ايلـي فــواز: هل ترضخ تركيا لأوباما/ألكس راول: هل تتدخّل السعودية برّياً في سوريا

213

هل ترضخ تركيا لأوباما؟
يلـي فــواز/لبنان الآن/17 شباط/16

إذاً بدأت تركيا بدأت قبل أيام بقصف أهداف لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، كما ردّت على نيران أطلقتها قوات النظام السوري على نقطة حراسة في محافظة هاتاي جنوب البلاد. يترافق هذا التحرك العسكري التركي مع نشر الرياض طائرات حربية في قاعدة إنجرليك، وسط تصريحات عن احتمال شنّ البلدين عملية برّية مشتركة ضد الجهاديين في سوريا بالاشتراك مع بعض دول الخليج. هذه التطورات تأتي بعد انهيار لجبهة حلب وتراجع لقوى المعارضة بفعل وحشية القصف الممانع الذي يجبر المقاتلين على الانسحاب، مع العلم ان داعش تلك “الحجة” التي على أساسها انضمّ الروس للمجهود الحربي العالمي في سوريا بعيدةٌ كل البعد عن تلك المواجهات. جبهة الممانعة تحيّدها، كي تقضي على كل المعارضات، فتبقى العدو الوحيد. التصعيد التركي والذي حدد أهدافه رئيس الوزراء التركي قبل يومين بعدم السماح بسقوط أعزاز بيد الميليشيات الايرانية، لم تجد أمامه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما سوى الدعوة لإيقافه. سياسة الأرض المحروقة التي ينتهجها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تكاد لا تعني الادارة الأميركية، التي تلقّى رئيسها رسالةً روسية تتطالبه بتأجيل موعد إعلان وقف النار إلى الأول من آذار، ما يعطي الروس أسابيع إضافية لمتابعة إجرامهم بحقّ الشعب السوري.

هناك مأساة إنسانية حقيقية قد تكون من بين الأبشع التي عرفها عصرنا الحديث، لا يهتم لها الرئيس أوباما، بل يكاد يشجّعها بحجة محاربة الإرهاب، والتي يستغلها أطراف الممانعة لتعميمها على أهل السنّة ليس فقط في سوريا، بل على كامل امتداد العالم العربي. لم يعد العالم بحاجة إلى دليل إضافي على انحياز الرئيس أوباما بالكامل الى محور الممانعة. ورغم ذلك فإن ما يطلبه أوباما من تركيا وجيران الأسد الآخرين أمر مستحيل. الرئيس أوباما يريد من من تركيا ان تقبل بأن تصبح حدودها مع سوريا تحت سيطرة مرتزقة الأسد ومسلّحي حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تعتبره الإدارة التركية منظمة إرهابية، خاصة وأن تلك المنظمة تبنّت أكثر من عمل إرهابي في الداخل التركي، كالهجوم على صحيفتين واستهداف جمعية غير حكومية اتهمتها بتوزيع المساعدات على أفراد يلتحقون بداعش. ويريد الرئيس أوباما ايضاً من تركيا وقف المساعدات عن الثوار في سوريا بالكامل، بهدف السماح لمرتزقة الرئيس السوري كسر الفصائل المقاتلة ومتابعة السيطرة بالقوة على مناطق نفوذها، حتى لا يبقى على ساحة الوغى السورية سوى الخيار بين “السيء” الأسد وإيران و روسيا و”الأسوأ” داعش. ثم يريد الرئيس أوباما للتركي أن يفتح حدوده للاجئين السوريين الهاربين من اللهيب الممانع وأن يجبره على إقفالها بوجههم من جهة أوروبا؛ أي أن يشهد الرئيس أردوغان بل أن يساعد على هذا الترانسفير المذهبي من دون أن يعترض أو حتى يتلقّى مساعدة مالية تساعده على تحمل أعبائهم.

وكأن هناك إرادة خفية لدى تلك الإدارة الاميركية لإضعاف تركيا بهدف قبولها بكانتون كردي فيها. إذا كان الرئيس أوباما يريد اجبار جيران سوريا، تركيا والأردن وإسرائيل الاعتراف بمناطق نفوذ لإيران حسب ما قاله في خطابه السنوي الأخير، وإذا كان همّه المحافظة على الأقلية العلوية كما اعلن مؤخراً دون غيرها من مسيحية وأيزيدية التي شهد على تصفيتها وتهجيرها من مواطنها التاريخية من دون اعتراض، فماذا يعطي تلك الدول في المقابل؟ ببساطة لا شيء. بل هو يدفع شعوبها الى التشدد واتخاذ خيارات متطرفة كردّ وحيد على ما يتعرض له أهلهم من إبادة، خاصة وأنّه يهدد ويمنع حكومات تلك الشعوب من الدفاع عن مصالحهم الاستراتيجية. المملكة العربية السعودية رفضت هذا المنطق من خلال إطلاقها عاصفة الحزم في اليمن برغم اعتراض الأميركيين ودعوتهم لمسؤوليها وقف تلك الحرب، وأيضًا من خلال تأسيسها التحالف الدولي لمكافحة الارهاب وإعلان استعدادها التدخل البري في سوريا. من الصعب ان تقف تركيا مكتوفة اليدين، ولكن في النهاية ما يفعله الرئيس اوباما هو دفع المنطقة نحو مخاطر حرب إقليمية لا تحمد عقباها ودائما على حساب الشعب السوري. فهل ترضخ تركيا لأوباما؟

