بتول الحسيني: هنيئاً لوزير «المقاومة» باسيل وقف الهبة السعودية/صدمة في لبنان بعد القرار السعودي إعادة النظر في العلاقات وحزب الله يرفض تحمل المسؤولية

342

 صدمة في لبنان بعد القرار السعودي إعادة النظر في العلاقات.. وحزب الله يرفض تحمل المسؤولية
سلام «يتمنى» والحريري «يتفهم».. ومطالبات باستقالة الحكومة لعدم استغلالها من الحزب
سليمان لـ {الشرق الأوسط}: لبنان ذو وجه عربي ولن يتنكر لدوره

بيروت: ثائر عباس/الشرق الأوسط/20 شباط/16

أثار القرار السعودي، والتأييد الإماراتي والبحريني، بـ«مراجعة العلاقات مع لبنان» والتي تمثل أول مفاعيلها بقرار وقف المساعدات الأمنية والعسكرية، ردود فعل «تفهمت القرار» وحملت «حزب الله» وحليفه وزير الخارجية جبران باسيل مسؤولية الأزمة التي ستنشأ عن القرار الخليجي، فيما رفض الحزب تحميله مسؤولية القرار معتبرا أنه «متخذ منذ زمن طويل». وفيما قال الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان، الذي كان عراب الهبة السعودية الكبرى للجيش اللبناني (3 مليارات دولار) لـ«الشرق الأوسط» بأن هناك أيادي عملت سابقا على شطب إعلان بعبدا، وتعمل حاليا على الإضرار بالمصالح اللبنانية في الخارج. تمنى رئيس الحكومة تمام سلام «إعادة النظر بالقرار الخاص بوقف المساعدات»، فيما أعلن رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري أنه «يتفهم القرار» آملا من السعودية معاملة لبنان «معاملة الأخ الكبير لأخيه الصغير».

وقال الرئيس ميشال سليمان لـ«الشرق الأوسط» بأن العلاقة بين لبنان والمملكة العربية السعودية، كانت جيدة وستبقى جيدة مع هبة أو من دونها، مشددا على أن لبنان ذو وجه عربي كما جاء في مقدمة دستوره، وهو لن يتنكر لدوره العربي. وأبدى الرئيس سليمان أسفه لحالة سوء الفهم التي أوصلت إلى ما أوصلت إليه من خلال عدم التصرف بحكمة مع قضايا عربية كان يجب على لبنان أن يكون من صلب المدافعين عنها، كما كان دائما رائدا في الدفاع عنها، معتبرا أن الأسف الأكبر هو في كون لبنان من دون رئيس للجمهورية الذي هو الناظم الأول لعمل المؤسسات، ما أدى إلى ترهل المؤسسات اللبنانية وعدم انتظام عملها. ورأى أنه بسبب الفراغ وبسبب غياب الناظم الأول لمسار هذه المؤسسات وصيانة السياسة الخارجية وصلنا إلى ما وصلنا إليه. وختم سليمان قائلا: «أعداء لبنان يأكلون الحصرم وأبناء المؤسسة العسكرية يضرسون».

وأصدر رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام بيانا أعلن فيه أنه تلقى «بكثير من الأسف قرار المملكة العربية السعودية المفاجئ القاضي بإيقاف المساعدات المخصّصة لتسليح وتجهيز الجيش وقوى الأمن الداخلي». وقال سلام: «إننا ننظر إلى هذه الخطوة باعتبارها أولاً وأخيرًا شأنًا سياديا تقرّره المملكة العربية السعودية وفق ما تراه مناسبًا، على الرغم من أننا ما كنّا نريد أن تصل الأمور إلى ما يخالف طبيعة العلاقات التاريخية بين لبنان وبلاد الحرمين، التي نحرص على إبقائها علاقات أخوة وصداقة ومصالح مشتركة ونسعى دائما لتنزيهها عن الشوائب». وأضاف: «إن الأمانة تقتضي القول إن للمملكة العربية السعودية مكانة كبيرة في وجدان اللبنانيين، الذين يعرفون تمامًا مواقفها التاريخية الداعمة لهم وحرصها الدائم على كلّ ما يعزز أمن لبنان واستقراره ووحدته» مشددا على أن لبنان، العربي الهوية والانتماء، حريص أشدّ الحرص على علاقاته الأخوية مع أشقائه العرب وبخاصة مع المملكة العربية السعودية. ونحن نعتبر أن أي ضيم يصيب إخواننا في المملكة أو في باقي أنحاء الخليج العربي إنّما يصيبنا في الصميم. وختم قائلا: «إننا، إذ نعبّر عن أسمى آيات التقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وإخوانه في القيادة السعودية وأبناء الشعب السعودي الكريم، نتمنى إعادة النظر بالقرار الخاص بوقف المساعدات عن جيشنا وقواتنا الأمنية».

