أحمد الأسعد: الذكرى والذكريات/حـازم الأميـن: قواتي مع حزب الله

334

الذكرى…والذكريات
أحمد الأسعد/11 شباط/16

بعد أيام قليلة يستذكر اللبنانيون ذكرى الجريمة التي استهدفت رجلاً كبيراً هو رفيق الحريري.في ١٤ شباط هذه السنة، لن تكون ذكرى الشهيد وحدها هي المؤلمة، بل كذلك سيكون مؤلماً أن ما أعقب استشهاده لم يعد سوى…ذكريات. بحلوها النضالي وبمرّ استشهاد عدد من الشخصيات اللبنانية، سنتذكر تلك المرحلة بحسرة. محزن أن يكون التحالف السياسي الذي انبثق من ثورة الأرز، قد وصل إلى ما وصل إليه اليوم من تناحر وتناقض، وأن يكون انحدر إلى هذا الدرك من التنازلات. إن المشهد اليوم يوحي أن كل التضحيات تبخرت وراحت سدىً. لقد تحولّت ذكريات الماضي الى كابوس الحاضر.

فلبنان اليوم اصبح في قبضة المحور الإيراني اكثر من اي وقت مضى. و للأسف لم تتعلم احزاب الرابع عشر من آذار شيئا” من اخطاء الماضي التي اوصلت البلد الى ما هو عليه اليوم. لا تملك هذه القوى شيئا” من الرؤيا أو المواجهة أو حتى الخطة البديلة ، بل تقبع منتظرة تغيير ما في اوضاع المنطقة علّه ينعكس ايجابا”على لبنان. و لكن كيف و لماذا و ما هي الأرضية التي هيئتها هذه الأحزاب لكي تستطيع ان تقطف ثمرة اي تغيير قد يحصل في المنطقة؟الجواب لدى قوى الرابع عشر من آذار هو :” لا نعلم”. كالتلميذ الذي يدرس لكي ينجح في الإمتحان، على هذه الأحزاب ان تواجه المحور الإيراني ضمن رؤية واضحة و خطة عملية بغية النجاح بإقتلاع لبنان من هذا المحور . و بإنتظار قوى سياسية قادرة على تحمّل تلك المسؤولية، يمرّ استشهاد رفيق الحريري كذكرى من ذكريات الماضي بدلا” من ان يكون عبرة للحاضر و للمستقبل

قواتي مع حزب الله
حـازم الأميـن/لبنان الآن/11 شباط/16

على شرفة المطعم التي رحت أقصدها للتدخين أثناء تناولي العشاء في شارع “مونو” على أطراف الأشرفية، كان ثلاثة رجال يفعلون ما أفعل، أي يغادرون طاولة عشائهم قاصدين شرفة المُدخنين. وفي مساحة التدخين هذه جرى تعارف عابر. إنهم مارون ومارون وطوني. ثلاثتهم رجال أعمال من أبناء الطبقة المتوسطة العليا، ليسوا حزبيين لكنهم ليسوا بعيدين عن خط الانقسام اللبناني، أي 8 و 14 آذار. ووفقاً لهذه القسمة التي فقدت قيمتها، فهم أقرب إلى “14 آذار” منهم إلى 8 آذار. مارون من بكفيا وتربط عائلته علاقة صداقة مع الكتائب، ومارون الثاني من جل الديب وهو أقل انشغالاً بالسياسة من صديقيه، لكنه لا يحب ميشال عون على ما قال. أما طوني فكل ما قاله أنه مع “14 آذار”.أبدى الأصدقاء الثلاثة غبطة بسبب لقاء معراب بين ميشال عون وسمير جعجع. مارون (بكفيا) قال ما يدفع إلى الاستغراب، اذ أنه تمنى أن يكتمل هذا اللقاء بلقاء مع حزب الله، فينشأ تحالف، الهدف منه حماية الأقليات، على ما كرر الرجل أكثر من مرة. حاولتُ من جهتي أن أدفع بالكلام إلى ما يساعد على فهم ما قصده، لا سيما وأن الرجل ليس عونياً، ومن المفترض أن لا تشكل له عبارة “تحالف الأقليات” إغراء. لا، ليس “داعش” هو ما بلور قناعة مارون بـ”تحالف الأقليات”، على رغم أنه استحضرها لدى سؤالي عن شعوره بضرورة نشوء “تحالف أقليات”. الأرجح أن الفكرة تعود إلى ما هو سابق على “داعش”، لكن الأخيرة جاءت واستنهضته. والأرجح أيضاً أن سمير جعجع، عندما أقدم على خطوة ترشيح ميشال عون، كان التقطت إشارات عن استيقاظ أقلوية كانت نائمة أو مُخدرة في وجدان مسيحيين ليسوا بعيدين عن منطقة نفوذه الشعبي والعاطفي. والـ”أقلوية” هنا هي غريزة دفاعية غائرة ولا تنطوي بالضرورة على فعل سياسي. لا شك أن حزب الله، كنموذج للقوة والسلطة، يُغري ضعفاءه ويستدرجهم للتماهي معه. وقابلية الجماعات الأهلية للتماهي مع القوة والسلطة تصبح أقوى في لحظات عجزها وضعفها. أما في لحظة هزيمتها فيصبح التماهي استلاباً كاملاً.

حزب الله، يمنع انتخاب رئيس (مسيحي) للبنان، ومارون على يقين من ذلك. وتيار المستقبل، الحليف المفترض، تلقى هزيمة بحسب ما قال مارون. والأمر لا يتعلق بانتهازية ترى في القوي حليفاً أكثر فعالية وفائدة، فنحن هنا لا نتحدث عن أحزاب تبحث عن مصالحها في تحالفات مع الأقوياء، بل عن أفراد في جماعات أهلية (مارون ومارون وطوني)، وعن أفراد في أقليات أهلية أيضاً، أي أن غريزة البقاء تشتغل لديهم على نحو مضاعف عن اشتغالها في وجدانات الجماعات الأخرى. ليس المشهد في وعي مارون ومارون وطوني هو أن حزب الله يمنع انتخاب رئيس للبنان على رغم اقتناعهم بأنه يمنع انتخاب رئيس، بل المشهد الآن هو أن هناك قوة سائدة هي حزب الله وهناك قوة منكفئة هي تيار المستقبل. والقوة السائدة هي امتداد لخطاب أقلوي بلغ ذروته في مقولة “الدفاع عن لبنان عبر القتال في سوريا”. يجب عدم استبعاد هذه المعادلة عن الأسباب المُفسرة لخطوة ترشيح سمير جعجع ميشال عون، على أن لا يعني هذا التفسير إدانة للخطوة، بل محاولة استيعاب لمعنيي النصر والهزيمة.