ميشيل تويني: ١٤ آذار التايوانية/نبيل بومنصف: شماتة وانكشاف كيف/طوني بولس: 14 آذار انتصار الدولة على الدويلة

233

١٤ آذار التايوانية
ميشيل تويني/النهار/16 آذار 2016

أمس صفّق جمهور “التيار الوطني الحر” لأن ١٤ آذار لم تعد كما كانت ولأنهم هم ١٤ آذار الأصليون!
وبهذا الكلام نعني ان التيار هو من ناضل ضد النظام السوري وعاد عام ٢٠٠٥ ليكمل النضال على المبادئ نفسها. لكن ما لبث الجنرال الا ان تحالف مع “حزب الله”، الحزب الذي يملك السلاح خارج نطاق الدولة، وهذا لا يعني الا إضعاف الجيش والدولة! صحيح ان المشاكل لم توفر الجنرال من قبل النائب وليد جنبلاط او “تيار المستقبل” لكن هذا لا يعني انه في حال أخطأ البعض ان يرتمي تيار التحرير في احضان القوميين والبعثيين ونظام بشار الأسد. وهو من كان يدعي التحرير والنضال ضدهم! لا مانع من التحالف مع “حزب الله” او القوميين او البعثيين فهي أحزاب لبنانية، لكن الغريب ان تياراً يدعي انه ١٤ آذار الأصلي يقبل بكل هذا الشواذ وان يتحالف مع ٨ آذار ومع من تظاهر يوماً ليقول “شكراً سوريا” وتحالف معهم لأكثر من ١٠ سنوات! في هذه الحال فإن جنرال ١٤ آذار تحول اكبر المدافعين عن ٨ آذار ولا مشكلة في ذلك، لكن على الأقل يجب احترام عقول الناس وعدم الادعاء ان التيار ما زال يؤمن بمبادئ لم يدافع عنها يوما بعد ٢٠٠٦ بل بالعكس! اما التباهي بأن ١٤ آذار لم تعد موجودة فهو أمر مبكٍ لان يا جنرال، وَيَا شيخ، وَيَا بيك، وَيَا سماحة السيد، وَيَا حكيم، وَيَا أيها الزعماء، ليست ١٤ آذار التي انتهت ولستم أنتم من انتصرتم، الذي ينتهي هو لبنان وأمل اللبنانيين فيكم وفي مستقبل أولادهم! لا تفرحوا لأن ١٤ آذار انتهت، لانه الذي انتهى هو نحن: الشعب اللبناني! صدقيتكم انتهت لأنكم أوصلتمونا الى العيش بين النفايات وتحاصصتم حتى على صحتنا، والجميع سواء كانوا مسؤولين أو غير مسؤولين ولا يفعلون شيئاً ولا يفضحون الأمور هم متواطئون! فلا تهللوا لانتهاء ١٤ او ٨ آذار لان ما انتهى هي صدقيتكم جميعا ومن يدفع الثمن هو المواطن اللبناني. ولا تصفقوا يا جمهور التيار عندما يسيء الجنرال الى الرئيس الحريري، لانه عندما كان يفاوض معه في باريس على موضوع الرئاسة كان كلامهما إيجابياً حيال بعضهما وترجم بالغزل بين بعض نواب العونيين والمستقبل! وكما في الامس كنتم تصفقون عندما يسيء الى الحكيم واليوم تدافعون عنه، وكما في الأمس كان جمهور المردة يكره جمهور الحريري وكان رئيس المردة يتهمه بكل الاتهامات وجمهوره يصفّق، واليوم اصبح العكس صحيحاً! فنصيحة الى جمهور التيارات والأحزاب: وفروا حماسكم وأحقادكم وتصفيقكم لأنكم ما عدتم تعلمون من يجب ان تكرهوا وفي اي وقت يجب ان تصفقوا!