وصدر عن الرئيس الحريري بيان رأى فيه أن هذه الخطوة «غير مسبوقة من المملكة، ردًا على قرارات متهورة بخروج لبنان على الإجماع العربي، وتوظيف السياسة الخارجية للدولة اللبنانية في خدمة محاور إقليمية، على صورة ما جرى مؤخرًا في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب واجتماع الدول الإسلامية». وقال الحريري: «إن لبنان لا يمكن أن يجني من تلك السياسات، التي أقل ما يمكن أن يقال فيها بأنها رعناء، سوى ما نشهده من إجراءات وتدابير تهدد في الصميم مصالح مئات آلاف اللبنانيين، الذين ينتشرون في مختلف البلدان العربية، ويشكلون طاقة اقتصادية واجتماعية، يريد البعض تدميرها، تنفيذًا لأمر عمليات خارجي». وأضاف «أن المملكة العربية السعودية، وإلى جانبها كل دول الخليج العربي، لم تتأخر عن دعم لبنان ونجدته في أصعب الظروف، والتاريخ القريب والبعيد يشهد على ذلك في كل المجالات والقطاعات، فيما ينبري حزب الله وأدواته في السياسة والإعلام، لشن أقذع الحملات ضدها، مستخدمة كل ما تنوء به الأخلاق وموجبات الوفاء والعرفان، للنيل من المملكة ورموزها. إن كرامة المملكة وقيادتها هي من كرامة اللبنانيين الشرفاء، الذين لن يسكتوا على جريمة تعريض مصالح لبنان واللبنانيين للخطر، وإذا كان هناك من يفترض أن لبنان يمكن أن يتحول في غفلة من الزمن، إلى ولاية إيرانية فهو واهم، بل هو يتلاعب في مصير البلاد ويتخذ قرارًا بجر نفسه والآخرين إلى الهاوية». وختم قائلا: «إننا مع تفهمنا التام لقرار المملكة العربية السعودية، وإدراكنا لحجم الألم الذي وقع على الأشقاء السعوديين، عندما استنسب وزير الخارجية، أن يتخذ قرارًا يجافي المصلحة اللبنانية والإجماع العربي، نتطلع إلى قيادة المملكة لأن تنظر إلى ما يعانيه لبنان بعين الأخ الكبير. ونحن على يقين، بأنها، وكما ورد في البيان الصادر عن مصدر مسؤول، لن تتخلى عن شعب لبنان مهما تعاظمت التحديات واشتدت الظروف».

واعتبر رئيس حزب «القوات» سمير جعجع أن حزب الله يتحمّل مسؤولية خسارة لبنان مليارات الدولارات من جراء تهجمه الدائم على السعودية. ورأى أن على الحكومة الالتئام فورا واتخاذ التدابير اللازمة إن لجهة الطلب رسميا من حزب الله عدم التعرض للسعودية من الآن فصاعدا، أو لجهة تشكيل وفد رسمي برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام لزيارة السعودية والطلب منها بإعادة العمل بالمساعدات المجمّدة.