هل تتدخّل السعودية برّياً في سوريا؟
ألكس راول/لبنان الآن/17 شباط/16

مع تمكين الضربات الجوّية الروسية للميليشيات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، بما فيها حزب الله اللبناني، من تحقيق مكاسب غير مسبوقة حول حلب، مُهددةً بتحقيق ما يصفُه الثوار بالضربة القاضية للمعارضة المسلّحة، تعبّر بعض أهم الدول التي تدعم هؤلاء الثوار عن استعدادها للقيام بإجراءات تصاعدية جديّة بنفسها. وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قال الأسبوع الماضي إنّ المملكة كانت تفكّر في إرسال “فرقة عسكرية بريّة، أو فرقة قوات خاصة” إلى سوريا. وفي حين أكّد الجبير أنها ستعمل تحت رعاية الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش، قال مصدر سعودي لـNOW إنّ الهدف سيكون قتال القوات الموالية للنظام بقدر ما هو مواجهة جهاديي الخلافة. وفي حين يستبعد العديد من المحللين، ومعهم مسؤولون إيرانيون وفي النظام السوري، المسألة برمّتها، معتبرين بأنها غير واقعية، تحدّث بعض الدبلوماسيين الغربيين عن شخصية وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان – مهندس حرب المملكة في اليمن- التي يصعب التنبؤ بقراراتها، معتبرين بأنّ هذا سبب لحصول الأمر (مع محمد بن سلمان، لا يمكنك التنبؤ، قال أحدهم للفاينانشيل تايمز). ويصر مراقبون يملكون علاقات قوية داخل السعودية على صحة الخبر. “الخبر جدي […] إنها بداية تدخل سعودي في سوريا لتغيير الموازين، ولإعادة التوازن”، قال جمال خاشقجي، صحافي سعودي مخضرم ومستشار سابق للأمير تركي الفيصل عندما كان سفيراً، وأضاف: “يحاول الروس إملاء حلّهم في سوريا بالقوة، وبالتالي تشعر المملكة العربية السعودية بأنها يجب ألا تسمح لهم بذلك”. وفي حين لم يتم الإفصاح عن أي تفاصيل خاصة، مع اعتبار الجبير الأربعاء بأنّه لن يكون من “المناسب نشر تفاصيل في الوقت الراهن”، قال الخاشقجي لـNOW بأنه يتصوّر انتشار قوات سعودية، إلى جانب شركاء خليجيين (الإمارات والبحرين عرضتا المشاركة)، إلى جانب الولايات المتحدة وتركيا، اللتين تخطط المملكة كما قيل للقيام بتمارين عسكرية مشتركة عما قريب معهما.

“لقد أمّنت المملكة العربية السعودية دعم تركيا”، كتب الخاشقجي مؤخراً، مضيفاً أنّ أي “تدخّل سعودي- تركي مشترك سوف يوفّر لأنقرة الفرصة لتطبيق المنطقة العازلة التي لطالما دعت الى تطبيقها”.

“الآن سوف يناقش مسؤولون سعوديون- بقيادة وزير الدفاع محمد بن سلمان مسألة تأمين غطاء جوي مع الائتلاف بقيادة الولايات المتحدة والتي تُعتَبَر مسألة معقدة”. ولدى سؤاله عمّا إذا كانت الولايات المتحدة ستقبل فرضياً التدخل السعودي المقترح، أجاب وزير الخارجية الأميركي قائلاً: “بالتأكيد”.

