في شأن انتخابات اليونسكو. حكومة برؤوس متعددة وحامية، حكومة بحسابات متناقضة ومتضاربة، وكل شيء فيها موضع خلاف واختلاف وتجاذب وانقسام وتشتت، من قضية النفايات إلى تعيين أصغر موظف في الدولة. ربما يكون وليد جنبلاط السياسي الوحيد حتى الأن الذي عبر عن رأيه بدون مواربة معتبراً “أن غسان سلامة قيمة فكرية”. وحذر من”أن تطل علينا من بعض أزقة السراي أو بعض النوافذ الجانبية ترشيحات مشبوهة مصدرها رجال مال من حديثي النعمة يعيثون فساداً حيثما حلوا”. قد نختلف مع جنبلاط وقد نتفق، فهو ابن الطبقة السياسية اللبنانية، لكنه في بعض المرات “يشذّ” عن النفير السياسي اللبناني في اختيارات تليق بالسياسة والثقافة والمجتمع.
لا نستغرب أن يُهمش ترشيح غسان سلامة في لبنان في زمن موت السياسة وضحالتها، ولا نعلم إن كانت ستحصل “معجزة” وتتبنى حكومة تمام سلام ترشيح الدبلوماسي الشهير… ولا عجب في أن يستبعد باسيل سلامة لمصلحة شخصية مغمورة، فهو يدرك أن الأخير هو السياسي الذي طالما تمناه كثيرون من اللبنانيين وزيراً للخارجية بدلاً من باسيل نفسه، كان في الحد الأدنى خفف عن لبنان اثقال ومتاعب في غنى عنها، من مواقفه في القضايا العربية والخليجية تحديداً، إلى قضية اللاجئين، وصولاً إلى فيديو كارولينا الشهير… لا عجب ان تستبعد وزارة الخارجية الغريبة الأطوار، الشخص المثقف الذي ينتظره كثيرون ليطل في مقابلة تلفزيونية، هو من القلّة من السياسيين الذين يقدمون في اطلالاتهم نوعاً من معرفة ومعلومات وتحليل واقعي وليس مجرد مواقف وجعدنة هوائية مدفوعة الأجر. من يحب سماع الأفكار والتحاليل في السياسية، ينتظره ويقف عند كلامه، بغض النظر عن موقفه السياسي الشخصي.
وغسان سلامة، الفرنسي الجنسية، واللبناني المولد والهوية وصاحب العلاقات الدولية العابرة للقارات، يستطيع أن يقدم طلب ترشيحه قانونياً بصفة شخصية دون الحاجة إلى “وزارة” باسيل أو “حكومات” لبنان، وهو المدعوم عربياً والنافذ دولياً والاقرب إلى الفوز، بينما فيرا خوري وبغض النظر عن شخصها وقدراتها، فهي مغمورة لبنانياً ونافذتها الوحيدة أنها مدعومة من جلبير الشاغوري. غسان سلامة الذي اسندت إليه حقيبة وزارة الثقافة من العام 2000 حتى 2003، أعطى لهذه الوزارة ما تستحق أن تكون عليه، وبدأ الحديث فعلاً عن حضور هذه الوزارة قبل أن يخمد، وهذا ترافق مع مغادرة سلامة لبنان بطريقة تشبه النفي بعد فبركات سياسية وإعلامية “ممانعة” وجهت إليه وتتهمه بأنه من عرابي القرار 1559 الذي ضاعت الطاسة حول من خطط له. على أن مشكلة النظام اللبناني الطائفي الفئوي أنه لا يعطي لأصحاب العقول الجديرة حقهم، وينتج ما يمكن تسميته “أسوأ السياسيين” تحت مسمى “حقوق الطوائف” والجماعات. ولا يحب اقطاب السياسة اللبنانية أن يكون المرء مثقفاً أو فاهماً أو صوتاً مستقلاً ومطلعاً، يحبونه ببغاءً تابعاً وبوقا ومصفقاً ومستمعاً، يحبونه محابياً بلا صوت بلا موقف بلا حضور. كثيرون من السياسيين اللبنانيين “الباسيليين” يفضلون أن تصل فيرا خوري بدرجة موظفة في منظمة اليونسكو على أن يصل غسان سلامة صاحب الدور والموقع.