شماتة وانكشاف … كيف؟
نبيل بومنصف/النهار/16 آذار 2016
قد لا يلام العماد ميشال عون لشماتته بقوى ١٤ آذار في يوم الذكرى الحادية عشرة لانطلاقتها فيما كان قادة هذه القوى يؤدون عروض التشتت ويتركون لكل مستفيد من انهيار تحالفهم ان يقتنص ما يتراءى له مكسبا. ولا يلام الجنرال على تشفيه من خصومه ما دام هؤلاء احبطوا قواعدهم وناسهم والحركة الشعبية والمواطنية التي لم يعرف لبنان مثيلا لها في تاريخه القديم والحديث فجاءت خيبتهم الكبرى على أيدي حراس الهيكل وحماة الانتفاضة. ولكن، مع ذلك، لم نفهم كيف انزلق الجنرال الى حيث لم يكن جائزا له أن يفعل أقله من المنطلقات التي حرص على إبرازها في الشماتة بخصومه القدامى بعدما حيد منهم الحليف الجديد ” القوات اللبنانية”. يحقر الجنرال عون ١٤ آذار بوصفه لها بانها ” تايوانية ” متهما اياها بسرقة شعاراته، الامر الذي يستدعي في زمن انهيار المعايير الجادة للقيم وصعود الدعائيات الفارغة اعادة ابراز الحقائق الاساسية المتصلة بواقع الناس والفارق الواسع بينها وبين المصالح الشخصية الطاغية الى حدود تعطيل الانتخابات الرئاسية سنتين تحت شعار “عون او لا رئيس”. لم تكن ١٤ آذار 2005 الا صنيعة اللبنانيين الذين آمن قسم كبير منهم يوما بانتفاضة العماد عون على الوصاية السورية في ما سمي “حرب التحرير”. ولا يعقل ان يكون الجنرال قد نسي ان قواعده كانت جزءا من الحشد المليوني في ١٤ آذار 2005. فكيف يكون هذا الحشد مستعاراً او ناهباً لشعار التحرر والسيادة والاستقلال ؟ ثم ان النقمة على الأكثرية النيابية التي حالت حتى الآن دون انتخاب مرشح “حزب الله” ومن ثم “توافق معراب” في مواجهة النائب سليمان فرنجية مرشح توافق باريس مع الرئيس سعد الحريري، لا تجيز للجنرال اعتماد إزدواجية المعايير في الحكم على العامل الشعبي الذي يراه لمصلحته في الاستطلاعات وفي الزواج الناشئ سعيدا مع “القوات” فيما يسخر منه لدى تهجمه على خصومه الذين يأخذ قواعدهم الشعبية بجريرة تصفية الحسابات السياسية مع قادتها. ثم وايضا كيف يستقيم الالحاح على مجلس مطعون في شرعيته لانتخاب “الاكثر تمثيلا” لكي يغدو الانتخاب شرعياً؟ لعل أفضل ما يبرزه المشهد السياسي راهنا هو العدالة الحقيقية في الخسائر والانكشاف. واذا كان بعضهم يمني النفس بان هذا الانكشاف يمكن ان يشكل دافعاً قوياً لانتخاب قريب لرئيس للجمهورية فان ذلك يشكل الوهم بذاته. حتى “حزب الله ” بدأ انكشافه الكبير يسابق سائر القوى الحليفة والخصوم خصوصا وسط اشتداد تداعيات الحصار الخليجي والعربي عليه وعلى لبنان . في “عدالة” الانكشاف هذه لا نجد، إلا نادرا، من يتحلى بفضيلة التواضع لئلا نقول الصمت !

 