وفيما خصّ الهدف العام للسعودية من هذا التدخل، قال خاشقجي لـNOW إنه يتصوّر بأن تتوصل الرياض إلى اتفاق معيّن مع روسيا يقضي بفصل غير رسمي لغرب سوريا الذي يسيطر النظام على أجزاء كبيرة منه عن الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة الواقعة أكثر باتجاه الداخل. وسيكون القسم الأخير “تحت حماية السعودية وحلفائها”، في حين ستقوم روسيا وإيران والحلفاء المسلّحون بحماية القسم الأول، وذلك وفقاً لاتفاق يقضي بعدم مهاجمة أي جهة للجهة الأخرى. وعلى الرغم من عدم تردّد روسيا في صدّ الثوار المدعومين من السعودية (ومن تركيا وأميركا) في الأشهر الأخيرة بواسطة الضربات الجوية، يعتقد بعض الدبلوماسيين الغربيين بأنّ موسكو لن ترغب في ضرب جنود سعوديين، خشية التأير سلباً على العلاقات التجارية الثنائية بين البلدين. هذا التقسيم غير الرسمي قد “يؤدي الى تهدئة الوضع السوري لبضعة أشهر أو لبضع سنوات”، قال خاشقجي لـNOW، بعدها “سوف يقوم سوريّو القسمين بمحادثات من اجل إعادة التوحد. أما قضية بشار الأسد فستُترك للمستقبل، لكن أقلّه سوف تتوقّف ماكينة القتل والإرهاب. أنا أتوقّع حصول مثل هذا السيناريو”.

إلاّ أنّه يوجد بالتأكيد عدد من الأسباب للاعتقاد باستبعاد حصول حتى مجرّد تدخل عسكري سعودي محدود. أولاً، وعلى الرغم من مشاركة تركيا للسعودية في عدائها لدمشق (الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان اتهّم الأسد بالإبادة الجماعية)، فقد اقترحت تقارير الصحافة لتركية هذا الأسبوع عدم تحرّك الجيش عسكرياً بدون موافقة من مجلس الأمن.

ثانياً، ثمّة أسئلة تُطرح حول مدى جدوى الجيش السعودي، الذي لم يفلح كثيراً في حملته في اليمن التي استمرّت عشر أشهر ضد الحوثيين الذين لا يملكون من التجهيزات ما قد تمتلكه بعض القوات المقاتلة الى جانب الأسد مثل “حزب الله”.

ومن ثم لا ننسى الإعلان عن اتفاق “وقف الاعتداءات” في سوريا الذي تم التوصل اليه بين روسيا والولايات المتحدة والذي نص على حد موسكو من ضرباتها الجوية قبل 19 شباط وتسهيلها وصول الدعم الانساني الى المناطق المحاصرة. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنّ الاتفاق دلّ على تغيير “نوعي” في سياسة واشنطن تجاه سوريا، وجعلها أقرب الى موسكو. وسواء أكان ذلك صحيحاً أم غير صحيح، قال محللون لـ NOW إنّ الاتفاق سوف يجعل الولايات المتحدة غير ميّالة الى الاتفاق على أي خطوات من شأنها أن تستعدي روسيا في المستقبل القريب.

“يقوم الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة حالياً بالتنسيق عن قرب مع الروس فيما خصّ غاراتهم على الأراضي السورية”، قال فداء عيتاني، الصحافي اللبناني الذي جاب أنحاء سوريا منذ بدء الحرب فيها. “لا يريد الائتلاف التدخّل في سوريا إلا من أجل ضرب مواقع داعش”. وتابع: “إذا كان التدخّل السعودي المفترض على علاقة بالائتلاف الدولي الذي ينسّق بدوره مع روسيا، سوف يكون من الصعب رؤية كيفية معارضته مصالح موسكو (وبالتالي مصالح دمشق) بشكل فعلي”.

بدوره قال الخاشقجي لـ NOW إنّ التدخّل السعودي “يمكن أن لا يحصل في حال استطاع الأميركيون إقناع الروس بوقف ضرباتهم وبالاتجاه نحو جنيف”، وبالفعل فقد يكون حديث الرياض عن تدخّلها في سوريا مجرّد عرض عضلات يهدف الى ممارسة المزيد من الضغط للوصول الى هذه النتيجة. لكن في حال فشل وقف اطلاق النار، أو لم يتحقّق أصلاً، قال الخاشقجي إنّه يعتقد بأنّنا سوف نشهد تدخّل السعودية في وقت قريب جداً. “إذا ما استمر الروس في اصرارهم على السيطرة الكاملة، حينها سوف يكون على السعوديين التدخّل في أقرب وقت ممكن من اجل احداث تأثير فعلي على الأرض”، وختم: “لأننا في حال أجّلنا الأمر إلى شهر آخر واستمر الروس في قصفهم، وتقدّمهم باتجاه حلب، سوف نشهد كارثة انسانية في شمال سوريا”.

ساهم أمين نصر في جمع المعلومات لاعداد هذا المقال

هذا المقال ترجمة للنص الأصلي بالإنكليزية

(ترجمة زينة أبو فاعور)