يبقى القول اأنه إذا حصل واستبعدت الحكومة اللبنانية رسمياً ترشيح سلامة، يكون ذلك زيادة في تكريس الانحطاط السياسي السائد. غسان سلامة من مواليد العام 1951، درس القانون في “جامعة القديس يوسف”، والقانون الدولي في “جامعة باريس”، وحاز الدكتوراه في العلوم السياسية من “جامعة باريس الأولى” والدكتوراه في الآداب من “جامعة باريس الثالثة”. رأسَ مجلس أمناء “الصندوق العربي للثقافة والفنون- آفاق”، وهو عميد “معهد باريس للشؤون الدولية” (استقال منه)، وأستاذ العلاقات الدولية في “معهد العلوم السياسية” في باريس وفي “جامعة كولومبيا” بنيويورك. بين العامين 2000 و2003، شغل منصب وزير الثقافة في لبنان في حكومة رفيق الحريري، وكُلف بمهامات خاصة إلى جانب حقيبته، كتنظيم “قمة بيروت العربية” و”القمة الفرنكوفونية” في لبنان. عُيِّن سلامة مستشاراً سياسيّاً لبعثة الأمم المتحدة في العراق في العام 2003، وكاد يلقى مصرعه في حادثة تفجير مبنى الأمم المتحدة في بغداد، ثم عيّن مستشاراً خاصاً للأمين العام لـلأمم المتحدة بين العامين 2003 و2006. اختير عضواً في عدد من المنظمات العالمية غير الحكومية، ومنها حاليّاً مجموعة الأزمات العالمية في بروكسيل، مؤسسة “أوبن سوساييتي” في نيويورك، و”مكتبة الإسكندرية”، و”مركز حل النزاعات في نيويورك، و”مركز العمل الإنساني” في جنيف،. وهو أحد مؤسسي “الصندوق العربي للثقافة والفنون”. لغسان سلامة العديد من المؤلفات بالفرنسية والعربية، منها: “المجتمع والدولة في المشرق العربي”، “السياسة الخارجية السعودية منذ عام 1945 دراسة في العلاقات الدولية”، “نحو عقد عربي جديد- بحث في الشرعية الدستورية”، “من الارتباك إلى الفعل: التحولات العالمية وآثارها العربية” و”أميركا والعالم: إغراء القوة ومداها”.

طريق غسان سلامة غير سالكة!
غسان حجار/النهار/29 آذار 2016
الوزير السابق غسان سلامة في إعلانه ترشحه للادارة العامة لمنظمة الاونيسكو عبر التلفزيون مباشرة من دون تنسيق مع الحكومة اللبنانية التي بدت كأنها فوجئت بالترشح، (ولا ادري ما اذا كانت المفاجأة حقيقية) لان اموراً مماثلة وبهذا الحجم تحتاج الى تحضير مسبق، مع العلم شبه الأكيد ان الحكومة شبه العاجزة عن بت معظم الملفات ستجد نفسها غير قادرة على التوافق على اسم غسان سلامة الذي تتهمه قوى الامر الواقع في الحكومة وخارجها، بالوقوف وراء القرار 1559 الذي صدر عن مجلس الامن عام 2004 وطالب جميع القوات الأجنبية المتبقية بالانسحاب من لبنان، خصوصا انه صدر بعد الانسحاب الاسرائيلي من لبنان عام 2000، مما يعني انه قصد الجيش السوري، كما دعا إلى حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، اي انه قصد “حزب الله” تحديداً. وقد أثار هذا الموضوع جدلاً في الايام الاخيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن المفارقة في الامر تكمن في نقاط عدة يجدر التوقف عندها:
اولاً: ان مرشحة لبنان الرسمي هي السيدة فيرا خوري، ولا انتقاص منها في شخصها، وانما انتقاص من دورها اللبناني، اذ انها تمثل منذ سنوات دولة اخرى في منظمة الاونيسكو، بترؤسها بعثة دولة سانت لوسيا، اي انها تحمل الصفة الديبلوماسية لبلد ثان غير موطنها الذي يتبنى ترشيحها.
ثانياً: ان دولة سانت لوسيا التي نالت استقلالها عام 1979 وأصبحت عضواً في دول الكومنولث هي احد بلدان التهرب الضريبي وقد وضعت منذ عام 2009 على لائحة صنفت رمادية، وفيها ينشط عدد كبير من المتمولين من جنسيات مختلفة من اجل الملاذ الضريبي واكثر، ومنهم احد كبار اللبنانيين الذي يدعم ترشيح خوري.
ثالثاً: ان المفاضلة بين خوري وسلامة تصب حتما لمصلحة الثاني لجهة انتمائه اللبناني وتاريخه وكفاياته ومعرفته بلبنان ومعرفة اللبنانيين به، والخدمات التي قدمها لبلده خصوصا عندما تولى حقيبة وزارة الثقافة وتنظيم القمة الفرنكوفونية في لبنان.
رابعاً: من المفضل ان تسجل الحكومة لنفسها انجازاً مشرفاً فلا تقع مجدداً ضحية المافيات المالية الطامعة والطامحة الى التحكم بكل مفاصل البلاد مع سياسيين باعوا انفسهم من اجل مكاسب مالية على حساب الوطن والمواطن، وهم يتوثبون كل صباح لالتقاط المزيد من فرص النهب، ويحاربون كل محاولة للتغيير، بل يعملون على ان يستولد النظام القائم بنيناً وورثة من داخل التركيبة التي انتقلت من الاقطاع، ومن الثائرين عليه ايضاً، الى الميليشيات الاقطاعية. واخيراً، يستحق لبنان ان يكون ممثله في محفل دولي انسان اسمه غسان سلامة، لانه قيمة فكرية وعلمية، وهو علمٌ من أعلام بلد الارز.