وطالب النائب مروان حمادة، تعقيبا على ما آلت إليه العلاقات السعودية – اللبنانية: «باستقالة الحكومة فورا، لكف يد وزير الخارجية فيما يتعلق بعلاقاتنا العربية وبمصالح لبنان الحيوية، التي أضر بها رغم المناشدات والتحذيرات المستمرة من زملائه في الحكومة ومن معظم القوى السياسية اللبنانية». وقال حمادة: «إن حكومة لا تحترم بيانها الوزاري الذي ينص على النأي بالنفس عن النزاعات العربية والإقليمية، تغطي فعلا أفعال حزب الله الإجرامية على الأرض السورية وإساءاته المستمرة لعلاقاتنا العربية». وأضاف: «أن تتحول هذه الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال أفضل بكثير من استمرارها في توريط لبنان ضد رغبة رئيسها ومعظم أعضائها، كونها تتلطى بغطاء الشرعية الدستورية».

وفي المقابل رفض «حزب الله» تحمل مسؤولية القرار، قائلا: «إن «المسؤولين المعنيين في الحكومة والوزارات المختصة والمؤسسة العسكرية وإدارات القوى الأمنية كانوا على اطلاع تام بأن هذا القرار قد اتخذ منذ فترة طويلة وخاصة منذ بدء العهد الحالي في السعودية وهذا أمر متداول على نطاق واسع وترددت أصداؤه عدة مرات في كثير من وسائل الإعلام المحلية والعالمية».

هنيئاً لوزير «المقاومة» وقف الهبة السعودية
بتول الحسيني/جنوبية/19 فبراير، 2016

هنيئاً لجبران باسيل أولاً وزير حزب الله، وهنيئاً لسيد المقاومة أولاً وثانياً وأخيراً بمقاومته ضد لبنان وشعبه… زلّة أولى ارتكبها وزير الخارجية جبران باسيل أوقعت لبنان في شباك مصلحته الحزبية والإيرانية، فكرمى لعيون “السيد نصر الله وبشار الأسد والسيد خامنئي”، خرج الوزير عن مقررات وزراء الخارجية العرب، ثم عن مقررات جامعة الدول العربية، ليقولَ للعرب لبنان جندي إيران وعلى طاولة شطرنجها يتحرك. ما قام به الوزير العوني، أسقط لبنان في معمعة إعلامية داعية لطرد اللبنانيين من دول الخليج، وفتحت السجالات حول إمكانية تخلّي المملكة عن لبنان ورفع اليد عنه وتسليمه للمحور الإيراني. إعلام في مقابل إعلام، لحماية هذه الدولة التي تعدّ مكسباً إقليمياً فحاولت جاهدة بعض الأقلام المعتدلة لبنانياً وسعودياً وقف هذه الزوبعة المحاصرة للمغتربين والمهددة لوجوديتهم والقول أنّ لا غنى للسعودية عن لبنان والحل في العودة إليه. هذه الدعوة التي اجتهد بها إعلاميون في مقدمتهم الإعلامي اللبناني نديم قطيش، والكاتب السعودي أحمد عدنان، أثمرت انعكاسات إيجابية، فالدعوة لطرد اللبنانيين “هَمدت” وسعد الحريري عاد للبنان مستقراً (كما يبدو) والأزمة المالية لتيار المستقبل بدأت تتحلحل، إذاً استمعت المملكة لهذه الاقلام وعادت للبنان سياسياً ومادياً. إلا أنّه اليوم انقلبت الصورة، لتعلن المملكة العربية السعودية إيقاف المساعدات المقررة من المملكة لتسليح الجيش اللبناني عن طريق الجمهورية الفرنسية وقدرها ثلاثة مليارات دولار أمريكي، وكذلك إيقاف ما تبقى من مساعدة المملكة المقررة بمليار دولار أمريكي المخصصة لقوى الأمن الداخلي اللبناني. إضافة إلى ذلك وحسب ما أشارت مصادر لبيان كول فإنّ السعودية ستصعد موقفها ضد لبنان وسوف تتجه لسحب ودائعها واتخاذ قرارات إضافية ضده، هذه المعلومات تتقاطع مع ما أوردته اللواء منذ يومين عن مصادر مصرفية صرّحت أن البنك الأهلي السعودي وهو أكبر بنوك المملكة قرّر إقفال فرعيه في لبنان، وإعادة الودائع إلى أصحابها، وتصفية جميع المعاملات. هذه العقوبات التي فرضتها السعودية على لبنان والتي أولها إيقاف مساعدات بقيمة أربعة مليارات دولار، وإغلاق البنك الأهلي، أما ما بعدها فهو برهن التحليلات التي تتوقع التصعيد، إنّما أسبابها المباشرة هو حزب الله ومواقف نصر الله. مواقف السيد حسن الإعلامية والسياسية التي تتخطى مصلحة لبنان لحاضنته الإيرانية، فتصف المملكة بالإرهاب والعدوان وصولاً للعمالة للإسرائيل هي التي أسست لهذه القرارات. إلا أنّ ما لم تتدارسه المملكة السعودية والتي أشارت في بيان إعادة النظر للعلاقة مع الجمهورية اللبنانية أنّها تقدر مواقف الشخصيات اللبنانية المدينة لحزب الله، أنّها بما أصدرته قدمت خدمات جلّية للمحور الإيراني أن يفرض حضوره لبنانياً عبر سدّ ما سوف تتركه المملكة من فراغ. هذه الخطوة التي لن تشكل عقوبة بالنسبة للسيد نصر الله، وإنّما هي غاية تشاطر على منابره في ذمّ المملكة والتهجّم عليها، لأجل نيلها، وبالتالي سيكون له المتسع الآن ليقول للبنانيين عامةً وللسنة والمسيحيين الموالين للمملكة خاصةً “ها هي السعودية قد خرجت، ولتدخل إيران”. وبالفعل مواقف جنود حزب الله لم تتأخر كثيراً، فها هو وئام وهاب لم يستحِ التغريد تويترياً:”ايران مستعده لتقديم كل المساعدات التي يطلبها الجيش اللبناني” إنّ الممانعة التي تجتهد دولتها الإيرانية لتضع يدها على لبنان بكل مكوناته، والتي كان الرادع بينها وبين لبنان هو الحصانة السعودية، اليوم أمامها فرصة ذهبية عبر رفع الغطاء السعودية والتدخل لتسليح الجيش اللبناني ولربما لدعم المصارف التي تنسحب منها المملكة بودائع فارسية.