14 آذار انتصار الدولة على الدويلة
طوني بولس/اوينت نت/15 آذار/16
بين “14 آذار” 2005 و”14 آذار” 2016 غيّرت الأيام الكثير، إحدى عشر عاماً مرت على تلك اللحظة الاستثنائية والفريدة من نوعها في تاريخ لبنان، وما زال الحلم قائماً بدولة سيدة ومستقلة وممسكة وحدها بالسلاح والقرار، والصورة التي جمعت معظم الشعب اللبناني في ساحة الشهداء ستبقى الدليل الساطع على الأهداف الواحدة والمشتركة للبنانيين، مسلمين ومسيحيين، بالعيش معا في ظل دولة تجسد تطلعاتهم السيادية والاستقلالية والميثاقية والسياسية والأمنية والاقتصادية. في هذا العام، ولأول مرة، لم تحيي قوى “14 آذار” ذكرى إنطلاقتها شعبياً. فالمشهد ارتسم من خلال تناوب قياداتها على المؤتمرات الصحفية كل من منبره مؤكداً الانتماء الى روحية هذه الحركة في بعدها الاستقلالي والعروبي والديمقراطي. هذا المشهد كان كفيلاً برؤية سوداوية لمصير هذا التحالف العريض الذي حرر لبنان من إحتلال نظام بشار الاسد، خصوصاً بعد ذكرى 14 شباط التي أريد منها تحقيق اعادة انطلاقة لقوى “14 آذار”، تحولت الى مناسبة جديدة للتنافر، والأشتباك السياسي بين القواعد الحزبية، حيث اعتبر مناصرو “القوات” أن رئيس حزبهم سمير جعجع تعرض لإهانة لفظية في الخطاب، وشكلية في طريقة التعاطي بين الحريري ورئيس “الكتائب” النائب سامي الجميل. في “14 آذار” 2016 ظهرت تيارات “ثورة الارز” بأسوء اوضاعها، وعاد هاجس الاغتيالات السياسية من خلال آلة القتل التي يقودها “حزب الله” بوجه القادة والاحرار في لبنان وأخرها ما كشفه من جهاز أمني غربي، عن وجود محاولة جدّية لاغتيال الوزير المستقيل اشرف ريفي والنائب احمد فتفت، بالتزامن مع خطف شبه كامل للقرار الرسمي لصالح المحور الفارسي مسبباً اسوء ازمة يعيشها لبنان مع محيطه العربي.
إلا أنّ هذا المشهد ورغم سوداويته وتشرذم قادته، لا يزال يشكل مكونا أساسيا بالتوازنات اللبنانية، ولجم “حزب الله” حتى الآن عن اجتياح لبنان واكتساح مؤسساته في وقت تتركز الجهود للملمة صفوف “14 آذار” التي تصطدم بالفتور القائم بين “المستقبل” و”القوات” على خلفية الأزمة الرئاسية، دون المساس بجوهر الاتفاق على وجوب الاستمرار بالتصدي لهجمة “حزب الله” والدفاع عن استقلال وسيادة لبنان. وبالرغم من الصعاب والانتكاسات التي رافقت قوى 14 آذار في الاحدى عشر عاماً الماضية، كثيرة هي الانجازات التي تحققت وان لم يكن لهذا التحالف دور مباشر بها، فها هو رئيس النظام السوري بشار الاسد الذي لطالما نغص على اللبنانيين والسوريين عيشهم وحرية قرارهم، يتهاوى مع نظامه الى الحضيض وسوريا تتحرر من طغيانه. وعلى المقلب الاخر، النظام الخليجي والعربي يصنف “عدو الشعب” اللبناني حزب الله منظمة ارهابية، هذا الحزب الذي كان لنظام القمع السوري الشريك الامثل في القتل والاجرام والارهاب، وهو الاخر ايضاَ تحت المجهر والحصار، يتنافس مع تنظيم الدولة الاسلامية على ترأس لائحة الارهاب العالمي، والمؤشرات واضحة في المنطقة ان نظام الولي الفقيه في حال من الانحسار بدء من اليمن والبحرين الى سوريا ولبنان. ومن الانجازات التي تحققت لصالح “ثورة الارز”، تعديل القرار السابق للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والذي اتهم افراداً من حزب الله بإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ليصبح الحزب بكامله متهماً بجريمة “العصر”. وذلك تأكيداً على ان القضاء الدولي الذي كان بديلاً عن القضاء اللبناني السيء السمعة والعاجز عن تحقيق اي عدالة بوجه سلاح ميليشيوي مجرم، لن يتهاون بتحقيق العدالة التاريخية لشعب 14 آذار والتي انتظرها طويلاً. قبل 14 آذار 2005 كان نظام بشار ممسكاً بزمام الامور بنظام بوليسي يقوده الرئيس اللبناني إميل لحود. اما الان برغم ان هذه الحكومة لم تستطع أن تحكم، وأيضا “حزب الله” فهو يعمل على قاعدة ثابتة: “إذا لم نكن نمسك بكامل السلطة فعلينا أن نمنع غيرنا من أن يمسك بها”.
للوهلة الأولى، يظن المرء أن الثورة هُزمت، بسبب خيبات أحزابها وانكساراتها، لكن شعب “ثورة الأرز” صامد وما زال يشكل أكثرية اللبنانيين، وسيبقى بمواجهة ثقافة الموت التي تقودها إيران، لأن ثقافة شعب “الارز” ثقافة حياة والإعتدال وهي تتماهى مع ثورة الشعب السوري ضد إرهاب نظامه وميليشيات ولاية الفقيه التي أتت من كل حدب وصوب لكسر إرادة شعب يموت واقفاً ولا يركع.