ما قامت به السعودية، هو إضعاف للبنان وزخمٌ للمحور الإيراني المتمثل بحزب الله، فأن يخضع الجيش اللبناني لمنحة إيرانية يعني أن لا قوة عسكرية لبنانية إلا وتابعة لولاية الفقيه، فالجيش بهذه الهبة سوف يكون طوعاً لأوامر الحزب و وليّه، ممّا يعني أنّ ميليشيا الحزب باقية وتتمدد. الدولة اللبنانية مدعوة اليوم للإلتزام بما دعا إليه رئيس حزب القوات سمير جعجع عبر تويتر والذي تلخص بأنّ “على الحكومة اللبنانية الالتئام فوراً واتخاذ التدابير اللازمة إن لجهة الطلب رسمياً من حزب الله عدم التعرض للمملكة من الآن فصاعداً، أو لجهة تشكيل وفد رسمي برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام لزيارة السعودية والطلب منها بإعادة العمل بالمساعدات المجمّدة.” كما على السعودية النظر إلى لبنان بحكمة، فالجيش اللبناني العاجز اليوم عن مواجهة سطوة حزب الله، لسبب نقص العتاد والظروف الإقليمية، هو نفسه من سيتمكن من منع أيّ ميليشيا مسلحة إلا هو، في حال حصل على الدعم والإمكانيات ومع المناخ السياسي الذي يتجه لتدخل المملكة في سوريا والحد من الهيمنة الإيرانية ومن عنجهية الحزب. لبنان، أيها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ، وفيٌ للسعودية وللخليج وللعروبة، ونستشهد هنا بفكرة طرحها سابقاً في مقال له الإعلامي نديم قطيش وهي بما معناه “لو لم يكن لبنان مهماً لما حاول الكل أخذ حصته منه” ولكن لبنان ذو هوية عربية وسيبقى.وانطلاقاً ممّا قاله الرئيس الحريري “عرب عرب وسنبقى”، على المملكة العودة عن قرارها لأجل لبنان ولأجل عروبته، فنصر الله ما صعّد موقفه الأخير إلا خشية من عودة الحريري وعودة النفوذ السعودي.